هلك بسببي

كان يوماً كئيباً فى كل شىء ... الجو حار بشكل غريب ... الآنربة تملىء الهواء ... الشمس مختفية وراء سحب كثبفة ... شعر بأختناق شديد فالكون كله يقف ضده فى هذا اليوم ... أخذ يتذكر بعض من المواقف التى مرت به فى الآيام السابقة فوجدها كلها تزيده هماً وضيقاً . فها هو يتذكر العظة التى ألقاها يوم الاحد الماضى فى أجتماع الشباب وكيف شعر أنه كان يردد عبارات وكلمات لم يعشها من قبل لذلك تأكد تماماً أنه لم يخرج احد مستفيد من من هذا الموضوع ....



وتذكر خدمته يوم الجمعة وكيف كان عدد المخدومين فى فصله لا يتجاوز عدد أصابع يديه ... إذن فهو خادم فاشل ومتكلم تافه و.... و....



إذن ما فائدة القداسات والآجتماعات والمؤتمرات والقراءات الروحية بل ما فائدة هذه الحياة بجملتها ............... ظل سائراً وهذه الآفكار القاتلة تلتف حول نفسه فى بطء مميت . واخيراً قرر ان يخرج نفسه من هذا الجو الكئيب وما أن رفع رأسه حتى وجد نفسه أمامه مكان لم يفكر يومأ فى ان يدخله وهنا بدأ يشعر بان الضغط الواقع تحته بدأ يقل تدريجياً . فشعور المغامرة يملىء النفس بمشاعر لذيذة ، فالمغامرة تعنى دخول المجهول تعنى معرفة شىء جديد تعنى ايضاً خبرة جديدة مكتسبة ولكن هذا المكان ملىء بالشر " مش مهم ، لن أدخله مرة أخرى " هكذا خاطب نفسه وبالفعل قطع تذكرة الدخول وجلس فى أحدى الموائد الفارغة...



ولم يكد يستقر على كرسيه حتى وجد أمامه فتاة ترتدى ملابس غير لائقة تنظر اليه نظرة ممتلئة بالشر ... لقد وجد اناس كثيرين يغطون فى كلمات وضحكات هيستيرية بفعل الخمور التى يشربونها كالماء. أناس يتنفسون الفساد كالهواء .



لم يستطع أن يظل فى هذا المكان اكثر من عشر دقائق بعدها وجد نفسه يخرج مسرعاً من هذا المكان وهو يردد لنفسه " سامحنى يارب ... سامحنى يارب " وظل مسرعاً فى خطواته حتى وجد نفسه بين أحضان كنيسته وهنا جلس بجانب رفات العظيم مار جرجس



وعندما أشتم رائحة الحنوط العطرة شعر بسعادة حقيقية وقال لنفسه " هنا يارب موضع راحتى " وأخذ يردد بعض المزامير المحببة الى نفسه فشعر بسعادة أكثر وما هى ألا دقائق أخرى الا وكان قد أتصل بأبونا ميخائيل وطلب مقابلته فوراً وكالمعتاد لم يتاخر أبونا فى طلبه بل دعاه الى منزله وبعد نصف ساعة خرج من بيت أبونا ميخائيل وهو يكاد يطير من الفرح لقد أخبر أبونا بكل شىء وتنقاش معه فى كل الآشياء التى كانت تتعبه وكالمعتاد أيضاً شعر بأن الله هو الذى يتكلم على فم ابيه الروحى



وهو فى طريق عودته وضع يده فى جيب قميصه يبحث عن منديله فوجدها مازالت موجودة " تذكرة الملهى الليلى الذى ذهب اليه " فأخرجها وهو يبتسم متعجباً من نفسه كيف دخل مثل هذا المكان وبهدوء مزقها ونثر اجزائها فى هواء الليل المنعش الذى شعر به يملىء رئتيه .



ومضت الايام وعاقبت السنين وهو ممتلىء نشاط فى كل شىء فى حياته الروحية وفى خدمته حتى أصبح أمين عام الخدمة فى كنيسته ورشح عدة مرات لنوال نعمة الكهنوت لكنه رفض فى أتضاع حقيقى معلناً عدم قدرته على هذه المسئولية العظيمة وتمضى الايام حتى يأتى ذلك اليوم الذى فوجىء فيه بأمراة تبدو عليها سمات الحزن الشديد تقترب منه وتقول له بصوت يمتزج بحزن مرير " زوجى فى لحظاته الاخيره ويطلب رؤيتك بشدة فأرجوك لا تخذله " بدون تردد ترك كل ما يده وذهب مباشرة مع هذه المراة وعندما وصل الى بيتها وجد ما لم يكن يتوقعه " رجل عجوز ممداً على بطانية ممزقة وأخرى ملقيه على كتفيه ، يسعل بصوت غريب حين تسمعه تتأكد تماماً ان رئتيه تتمزقتان وحينما أقترب منه وجد أن الهالات السواد تحيط بعينيه الصفراويتين بشكل بشع . شعر بالشفقة عليه جداً ... جلس بمقربة منه منتظراً لماذا طلبه هذا الرجل بالذات ولماذا لم يطلب أحد الآباء الكهنة ... مرت دقائق ثقيلة وهو يلاحظ ان هذا الرجل ينظر اليه ثم يستدير بوجهه الى الحائط فعل هذا عدة مرات وأخيراً نظر اليه هذا العجوز وقال فى صوت عميق كأنه صادر من قبر سنين بعيدة " انا فى نفس عمرك تقريباً ... ولدت فى أسرة ميسورة الحال ، مات والدى وبعده بقترة ليست كبيرة ماتت والدتى ، كنت شاباً متزناً أحب المرح واللهو ولكن كنت فى نفس الوقت أحب أن أبدو فى صورة الانسان المحترم . كنت اذهب الى الكنيسة كل يوم أحد لأحضر القداس وفى أحد المرات سمعت ان هناك خادم جيد سيلقى موضوع هام فى أجتماع الشباب فقلت لنفسى ما المانع أن أحضر لعلى أستفيد ، وبالفعل حضرت وكنت أنت المتكلم ...



تكلمت عن الحياة مع الله وكم كان كلامك مؤثر لقد أثار فى نفسى الكثير من الأسئلة وفجر داخلى رغبة قوية فى الحياة مع الله ومن ذلك اليوم وأتخذتك مثل أعلى لى . كنت أرى فيك الصورة المثالية لكل شىء .... الى أن جاء يوم وكنت سائراً بسيارتى فى طريقى الى أحد أصدقائى وكان الوقت متأخر وبينما كنت أنتظر فى أشارة المرور رأيتك وانت تتجه نحو شباك تذاكر ذلك الملهى الليلى الشهير ...



لقد صدمت وذهلت بشكل رهيب ... مثلى الاعلى انهار فى ثوانى معدودة ... أكملت طريقى وانا أفكر هل يستطيع الانسان أن يسير فى طريقين طريق الله وطريق العالم ؟؟!!...فكرت كثيراً ووجدت أنك أنت أجابة سؤالى !!. فها هو خادم نشيط من أبناء الكنيسة وفى نفس الوقت يدخل هذه الاماكن دون ان يضر ... وحاولت أن أسير مثلك ولكنى...... ما كدت أضع قدمى فى هذا المكان حتى وجدت نفسى ساقطاً بجملتى فى هاوية الجحيم .... حاولت الخروج ولكنى لم أستطع ..... أنقطعت عن الكنيسة وعن الأجتماعات ...



لم يعد يهمنى أن أظهر بشكل الرجل المحترم .... أدمنت الخمر ... أهملت بيتى وزوجتى وعملى ...تدمرت حياتى وها أنت الان ترانى بقايا انسان .... أحضرتك اليوم لأقول لك " أعرف أنى ذاهب الى الجحيم ولكن تذكر أنك أنت كنت السبب الرئيسى فى كل هذا ..... !!! " وهنا أمال الرجل رأسه وسكت الى الأبد . خرج الخادم من البيت ودموعه تتساقط بغزارة وهو يردد كلمة واحدة " هلك بسببى ..... هلك بسببى " وكعادته ذهب مسرعاً ألى ابيه الروحى ألذى أفهمه " ان الأنسان بلا عذر " " وأن كل أنسان سيجازى حسب أعماله " ولكن فى نفس الوقت هناك يوجد ما يسمى العثرة .



فأنت بتصرفك هذا قد اعثرت هذا الرجل وهذه خطية بلا شك لذلك فيجب على الأنسان المسيحى أن يعيش حياة التدقيق . أنت حر أفعل ما تشاء ولكن لا تنسى لا تضر نفسك ولا تنسى أن هناك انسان قد يعثر من تصرفك هذا هل تذكر ما قاله القديس العظيم بولس الرسول " ان كان اكل اللحم يعثر أخى فلن أكل لحماً " أكل اللحم ليس خطية فى حد ذاته ولكن أن كان اخى فقير لا يستطيع شراء هذا اللحم وسيشعر بالدونية أذا رانى وانا أكل اللحم بينما هو عاجز عن ذلك أذن سأمنع هذا اللحم عنى محبةً لأخى . لذلك كن مدققاً فى أقوالك وأفعالك كن مدققاً ولا تنسى أن "عقل الحكيم يسبق لسانه " وبعد أن أخذ هذا الخادم الارشاد والحل ذهب مسرعاً الى بيته لكى يحضر عظة الأحد القادم التى سيلقيها فى أجتماع الشباب وموضوعها عن " ما بين العثرة وحياة التدقيق"
القصة رهيبة و مخيفة جداً
ربنا يرحمنا

سلام ونعمة ليكم :
قصة غريبة .........


`11` mo7'efa awe ya Maha, thanks for sharing it.
el kesa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010