البابا شنوده الثالث ... قصة حياته

البابا شنوده الثالث ... قصة حياته
======================

نشأته
===========

لقد نشأ نظير جيد فى أسرة غنية فقد كان والده المرحوم جيد روفائيل من أغنياء الصعيد، فقد ورث عن والده 125 فدان فى قرية سلام مركز أسيوط وكان الجد روفائيل يملك 500 فدان من أجود أراضى الصعيد.........

أما الوالدة فهى المرحومة بلسم جاد، فهى من أبنوب حمام وكانت ترث عن والديها 30 فدان...ولكنها إنتقلت إلى السماء بعد ولادة إبنها نظير متأثرة بحمى النفاس سنة 1923م ؛ وتركت الرضيع نظير بدون أم، فتولت شقيقتة الكبرى المتزوجة إرضاعة وكان والده يؤجر له المرضعات.

وكانت العائلة تتكون من خمسة شقيقات متزوجات وشقيقين هما الأستاذ روفائيل بالمعاش والأستاذ شوقى أستاذ أول الفلسفة.

طفولتة

انتقل الأخ روفائيل إلى مدينة دمنهور حيث كان يعمل بوزارة المالية وصممت زوجته أن تأخذ معها الطفل نظير لتعتنى به بنفسها، وأيضاً رافقهم الأخ شوقى...ودخل نظير مدرسة الأقباط الابتدائية بدمنهور وكان ترتيبة الأول فى كل سنة.

وكانت حياة نظير هادئة وبسيطة، وكان يحترم أشقاءه الكبار احتراما كبيراً، فكان لا يناديهم بأسمائهم العادية، بل دائماً يسبقها كلمة أستاذ أو أخويا فلان؛ حتى مع أخيه شوقى الذى يكبره بخمس سنوات فقط، وكان هذا من حبه لهما وليس ناتج عن إى خوف فهو جرىء منذ صغره ولا يخاف إلا الله وحده.

فترة شبابة

أنتقل الشقيق الأكبر روفائيل إلى بنها فالتحق نظير بمدرسو الأمريكان ببنها، ثم انتقل أخوه إلى مصر ليعمل رئيس قسم بوزارة المالية وسكن بشبرا؛ وكانت هذة الفترة حساسة فى حياتة نظير فكانت الرشوة والفساد منتشرة وأعجب بمكرم عبيد فى أحدى خطبه، فأراد نظير أن يتعلم الشعر والخطابة، وفعلاً ذهب إلى دار الكتب فى فترة الأجازة لكى يدرس عروض وبحور الشعر وأوزانه، حتى أجاد الشعر بنفسة ودون مساعدة أحد.

وكان معروفاً بمدرسة الثانوية بشبرا بالتفوق، وكان يقرض الشعر فى الحفلات المدرسية؛ ويقول الدكتور حلمى لبيب أحد أصدقاءه وزملاءه بالمدرسة الثانوية أنه كان ممتاز فى كل شىء، وكان الطلبة ينادوه دائماً بلقب أشتهر به وسط زملاءه وهو "نظير كليفر" إى نظير الماهر والجيد.

وكان نظير يحب الكهنة حباً كثيراً فإذا رأى كاهناً وكان على مسافة بعيدة إلا انه يجرى ورائه ليأخذ بركته؛ وابتدأ نظير الخدمة بكنيسة الأنبا أنطونيوس وسنة 17 سنة؛ وقد نجح مرة فى مسابقة لمدارس الأحد وكان تريتبه الأول فأهدوا له أنجيلاً مذهباً.

وذات مرة كان الأستاذ شوقى جيد كان يعظ فى المدن والقرى، ووجد أنه من الممكن أن يحصل على هذا الإنجيل ووجد مكتوب عليه "هذا الإنجيل يخص نظير جيد مع وافر الشكر" ؛ورغم هذه الملحوظة ألا أنه صمم أن يأخذه، وفى يوم من الأيام زاره كاهن صديق للاسرة؛ فيرى الإنجيل المذهب ويأخذه، وحاول الأستاذ شوقى استرداده فقال الكاهن "هذا الإنجيل لا يخصك ولكنه يخص نظير"؛ ومازال هذا الإنجيل مع هذا الكاهنوهو القمص عبد المسيح ثاوفليس.

فى كلية الآداب


ودخل الشاب نظير كلية الأداب قسم التاريخ، وهناك كسب محبة الجميع، حتى كان زملاؤه فى الجامعة يزرونه فى المنزل ويعرضون عليه مشاكلهم ومايصادفهم من متاعب وكان يستمع إليهم بكل الصبر، ويقدم لهم الحلول بعد تفكير عميق، وكان يثقون فى كلامه ونصائحه.

وكان تمسكه بقراءة الإنجيل يشغل معظم وقتة، فكان أثناء ركوبة الترام يقرأ الإنجيل؛ وكان يحرص فى فترة الأجازة الدراسية أن يذهب إلى احد الأديرة للخلوة الروحية؛ وأدى أيضا الخدمة العسكرية فى كلية ضباط الاحتياط وكان أول دفعة لأنه كان يؤمن أنه عندما يؤدى أي شيء يجب أن يؤديه بكل أمانة.

كان نظير عنصراً مهماً فى الكلية، وكان يدعونه فى كل حفلات قسم التاريخ ليلقى فيها أشعاره وخطبة، فقد أحبه الجميع؛ وحصل نظير على ليسانس الآداب سنة 1947 م.

خدمة الكنيسة

بعد تخرجه من الكلية أشتغل بالتدريس، وقد ألتحق بالكلية الاكليريكية وهو فى السنة الثالثة فى دراسته الجامعية، وحصل على بكالوريوس الكلية الأكليريكية سنة 1950 م؛ وعينه الأرشيديا كون حبيب جرجس مدرساً بها لتفوقة ونبوغة العجيب فى جميع المواد.

وكان من مبادىء نظير وهو طالب أن "نحن نعطى الله فضلات القلب، والله يريد الوقت كله... والقلب كله... "؛ لذلك أستقال نظير من التدريس، وكرس نفسه للخدمة، فخدم فى بيت مدارس الأحد بالجيزة، فأسندوا إليه الإشراف على الملجأ التابع لمدارس الأحد، وأحسن أدارته وكان يكره شيأً أسمه "شيطان الرصيد" لأن معظم المشروعات تهدف إلى جمع الأموال وتكوين رصيد؛ وعين بعد ذلك سكرتيراً للجنة الدائمة لمدارس الأحد ورئيس تحرير المجلة لعدة سنوات.



الجزء الثانى :

دير السريان

قبل أن يذهب إلى الدير، لاحظ شقيقاه أنه يقوم بعملية تدريب فى حياته كلها، فبدأ يأكل من صنف واحد من الطعام ويدرب نفسة على الفضائل المسيحية وابتدأ يقرا كثيراً فى كتب القديسين؛ وفى يوم من الأيام أخذ حقائبه وكتبه وذهب إلى الدير ولم يرجع وكان ذلك يوم 18 يوليو سنة 1954 م؛ وكلما مكث نظير أكثر فى الدير اشتاقت نفسه بعيداً عن العالم، فعلى سبيل المثال عندما كان شقيقه يريد ان يرسل له خطاباً فكان يرسل له ليستفسر عن اشياء فى الدين مع انه قد يكون على علم بالاجابة.

وأختار نظير مغارة لنفسه تبعد عن الدير مسافة كبيرة، وكانت قريبة من مغارة الراهب عبد المسيح الحبشى؛ ومكث هناك أكثر منستة سنوات لا يرى فيها وجه إنسان وكانت هذه الفترة أعظم فترات حياته، وقد تولى الناحية الثاقفية للدير، فأشرف على المكتبة ونظمها، ونشر بعض المخطوطات الثمينة بمطبعة الدير، وكانت فكرته الأساسية أن يعيش فى الدير ولا يخرج منه أبداً.

وقد سيم قساً عام 1955 ثم قمصاً عام 1956 ثم أختاره قداسة البابا الراحل الأنبا كيرلس السادس سكرتيراً خاصاًله، ولكنه سريعاً رجع إلى الدير حبث أشتاق لحياة الوحدة والصلاة الدائمة.

فى الكلية الإكليريكية

أراد قداسة البابا كيرلس السادس أن يرسمه أسقفاً على الكلية الأكليريكية ليستفاد من خبره فى العلوم الدينية، واستدعاه إلى القاهرة ليعاتبه فى عدم السماح لوفد كان قد حضر بدون تصريح وأراد الدخول... ولم يكن هذا هو السبب الرئيسى، وعندما حدثه عن موضوع الكلية الأكليريكية، رفض رفضاً تاماً وقال له بالحرف الواحد "أنا لا أستحق ..أنا أريد أن أعيش فى البرية التى وهبت نفسى من أجلها." ... وأستغرقت المناقشة سعاتين ولكنها لن تفلح؛ فأتفق قداسة البابا الراحل مع الأنبا ثاوفيلس على رسامته بدون علمه، ونداه الأنبا ثاوفيلس ليأخذ بركة من البابا قبل أن يرحل، وعندما كان يقبل قداسة البابا فوجىء بقداسة البابا يضع يده هو والأنبا ثاوفيلس على رأسه ، وقال له طرسمتك يا شنودة أسقفاً على الأكليريكية بأسم الأب والابن والروح القدس ...... "، ورسم قداسة الأنبا شنودة فى 30 سبتمبر 1962 أسقفاً للمعاهد الدينية والتربية الكنسية.

ونهض قداسة الأنبا شنودة بالكلية الاكليريكية والمعهد الدينية والتربية الكنسية فى أنحاء الجمهورية نهضة مباركة شاملة.

فتضاعف عدد الطلاب بالكلية الأكليريكية ففى (القسم النهارى) من 100 طالب إلى 270 طالب فى جميع السنوات، وفى (القسم الليلى) من30 إلى 300 طالب .... وفى عهده سمح لأول مرة للفتاة فى (القسم الليلى)، لأنه كان يؤمن أن الفتاة ستصل فى يوم من الأيام او على الأقل تكون نواة صالحة لبيتها؛ بل الاعظم أنه جعل عامة الشعب يحضرون هذه المحضرات بعد أن كانت مقصورة على طلبة الكلية فقط، فامتلأت القاعات بألوف من المستمعين من رجال وسيدات وشباب وفتيات حتى العجائز كانوا يسرعون ويتحملون مشاق الذهاب إلى دير الأنبا رويس للأستماع إلى محاضرات الانبا شنودة فى "الاهوت الروحى"لدرجة أن شركة الأتوبيسات خصصت أتوبيسات لنقل الشعب،وعرفت المنطقة(بمحطة الأنبا شنودة).

وكانت تمتاز عظات قداسة البابا بالتركيز وغزارة المعلومات بالإضافة إلى البساطة وسهولة الفهم وأغلبها يحتوى على وسائل شرح جميلة حتى قيل عنه أنه "ساحر" يستطيع ان يجذب الناس الجميع إلى كلمة أللهن وكان ي}من بان الخادم لابد ان يكون معلماً.

"مبادئه وفضائله"

من يعرف قداسة البابا شنودة عن قرب يشعر بصفة التواضع الغالبة فيه، فأحد الكهنة بطنطا بعد رسامته أراد أن يمكث الاربعين يوماً فى الاكليريكية تحت أشراف قداستة الانبا شنودة الثالث، فوافق بكل الترحيب، وعلى الفور خصص له بالكلية، وفوجىء الكاهن عندما كان يطرق الباب بعد منتصف الليل، وأذ يجد قداسة الانبا شنودة أمامه حاملاً معه العشاء، ويعتذر له عن تأخير ميعاد تقديم العشاء، فخجل الكاهن من تواضعه الشديد، وأخذ يفكر طوال الليل فى هذا التواضع.

والصفة الثانية الغالبة فى حياته هى المحبة الفائقة، فهو يحب الكبير والصغير وجميع الناس، ولديه محبة خاصة للأطفال والإباء الكهنة، فهو يستمع غلى شكواهم ويرشهم على كل كبيرة وصغيرة، فهو يعلم أن الكاهن القبطى يتحمل فوق طاقته بكثير؛ وبدون مبالغة فقداسة البابا شنودة الثالث يحب خصومه وايضاً معارضيه فى الرأى،ففى الإسكندرية سمع رأى بأن ترشيح الرهبان فقط للكرسى البابوى... فذهب اليهم وتفاهم معهم، وقال لهم "نتفاهم، ولا داعى للانقسام فنحن كنيسة واحدة لا يجب أن تنقسم على ذاتها لئلا تخرب ... أما الآراء فهى لابد أن تتقابل عند التفاهم".

أما مبادئه فهى سهلة وبسيطة، وجميعها مستمدة من المسيح؛ فهو يؤمن بالحق لأنه هو طريق المسيح، ويؤمن أيضاً بتنظيم الكنيسة ووضع قوانين ثابتة وواضحة لها؛ومن مبادئه الهامة جداً "الصلاة" فقبل كل عمل يقول قوله المشهور(ربنا موجود) فأى يعمل تكون يد الرب فيه لا يفشل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010