يســـــــــوع المـــــــــلك



المقدمة

يُخْبِرُنا الكِتَابُ المُقَدَّسُ كَيْفَ أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ يَسُوعَ لِيُريَنَا مَنْ هُوَ اللهُ وَيُعَلِّمَنَا كَيْفَ تَدْخُلُ في مَلَكُوتِهِ .

وَإِلَيْكَ قِصّةَ الزِّيَارِةِ الأَخِيرَةِ الَّتي قَامَ بِهَا يَسُوعُ لِمَدِينَةِ أُورَشَلِيم . تَجِدُ هذِهِ القِصَّةِ مُفَصَّلَةً فِي كِتابِكَ المُقَدَّسِ ، الفَصْلِ 21 مِنْ إنْجِيْلِ مَتَّى .

" يَسُوعُ آتٍ ! يَسُوعُ آتٍ "

هَتَف الشِعْبُ وَتَنَادَى في أُورَشَلِيم . وَكَانَتِ المَدِينَةُ تَغُصُّ بِالنَاسِ اسْتِعْدَاداً لاحْتِفَالاتِ عِيدِ الفِصْح .

فَانْدَفَعَتِ الجَمَاهِيرُ غَفِيرَةً نَحْوَ الشَارِعِ الرَئِيسيّ ، وَتَرَقَّبَيْ وُصُولَ يَسُوعَ سَاعَاتٍ طِوَالاً . وَبَعْدَ انِتْظَارٍ غَيرِ يَسِير ، رَأَوْهُ آتِياً عَلى حِمَارٍ .

أخَذَ بَعْضُهُم يَخْلَعُونَ عَبَاءَاتِهِمْ وَيَفْرِشُونَهَا في الطَرِيقِ لِكَي يَمُرَّ فَوْقَهَا الحِمَار .

وَنَزَعَ بَعْضُهُم أَغْصَاناً مِنَ الشَجَرِ وَرَاحُوا يُلَوِّحُونَ بِهَا ، فِيمَا كَانَ يَسُوعُ يَمُرُّ أَمَامَهُم .

وَكَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِين : " يَعيش ، يَعيش ! "

" بَارَكَ اللهُ المَلِكَ الآتيَ بِاسْمِ الرَّبّ ! " .

" تَمَجَّدَ اسْمُ اللهِ ! " .

لَقَدْ هَلَّلَ الشَعْبُ عِنْدَمَا رَأَوا يَسُوعَ يَدْخُلُ أُورَشَلِيم . وَكَانَ الأَنْبِيَاءُ قَدْ كَتَبُوا ، مُنْذُ سِنِينَ بَعِيدَة ، أَنَّ المَلِكَ الذِي أَنْبَأُوا عَنْهُ سَيَدْخُلُ أُورَشَلِيْمَ رَاكِباً عَلى حِمَار . وَهَا هُوَ يَأْتي الآن .

وَدَخَلَ يَسُوعُ هَيْكَلَ اللهِ في أُورَشَلِيمَ وَمَعَهُ جُمْهُورٌ مِنَ الشَعْب . وَكَانَ في سَاحَةِ الهَيْكَلِ سُوقٌ لِلتِجَارَة . وَكَانَ فِيهِ صَخَبٌ كَبِير .

وَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ الصَرَّافِينَ يَسْتَغِلُّونَ الشَعْبَ وَيَخْدَعُونَهُ ، غَضِبَ غَضَباً شَدِيداً ، وَصَرَخَ بِهِم :

" إِنَّ هَيْكَلَ اللهِ بَيْتٌ لِلصَّلاة ، وأَنْتُمْ حَوَّلْتُمُوهُ مَغَارَةً لِلُّصًوص . أُخْرُجُوا مِنْهُ ! "

وَانْقَضَّ عَلى السُوقِ التِجَارِيّ ، وَقَلَبَ المَوَائِدَ وَنَثَرَ الدَرَاهِم .

وَكَانَ عِنْدَ بَابِ الهَيْكَلِ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ العُمْيَ وَالعُرْجِ ، جَاءُوا يَسْتَعْطُون . وَأَقْبَلُوا إِلى يَسُوعَ فَشَفَاهُم .

وَتَمَكَّنَ العُمْيُ ، لأَوَّلِ مَرَّةٍ في حَيَاتِهِم ، مِنْ رُؤْيَةِ الهَيْكَل ، وَالعُرْجُ مِنَ الجَرْيِ حَوْلَهُ .

وَفَرِحَ بِهِمِ الأَطْفَال ، وَرَاحُوا يَهْتِفُون .

فَاجْتَمَعَ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ الكَهَنَةِ في الهَيْكَلِ وَحَكَمُوا أَنَّ يَسُوعَ يُشَكِّلُ خَطَراً عَلَيْهِم ، لأَنَّ الشَعْبَ يُصْغي إِلَيْهِ . وَكَانُوا يَبْحَثُونَ عَنْ وَسِيلَةٍ لِقَتْلِهِ .

وَاتَّفَقُوا جَمِيعاً قَائِلِين : " لَقَدْ صَبَرْنَا أَكْثَرَ مِمَّا يَلْزَم . وَحَانَ الوَقْتُ لِكَيْ نَتَخَلَّصَ مِنْهُ "

وَكَانَ يَسُوعُ يَعْلَمُ جَيِّداً تَدَابِيرَ اللهِ الآبِ وَقَصْدَه . وَأَنَّ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يَكُونَ في أُورَشَليِمَ بِالرُغْمِ مِمَّا صَمَّمَهُ أُولئِكَ الرِجَالُ لِقَتْلِهِ .

وَبَعْدَ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ طَلَبَ يَسُوعُ مِنْ تَلامِيذِهِ أَنْ يُعِدُّوا طَعَامَ الفِصْحِ ، لِيَأْكُلُوهُ مَعاً .

وَكَانَ يَسُوعُ حَزِيناً لِعِلْمِهِ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الطَعَامَ لآخِرِ مَرَّةٍ مَعَ تَلاَمِيذِهِ .

وَعِنْدَ المَسَاءِ اجْتَمَعَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ في عُلِّيَّة . وَكَانَ كُلُّ شَيءٍ مُعَدّاً لِتَنَاوُلِ الطَعَام .

كَانَتْ أَرْجُلُ التَلاَمِيذِ مُغَبَّرَةً مِنَ السَيرِ طُولَ النَهَار . فَخَلَعَ يَسُوعُ رِدَاءَهُ ، وَانْحَنَى يَغْسِلُهَا وَيُنَشِّفُهَا بِمِنْدِيل .

فَقَالَ لَهُ التَلامِيذ : " لا ! مُسْتَحِيل ! فَأَنْتَ مُعَلِّمُنَا ، وَلَنْ تَقُومَ بِمَا يَقُومُ بِهِ الْخَدَم ! " .

َأَجَابَ يَسُوع : " أَجَلْ ، عَمَلُ خَادِمٍ عَمَلي هذَا . إلاَّ أَنِّي شِئْتُ أَنْ أُعَلِّمَ أَتْبَاعي أَنْ يَخْدُمُوا بَعضُهُم بَعْضاً ! "

فَجَلَسُوا لِلْعَشَاء ، وَكَانَ مِنْ نَوْعٍ آخَر .

وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُون ، قَالَ يَسُوع : " وَاحِدٌ مِنْكُم سَوْفَ يُسَاعِدُ أَعْدَائي لِلْقَبْضِ عَلَيَّ " .

فَرَاعَهُمْ مَا قَالَهُ يَسُوعُ حَتَّى إِنَّهُم لَمْ يُلاَحِظُوا خَرَوجَ يَهُوذَا مِنَ العُلِّيَّةِ في تِلْكَ اللَحْظَة . وَقَدْ ذَهَبَ لِيُخْبِرَ الكَهَنَةَ كَيْفَ يُمْكِنُهُمُ القَبْضُ عَلى يَسُوع .

حِينَئِذٍ أَخَذَ يَسُوعُ قِطْعَةً مِنَ الخُبْرِ ، وَشَكَرَ الله ، وَقَسَّمَهَا ، وَوَزَّعَ مِنْهَا في كُلِّ صَحْفَةٍ وَقَال :

" خُذُوا ، كُلُوا ، هذَا هُوَ جَسَدي " .

" بَعْدَ وَقْتٍ يَسِيرٍ يَنكَسِرُ جَسَدِي لأَجْلِكُم كَمَا كُسِرَ هذَا الخُبز " .

ثُمَّ أَخَذَ كَأْسَاً مِنَ الخَمْرِ ، وَشَكَرَ اللهَ ، وَأَدَارَهَا عَلى الجَمِيع ، وَقَال :

" إشْرَبُوا مِن هذَا كُلُّكُم ، هذَا هُوَ دَمِي " .

" أَنَا مُقْبِلٌ عَلى المَوْتِ ، وَسَيُسْكَبُ دَمِي فِدَاءً عَنْكُم ، كَمَا سُكِبَتْ هذِهِ الخَمْر " .

وَبَعْدَ العَشَاءِ خَرَجَ يَسُوعُ وَتَلامِيذُهُ يَتَمَشَّوْن . فَقَالَ لَهُم : " بَعْدَ قَلِيلٍ تَهُرُبُونَ جَمِيعُكُم وَتَتْرُكُونَني! " .

فَاضْطَرَبَ جَمِيعُ التَلاَمِيذ ، وَقَالَ بُطُرس : " مَا لي وَمَا يَفْعَلُ الآخَرُون ، فَأَنَا لَنْ أَتَخَلَّى عَنْكَ ".

فَقَالَ يَسُوع : " بَلْ تَتْرُكُني ، يَا سِمعَانُ بُطْرُس . لاَ بَلْ تُنْكِرُ أَنَّكَ تَعْرِفُني " .

فَأَجَابَ سِمعَانُ بُطرُسُ قَائِلاً : " أَبَداً ، مَعَاذَ اللهِ أَن أَفْعَلَ ذلِكَ ! " . وَهَكَذَا أَ جَابَ التَلاَمِيذُ كُلُّهُم .

وَانْطَلَقُوا حِينَئِذٍ إِلى مَكَانٍ أَحَبُّوا التَرَدُّدَ إِلَيْهِ ، بُسْتَانٍ مِنَ الزَيْتُونِ في جِتْسِمَاني .

وانْفَرَدَ عَنْهُم يَسُوع ، وَرَاحَ يُصَلِّي وَيُنَاجِي اللهَ أَبَاه .

فَشَعَرَ التَلاَمِيذُ كُلُّهُم بِحُزْنٍ شَدِيدٍ وَمَا فَهِمُوا مَا قِيلَ لَهُم ، بَلْ كَانُوا خَائِفِين .

قَبْلَ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ هَتَفَ الشَعْبُ لِيَسُوعَ وَقَالُوا : " بَارَكَ اللهُ المَلِكَ الآتيَ بِاسْمِ الرَبّ ! " . وَهَا هُوَ يَسُوعُ الآنَ يَقْولُ إِنَّهُ سَيَمُوت .

وَلَمْ يَعْلَمِ التَّلاَمِيذُ أَنَّ يَسُوعَ كَانَ مَلِكاً فَرِيداً لِمَلَكُوتٍ فَرِيد .

مَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذلِكَ ؟





خاتمة

" من الكتاب المقدّس " سلسلة قصصيّة من 52 رواية للأطفال . كلّ قصّة قائمة بذاتها ويؤلّف مجموعها الكتاب المقدّس ، أي قصّة حبّ الله للبشر ، في كلّ زمان ومكان .

إن الأعداد ( من 31 إلى 52 ) مقتبسة من العهد الجديد وتخبرنا عن حياة يسوع ابن الله وعن تعليمه . وإن هذه القصص تحدّثنا عمّا فعل يسوع وقال ، وعن الشعب الذي لاقاه . إن كلّ ما نعرفه عن حياة يسوع مدوَّن في الأناجيل الأربعة التي كتبها كلٌّ من متى ومرقس ولوقا ويوحنّا . وكلمة " الإنجيل " تعني البُشرى السعيدة .

وختامُ السلسلةِ أربعُ قصصٍ تحدّثنا عن المسيحيّينَ الأوّلينَ الذينَ نشروا بُشرى السعادة هذه بينَ الناسِ ، كما أمرهُم يسوعُ . وما زالَ أحفادُهم يلهجونَ بها حتى أيّامنا الحاضرة .

وردت في الأناجيل الأربعة قصة " يسوع الملك " فمتَّى تحدّث عنها في الفصل 21 ، ومرقس في الفصل 11 ، ولوقا في الفصل 19 ، ويوحنا في الفصل 12 . قبل ميلاد المسيح بزمن طويل ، وعدَ اللهُ شعبه أن يرسل إليهم ملكا يكون لهم مخلِّصاً . ولأنه ملك السلام ، قدِّر له أن يأتي راكبا على حمار وليس ممتطياً حصان حرب . لقد تحققت نبؤة الأنبياء الواردة في العهد القديم ، يوم دخل يسوع أورشليم راكبا حماراً . جُنَّ الشعبُ من الفرح في لقائه . وحده يسوه كان يعلم أنّ أياماً قليلة فقط كانت تفصله عن مجابهة الموت ولا مؤيد له .

ويتابع العدد اللاحق (47) وعنوانه " محاكمة يسوع " أحداث هذه القصة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010