سوأل يحير صح
تعبير وراثة الخطية - أو الخطية الوراثية - تعبير خاطئ لا يوضح المقصود من العقوبة التى وصلت إلينا عن طريق آدم و حواء. الحقيقة إننا لم نرث خطية آدم و حواء بل ورثنا فساد الطبيعة البشرية الناتج عن سقوطهما فى الخطية. و بذلك نحن ورثنا نتيجة الخطية التى هى فساد الطبيعة البشرية، و لكننا لم نرث الخطية نفسها. و الله كان واضحاً جداً فى هذا الموضوع فى سفر حزقيال الاصحاح 18، و ليتنا نرى ما يقوله الله صراحة:
ما لكم انتم تضربون هذا المثل على أرض إسرائيل قائلين: الآباء اكلوا الحصرم واسنان الابناء ضرست؟ حيّ انا يقول السيد الرب لا يكون لكم من بعد ان تضربوا هذا المثل في اسرائيل. ها كل النفوس هي لي. نفس الاب كنفس الابن. كلاهما لي. النفس التي تخطئ هي تموت. (حز 18 : 2-4)
بل أن الله يتكلم أكثر وضوحاً فى أن الخطية لا تورث إطلاقاً فيقول فى نفس الاصحاح:
النفس التي تخطئ هي تموت. الابن لا يحمل من اثم الاب والاب لا يحمل من اثم الابن. بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون (حز 18 : 20)
أما ما حدث مع آدم و حواء هو أن طبيعتهم فسدت بالسقوط، و لذلك نحن ورثنا فساد الطبيعة و لكننا لم نرث الخطية نفسها لأننا لسنا نحن الذين أكلوا من شجرة معرفة الخير و الشر. و إن كان بأكل آدم و حواء صارت الطبيعة البشرية فاسدة، و لذلك فنحن نتعمد حتى نصير خليقة جديدة. ففى المعمودية يتم إصلاح الطبيعة البشرية الفاسدة، و لكن ممارساتنا الخاطئة هى التى تفسد ما تم إصلاحه بالمعمودية، و لذلك فنحن نمارس سر التوبة و الاعتراف كلما سقطنا.
و حتى أوضح ما أقوله سأشرح بالرسم:
إن الله حينما خلق آدم و حواء خلقهما من جسد و نفس و روح. الجسد ترابى و الروح هى نسمة الحياة التى نفخها الله فى أنف آدم أما النفس هى العقل و إرادة الانسان التى توجهه، و لقد كانت نفس آدم صحيحة غير فاسدة و لذلك أطاع وصايا الله. فكان الشكل كالآتى:
الروح
|
--- النفس
|
الجسد
|
--- النفس
|
الجسد
نرى هنا أن النفس البشرية كانت فى حالة معتدلة بين الروح و الجسد، و هذا هو الوضع الذى خلق الله آدم عليه. فلم يخلق الله نفس الانسان تميل إلى الترابيات لأنه بذلك يصير محرضاً لآدم على السقوط و التدنى - حاشا! و لم يخلق آدم روحانياً رغماً عنه و إلا صار آدم مسيراً غير مخير يتبع الله على غير إرادته. بل نرى أن الله خلق آدم حراً تماماً فيما يفعل فى أن يتبع الله و يطيعه أم لا. لذلك فنفس الانسان (عقله و إرادته) تعمل كرمانة الميزان التى تسمو بالانسان إلى الروحانيات، أو تهبط به إلى الترابيات (الجسدانيات).
بسقوط آدم و حواء إختل الميزان و صارت النفس تميل إلى الترابيات التى أتى منها الجسد، و لذلك صارت العقوبة أن آدم من التراب و إلى التراب يعود. و نحن ورثنا هذه الطبيعة الفاسدة، و لكننا لم نرث الخطية. ففى المعمودية يقوم الروح القدس الذى يحل على المعمودية بإصلاح الفساد فى النفس البشرية بإرجاعها لنفس الوضع الذى خلقت عليه كما هو موضح فى الشكل السابق - أى إنها ليست فاسدة تميل إلى الجسدانيات. و كلما يسقط الانسان يقوم بالتوبة و الاعتراف فيصلح الروح القدس مرة أخرى أى فساد يطرأ على النفس البشرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.