أنبا هدرا السائح الأسواني

شهية ومملوءة رائحة عطرة ، سيرة أبينا الطوباوي أنبا هدرا قديس أسوان المحلي، ذي الاسم الحسن والحياة المملوءة جهاداً وقتالاً ضد قوات الظلمة ، الحياة المكللة بقمم الانتصارات الروحية.

ولد ونشأ القديس الأنبا هدرا في أسوان .
كان يقيم بمدينة أسوان خائفاً الله سالكاً في طرقه وجميع وصاياه ، حافظاً لكتب الله الجليلة وديعاً طاهراً عفيفاً، ملازماً للأصوام والصلوات ، ودخول البيعة المقدسة باكراً وعشية. فلما نشأ قليلاً أراد أهله أن يزوجوه، فلم يقبل ، ذلك لأنه كان طالباً التقشف والنسك، وكان يسأل الله الليل والنهار أن يرشده إلى الطريق المستقيم.
فلما كان في بعض الليالي إذ بشخص منير يقول له: يا هدرا يا هدرا لا تبطئ عن النهوض إلى ما اهتممت به من الفكر الصالح ، بل قم مسرعاً وتممه ، فقام مسرعاً ومضى على البيعة مصلياً كعادته ، سائلاً الله أن يعينه ، وأن يرشده إلى ما فيه خلاص نفسه الأبدي ، وكان يتلو المزمور القائل "طوباهم الذين بلا عيب في الطريق السالكون في ناموس الرب" (مز 118: 1).
وفيما هو كذلك إذا بميت محمول قد أتوا به فلحقته خشية كبيرة عند رؤية ذلك الميت فترك أهله وماله ومضى إلى الدير بمنف.
وقد وجد داخله أناساً قديسين كملائكة الله، فأقام عندهم أياماً يصنع الصلوات، ولما سمع أهله بخبره ذهبوا إليه بالدير قائلين له: ما هذا الذي فعلته ، تركت أموالك وكل مالك ، وفعلت بنفسك هذا، فلم يسمع لقولهم ولم يكلمهم البتة ، فيئسوا منه ، ومضوا وتركوه. وإذ رأى أب الدير قوة عزمه ، ونشاطه ، وكثرة نسكياته ألبسه إسكيم الرهبان ، فسار في السيرة الملائكية واستنارت نفسه من التعاليم الإلهية والوصايا الرسولية، وصار مداوماً على الأصوام والصلوات والسهر وقراءة الكتب المقدسة ، كما أنه اقتنى جميع طرق القديس الشيخ الناسك أنبا بيمن (المولود نحو سنة 350 م بإحدى مدن مصر) إذ كان تلميذاً له حتى صار إبناً خاصاً له...

فلأجل الاهتمام الكلي بما هو للرب، بلا نقص أو إرتباك امتنع أبونا الروحي القديس الأنبا هدرا عن استجابة مطلب أهله من جهة الزواج، تاركاً العالم وما فيه مصراً على ذلك بلا عودة أو تردد تلبية لتعاليم شخص معلمنا الأعظم الرب يسوع المسيح القائلة: "من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني. ومن لا يأخذ صليبه ويتبعنى فلا يستحقني ... ومن وجد - (أي دلل ومتع) حياته يضيعها. ومن أضاع حياته – (أي بذل حياته الزمنية) – من أجلي يجدها" (مت 10 : 37 – 39)
بل طوباك يا أبانا البار المكرم أنبا هدرا لأنك لبست الشكل الملائكي الذي لإسكيم الرهبان ، وصرت عظيماً من بين هذه الطغمة السامية ، التي تغنى فيها مختبروا حلاوتها ، الذين تمتعوا ببهائها ، التي قال فيها الآباء الشيوخ : لا تكون تحت السماء أمة مثل المسيحيين إذا أكملوا ناموسهم.
الأنبا هدرا وحياته التوحدية
"وكان في البراري على يوم ظهوره لإسرائيل" إسهروا إذاً وتضرعوا كل حين" (لو 1 : 8، لو 21: 36)
سأل الأنبا هدرا معلمه الأنبا بيمن – أن يطلق له السبيل في المضي إلى البرية ليختبر الوحدة. فلما كان بعض الأيام أخذ القديس الشيخ أنبا بيمن القديس أنبا هدرا وأخذ معه قليل خبز وماء وسارا إلى أن وصلا إلى مكان يسمى بالمتوحدين ، فطلب القديس من أنبا هدرا أن يسكن هناك ووضع عليه قوانين بأصوام وصلوات ، وأقام عنده أياماً يدربه على قتال العدو وأوصاه ألا يبطل شغل يديه ثم تركه ومضى.
أقام القديس أنبا هدرا داخل المغارة وزاد على فضائله التي كان يمارسها في الدير ، حتى أن بعض الإخوة السواح الذين كانوا إلى جانبة لما رأوا كثرة تقشفه وعبادته ، قالوا له : يا أخانا الحبيب إن كل شيء يكون بمقياس ، جيد هو ، أجابهم القديس أنبا هدرا بقول صالح وتواضع: إن كل ما أفعله لا يقوم مقام خطية واحدة من خطاياي، فإذ سمع أولئك الإخوة هذا الكلام اتعظوا به ومضوا ، وتركوه مخبرين الإخوة الآخرين بجميع ما قاله لهم ، وكانوا من وقت لآخر يأتون إليه متشبهين بأفعاله ، متغذين من تعاليمه الحية ، متعجبين من اتضاعه وانسحاق نفسه.
وكان الناس يتقاطرون إليه من كل الأماكن لسماع تعاليمه فكان يعزيهم بالكلام الروحي فشاع خبره واشتهر في جميع البلدان ، وكثرت زيارات الناس له فكره ذلك وقصد أن يهرب إلى مكان لا يعرف فيه . فاستشار الأب الشيخ أنبا بيمن معلمه فأذن له بذلك وودعا بعضهما بعد أن صنعا صلاة ومضى القديس هدرا ماشياً إلى البرية الجوانية يسأل الرب أن يدبر له مكاناً يختاره ، فكان الموضع مسيرة ثلاثة أيام ولا يأويه إلا الوحوش الضارية وهوام الأرض. فلما رأوا القديس أنبا هدرا واقفاً أرادوا أن يفترسوه فبسط يديه وصلى هكذا قائلاً: يا ربي يسوع المسيح الذي أخضع الأسود لدانيال النبي في ذلك الزمان ، اصنع رحمة مع عبدك وأبعد عنى خوف هذه الوحوش الكاسرة، وللوقت قبل الرب صلاته وأبعدهم عنه فلم يؤذوه بل صاروا مستأنسين له كالناس...
لقد سلك أنبا هدرا في ظل رغباته الروحية وأشواقه النسكية المقدسة مسلكاً حسناً جداً قاطعاً شوطاً طويلاً للغاية، الأمر الذي تجلى في طلبة حياة الوحدة إلى أبعد حدودها – ومما تقدم من سيرة حياته الفاضلة قطع هذا الشوط الطويل في ظل إرشاد حكيم من أب روحاني مختبر عميق .
ثم استمر يصنع صلوات كثيرة ونسكيات ، فإذا عدو الخير الذي هو الشيطان ، صار يفزعه بأشكال مخيفة ومناظر مفزعة ، ويظهر له في شكل نساء جميلة الصورة ، لكي يوقعه في شباك الخطية المهلكة ، لكن القديس أنبا هدرا كان يقوى عليه ويقهره بقوة الصليب المقدس فينفضح ويضمحل.
وإذ سقطت قوة القديس أنبا هدرا من كثرة النسك والتقشف وصار مطروحاً على الأرض ، غير قادر على الحركة ، أتى إليه شخص نوراني وبيده إناء مملوء من الدهن فأفاض على رأسه قائلاً: قد شفيت يا هدرا من سائر أمراضك ، فاستيقظ القديس فوجد نفسه قد شفى وكأنه لم يصبه ألم البتة ، فعلم أن قوة إلهية قد أدركته ، إلا أن عدو الخير الشيطان حسده فصار هو جنوده يفزعونه بأشكال مخيفة ، ثم ظهروا له مواجهة ، وقالوا له : أليس أنت تغلبنا فسوف تنظر ما سيحل بك عقاباً من جهتنا . فرشمهم القديس بعلامة الصليب المجيد ، فولوا هاربين بخزى شديد. مقدماً الصلاة هكذا قائلاً: أيها الرب إلهي الذي هزم إبليس وجنوده الأشرار بصعودك على الصليب الحيى، خلصنى الآن من هؤلاء الأشرار المحيطين بي القائمين علي. ثم صار يتلو المزمور القائل:
"خاصم يا رب مخاصمي، قاتل مقاتلي، إمسك مجناً وترساً وأنهض إلى معونتي ..." (مز 35: 1، 2). وبذلك كان ينتصر عليهم ويقوى على قتالهم.
وإذ أتى إليه القديس الأنبا بيمن ليفتقده ، أخبره بكل ما جرى له ، سائلاً إياه أن يحضر إليه سيرة القديس الأنبا أنطونيوس ليتعزى ويتقوى بها على حرب الشياطين، الذين لم ينقطعوا عن قتالاتهم له ، وكان الأب الشيخ الأنبا بيمن يأتى إليه كثيراً ليفتقده ... وإذا كان ينام عنده كان ينظر نوراً عظيماً فيتعجب من ذلك . وفي ذات ليلة بينما كان القديس الأنبا هدرا نائماً في مغارته ، إذا بأصوات ورعود وإنزعاج كثير فتقدم واحد من الأجناد الشريرة وضربه بسيف فقطع ذراعه فوقع القديس ملقى على الأرض كالميت ، وللوقت ظهر له ملاك نوراني وأنهضه قائلاً له : يا هدرا تقوى فإن السيد المسيح له المجد لا يتخلى عنك ولا يتركك وهوذا قد أرسلني إليك لأشفيك ، ثم أخذ يده المقطوعة ووضعها في مكانها فالتصقت ، وكأنها لم يصبه ألم البتة ، ثم ثواه وعزاه وأعطاه السلام وصعد إلى السموات .
فلما كان غد ذلك اليوم ، أتاه القديس الأنبا بيمن ليفتقده ، فاشتم بالمكان رائحة طيب مختار ، وإذ سأله من ذلك ، أخبره بكل ما حدث له من تجارب العدو ، وخلاص الله له ففرح أبوه الروحي كثيراً.
وقد أعطاه الرب يسوع المسيح موهبة الشفاء فكان يضع يده على المرضى بسائر الأنواع فيعافون، وكذلك الذين بهم الأرواح الشريرة كان يصلي عليهم فيشفون ، ومع ذلك كان متضعاً يعطي لنفسه الويل في كل حين ويقول: هذا الفعل الذي أنا أفعله هو من قبل الله العلي.
وكان لباسه في الشتاء مسح شعر وفي الصيف ثوب من جلد ، ولم يكن له سوى جبة واحدة من صوف أبيض يلبسها عند تناوله الأسرار المقدسة.
ويقول الأب يوحنا كاسيان (كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية) "يقول الأباء أن الذي يرسم ذاته بعلامة الصليب في عمله بلا اهتمام أو ترتيب فإن الشياطين تفرح به . أما الذي في روية وثبات يرسم ذاته بعلامة الصليب من رأسه إلى بطنه ثم كتفه الأيسر إلى الأيمن ، فهذا تحل عليه قوة الصليب وتفرح به الملائكة".
ويقول أيضاً "إنه مدهش بالحق وغير مدرك ، كيف أن قوة المسيح تحل في رسم الصليب فإطفاء الحريق وطرد الشياطين ، وتسكين الآلام ، وشفاء المرضى، ولكن بالضبط سر غير مدرك كحلول الروح القدس في الخبز والخمر فيصيران لحماً ودماً".
ويجيب عن سر خوف الشياطين ورهبتهم من الصليب قائلاً: "إن الشياطين ترتعب من منظر الصليب وحتى مجرد الإشارة به باليد ، لأن السيد المسيح له المجد ظفر بالشيطان وكل قواته ورئاسته على الصليب ، وجردهم من رئاستهم وفضحهم علناً، فصارت علامة الصليب تذكيراً لهم بالفضيحة وإشارة إلى العذاب المزمع أن يطرحوا فيه".
"فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله" (1 كو 1: 18).
إذن لا ترهب بل تسلح :
لعلك رأيت وفي وضوح تام كيف أن في الصليب قوة وانتصار فلا ترتعب إذن من أعدائك، لكن تسلح بهذا السلاح الإلهي، طالباً إلهك في كل حين ، فليس للشيطان سلطان عليك، فهذه حقيقة يؤكدها الكتاب المقدس ، كما تؤكدها أقوال الأباء القديسين أيضاً .
فلما تقدم سن قديسنا البار الناسك أنبا هدرا مضى من مكان الوحدة في البرية الجوانية – إلى بعض الأديرة ليسكن فيها حيث حبس نفسه في قلايته ، وكان يصنع عجائب كثيرة وفيما هو نائم في بعض الليالي رأى إنساناً لابساً شكل الأسقفية وهو جالس على كرسي ، فخاطبه قائلاً: "تمسك بالإيمان الذي قبلته من الأباء القديسين ولا يفحص أحد بتشكك عن سر الثالوث القدوس ، الآب والإبن والروح القدس ، ثلاثة أقانيم في لاهوت وجوهر واحد. كذلك عن الإبن الكلمة الوحيد الجنس ، الذي تجسد ومات لخلاص جنس البشر ، وقام من بين الأموات بقوة لاهوته وجلس عن يمين الآب في علو مجده ، وسوف يأتي ليدين الأحياء والأموات . هذا هو أساس البيعة ورجاء المؤمنين المسيحيين.
فلما أكمل هذا الكلام مع القديس أنبا هدرا قام عن كرسيه وأشار بيده نحوه قائلاً له : قد وهبتك هذا الكرسي ، وهذا يكون لك عوض أتعابك – وفي هذا العالم – وبعد ذلك اختفى عنه.
فقام أنبا هدرا مسرعاً، وكتب هذه الرؤيا بخطه ، وكان يتذكرها مراراً كثيرة ، لكنه لم يعلم أحداً بذلك إلا لما دعاه إلى رتبة الأسقفية ، إذ أعلم الشعب بالرؤيا ، داعياً إياهم إلى خوف الله وتقواه وتعاليم الكتب الإلهية.
وكان يهتم بالمساكين والغرباء ويفتقد المحبوسين ويصنع العجائب والآيات، إذ كان المرضة يشفون بصلاته ، ولم يكن يفتر عن تعليم الشعب وتثبتهم على الإيمان المستقيم محذراً إياهم عن الخروج إلى الطريق المعوج . وكان صابراً على المحن والتجارب ، وبنعمة الله كانت البيعة المقدسة والشعب في أمن وسلام مدة أسقفيته . فلما رأى الرب صنيعه الحسن ، وكثرة أتعابه أراد أن ينقله من الدار الفانية إلى نعيم الحياة الباقية بعد أن وصل على شيخوخة صالحة ، فمرض قليلاً مضجعاً على الأرض ، فاجتمع الآباء الكهنة والرهبان وسائر شعبه لتوديعه بألم شديد ، قائلين له: لما تتركنا يا أبانا وتمضي ، ونحن محفوظين بصلاتك ، فعزاهم بكلامه الروحي وأوصاهم أن يثبتوا على الإيمان المستقيم ، وحفظ الوصايا الإلهية والمثابرة على الأصوام والصلوات المفروضة ، والرحمة لكل واحد وقال لهم أعلموا يا أولادي : أن في وقوفنا بالبيعة لنحسب أننا قائمون أمام الله.
فلنقف بخوف ورعدة لكي نستحق الرحمة يوم الدينونة أمام كرسيه بلا عيب ، اصنعوا المحبة بعضكم لبعض بالقلب السليم ، وكثرة المحبة والرحمة ، ردوا كل ذي حق حقه، ولا يكن عندكم أخذ بالوجوه ولو محاباة ، ولترتلوا بالتسابيح الروحانية في بيعته المقدسة ، ممجدين القدير ، كونوا متيقظين وإعلموا أنكم ستنقلون من هذه الدنيا ، فلا تكونوا متوانيين عن فعل الأعمال الصالحة لتنالوا الخيرات الدائمة .
وبعد ذلك باركهم وودعهم وأسلم الروح بيد الرب الذي أحبه في اليوم الثاني عشر من شهر كيهك في تملك الملك المحب لله ثيئودوسيوس فناح الجميع عليه ، مجهزينه كما يليق بكهنوته ودفنوه في البيعة المقدسة ، وكان يظهر من جسده أشفية وعجائب، وكان رجاء صالحاً لكل من يقصد بإيمان قوي ، ولا يستطيع إنسان أن يصف كل عجائبه .
فلنسأل الرب بشفاعته المقبولة أن يغفر خطايانا ويسامحنا عن آثامنا وهفواتنا ، ويمحي ذنوبنا ، ويتجاوز عن سيئاتنا ، ويعيننا بصالح الأعمال قبل فروغ الآجال ، وأن يعل باب بيعته مفتوحاً في وجوهنا على مر الأجيال والأزمان ، وأن يسمعنا الصوت الفرح القائل : "تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم " بشفاعة ذات الشفاعات معدن الطهر والجود والبركات ، سيدتنا كلنا ، وفخر جنسنا العذراء الدائمة البتولية ، القديسة مريم ورؤساء الملائكة ، والملائكة الأطهار ، وأبائنا الرسل الأبرار ، وسائر الشهداء والقديسين ، وكل الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة.

أمين وعادل هو إلهنا ، قد كلل جهاد أبينا البار الأنبا هدرا بهذه الرتبة الثمينة ، رتبة الأسقفية الجليلة ، التي قال عنها الوحي الإلهي :"ولا يأخد أحد هذه الكرامة بنفسه بل المدعو من الله ، كما هارون أيضاً" (عب 5: 4) فهي كرامة بحق ، وإن كان مسئولية جسيمة . وكرامة عظيمة ، لانها تضيف إلى نعمة البنوة بالتبني بالنسبة للإنسان كرامة أخرى إذا تجعله وكيلاً للرب الإله
(تي 1: 7) وكيلاً لسرائره المقدسة (1 كو 4: 1) مقاماً على عمل صالح (2 تي 3: 1) .
تذكار نياحته في اليوم الثاني عشر من شهر كيهك صلاته تكون معنا آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010