إن المرادف لكلمة مجوسى فى العهد القديم كلمة عراف أو ساحر، و هى كلمة فارسية و تعنى الرجل الحكيم، الذكى، ذو المهارات الخاصة. و لقد ورد ذكرهم أيضاً فى سفر دانيال. و أول ذكر للمجوس فى العهد الجديد كان فى قصة ميلاد رب المجد يسوع المسيح بالجسد، إذ ذكر أنهم أتوا من المشرق لينظروا الملك المولود. و المجوس هم أناس عاشوا فى منطقة بابل و آشور و بابليون الشرقية (و هى غير بابليون مصر). و لكن لا يوجد أى دليل أو ذكر عن بلدهم سواء فى الكتاب المقدس أو فى التقليد الكنسى.
و كلمة مجوس باللغة الانجليزية هى Magi و هى جمع كلمة Magus أو Magos حسب الترجمة اليونانية، و نلاحظ أن كلمة magi تشبه إلى حد كبير كلمة magic - أى سحر. و لكن هؤلاء المجوس لم يذكر أنهم مارسوا أى نوع من السحر أو القوى الخارقة للطبيعة، بل لقد ذكر عنهم أنهم أتوا ليسجدوا بتعبد و خشوع للملك المولود. و يبدو أنهم بحثوا فى العهد القديم و ربطوا النبوءات الخاصة بميلاد السيد المسيح بنبوءات المجوس الذى سبقوهم عن ظهور نجم فى السماء كعلامة لميلاد المخلص. و هؤلاء المجوس لم يتربحوا من زيارتهم لرب المجد يسوع المسيح و لم يجنوا سوى البركة - و هى لا تقدر بثمن - بعد تعب مشقة السفر آلاف الأميال، ناهيك عن المصاريف و المتاعب التى تكبدوها بالاضافة إلى الهدايا التى أحضروها.
و فى الحقيقة لا يوجد أى ذكر عن عدد المجوس سواء كانوا ثلاثة أو أكثر أو أقل. لقد إفترضنا إنهم ثلاثة مجوس من عدد الهدايا التى قدموها (ذهب و لبان و مر)، و لكن ربما كانوا أكثر من ثلاثة سافروا معاً. ثم أن كلمة ذهب و لبان و مر تعنى نوعية الهدايا، و لكن قد يكون أكثر من واحد قدموا ذهباً، و كذلك بالنسبة للبان و المر.
و هؤلاء المجوس لم يصلوا قبل مرور ما يقرب من سنتين من ميلاد رب المجد يسوع المسيح، بدليل أن الكتاب المقدس يذكر أنهم رؤوا يسوع الصبى، و ليس الطفل المولود.
أيضاً لم يذكر الكتاب المقدس وسيلة مواصلات هؤلاء المجوس سواء كانت الجمال أو غيرها. حتى الرسومات التى تصورهم يركبون الجمال هى صور إفتراضية فقط لأن نوعية الجمال التى يركبونها أفريقية و المفترض أنهم من آسيا (حيث يوجد الجمل ذو السنمين و ليس السنم الواحد). أيضاً لم يذكر إنهم كانوا ملوكاً أو كهنة أو مجرد مجوس عاديين، و هذه أيضاً إفتراضات الفنان الذى رسم الصور التى إستشفها من طبيعة الهدايا التى قدموها. كما يذكر التقليد أسماءهم: الملك غاسبار, و هو من الشعوب السوداء, الملك بالتازار, و هو من الشعوب الصفراء, والملك ملكيور( ملكون بالسريانية الآرامية) و هو من الشعوب البيضاء, الجدير بالذكر أن الهند و فارس هي منطقة تحوي أناساً من الأجناس الثلاثة الكبرى المذكورة, البيضاء في الغرب , الصفراء في الشرق والسوداء في الجنوب. أما فى الغرب فلهم عليهم أسماء أخرى.
هذه هي قصة المجوس باختصار, يميل التقليد- منذ القرن الميلادي الثاني- إلى اعتبار هؤلاء المجوس ملوكاً, ربما ليربطوها بقول المزمور "ملوك ترشيش و الجزائر يحملون له الهدايا. ملوك العرب و سبأ يقربون له العطايا. له يسجد جميع الملوك و له تتعبد كل الأمم" (مز 72 : 10)
2- النجم العجيب
هناك عدة نظريات بخصوص ماهية طبيعة النجم العجيب و وقت ظهوره، و كلها مرتبطة بكوكب المشترى من بين آخرين. و لقد تم مقارنة ما قيل فى الكتاب المقدس بما سجله علماء الفلك الصينيون و آخرون. و أول من رأى النجم هم العلماء المجوس الذين عاشوا - طبقاً لهيرودوت صاحب المقولة الشهيرة مصر هبة النيل - فى فترة القرن السادس قبل الميلاد بمنطقة فارس. و طبقاً للبحوث التى تمت بشأن النجم فان هؤلاء المجوس قد رأوا شئ غريب فى السماء على هيئة نجم جديد يعلن قدوم مخلص للعالم و هى تمثل روح غريبة وفدت إلى كوكب الأرض لتقوم بعمل توازن روحى فى وقت ظهور النجم طبقاً لدراسات المجوس.
و لقد إعتبرت الدراسات و البحوث نجم بيت لحم كأسطورة أو معجزة تتخطى حاجز العلم و نظريات علوم الفلك. و لقد تمت الدراسات البحثية لتثبت - أو تنفى - إن كانت هذه نظرية متكررة الحدوث و لو حتى كل بضعة ملايين من السنين، أم هى فعلاً عمل معجزى خارق للطبيعة و نظريات الفلك و حركة الكواكب و النجوم. فلو ثبت أنها حدث متكرر حتى لو كل بضعة ملايين من السنين فسيكون هذا النجم مجرد صدفة لا أكثر حدثت وقت ميلاد رب المجد يسوع المسيح، و هو ما لم يتم إثباته حتى الآن بالرغم من تطور المعدات و التكنولوجيا.
و يذكر معلمنا مار متى الانجيلى فى إصحاح 2 من عدد 2 حتى 11 قصة النجم العجيب و كيف رآه المجوس فى المشرق و كيف سافروا خلفه حتى وصلوا إلى قصر هيرودس حيث سألوا عن مكان ميلاد ملك اليهود إلى آخر الحكاية حتى وصلوا إلى حيث يوجد رب المجد يسوع المسيح فى بيت لحم.
و يوجد ثلاث خصائص تميز النجم العجيب حسبما ذكر معلمنا مار متى البشير: فهو نجم جديد ظهر فى السماء، سافر متقدما مع المجوس عكس حركة النجوم الطبيعية، و وقف فوق المكان الذى يوجد فيه الصبى يسوع المسيح.
أولا: نجم جديد
إن ظهور نجم جديد فى السماء يعنى وصول ضوءه إلى كوكب الأرض، و هذا يعنى أن ما نراه هو أثر النجم لأنه ربما يكون موقع النجم الحقيقى قد تغير قبل وصول ضوءه إلى كوكب الأرض بعد رحلة سفر تقدر بالسنين الضوئية حسب مسافة كل نجم من كوكب الأرض. فظهور هذا النجم الغريب الجديد فى كبد السماء يعنى شئ من إثنين: إما أن هذا النجم قد أعده الله منذ ملايين السنين ليصل ضوءه إلى كوكب الأرض فى حينه ليعلن ميلاد المخلص و يرشد المجوس إلى بيت لحم، و هو ما يثبت تخطيط على مدى بعيد جداً من الله لعملية الخلاص. أو أن هذا النجم ظهر على مسافة صغيرة جداً من كوكب الأرض و كان ظهوره مواكباً لميلاد رب المجد يسوع المسيح و هذا فى حد ذاته عمل معجزى. فمن المفروض أن هذا النجم لو كان دخل الغلاف الجوى للكرة الأرضية لأحترق. كما أن العجيب فى هذا النجم أنه ظل ظاهراً بالنهار و الليل ليرشد المجوس عبر رحلة سفر طويلة، فهل كان ضوءه أقوى من ضوء الشمس و القمر؟ و إلا فكيف نفسر أنهم كانوا يرونه خلال ترحالهم؟!
ثانياً: يسير عكس الحركة الطبيعية للنجوم
فى الواقع أن الأرض هى اللى تتحرك بالنسبة للسماء فيحدث أن نرى و كأن الشمس أو النجوم هى التى تتحرك. و بناء على إتجاه دوران الأرض فإن السماء بما فيها من كواكب و نجوم تبدو و كأنها تتحرك من الغرب إلى الشرق. أما هذا النجم العجيب فقد ظهر فى أرض فارس - أو الهند - و ظل مرافقاً لرحلة المجوس غرباً إلى بيت لحم. و بهذا يتضح أن النجم كان يتحرك من الغرب إلى الشرق و هو عكس الحركة الطبيعية للنجوم. فلو فرضنا أن ظهور النجم هو مصادفة بحتة، فماذا عن حركة و خط سير هذا النجم؟!
ثالثا: كان يتقد المجوس فى سيرهم
ألم يتوقف هؤلاء المجوس ليأكلوا و يناموا و يستريحوا؟! فكيف كانوا يستأنفون السير و ما زال النجم معهم يرافقهم إن لم يكن يتوقف بوقوفهم و يسير بمواصلتهم السير؟! أيضاً لقد توقف هذا النجم عن السير حينما دخل المجوس قصر هيرودس و واصل سيره حينما خرجوا و تقدمهم فى المسير. فكيف يكون هذا؟! أضف إلى ذلك لو إفترضنا إن النجم كان كبيراً و عالياً فى السماء حتى أنه لم يكن يسير و لا يتقدم المجوس فى سيرهم - بل أنهم رأوه فوق بيت لحم من مكانهم و ضبطوا معدات الملاحة الخاصة بهم و سافروا فى اتجاه النجم، فكيف له و هو بهذا الحجم الكبير و العلو فى السماء أن يشير تحديداً إلى بيت أو مغارة صغيرة فى بيت لحم و هى القرية الصغيرة جداً. كيف لهذا النجم أن يحدد هذا المكان بدقة متناهية؟! إن القمر - و هو أقرب جسم سماوى من كوكب الأرض - حينما يوجد فوق مدينة نصر - مثلاً - فهو يعلو الحى بأكلمه و ليس منزل بعينه. فكون هذا النجم يشير إلى مكان محدد جداً حيث يوجد الصبى يسوع المسيح هذا دليل على قربه من سطح الأرض جداً مما يشير إلى إنه كان مرافقاً للمجوس طوال الرحلة يسير و يتوقف معهم.
مما سبق فنحن أمام ظاهرة فلكية غير طبيعية حدثت بصفة إستثنائية لتقود جماعة من العلماء الوثنيين إلى حيث يوجد صبى صغير. فمن يكون هذا الصبى سوى رب المجد يسوع المسيح، و إن كان يسوع نبياً فمَن مِن الأنبياء أعلن الله ميلاده بهذا الشكل العجيب؟!
الخلاصة: المولود من الأب قبل كل الدهور أتى و تجسد من العذراء.
كل عام و أنتم بخير
ســــــلام ونعمة ليكم
شكرا ليك ياأخ حازم معلومات جيدة جداً
شكرا ليك ياأخ حازم معلومات جيدة جداً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.