ملامح خدمة بولس الرسول

شاء الله أن يتم رسامتى شماساً باسم بولس الرسول، و لقد بدأت الاهتمام بكل ما يختص بهذا الرسول العظيم الذى تحمل أكثر من جميع الرسل ضيقات و شدائد منذ بدء دعوته حتى نواله إكليل الشهادة فى روما فى عهد نيرون. و لذلك أود أن نتبين بعض ملامح الخدمة فى حياة هذا الرسول العظيم، و هى كلمة سألقيها فى إجتماع الخدام بكنيسة مار مينا بكندا يوم السبت القادم و أردت أن أشرككم فيها حتى استفيد من تعليقاتكم التى ستثرى هذه الكلمة البسيطة.

إن بولس الرسول هو ثانى أكثر من كتب إصحاحات فى الكتاب المقدس بعد دواد النبى فى سفر المزامير إذ إنه كتب 109 إصحاحاً فى 14 رسالة، متفوقاً على عدد إصحاحات الأناجيل الأربعة معاً (89 إصحاحاً). و لقد إهتم بولس الرسول بالخدمة و الكرازة فى جميع الظروف و الأجواء، و كانت هناك ملامح مميزة تميز خدمته و كرازته و هى:

أولاً: خدمة كتابية إنجيلية مبنية على تعاليم السيد المسيح
مبنية على الكتاب المقدس، كرازة إنجيلية: لا من الفلاسفة ولا أفكاره الخاصة.‏
تعاليمه تعتمد على مصدرين: التوراه – تعاليم السيد المسيح (بالتسليم الشفاهى – بالوحى المباشر من السيد المسيح).‏
المصدر الأول هو التوراه و كتب العهد القديم و الأنبياء
إن الطفل اليهودى عند 5 سنين يدرس التوراه، و فى سن 10 سنين يتم شرح الناموس له، و عند سن 13 سنة يسمح له بدراسة الناموس بعد إحتفال كبير فى الهيكل و يسموه إبن الناموس. و لقد مر ‏بولس الرسول بهذه المراحل ثم وصل إلى مرحلة الدراسات العليا فى "تحقيق الناموس الأبوى" تحت إشراف غمالائيل الذى كان معلّماً للناموس مكرماً عند جميع ‏الشعب (أع 5) إذ يقول بولس الرسول "ربيت في هذه المدينة (أورشليم) مؤدباً عند رجلي غمالائيل على تحقيق الناموس الابوي." (أع 22: 3). لذلك فهو متعمق جداً فى ‏الكتاب المقدس و هو مرجعه الرئيسى.‏
المصدر الثانى فى تعاليم بولس الرسول هو التسليم الشفاهى:‏
و الذى بدأ بحنانيا ثم باقى الرسل و مذكرات الآباء الأوائل، ثم الكشف و الاعلانات (فرط الاعلانات) بواسطة السيد المسيح نفسه.‏ و يقول بولس الرسول نفسه ‏"ان كان احد يحسب نفسه نبيا او روحيا فليعلم ما اكتبه اليكم انه وصايا الرب" (1كو 14: 37). و يقول أيضاً "متذكرين كلمات الرب يسوع أنه قال مغبوط هو العطاء ‏أكثر من الاخذ" (أع 20: 35). و الباحث فى الاناجيل لن يجد هذه الكلمة عن السيد المسيح مما يدل على تسلمه إياها من الآباء الرسل. بل إنه تسلم أيضاً التعليم الصحيح من السيد المسيح شخصياً إذ يقول "لانني تسلمت من الرب ما سلمتكم ايضاً" (1كو 11: 23)‏
تقارب تعاليمه مع تعاليم الانجيل نفسها:‏
إذ يقول ‏"لذلك انت بلا عذر ايها الانسان كل من يدين. لانك في ما تدين غيرك تحكم على نفسك" (رو 2: 1) و التى تقابل "لا تدينوا لكي لا تدانوا. لانكم بالدينونة التي ‏بها تدينون تدانون . وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم" (مت 7: 1، 2). و يقول أيضاً "لانه ان عشتم حسب الجسد فستموتون. ولكن ان كنتم بالروح تميتون اعمال ‏الجسد فستحيون" (رو 8: 13) و التى تقابل "فان من اراد ان يخلّص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من اجلي يجدها" (مت 16: 25).‏

2‏- كان طيعاً جداً لحركات الروح القدس داخله:
فبعد أن صار مسيحياً يقول عنه الكتاب "أما شاول الذى هو بولس أيضاً فإمتلأ من الروح القدس" (أع 13)‏. و ليس فقط ممتلئاً من الروح القدس، بل كان الروح يقوده فى كل تحركاته إذ نقرأ فى سفر الأعمال ‏"إفرزا لى برنابا و شاول" (أع 13). و أيضاً كان الروح يقوده و يسمح له بالكرازة فى أماكن و يمنعه فى مواضع أخرى و نقرأ ‏‎‏"وبعدما اجتازوا في فريجية وكورة غلاطية منعهم الروح القدس ان يتكلموا بالكلمة في آسيا‎‏" (أع 16). "‏‎فلما أتوا ‏الى ميسيا حاولوا ان يذهبوا الى بيثينية فلم يدعهم الروح‎‏" (أع 16). و ليس فقط فى التحركات بل فى التعليم كان مسوقاً بالروح القدس إذ يقول "التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلّمها حكمة انسانية بل بما يعلّمه الروح القدس ‏قارنين الروحيات بالروحيات" (1كو 2: 13)‏
فالخادم الدارس فقط للإنجيل سيكون كمن يدرس كتاباً علمياً فقط، و لكن يجب أن يكون مثل بولس الرسول عاملاً بالانجيل فى حياته بواسطة عمل الروح القدس فيه.‏

3‏- خدمة مليئة بالتعب:
لقد خدم بولس الرسول أكثر من 30 سنة معظمها أسفار فى جميع الأجواء و الأراضى و الظروف.‏ لذلك يجب أن يعرف الخادم أنه لا يوجد خدمة مريحة. و يقول يشوع بن سيراخ "يا إبني إن أقبلت لخدمة الرب الإله فاثبت على البر والتقوى واعدد نفسك للتجربة" (إبن سيراخ 2: 1)، و لقد كان هذا قول السيد ‏المسيح لحنانيا عن بولس الرسول "سأريه كم ينبغي ان يتألم من اجل اسمي‎‏" (أع 9: 16).‏
أنواع الآلام:‏
‏(أ) آلام جسدية
‏"بل في كل شيء نظهر انفسنا كخدام الله في صبر كثير في شدائد في ضرورات في ضيقات في ضربات في سجون في اضطرابات في اتعاب في ‏اسهار في اصوام في طهارة في علم في اناة في لطف في الروح القدس في محبة بلا رياء في كلام الحق في قوة الله بسلاح البر لليمين ولليسار" (2كو ‏‏6). "في الاتعاب اكثر. في الضربات اوفر. في السجون اكثر. في الميتات مرارا كثيرة. من اليهود خمس مرات قبلت اربعين جلدة الا واحدة. ثلاث ‏مرات ضربت بالعصي. مرة رجمت. ثلاث مرات انكسرت بي السفينة. باخطار سيول، باخطار لصوص، باخطار من جنسي. باخطار من الامم. ‏باخطار في المدينة. باخطار في البرية. في تعب وكد. في اسهار مرارا كثيرة. في جوع وعطش. في اصوام مرارا كثيرة. في برد وعري باخطار في ‏البحر. باخطار من اخوة كذبة" (2كو 11)‏
و الحقيقة أن كلمة تجارب = وجود الله "‏‎وكان الله يصنع على يدي بولس قوات غير المعتادة‎‏" (أع 19: 11). و لذلك فالقول الوحيد المسجل عن الأنبا بولا "من يهرب من الضيقة يهرب من ‏الله".‏
‏(ب) آلام نفسية من اليهود و الأمم‏
صد و مؤامرات من اليهود فى كل مكان " من اليهود خمس مرات قبلت اربعين جلدة الا واحدة ... باخطار من جنسي". حتى أنه قال لهم " كان يجب ‏ان تكلّموا انتم اولاً بكلمة الله ولكن اذ دفعتموها عنكم وحكمتم انكم غير مستحقين للحياة الابدية هوذا نتوجه الى الامم"‏‎‏ (أع ‏‏13: 46).‏
‏"مكتئبين في كل شيء لكن غير متضايقين. متحيّرين لكن غير يائسين. مضطهدين لكن غير متروكين. مطروحين لكن غير هالكين. حاملين في الجسد ‏كل حين اماتة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع ايضا في جسدنا" (2كو 4).‏
‏(جـ) آلام من المسيحيين الأوائل
و لقد ظهر رسل كذبة بخطابات مزورة نسبوها إلى الرسل و كان همهم هو تشويه صورة بولس الرسول، و من التهم التى نسبوها فى كورونثوس لبولس الرسول و هو فى افسس: بولس يبشر بانجيل غامض مشوه، ليس رسولاً حقيقياً، لم ير المسيح و لم يتسلم الانجيل من ‏السيد المسيح مثل الرسل، غير ثابت فى رأيه، مرائى مع اليهود و الامم (بخصوص الختان). لذلك قال عن مثل هؤلاء "لان مثل هؤلاء هم رسل كذبة فعلة ماكرون مغيّرون ‏شكلهم الى شبه رسل المسيح. ولا عجب! لان الشيطان نفسه يغيّر شكله الى شبه ملاك نور. فليس عظيما ان كان خدامه ايضا يغيّرون شكلهم كخدام ‏للبر . الذين نهايتهم تكون حسب اعمالهم." (2كو 11). "لانه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم ‏معلّمين مستحكة مسامعهم" (2تى 4).‏‎ ‎‏ "واطلب اليكم ايها الاخوة ان تلاحظوا الذين يصنعون الشقاقات والعثرات خلافا للتعليم الذي تعلمتموه واعرضوا ‏عنهم" (رو 16). " ثم نوصيكم ايها الاخوة باسم ربنا يسوع المسيح ان تتجنبوا كل اخ يسلك بلا ترتيب وليس حسب التعليم الذي اخذه منا" (2تس 3). ‏‏"ان كان احد يعلّم تعليما آخر ولا يوافق كلمات ربنا يسوع المسيح الصحيحة والتعليم الذي هو حسب التقوى فقد تصلّف وهو لا يفهم شيئا بل هو متعلل ‏بمباحثات ومماحكات الكلام التي منها يحصل الحسد والخصام والافتراء والظنون الرديّة ومنازعات اناس فاسدي الذهن وعادمي الحق يظنون ان التقوى تجارة. ‏تجنب مثل هؤلاء." (1تى 6).‏

ليتنا جميعاً نحن الخدام أن تتميز خدمتنا بهذه الميزات الثلاث بحيث تكون خدمة كتابية إنجيلية مسوقة بالروح القدس و محتملين للأتعاب و الضيقات.

`17` ربنا يخللينا مواضيعك الرائعة دى يا د/ حازم
من اجمل التعليقات التى سمعتها عن خدمة بولس الرسول انه كان بيخدم فى كل وقت و تحت اى ظروف حتى عندما كان مسجون و كانوا يقيدون معه حارس فكان يبشر هذا الحارس و عندما تنتهى دوريته و يأتى غيره يبشره ايضا و ظل على هذه الحال سنتين فلنا ان نتخيل العدد الذى تمت الكرازة له بالاضافه لأسرهم
عندى سؤال : عندما قلت ان بولس الرسول هو ثانى أكثر من كتب إصحاحات فى الكتاب المقدس بعد داود النبى لماذا لم نحسب موسى النبى ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010