! سفر المزامير ... وماذا تعرف عنه ؟ !
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
الكتاب (كتاب المزامير)
*****************************
. هو مجموعة "التسابيح " التي تأتى بعد الشريعة (أسفار موسى الخمسة ) ، والأنبياء ، في مطلع القسم الثالث من الكتاب المقدس العبري ، قسم "الكتابات" ، قبل سفر أيوب وسفر الأمثال ، وتشكل معهما مثلثا متميزا ينفرد في النص المسورى بطريقة خاصة في التحريك ، تحتوى هذه المجموعة على مائة وخمسين مزمورا
. يشتمل سفر المزامير ، كما تشتمل التوراة (أسفار موسى الخمسة ) ، ولا شك أن هذا الأمر مقصود ، على خمسة أجزاء (1- 41 و 42 - 72 و 73 - 89 و9.- 1.6 و 1.7- 15.). ينتهي كل منها بعبارة تبريك أو تمجيد . لكن هذا التقسيم يضم مجموعات جزئية على جانب كبير أو قليل من الأهمية . فيلاحظ المرء مجموعات من المزامير يختلف بعضها عن بعض بالأفضلية التي يوليها لأحد الاسمين الإلهيين ، أما لاسم اله إسرائيل الخاص ، وهو "يهوه" (3 - 41 و 9.- 1.5) وأما لاسم "ايلوهيم " العام ، أي الله ( 42 - 83). ويلاحظ المرء أيضا ، بالإضافة إلى ذلك ، مجموعة مزامير بحسب مواضيعها، منها "صلوات داود بن يسى" (راجع 72: 2.) ودفاتر بنى قورح (42- 49 وراجع 84 - 85 و 87 - 88). وآساف ( 73 -83 راجع 5.) وأناشيد المراثي (12. - 134) وأناشيد "ملك الله " (93- 99) و "هلل" المثلث (113- 118 و 136 و 146 - 15.) حيث يتردد غالبا صدى الهتاف في الليترجى " هللويا" ومعنى ذلك أن المزامير جعلت في مجموعات جزئية ، مستقل بعضها عن بعض وغير متساوية في العدد ، قبل أن تضم في مجموعة كبرى واحدة ، ولعلها جمعت في أواخر القرن الثالث قبل المسيح. وفى هذا التكوين التدريجي للمؤلف ما يسوغ وجود بعض الأمور غير العادية ولا سيما ترديد بعض القصائد مرتين ( 14 = 53 و 4. = 14-و 18 =7. و 57 : 8 - 12+6.: 7-14 = 1.8). وفى خارج سفر المزامير ، نقع على مزامير منفردة ومبعثرة في أسفار أخرى ترقى إلى أزمان مختلفة ، منها (1 ملوك 2 : 1 - 1. ، وأشعياء 38 : 1. -2. يونان 2: 3 - 1. ونحميا 1 : 2 - 11 وحبقوق 3 : 1 - 19 ومراثي ارميا 5 ودانيال 2 : 2. - 23). يقوم المزموران على الافتتاحية ، والمحسوبان أحيانا مزمورا واحدا (أعمال 13 :33)، مقام المقدمة ، وتختم المجد له الكبرى الأخيرة (15.) لا الجزء الخامس فقط بل السفر كله
. + العناوين : تحمل مزامير الكتاب المقدس العبراني ، باستثناء أربعة وثلاثين منها ، عناوين يختلف طولها وطبيعتها . ويرقى عهد هذه النبذ ، وهى عبارة عن بطاقة هوية ، إلى زمن قديم ، إذ أن الأولين من المترجمين اليونانيين لم يفهموا معناها فهما دقيقا . وحتى في أيامنا وبالرغم من الجهود التي بذلها المفسرون ، غالبا ما نكتفي بالتكهنات أو نلتزم الصمت
أن معظم هذه المعلومات تتعلق بالمؤلفين التقليديين ، من موسى (9.) وسليمان (72و127) وآساف (5.و73 - 83 وراجع 1 أخبار 16 : 4 - 7 و 25 :1 - 2 و ع 7 : 44) وبنى قورح (42و44- 49و 84 - 8.و 87 - 88 وراجع 2 أخبار 2. - 19) وهيمان (88) وأينان (89 وراجع 1 أخ 15: 17 - 19و 25 : 5) ويدوتون ( 39 و 62 و 77 وراجع 1 أخ 16 : 41 - 42 و 15: 1و3 و 2 أخبار 5 : 12 و 29 : 14 و غ 11 : 17). وبين هذه الأسماء يبرز اسم داود الوارد ذكره في مطلع ثلاثة وسبعين مزمورا ولا سيما في الكتاب الأول من المجموعة التي يسمونها لهذا السبب " المجموعة الداودية الكبرى ." ويرافق ذكر داود ثلاث عشرة مرة تلميح إلى حدث من أحداث حياة الملك. ولا عجب في الأهمية المعطاة لـ"مرنم إسرائيل " (2 مل 23: 1) ، فقد كان داود يتمتع بشهرة الشاعر ( 2 مل 1 : 17و19 - 27 و 3 : 33- 43) والموسيقار ( 1 مل 16 : 16 - 23و 18 : 1.) ومخترع آلات الطرب (عا 6 : 5). وقد نسب إليه تنظيم العبادة والترنيم الليترجي ( 1 أخ 15 - 16 و 23 : 25 وعز 3 : 1. وغل 12 : 36). أجل أن الشعر الإسرائيلي سبق داود بزمن طويل ، ومن الأدلة التي بين أيدينا صرخة الثأر عند لامك (تك4: 32 - 24) ونشيد البئر
. ( عد 21 : 17 - 18 ) ونشيد موسى ونشيد مريم ( خر 15 : 1 - 21) ونشيد الظفر لدبورة ( قضاة 5 : 2 - 31). لكن التقليد نقل إلينا أن داود دفع بالغناء المقدس إلى الأمام ، وعده اكبر المؤلفين وأباهم الروحي بصفته البار المضطهد والتائب المتصالح مع الله وصورة المسيا
. هناك عناوين توحي بميزة المؤلفات وطبيعتها. وهى تلفت أنظارنا إلى أننا أمام قصيدة ترافقها آلات وترية (مزمور : 57 مرة ) أو أيام صلاة ( "قفله" : 86 و 9. و 1.2و 142) أو تسبيح "تهله " ( 145) أو نشيد حب أو قصيدة عرس (45) أو مجرد نشيد ( "شير" : 3. مرة ) وهناك بعض ألفاظ لا سبيل إلى معرفة معناها بالضبط ، منها " مكسيل " (32و 42 و 44و 45و 52 - 55 و 74 و 78 و 89 و 142) "وشيجيون " (7) ويترجم اللفظ الأول بـ"تعليم "والآخر "حمد". وفى هذه المصطلحات ، وبالرغم من غموضها ، فائدة أكيدة فهي تشهد على وجود نماذج مختلفة للمزامير في إسرائيل . وقد شجعت هذه الدلائل المفسرين على البحث في "الفنون الأدبية " فأدت أعمالهم ، في السنوات الأخيرة ، إلى عدد وافر من التصنيفات
. وهناك معلومات أخرى تتعلق بالأداء الموسيقى . فهي تذكر غالبا (55 مرة ) "إمام الغناء " وهو المعنى المرجح (راجع 1 أخ : 15 : 21 و 23 :4) لكلمة غير مفهومة في الترجمات القديمة . وهناك أيضا إشارة إلى آلات الطرب : ذوات النفخ (5) وذوات الأوتار العادية (4و54و55و61و67و76) وذوات الأوتار على الدرجة الثامنة (6و 12) والقيثارة الجيته (8 و 81 و 84) ما لم يقصد بها لحن خاص. وكانوا يعتمدون آلات مختلفة لمساندة الجوقات أو لمرافقتها ، منها البوق والقيثارة والعود والصنوج والدفوف . ويعدد المزمور عناصر " الغناء لله" (1أخ 16 : 42) ويستشف من بعض العبارات اللغزية ، معلومات عن الألحان التي كانوا يؤدون عليها الأغاني ، منه " ايلة الصبح" (22) و"السوسن" (45و 69) "ولا نهلك " . (7 = 58و 59 و75)
. وهناك أخيرا دلالات تربط بعض الأناشيد بأعمال اليترجيا . فالمزمور 3. هو نشيد " لتدشين البيت" ، والمزمور 92 يتعلق بـ " يوم السبت" والمزمور 1.. السيد لـ "الحمد". ولعل من المستحق أن نربط بين لفظة "للتذكير (38،7) وإحدى وظائف العبادة . أما مزامير "المراقى أو المصاعد" فلا شك في أنها كانت من أناشيد الحجاج "الذين كانوا يصعدون " إلى أورشليم
: القصائد
. أن مجموعة "التسابيح" منظومة بكاملها بصيغة أبيات شعرية ، والأمر واضح لمن يقرأها في نصها الأصلي أو في الترجمة الكاثوليكية الحديثة . ويتألف بين الشعر في اغلب الأحيان من شطرين ، وأحيانا من ثلاثة . وهو يخضع لأوزان لا تبنى كما تبنى البحور العربية ، بل على نبرة الصوت في لفظ الكلمات
. وأغلب الأوزان مبنى على ثلاث نبرات في كل من الشطرين . وقد تجد في الشطر الثاني نبرتين فقط. ويظهر عدم التوازن هذا في الترجمة ، إذ أن الشطر الثاني يكون اقصر من الأول . لكن الشعراء الإسرائيليين يتصرفون بكل الحرية في اختيار الأوزان وتنظيمها . ولابد مع ذلك من الإقرار بان بعض القصائد قريبة من النثر
. نستطيع بفضل الزمات المتكررة على فترات دورية (42و43و46و49و59و67و8.و99و1.7) أن نجمع عددا من أبيات الشعر يساوى مقطعا شعريا . ولعل كلمة "سلاه" التي نجدها في صلب الأناشيد، ولا سيما في الكتب الثلاثة الأولى من المجموعة ، تشير في بعض الأحوال إلى تقسيم الأبيات إلى مقاطع . والمزمور 119 يحتل مكان خاصا ، ففيه مقاطع شعرية بعدد حروف الأبجدية العبرية ، وهو مركب من اثنين وعشرين مقطعا مؤلفا من ثمانية أبيات ، يبتدئ كل منها بالحرف نفسه وفقا للترتيب الأبجدي (راجع مزمور 9 - 1. و 25و37 ... الخ)
. في تأليف المزامير العبرية وفى الشعر السامي عنصر لا جدل فيه ، إلا وهو التوازي . انه نوع من التوازن بين أركان الجملة ، يشبه قافية الأفكار . ويظهر بمظاهر كثيرة ، فتارة تكرر الفكرة الواحدة أو الصورة الواحدة في عبارات متساوية ، وهو التوازي بالترادف
"لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب في الباطل"؟
. "فالآن يا أيها الملوك تعقلوا تأدبوا يا قضاة الأرض" (2 : 1و1.)
. وتارة يتبع المؤلف طريقة التباين أو التعارض ، وهو التوازي بالنقيض
. لأن المباركين منه يرثون الأرض والملعونين منه يقطعون." (37: 22)
. في التوازي بالتركيب ، يعبر عن الفكرة الواحدة بتوسيعها
. "رنموا للرب ترنيمة جديدة رنمي للرب يا كل الأرض" (مزامير 96: 1) على كل حال ، ليس التوازي كاملا في كل مرة ، ولا وجود له في كل مكان ، وان عد ميزة في الشعر العبري
: أنواع المزامير
. تظهر القرابة الطبيعية في الملامح المشتركة ، من تشابه خارجي في الوجه والهيئة ، واللغة واللهجة ، ووحدة الأفكار والمشاعر والتقاليد . وتعقد بين الأسر ومصاهرات تولد التشابه والنماذج وقد لا يتشابه الأقرباء ... وذاك شأن المزامير كثير منها يمتاز بتشابه البنية وبالوحدة في تركيب الجمل وطريقة التعبير، فيفترض أن تكون هناك أوضاع واحدة أو مماثلة ، وتعالج المواضيع نفسها وتتداخل وتنشأ عنها مزامير متشعبة
سنتكلم إذا عن "أسر " المزامير . لكننا نطبق عليها مفهوم القرابة هذا بكثير من المرونة فلابد لمن يحاول تصنيف المزامير جميعا أن يرضى بحالات يغلب فيها الترجيح وحتى التكهن . وبناء على هذا التصنيف ، نقترح تقسيم هذه المزامير إلى ثلاث اسر كبرى :-
. التسابيح . (2) صلوات الاستغاثة والثقة والحمد. (3) مزامير التعليم (1)
: التسابيح (1)
. هذه الأسرة ممثلة في مزامير منتشرة في جميع أجزاء المجموعة. ويرى الكثيرون أن معظم "التسابيح " الفت للخدمة الطقسية وعزفت بمناسبة أعياد إسرائيل . وهناك أسباب محتملة تمكننا من ربط هذا المزمور أو ذاك بعيد احتفالي معين ، ولكننا نعجز عن تعميم ذلك على جميع المزامير . فطابعها الجماعي بارز جلى يعبر عنه بالحوار وترنيم الجوقة واللازمة والهتاف والردة كآمين وهللويا . ويعبر أيضا عن المساهمة الجماعية بالموكب والطواف والتظاهر المهيب ، كالرقص والتصفيق والركوع والسجود
. للتسابيح نمط واحد عادة . فمنذ الأبيات الأولى نرانا أمام لازمة مختلفة الطول أو أمام هتاف يدخلنا في الموضوع ، فنرى صاحب المزمور يناجى نفسه تارة ويوجه نداءه طورا إلى جماعة المصلين أو إلى سائر فئات الشعب أو إلى عناصر الطبيعة (148) أو حتى إلى خدام العبادة في السماء (29و148). ومن شأن هذه الخدمة أن توجه وتخلق جوا من الابتهاج . وأحيانا يشير الشاعر ، منذ مطلع المزمور ، إلى دواعي التسبيح التي يفصلها في سياق القصيدة . وتختتم القصيدة بأشكال مختلفة، منها إعادة جزئية أو كاملة، أو تلخيص الدواعي ، أو عبارة من عبارات البركة ، أو صلاة أو أمنية . لكن هناك تنويعات تقضى على جمود هذا الإطار ، مردها اختلاف الأوضاع واختلاف الأشخاص الذين توجه إليهم هذه التسابيح ، فقد ترفع إلى الله أو إلى صهيون أو إلى الهيكل أو إلى الملك
. + أن الأناشيد الموجهة إلى رب العهد تكون مجموعة كثيفة (8و 19و 33و 1..و 1.3و 1.4و111و113و114و117و135و136و145- 15.وراجع 78و1.5). يتغنى إسرائيل بالإله الواحد الأزلي القدير العليم الخالق ، سيد التاريخ والوفي للشعب الذي اختاره لنفسه . وهذه التسابيح جواب الجماعة على كلام ربها ورد فعل شعب مازال يلتقي في تاريخه والإله الحي قائده ونصيره ومخلصه . وهناك مزامير تاريخية ، مثال 78و 1.5، تشيد وكأنها نشيد بما أجرى الله من مآثر و"عجائب" و"معجزات" ، نراها من خلال تاريخ . وهذه الأعمال الإلهية تبرز في أقوال وعلامات وتجليات ، كما أن الأقوال الإلهية تعادل الأعمال وما يحمل إسرائيل على التسبيح ليس نتيجة تفكير فلسفي ، بل هو صادر عن اختبار روحي
. أناشيد "الملك " : - (93و 96- 99) تشابه الأناشيد الموجهة إلى رب العهد . وقد جمعت في سفر المزامير ، نظرا إلى قرابتها الخاصة وطابعها الجامع ونظرا إلى الهتاف التالي العالي المدوى فى بعضها
. "الرب ملك " ( 93: 1 و96: 1. و 97: 1. و 99: 1). وهى تشيد بحرية بالله الجالس على عرشه ملكا وقاضيا لإسرائيل وسيدا للشعوب كافة لا شك في أنها نشأت ضمن إطار العبادة (96: 8 - 9 و 99 : 5) فالابتهاج يفيض في يوم التتويج ، حيث إسرائيل والشعوب والجزائر وعناصر الكون كلها ترفع الهتاف والتهليل. أترى هذه المزامير ، التي يشبهها بعض المفسرين بأناشيد التنصيب ، كانت تنشد في طقوس معروفة ، كعيد الأكواخ وعيد أورشليم وعيد رأس السنة ، الجواب غير أكيد ، إذ يرى بعض المفسرين صلات بينها وبين القسم الأخير من سفر اشعياء (راجع أش 52: 7) ويكشف البعض في هذه الأناشيد "الجديدة " (96: 1 و 98 : 1) أبعادا اخيرية .غير أن الحاضر ، في العبادة الإسرائيلية ، هو الماضي الذي اصبح حاليا والمستقبل المتبقي والطقوس ، بإحيائها الماضي ، تنعش الأمل والرجاء
. + أناشيد صهيون فتشيد بأورشليم وبهيكلها ( 46و48و76و84و87و122وراجع 24و68و132). وتضفي على صهيون صفات بهية مختلفة ، فهي عاصمة سلالة داود والعاصمة الدينية واقدس مساكن العلي ومدينة الملك العظيم . توجه هذه السلسلة من التسابيح آخر الأمر إلى الرب نفسه، فهو الذي اختار جبل صهيون مقرا له ومكانا لراحته. فالمزمور 132 ، الذي ربما انشد لإحياء ذكرى اختيار المدينة واختيار ملكها ، يبدو انه توسيع من خزف لما ورد في (2ملوك 7) . وصاحب المزمور (68) يروى ، في أسلوب ملحمي حافل بالذكريات المبهمة المأخوذة .من الأناشيد القديمة ، مسيرة تابوت العهد المهيب إلى مقره الأخير . والعاصمة الجديدة المبنية على الجبال المقدسة ، تطالب بلقب "أقاصي الشمال" (48: 3) الذي كانت الأساطير الكنعانية تطلقه على مقر البعل لا بل "سيناء في المقدس" (68: 18) فحضور القدير على الدوام ضمان لاستقرار هذه المدينة أمنها ، كي تصبح ملاذا منيعا . من هنا ينبع اطمئنان الشعب التام في أحرج المواقف . فأناشيد صهيون صيغ أولية لنوع من التصوف يسبغ الكمال المثالي على المدينة ، عاصمة الشعوب في المستقبل
. وهناك مجموعة من مزامير المراقي (المصاعد) (12. - 134) ينعشها الهام مماثل وقد جاء في المشنا أن اللآويين كانوا ينشدون على درجات باب نكانور الاربعة عشرة . ومن المسلم به أن الحجاج كانوا ينشدون هذه المزامير في أثناء "صعودهم " إلى أورشليم . وأيا كانت القرابة التي تربط بين هذه المزامير ، فإنها تظهر بمظهر فنون أدبية مختلفة وتتناول موضوعات متنوعة ، وهى قصيرة في اغلب الأحيان وترقى على الأرجح إلى زمن متأخر من العهود اليهودية
. + إذا كانت "مزامير الملك " تشيد بالملك الأمثل ، أي بالرب ، فالمزامير الملكية تعظم عوامل الملكية الزمنية (2و 18و 2. و 21و 45و72و89و1.1و11.و132و144). كانت الاحتفالات تقام في القصر الملكي وفى الهيكل بمناسبة التتويج والتنصيب وذكرى ارتقاء العرش وزواج الملك، أو قبل الذهاب إلى الحرب أو بعد الانتصار ، أو في المحنة وفى النجاح . وكانت الأناشيد تختلف باختلاف المواقف ، فهناك إكرام الملك وسلالته وهناك الترنيم والشكر والابتهال والدعاء والنبؤة .... الخ
ففي أناشيد المناسبات هذه تنوع وافر في البنية والموضوع والأسلوب والمتأثر بمراسم البلاط . وينشأ وجه الشبه بينها وبين بيئتها الأصلية ، أي البلاط ، ومن الشخص الموجهة إليه ، أي الملك . والإكرام المؤدى إلى رئيس الأمة يعود إلى الرب الذي باسمه تحكم هذه الأمة . فالملك هو ابن الله بالتبني ووريثه بما انه مسيح الرب فهو جالس عن يمين العلي ويستفيد من استقرار عرش داود وخلوده ، ذلك العرش الذي هو في الوقت نفسه "عرش ملك الرب على إسرائيل."
. (1 أخ 28: 5) وكثيرا ما يبرز في هذه المزامير ذلك الوعد الذي قطع لداود عن يد ناثان .( 20 : 6 - 7 و 45: 7و 89: 4-5و 20: 38)
. بين القصائد الملكية وأناشيد الملك وأناشيد صهيون علاقات وثيقة ، فان جميع هذه المزامير تحمل في طياتها وعدا بالاكتمال هو انتظار المسيح وانتظار ملك الله النهائي وانتظار المدينة المثالية
: (2) صلوات الاستغاثة والثقة الحمد
. تتناول هذه الصلوات تسبيح الرب القدير والعادل والمحسن والمطلق. ويجوز لنا أن نجمع هذه الأفرع الثلاثة في أسرة مميزة ، لأن لها سببا واحدا وهو حالة الضيق والشدة . فالاستغاثة شأن الصلاة التي تعبر عن الثقة ، ترافق اللازمة أو تسبقها ، وأما الحمد فهو وصف لانفراج الأزمة وشكر للمفضل الذي أنقذ منها . وقد يجمع في مزمور واحد ( 22و 30 و 31 و 54 و 56 و 61) بين الابتهال والثقة والحمد
. + مزامير الاستغاثة فردية كانت أم جماعية ، تحتوى على أربعة عناصر : دعاء باسم الله تليه صرخة توسل ، ثم عرض للأوضاع ، ثم ابتهال ، ثم يقين بالاستجابة . لكن هذا التصميم يقبل التنوع، فان صاحب المزمور قد يضيف العناصر أو يهمل بعضها الآخر ويغير ترتيبها أو يكرهها ولا عجب في ذلك أن تذكرنا أن فيض المشاعر لا يمكن أن يخضع لمنطق جامد
يبلغ عدد الصلوات الفردية وحدها ما يقارب ربع المجموعة
. (5و6و\7و13و17و22و25و26و28و31 و35و36و38و42و43و51و5475و59و61و63و64و69و7.=(4.:114-18) و 71 و86و88و1.2و1.9و12.و13.و14.-143) وان أردنا أن نتفهم تلك الصلوات ، ولا سيما صلوات المرضى وكل من يتعرض لخطر الموت و جب علينا أن نضع أنفسنا في مكان لأولئك البؤساء من وجهات نظر في الإطار الديني الاجتماعي الذي يحيط بهم ، إذ لم يكن لأصحاب المزامير من سبيل إلى التمتع بالسعادة إلا في "ارض الأحياء" (27: 31)
أما الصلوات الجماعية للاستغاثة
. (12و 44و58و6.و74و79و8.و83و85و9.و94و1.8و123و133و137 وراجع 77و82و1.6و126). وهى مبنية على الطريقة عينها ، فأنها وليد الكوارث التي تحل بالجماعات، كالهزيمة العسكرية والغزوات والمجازر والتخريب وتدنيس الهيكل وجور الكبار على الصغار وتحكم الكافرين بالأبرار وطغيان السلطات القائمة . كان إسرائيل يشكو من الظلم فيتوسل إلى الرب معددا شتى المراحم التي من شأنها أن تحمل هذا الرب على إغاثته : فكان يتذرع بالبراءة (44: 18) أو يعترف بخطيئته (79 : 8-9) أو يتذكر مآثر الماضي (44: 2 - 9و74: 2و12-17) ولاسيما العهد المقطوع ( 74: 2.) فالأمر في النهاية يتعلق بكرامة الله (74 : 18 و 79 : 1.و12) وأمانته وإخلاصه لإسرائيل ( 44: 27) ولا فرق بين قضية الشعب وقضية الرب
. + الثقة هي الحافز في صلوات الاستغاثة ، تحتل المرتبة الأولى وتغذى الموضوع السائد في بعض المزامير (3و4و11و16و23و27و62و121و131وراجع 91). لعل هذه الأناشيد ، وهى ذات أهمية روحية كبرى ، صادرة عن بيئات لآوية . ففيها يتغنى أصحاب المزامير بأمانيهم في السلام والفرح ( 23: 4 - 5 و 27: 1 -3 وراجع 3 : 7و 4: 9و131 : 2 - 3) وبألفتهم الدائمة لله (16 : 5 -11) ويعلنون إيمانهم ( 16 :2 و 4- 5 والمزمور 62) ويدعون أبناء بلدهم إلى الاقتداء بما خبروه . وغالبا ما يجمعون بين الفرح والأمان الصادرين عن الاتحاد بالله والهيكل حيث يتجلى الرب (11: 7و 16 : 11) وحيث يستجيب المؤمنين اللاجئين إليه ( 3 : 5و11 : 4و 23 : 6و 27 : 4) . والمزامير 115و125و129) تعبر عن هذه الثقة الجماعية
. + صلوات الحمد الفردية قليلة نسبيا (9و1.و3.و32و34و4.: 2 -12و41و92و116و138وراجع 1.7). سبق أن وجدنا في صلوات الاستغاثة إعلانا وصيغا أولية للشكر (22 : 23- 32)و 56: 13 -14) فبعد أن يكون المؤمن قد نال من لدن الله ما طلبه ، كان يصعد إلى الهيكل ليضع نذوره ، يرافقه أقرباؤه وأصدقاؤه . يبدو جليا إذا أن مزامير الشكر ، فردية كانت أو جماعية تتأصل في حفله طقسية (66و67و118و124وراجع 65و78) وهذه هي عادة أهم العناصر التي يتكون منها : تبتدئ بالمقدمة أو إعلان ( 9 : 3 - 12و 92: 2 -7و118: 5-18) ، ثم يذكر صاحب المزامير المخاطر التي تعرض لها والصلاة التي رفعها في المحنة والانقلاب الذي طرأ على أوضاعه بفضل عون الرب القدير . ويختم بدعوة يوجهها إلى الحاضرين ، والمزمور 1.7 يسترعى انتباهنا بوجه خاص . ففي هذه الرتبة الطقسية يتعاقب بقيادة متقدم، أربع فئات من أصحاب الامتيازات ، هم قواد قافلات عادوا من الصحراء وأسرى أخلى سبيلهم ومرضى نالوا الشفاء وناجون من البحر . ونشعر أيضا بتأثير الليترجية في المزمور 118 ، فهو يعبر عن شكل صلاة حمد فردية عن امتنان إسرائيل لمخلصه
: مزامير التعليم (3)
. في الأسرتين السابقتين مواد حكميه وتعليمية لا يستهان بها . ولكن بعض المزامير موجهة توجيها خاصا نحو التعليم (راجع العناوين "للتعليم " 6. : 1) وطريقة التعليم هذه لا ترتبط بفن أدبي واحد ، فأصحاب المزامير يلجئون إلى أساليب متنوعة ، كالدرس التاريخي والوعظ على طريقة الأنبياء والتنبيه الطقسى والتفكير الحكمى في أمور الأخلاق ....الخ. وهم يقتدون بالحكماء فيستعملون الأمثال والفنون الأدبية كالترتيب الأبجدي (37و112و119) الذي يساعد على الاستظهار وربما يعنى انهم قالوا كل ما أرادوا أن يعلنوه . فالرابط بين مزامير هذه الأسرة رابط مرن يسهل البلوغ إلى الغاية التربوية
. + هناك ثلاثة مزامير (78و1.5و1.6) مسهبة عن التاريخ المقدس ، تتناول موضوعاته الرئيسية ، من تقليد آباء يغلب فيه ذكر الوعد والعهد المقطوع (1.5) وخروج من مصر ترافقه العجائب وسير في البرية وتجل إلهي على جبل سيناء ودخول في ارض الموعد (78و1.5و1.6). لا يقتصر أصحاب المزامير على تعداد الأحداث ، بل يبرزون معانيها وهى مفاخر الرب (78: 4و 1.5: 1و5) وكل ما يشهد على أمانة الله وإخلاصه وصبره ورحمته . وهذه النظرة إلى الماضي تفرض مواقف عملية ، كما يبينها سفر التثنية . وقد ينتهز صاحب المزمور مناسبة كالوصول إلى باب المقدس (راجع 24: 7و118 : 2.) ليعيد إلى الذاكرة ما يلزم من الشروط لدخول الهيكل المثول في حضرة الله
. + وهناك عظات نبوية (14و5.و52و53و75و81وراجع 95) تتخللها أقوال إلهية من وعد ووعيد ، على طريقة سفر التثنية (81) ، وتشدد على التقوى الحقيقية وعلى متطلبات العهد ، وتندد بالكفر والفساد (14و52و75) فالمزمور 5. يستنكر الاعتقاد والشعب بما ينسب إلى الذبائح من فعالية تلقائية غير مرتبطة بالشروط الأخلاقية . لأن الرب ليس مدينا للإنسان ، بل الإنسان هو المدين للرب
. + أخيرا ، هناك أسرة من المزامير تستحق كل الاستحقاق أن تدعى مزامير تعليم (1و 37و 49 و 73و112و133وراجع 128و 139). وبين الموضوعات التي تتناولها هذه القصائد الحكمية ، يحتل موضوع الشريعة مكانة مميزة (1و 119 وراجع 19 : 8 - 14) . فان تأمل فيها المؤمن بمحبة ، كانت له ينبوع خيرات لا ينضب . لا يزال أصحاب المزامير يعلنون سعادة الأبرار وهلاك الأشرار فيثيرون هكذا مسألة الثواب . كانوا يرون أن الواقع لا يتفق دائما مع التعليم التقليدي ، إذ أن الكفار كانوا ينجحون والأبرار يخفقون ، وهذا ما كان يقلق المؤمنين . فيطلق بعض أصحاب المزامير من جرائها صرخات شعب يائسة ويمرون بأزمة إيمان حقيقية (73) ، لكن المحنة تستحثهم وتساعدهم على إرهاق أفكارهم ومشاعرهم . فهل كانوا يحسون بثواب يعيد في الآخرة ما فقد من التوازن في هذه الدنيا ؟ ولعلنا نستشف من بعض التأكيدات غير الواضحة مالا تشير 1لى ذلك الثواب (49: 16 و 73 : 24 وراجع تكوين 5 : 24و 2 أخ2: 1-11)
: سفر المزامير بين الأمس واليوم
: في أواسط القرن الثاني قبل الميلاد ، ترجم النص العبري من المزامير إلى اليونانية لأجل اليهود المشتتين ، وهى الترجمة التي يقال لها السبعينية . وضع سفر المزامير بين سفر أيوب وأسفار الأنبياء وكان يحتوى مزمورا إضافيا (151). أما ترقيم المزامير في هذه الترجمة فلا يطابق تماما ترقيم النص العبري المسورى. فهناك مزمور واحد في النص العبري يقسم إلى مزمورين من هذا يتكرر مرتين (116و147). وعلى عكس ذلك مرتين أيضا مزمور أن من المجموعة العبرية في مزمور واحد من الترجمة السبعينية (9و1.و113و114) . ويمكن الاطلاع على هذه الفوارق في الجدول الآتي
النص العبري النص اليوناني واللاتيني الشائع
1الى 8 1 إلى 8
9 و 1. 9
11 إلى 113 1. إلى 112
114 113
116 114 و 115
117 إلى 146 116 إلى 145
147 146و 147
148 إلى 15. 148 إلى 15.
. نتبنى نحن في ترجمتنا العربية الترقيم العبري
: في المجموعة العبرية مزامير لا عنوان لها ، تدخل عليها في الترجمة السبعينية تمهيدات جديدة
. 84 مزمورا تنسب إلى داود ، وأخرى إلى كتبة مختلفين ، إلى ارميا وحزقيال وزكريا وحجاي ويوناداب ، تضاف إليها أحيانا معلومات غير معروفة عن ظروف تأليف المزامير . وأصحاب الترجمة السبعينية يفسرون على طريقتهم ما في العناوين العبرية من دلالات غامضة . أما ترجمتهم فتمكن ، بالرغم من بعض القراءات الخاصة بها ، من الوصول إلى نصوص تبدوا أصح مما ترد في الأصل العبري . وهذه الترجمة لا تزال الترجمة المعتمدة في الكنائس اليونانية وفى الترجمات الرسمية التي تحتفظ بها الكنائس الشرقية
. لم يكف إسرائيل يوما ، عبر تاريخه المضطرب ، عن تلاوة المزامير وترنيمها والتأمل فيها ، بمناسبة أعياده الوطنية والدينية ، وفى طقوس المجمع وفى منازله ، حتى انه قيل أن اليهود يولدون وفى أحشائهم هذا الكتاب
. أما في العهد الجديد ، فان المزامير تحتل مكانة مرموقة ، يستشهد بها اكثر من مائة مرة . ويسوع نفسه يستشهد بالمزمور 11. (متى 22: 41-46) لإثبات ما للمسيا من منزلة رفيعة ، كما انه يتلو مع تلاميذه أناشيد "هلل" التي كانت تختم عشاء الفصح (متى 26 :3.). ويتلو ، وهو على الصليب ، مطلع المزمور 22 (متى 26 :46) ، ويلفظ نفسه الأخير وهو يتلو آية من آيات المزمور 31 (لو 23: 46). وقد جرت العادة عند المسيحيين الأولين أن يتلوا ويرنموا المزامير (1كو 14 : 26 وأف 5 : 19 وكو3 : 16 ويو 5 : 13) وانتشرت هذه العادة في وقت مبكر ضمن العبادة الخاصة
. أجيال من المؤمنين ، يهودا أو مسيحيين من جميع الطوائف ، استوحوا المزامير . في صلاتهم وحياتهم . وقد ألهمت هذه النصوص الكتابية ، منذ زمن آباء الكنيسة في كثير من المواعظ والشروح أنعشت تقوى الأفراد والجماعات وحملت المعلمين على الغوص في شتى البحوث التفسيرية . أجل إن التقوى الأصيلة الصادقة تنبع من القلب ولا تتغذى بالعبارات الأدبية المبتذلة لكن سفر المزامير لا يأتينا بصلوات جاهزة بل يحدو بنا إلى ابتكار صلواتنا ويمدنا بفيض من الأناشيد الجديدة
وليكن ... اله داود ..إله مرنم إسرائيل الحلو.. لذة لقلبك . بأن تعرفه هو الإله الحقيقي وحده .آمين.
صديقي ....... صديقتي
.. هذا بعض من كثير ، يمكنك أن تطلب المعرفة فتجد ، فما أمتع التلذذ بمعرفة الله
. ندعو الله الواحد .. الأحد .. أن يلهب قلبك باشتياق معرفة في المسيح يسوع
آمين
شكرا على المعلومات دى يا تسونى
صلى لضعفى `17`
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.