طاتباني الشهيدة

طاتباني الشهيدة


شوق نحو الإكليل في مدينة روما التهبت نيران الاستشهاد عام 226م على يد الملك الشرير الكسندروس قيصر. سمعت هذه العذراء فالتهب قلبها شوقًا نحو التمتع بإكليل الاستشهاد. انطلقت إلى شوارع روما حيث لاحظت أن أحاديث الناس قد تركّزت في آلات التعذيب، التي يعدّها الملك لمن يعترف باسم السيد المسيح. أما هي فلم تنشغل بذلك بل كان كل ما يشغلها هو التمتع بالإكليل السماوي مهما تكن التكلفة. سارت في شوارع روما تحمل على صدرها صليبًا كبيرًا، فألقى الجنود القبض عليها، وقيدوها بالسلاسل وقادوها إلى الوالي. لم ترتبك العذراء ولم تخف الملك بل اعترفت بإيمانها أمامه. أما هو فلاطفها كثيرًا لعلّه يقدر أن يثنيها عن إيمانها وتقوم بتقديم الذبائح والبخور للأوثان. حوار مع الوالي لم تجد الملاطفة مع هذه العذراء الراسخة في إيمانها، بل حسمت الأمر بقولها. إني لن أتزعزع أبدًا عن عبادة الله مخلّصي، بل أقدّم ذبيحة الشكر للّه العظيم، خالق الكل، ومخلّص الجميع. إني أتمسك بعبادته وحده إلى الأبد. إنك بهذا الإصرار يا طاتباني إنما تُعرّضين نفسك لعذابات شديدة، وتجتازين غضبي. ولن يستطيع أحد أن يخلّصك من يدي، سوى طاعتك لأوامري، وتنازلك عن عنادك، وسجودك للآلهة. بهذا تريحين نفسك، وأُطلق سراحِك. أتظن يا أيها القاسي القلب أني أفزع من عقوباتك وأنا مؤمنة بأن إلهي الصالح يُقوّيني، ويرسل لي عونًا من قدسه حسب عِظم معونته، إنني أعلم أنه ليس لك سلطان إلا على جسدي وحده، فافعل به ما يحلو لك. أما نفسي فليس لك عليها سلطان. وأنا مستعدة لاحتمال أي عذاب يؤهلني أن أستريح مع العذارى الحكيمات. تعذيبها قاست هذه العذراء الكثير على يديّ الوالي، فأمر بتمزيق جسمها النحيل بأمشاط حديدية، وسال دمها على الأرض. أما هي فكانت في صبر تشكر الله إلهها الذي أهّلها أن تنال بركة الألم من أجل اسمه. بينما كانت الدماء تسيل من جسمها ألقاها الجنود في سجن مظلم لكي تموت هناك. كانت العذراء تصلي والدم ينزف من جسمها، فظهر لها ملاك الرب وأعطاها السلام وشفى جراحاتها. في الغد جاء إليها أحد الجنود لكي يحمل للملك البشارة بموتها، لكنه دُهش إذ رآها تقف للصلاة، ولا تحمل أي آثار للجراحات. تطلّع إليها فلاحظ علامات السلام الداخلي والفرح تعلو على ملامحها. صرخ الجندي معترفًا بإله هذه القديسة، وإذ سمع المسجونون هذه الصرخة تساءلوا عن السبب، وآمن كثيرون منهم بالسيد المسيح. أمر الوالي بقطع رؤوسهم. صداقة مع الأسد الجائع أراد الوالي أن يجعل من هذه العذراء عبرة لكل من يؤمن بالسيد المسيح، ويرفض عبادة الأوثان. طلب أن يحضروا أسدًا ضاريًا، ويُترك بلا طعام لمدة ثلاثة أيام، ثم يطلق على هذه العذراء في ساحة الاستشهاد أمام الجماهير ورجال الدولة. جاء الموعد المحدد، وكان الكل يترقب لحظة انطلاق الأسد الجائع ليلتهم هذه العذراء. بينما كان الكل يترقب هذه اللحظة وقفت القديسة تصلي في وسط الساحة وقد وهبها الله نعمة الثبات. وظهر على ملامحها السلام الحقيقي. انطلق الأسد الجائع وقد هزّ الساحة بزئيره وسرعة انطلاقه ليفترس أحدًا. لكن صُعق الكل حينما رأوه قد انطلق نحو هذه العابدة لينحني برأسه في خشوع ويُعلق بلسانه قدميها كقطٍّ أليف يود مداعبتها له. صرخ كثيرون معترفين بإله القديسة طاتباني، وأمر الوالي بقطع رؤوسهم. اتهامها بالسحر لم يكن أمام الولاة والقضاة وسيلة لتبرير ضعفهم أمام عمل الله في حياة الشهداء سوى اتهام الشهداء بالسحر. هكذا اتهم الوالي هذه القديسة. أمر الوالي بتجهيز أتون نارٍ ضخم للغاية. وأمر جنديين أن يدفعا بالقديسة في الأتون. أُصيب الجنديان بحروق خطيرة بسبب شدة الحرارة، لكن الله الذي أنقذ الثلاثة فتية من أتون النار أنقذ طاتباني. شعر الوالي بالخزي الشديد، فأمر بقطع رأس القديسة، ونالت إكليل الاستشهاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010