يا قليل الإيمان لماذا شككت




عبارة قالها الرب لبطرس، وكثيراً ما يقلها لنا.. لا يقلها بأصابع الإتهام لكي تشعر باللوم أو بالذنب.. فهو لم يأتِ ليدين أو يشتكي عليك، بل ليشجعك ويخلصك. فكثيرون أصيبوا بالإحباط والفشل عندما بدأ القارب يهتز وصار يمتلأ بالماء.. آخرون بدأوا يتكلمون كلمات عدم الإيمان المليئة بالإنزعاج والتذمر لأنهم رأوا أن الرب قد تأخر فتساءلوا كيف يمكن أن يكون الرب موجوداً ويحدث كل هذا؟!. وآخرون بدأوا في الغرق بعد أن كانت لهم خطوات إيمان قليلة.. توقعوا أن الريح ستتوقف، ولكنهم فوجئوا أن الريح مازالت موجودة.. فخافوا.

كانت الأمواج عالية والرياح مضادة.. السفينة صارت معذبة والقارب يهتز.. لم يكن أحد في المشهد سوى الرب يمشي فوق المياه وبطرس ينظر إلى يسوع.. مصدر الإيمان، فتيقن في الحال أن مصدر الحماية الطبيعية لاتستطيع أن تنقذه.. وأن الحماية الحقيقية هي في شخص الرب.. فامتلأ بالثقة واليقين.. وطرح الخوف.. ورفض القارب وطلب أن يسير فوق المياه.. مثل يسوع.

إن النظر إلى الرب يُفجر التوقع ويشجعك أن ترى نفسك في الرب قادراً أن تحيا بطريقة مختلفة.. غير خائف من الرياح.. لا تزعجك الأمواج.. قادر أن تتحدى العيان وتُعلنً انتصارك بالرب دائماً.. لهذا طلب بطرس الرب واستمع إلى صوته ليعيش المستحيل، ويمتلك إمكانيات الله في حياته ويمشي فوق المياه..

أحبائي، هذا هو الإيمان.. الثقة.. اليقين الداخلي المُطمئن.. أن الرب ينجيني من كل شيء.. إنه يحبني فهو لي ومعي، وإنني بالرب أستطيع كل شيء.. وسأنتصر دائماً.. وحتى إن وجدت جبالاً أو أسواراً.. وإن مضى بعض الوقت، لن أتأثر أبداً بالعيان.. سيظل إيماني ثابتاً بل وسيزداد حتى أنقل الجبال ويسقط السور.

ولكن للأسف، فما حدث مع بطرس يتكرر مع الكثيرين أيضاً.. الأمواج الهائجة والرياح جذبت أنظارهم مرة أخرى.. فلم يعودوا يروا الرب وابتدأوا يستسلمون لتأثير العيان الذي يسلب الإيمان.. وابتدأوا يتجاوبون مع الأفكار المزعجة والأحاسيس المضطربة والشعور بالأحمال التي يرسلها العدو.. وإذ بالإيمان ليس بموجود.. فبالتالي، يفقدون قدرة السير على المياه وإذ بهم يغرقون.

تُرى هل سُرق إيمانك.. هل فقدت الثقة.. وفقدت معها النصرة واليقين بإن إمكانيات الرب لك، وبدأت تشعر أنك صرت عاجزاً أمام الظروف... وأنه لا يوجد رجاء؟

عَظِمْ الرب لأجل هذا الاختبار ولأجل الرحمة.. فمرة أخرى يلتف بطرس إلى الرب ويقول له "يارب نجني". لم يرفض الرب صرخته، بل وقبل أن يواجه عدم الإيمان، مَدّ إليه يده وأمسكه وأنقذه ثم قال له "لقد كان إيمانك قليل ولهذا دخل الشك قلبك ففقدت القدرة على السير على المياه.. لماذا شككت.. تعلم الدرس.. ولا تشك مرة أخرى..".

أحبائي.. هيا نطفىء كل سهام إبليس ونعيد إليه كل شكوكه ونصرخ يارب نجنا. قل للرب علمني الإيمان لكي لا أكون فيما بعد قليل الإيمان.. هيا اطرح الشعور بالعجز وتقوى في الرب واعلن مع بطرس قائلاً "إنني سأسير على المياه.. سأنتصر على ضعفاتي.. سأهزم العدو.. سينفتح لي في الجبال طريقا"ً.

لذا هتف وقل.. الرب لي فلا أخاف
أن الإيمان هو أساسا إيمان بالمعجزة، إيمان بالسر الغامض، باللغز الذي لا يمكن أن يُحل.
إن المعرفة شئ يختلف تماماً عن الإيمان، فعندما أقول أن الحديد يتمدد بالحرارة، أو الماء يتبخر بعد الغليان… الخ. فهذه موضوعات "معرفة" لكنها لا تحتاج إلى"إيمان" لأن "الإيمان مخاطرة"، ومن ثم فهو مسئولية، ومن هنا جاء قول القديس بولس: "طوبى لمن آمن ولم ير…". أن الإيمان الحقيقي لا يعتمد على الرؤية حسية كانت أم عقلية. وإنما يقوم على "اللايقين" الذي هو العلاقة الحقيقية الأصلية على يقين الإيمان.

أن الإيمان هو نتيجة للاثنين معاً:
النعمة الإلهية من ناحية، والنشاط الإرادي الحر من ناحية أخرى.

Merna for this subject

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010