طوبي لأشلي سميث هزت قلب أمريكا بشجاعة الروح

طوبي لأشلي سميث هزت قلب أمريكا بشجاعة الروح واقتدار الكلمة
================================
سعد ميخائيل سعد – لوس أنجلوس
-----------------------------------

تحت إلحاح رغبتها في النيكوتين ، خرجت أشلي سميث Ashley Smith (26 سنة) لتشتري علبة سجائر الساعة 2 صباح السبت 12 مارس 2005 . وعندما عادت إلى شقتها بمدينة دولوث Duluth ( ضاحية من أتلاتنا عاصمة ولاية جورجيا) فوجئت بأنها على موعد مع دراما ربما لم تحدث بمثل هذه التفاصيل والنتائج في تاريخ الولايات المتحدة . نعم كانت دراما لها أبعاد تتقارب مع ما كتب في العهد القديم والأناجيل ، وبالتأكيد ستلهم أجيالا كثيرة حول العالم .
ففي اليوم السابق (الجمعة 11 مارس) كان المتهم براين نيقولز (33سنة) Brian Nichols ماثلا أمام محكمة اتلانتا بتهمة الخطف والاغتصاب .
وتمكن بذكائه ومهارته وقساوة قلبه من خطف مسدس أحد الحراس ، قتل به القاضي وأثنين آخرين وهرب من مبني المحكمة وهو يطلق الرصاص على البوليس الذي أقتفاه . وأختفي في تلك المدينة الكبيرة ليقتل شخصا رابعا ليسرق منه السيارة ، ويفشل البوليس في العثور عليه بالرغم من البحث الذي وصف بأنه الأعظم كثافة في تاريخ ولاية جورجيا .
ربما كان المجرم يبحث عن ضحية جديدة ليضيفها إلى سجل بطولات القتل ، أو يبحث عن مأوي أو طعام أو ممارسة جنسية ، أو كل ذلك مجتمعا ، فهو يعرف أن مستقبله مظلم والحكم عليه بالإعدام مؤكد .
وفي موقف السيارات المواجه لشقة أشلي ، وجد براين (الأسود) الضحية المثالية في تلك الشابة (البيضاء) التي تدخن سيجارة بعد 2 ص وعائدة إلى شقتها بمفردها . فأقتفي حركتها وتحت تهديد المسدس دخل معها شقتها وأمرها بالجلوس في حوض الأستحمام (البانيو ) بعد أن قيدها .
الخطوات التالية في معظم هذا النوع من القصص هي مسلسل الافتراس الحيواني من اغتصاب وتعذيب وقتل . وإن حاصر البوليس المكان ( هذا لو عرفوه) فتكون الضحية (لو لازالت حية) رهينة يساوم بها المجرم على الهروب .
ولكن أشلي كانت تعرف أن المعجزات تحدث أحيانا ، وأنه ماذا يضرها لو حاولت أن تكسب هذا الإنسان إلى معرفة الله واستكشاف الهدف الذي من أجله قد خلق .
كانت صورة طفلتها ( 5 سنوات) أما مخيلتها طول الوقت وربما دفعتها المسئولية نحوها للتحرك الإيجابي . نعم تحرك إيجابي وهي مقيدة في البانيو !
وثقت أشلي أن هذا المجرم مخلوق على صورة الله ، ولكن الصورة تشوهت بالخطية والسموم التي تأتي إليها من المجتمع والتليفزيون وأصدقاء الشر . ولكن ربما لازال هناك ضمير خافت يمكن إشعاله .
وأتخيل أنها أيضا وثقت (ولو في اللاشعور ) أنها مثل الصبي داود قد يمكنها الانتصار على جليات الجبار بمقلاع وبضع حصوات . ليس الانتصار الجسدي بقتل جليات حسب مقاييس العهد القديم ، ولكن بالإنتصار الروحي بتحويل قلب جليات حتى ينضم إلى صفوف شعب الله .
سالت أشلي براين عن قصته واستمعت باهتمام وإخلاص . ثم حكت له قصتها وجروحها وحظها السيء . كيف أنها تزوجت وأنجبت ولكن من اربعة سنوات راح زوجها ضحية إعتداء بطعنات وقع بسببها ميتا بين ذراعيها .
واستعطفته أنه لو قتلها الآن فالأبنة ستكبر وهي يتيمة الأبوين وتحمل أعباء نفسية فوق الطاقة عالمة أن كلا الأبوين قتل بهذه الصورة ، وهي صعبة التصور والحياة معها .
ثم قصت أشلي لبراين كيف أنها وهي في هذا السن الشبابي واجهت الموقف المؤلم بضعف وإستسلام وإنهزام لمدة أربعة سنوات . كيف أدمنت الخمر وصدر ضدها أحكام في قضايا قيادة السيارة تحت تأثيره . كيف أضطرت للاستدانة وعملت في أحد المطاعم كمضيفة waitress . وكيف أظلمت بها الحياة حتى طلبت بنفسها من المحكمة السماح لخالتها لتكون الوصية على طفلتها ومستضيفة لها .. ولكنها الآن في مسار العودة إلى الله والتعرف على الهدف من الحياة والانتصار على المأساة الشخصية . وأن هناك كتاب يرشدها إلى ذلك ، وإسم الكتاب
The Purpose Driven Life للكاتب Rick Warren
تشاء الظروف أنني كنت في زيارة عمل لمدينة واشنطن في أكتوبر 2002 وزرت هناك كنيسة مار مرقس وعرفت أن الكنيسة قد نظمت دراسة لهذا الكتاب الثمين ، في كل يوم تقرأ الأسرة فصلا من فصوله الأربعين . ثم تجتمع كل مجموعة عائلات على مقربة جغرافية من بعض ، مرة في الأسبوع ، في أحد المنازل لمراجعة عدد من فصول الكتاب إلى أن ينتهوا من دراسته في 7 أسابيع .
أعجبت بالكتاب وبنشاط تلك الكنيسة المثالية فدعوت مؤلفة كريمة بها للكتابة عن هذا البرنامج للصفحات الإنجليزية بوطني ، ونشرت مقالتها المؤثرة في عدد 12 يناير 2003.
ثم أسعدني كثيرا أن أعرف أن معهد تدريب القادة بالشرق الأوسط قد قام بنشر الترجمة العربية للكتاب تحت عنوان "الحياة المنطلقة نحو الهدف" وأنه متوفر بدار الثقافة بالقاهرة .
ونعود إلى أشلي وبراين فنجده قد وافق أن تقرأ له أشلي فقرات من الكتاب وأن تحدثه عن المحتويات فقرأت له الفقرة الأولى من الفصل 33 الذي عنوانه "كيف يتصرف الخدام الحقيقيون" . طلب إعادة قراءتها . أستمر الحديث 7 ساعات في أثنائها كان القاتل قد فك قيود الضحية بل عرض عليها أن تخرج معه لكي ينقل السيارة لأن البوليس يعرفها من وصف أسرة القتيل . غامرت أشلي بالذهاب . قادت سيارتها خلف سيارته لمسافة ميلين . أثناء ذلك فكرت جدياً في طلب البوليس على التليفون المحمول ، ولكنها رأت خطورة مواجهة دامية يقتل فيها أبرياء وقد يهرب الجاني مرة أخرى . فضلت الاستمرار في مسار الربح الروحي حتى ولو كانت هي ضحية هذا الاختيار .
عاد براين معها في سيارتها للشقة .. صنعت له فطورا ... استمعت لقصته أكثر فأكثر ... أعلن توبته . صليا معاً . انتهي هذا المسار بقوله لها:
"أنت ملاك أرسله الله إلي .. أنت أختي وأنا أخوك في المسيح .. كنت ضالا ولكن الله قادني إليك ".
أقتنع براين أن رسالته في الحياة هي أن يبشر في السجن بخلاص يسوع المسيح . أما التفاصيل والتنفيذ فهي في أن يسلم نفسه للبوليس ويواجه المحاكمة . وأخذ التائب وعدا من اشلي أن تزوره في السجن ليتعرف منها أكثر على شخص المسيح .
سمح براين لأشلي أن تغادر الشقة بسلام لكي تأخذ طفلتها من الخالة وتذهب بها إلى الكنيسة حيث ميعاد لنشاط الأطفال . وفهمت أنه سينتظر حتى تبلغ هي البوليس ليحضروا للقبض عليه .
خرجت أشلي 30ر9 ص .. كان في إمكان براين أن يغير فكره ويهرب ولكنه أنتظر حتى جاء البوليس وهم غير مصدقين وحذرين . خرج لهم ( الساعة 45ر11 ص) وهو يحمل راية بيضاء أمام عدسات التلفزيون وأمريكا كلها تشاهد لأن الجرائد والتليفزيون كانت غطت قصة القتل في المحكمة والهروب في اليوم السابق . تحدثت أشلي يومها على معظم قنوات التلفزيون الرئيسية ووكالات الأنباء والجرايد . شهد الكثيرون أنهم لم يروا في حياتهم شهادة للمسيح بهذه القوة والتأثير .
قالت مجلة تايم Time ، وهي نادرا ما تتحدث إيجابيا عن الإيمان المسيحي أو المسيحيين ، في عدد 28 مارس (ص80) أن "النعمة وصلت بدون أعلان مسبق لحياة أناس أبعد ما يكون عن أن يتوقعوها أو يستحقوها .. ماذا كنت تفعل تحت تلك الظروف ؟ تصرخ ؟ تمتليء رعبا ؟ تتوسل ؟ ولكن هناك شيء آخر تدخل .. لقد ارته جراحاتها كإنسانة ورأت هي نفسه المجروحة .. كان اللقاء روحيا .. لقاء مع الله . كان سلاح سميث الكتاب المشهور .. قرأت منه (للقاتل) الفصل 33 الذي يركز على دور الخدمة المسيحية ، وأن في كل لحظة هناك فرصة لخدمة الآخرين .
في هذا الفصل يقول المؤلف أن الفرص العظيمة للخدمة لا تتاح لمدة طويلة . إنها تمر بسرعة واحيانا لا تعود ثانية. ربما تأتي لك الفرصة فقط مرة واحدة لخدمة هذا الشخص . إذن فانتهز تلك اللحظة " .
تخيل سعادة المؤلف القس ريك وارن عندما علم بهذه التفاصيل على التليفزيون . تحدث عدة مرات تليفونيا مع أشلي وتشاركا في الصلاة ووعد بزيارة براين في السجن قريبا . لا شك أن بين 18 مليون نسخة بيعت من الكتاب فإن نسخة أشلي قد أتت بأعظم الثمار .
وفي 24 مارس احتفلت حكومة ولاية جورجيا رسميا في مبني البرلمان بهذه المواطنة العظيمة ورأس الأحتفال الحاكم سوني بردو الذي قال في خطابه " أن أشلي اخترقت قلب القاتل " . وقال مدير الأمن " كنا نستعد لمواجهة دامية مع القاتل .. لم نكن نعرف أن هناك أشلي سميث". وخطبت أشلي وطفلتها جالسة على الأرض بجوارها .. تحدثت بخجل واختصار بعد أن كانت أمتنعت عن الحديث العلني منذ يوم الحادث . قالت :" أريد ان أشكر ربي ومخلصي يسوع المسيح لمحبته ونعمته . إن حياتي شهادة أن الله يستخدمنا حتى ونحن في قلب المأساة وأن المعجزات تحدث فعلا ".
وهكذا صعدت أشلي سميث إلى قمة جبل عال مجدت فيه الله ، وأنقذت نفسها وابنتها، وخلصت نفس قاتل أثيم ، وأفتدت مدينة عظيمة من مآسي آخرى كان يمكن أن تحدث ، وغيرت مفهوم المجتمع عن المرأة الضعيفة المستسلمة لسوء حظها ، وقدمت صورة إبنة الله القادرة على الانتصار للحق والخير . ليس بالمطرقة ولا السيف أو الخبث ، ولكن بشجاعة الروح واقتدار الكلمة وصدق الإخلاص .
إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون . هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح (2 كو4:10) .
________
د. سعد ميخائيل سعد محرر ص 2 الإنجليزية بوطني حيث تجد في هذا العدد مقالة عن نفس الموضوع بها معاني إضافية وقد وجد أكثر من 28000 مقالة وفيديو على الانترنيت عندما بحث عن “ashley smith” and “brian nichols”

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010