اهدأ وابتهج

في عالمنا اليوم، يبدو أن كل الناس يرزحون تحت وطأة الضغوط التي أصبحت جزء طبيعي من الحياة اليومية.
وكلما استطعنا إبقاء هذه الضغوط في إطار حدودها المعقولة، لا توجد مشاكل، ولكن عندما نسمح لهذه الضغوط أن تتعدى الحدود المعقولة، فعندئذ تبدأ المشاكل.
إن الكرسي على سبيل المثال صُمم حتى نستطيع الجلوس عليه، كما أنه صُمم لتحمل مقدار معين من الوزن، فإن أحسنا استخدامه، دام لفترة طويلة، ولكن إن وضعنا عليه أثقالاً تفوق قدرة احتماله، تهالك سريعاً وربما تحطم بالكامل تحت وطأة هذا العبء. وبنفس الطريقة تم تصميم كل شخص فينا بقدرة تحمل معينة سواء على المستوى الجسدي أو الذهني أو النفسي.
وتظهر المشاكل عندما نسمح لأنفسنا أن نرزح تحت أثقال وأحمال أكثر من التي نستطيع احتمالها. من بين الكلمات التي قل استخدامها هذه الأيام كلمة "تدبر أو تعقل" وتعني الإدارة الحذرة: الاقتصاد.
والشخص المُدبر في كلمة الله هو الوكيل الذي يحسن إدارة المواهب التي أعطاها له الله لكي يستخدمها.
ومن بين هذه المواهب الوقت والطاقة والقوة والصحة وأيضاً الممتلكات المادية وتشمل أيضاً أجسادنا وعقولنا وأرواحنا.
وكما أن كل شخص منا قد أُعطي مواهب مختلفة، هكذا أيضاً تختلف مستويات القدرة على إدارة هذه المواهب من شخص لآخر، فبعضنا يستطيع إدارة واستخدام مواهبه أفضل من الآخرين. لذلك يحتاج كل منا أن يعرف حدوده وأن يعرف مقدار الضغط الذي يستطيع أن يتحمله.
علينا أن نميز حالتنا عندما نكون قد وصلنا إلى أقصى درجات الاحتمال أو عندما نكون محملين بأعباء وضغوط أكثر من احتمالنا.
فبدلاً من أن نضيف أعباء أخرى على حياتنا لمجرد إرضاء الآخرين أو إشباع رغبات شخصية للوصول إلى أهداف معينة، نحتاج أن نستمع لصوت الله ونطيع ما يقوله لنا وننفذه. فإن أردنا أن نستمتع بحياة مباركة، علينا أن نتبع حكمة الله لنا.
هل تعلم أن أي شيء، صغير كان أم كبير، يمكن أن يسبب نوع من أنواع الضغوط؟ وهل تعلم أن الأشياء التي تسبب لك ضغوطاً قد لا تسبب أي ضغط لشخص آخر؟ وهل تعلم أن ما يقلقك الآن قد لا يسبب لك أي مشكلة في المستقبل؟ وهل تعلم أن مسببات الضغوط يمكن أن تكون أشياء كبيرة كما يمكن أن تكون أشياء صغيرة جداً؟ فمثلاً، قد تذهب إلى المتجر وتشعر بالضجر والضيق بسبب ارتفاع الأسعار.
أيضاً قد تكون عملية دفع قيمة المشتريات أحد الأشياء التي تسبب لك ضغطاً وبالأخص عند اجتيازك أزمة مالية. وأثناء الدفع، قد تنفذ العملات الصغيرة من المحصل فتنتقل لتقف في طابور آخر لتكتشف أن هناك خمس سلع بدون سعر فيقوم المحصل بالتفتيش عن السعر مما يزيد من طول فترة انتظارك ويزداد عدد الواقفين خلفك.
كل هذه الأشياء الصغيرة والتي تبدو ظروفاً عفوية يمكن أن تتراكم لتجعلك تشعر وكأنك ستنفجر من كم الضغوط الواقع عليك.
ولا يستطيع أي شخص أن يتخلص من كل الأشياء التي تسبب الضغوط في الحياة، كبيرة كانت أم صغيرة.
لذلك علينا أن نتعلم أن نكون مدبرين حكماء فنحدد ونعرف مصادر الضغوط التي تؤثر علينا ونتعلم كيف نتجاوب معها بطريقة صحيحة. علينا أيضاً أن نعرف حدودنا فنتعلم أن نقول لا لأنفسنا وللآخرين. فإن لم نحسن التعامل مع مسببات الضغوط، فقد ينتهي بنا الحال عند الانهيار التام.
ولأن أي منا لا يستطيع أن يقلل أو يمحو الكثير من مسببات الضغوط في حياتنا، لذلك علينا أن نبذل الجهد الواعي لتقليل آثارها السلبية علينا.
فعندما نكون غير قادرين على التحكم في كل ظروف حياتنا، علينا أن نتكيف ونطوع نظرتنا لها حتى لا تسبب لنا ضغطاً. والغريب أن الجو العام لعالمنا اليوم محاط بالضغوط ولكن إليك هذا النبأ السار، نحن غير مضطرين للسلوك بحسب نظام هذا العالم، فلا يجب أن نسلك نحن مثل بقية أهل العالم الذين لا رجاء لهم أو سلام. إن رد فعل العالم تجاه الضغوط هو الحزن والاكتئاب، أما رد فعلنا نحن فيجب أن يختلف تماماً.
يجب أن نغير من اتجاه قلوبنا، فلقد لاحظت أن اتجاه القلب الصحيح تجاه المواقف يمكن أن يغير المواقف بأكملها.
فبدلاً من الشد العصبي والتوتر، أحاول تهدئة نفسي والتفكير بطريقة منطقية موضوعية في الموقف الذي أنا بصدده. لقد لاحظت أن محاولة حل مشكلة ما وأنا متوترة ومضغوطة يجعلني أخسر المعركة قبل بدئها.
لذلك عزمت أن أرفض أن تُملي عليّ الظروف المشاعر التي يجب أن أشعر بها. نعم، قد لا أستطيع السيطرة على الموقف ولكني أستطيع السيطرة على الطريقة التي أتجاوب بها معه.
لذلك، خذ خطوة هجومية واختر الاتجاه والنظرة الصحيحة التي يجب أن تكون لديك. بهذه الطريقة تكون أنت سيد الموقف وتكون قد فتحت الباب أمام الله لكي يعمل في حياتك ويعينك.
تستطيع أنت أيضاً أن تُهدأ نفسك وتبتهج. لماذا لا تجرب الأمر، أؤكد لك أنك ستستمع به.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010