المحبة الضارة





اقوال الآباء - القديس كبريانوس عن القداسة والروحانية
بعد ذلك وجده يسوع في الهيكل وقال له: ها أنت قد برئت فلا تخطيء أيضا لئلا يكون لك أشر. يو5: 14

Afterward Jesus found him in the temple, and said to him, "See, you have been made well. Sin no more, lest a worse thing come upon you." (John 5: 14)



إن كنا أولادًا لله، إن كنا بالفعل قد بدأنا أن نكون هياكله، إن كنا نتقبل روحه القدوس، يلزمنا أن نحيا بالقداسة والروحانية. القديس كبريانوس


If we are children of God; If we have actually begun to be His temples: If we have received His Holy Spirit, we have got to live holy and spiritually. (St. Cyprian)

المحبة الضارة
المحبة الضارة
بقلم: البابا شنودة الثالث

علي الرغم من أن المحبة فضيلة كبري‏،‏ إلا أنه توجد محبة ضارة‏.‏ ولعل من أسباب المحبة الضارة‏،‏ أن تكون بغير حكمة‏،‏ أو بعيدة عن الروحيات‏، او تتصف بالذاتية‏،‏ أو تتعارض مع وصايا الله‏‏

وسنتكلم في هذا المقال عن أنواع من هذه المحبة الضارة‏.‏ لايستطيع احد منا ان ينكر محبة الأم‏،‏ حتي انه يضرب بها المثل في الحنان وفي عمق المحبة‏.‏ ومع ذلك يمكن ان أما تحب ابنها بطريقة ضارة‏.‏ ومن أمثلة ذلك تدخلها في زواج ابنها وبعد زواجه‏.‏ هذا مع الابن ومع الابنة‏:‏ إما في الاسراع بالتزويج قبل النضوج او قبل التوافق‏..‏ او اختيار زوج تظن فيه الام انه صالح لابنتها‏،‏ فتدفعها الي الزواج به دفعا‏،‏ ويكون في ذلك ضرر لها طول الحياة‏..‏ ومن المحبة الضارة ان تتدخل الام في الحياة الزوجية لابنها‏.‏ وهي تظن انها تفعل ذلك إشفاقا عليه‏،‏ بينما تحطم حياته الزوجية‏

ومن أساليب المحبة الضارة‏،‏ المديح الضار‏،‏ الذي يقود احيانا الي الغرور‏،‏ وإلي حسد الآخرين ومتاعبهم‏.‏ وإعلان ذلك المديح يكون بغير حكمة‏

ويماثل المديح الخاطئ في ضرره‏،‏ الدفاع عن الأخطاء بدافع من الحب الخاطئ‏

هذا الدفاع يجعل المخطئ يثبت في أخطائه‏،‏ وقد يؤدي ذلك الي هلاكه‏.‏ ولاشك ان مبرئ المذنب هو مثل مذنب البريء‏،‏ في ان كليهما ضد الحق‏

وقد يحدث الدفاع عن الاخطاء في جو الاسرة والأصدقاء‏،‏ او في تملق الملوك والزعماء‏،‏ او في مجال المخطئين دينيا‏.‏ إنها محبة خاطئة‏،‏ بل محبة ضارة‏.‏ سواء كانت عن ثقة واقتناع‏،‏ او عن تملق رخيص‏

ومن ألوان المحبة الخاطئة تسهيل الشر‏.‏ مثال ذلك طالب يقوم بتغشيش زميله في الامتحان بدافع من الشفقة والمحبة‏!‏ أو طبيب يكتب شهادة مرضية وهمية‏....!‏ أو صديق يشهد شهادة زور تأييدا لصديقه‏.‏ أو محاسب يساعد ممولا علي اختلاس حقوق الدولة في الضرائب‏.‏ أو استاذ باسم الرحمة او المحبة يخفض المقرر لتلاميذه‏،‏ ويقدم لهم في الامتحان أسئلة تافهة لكي ينجحوا ولم ينالوا من العلم شيئا‏

وينضم الي هذا البند ايضا النصح الخاطئ‏

ومن أمثلة المحبة الضارة‏،‏ أن ابا يحب ابنا له اكثر من بقية ابنائه‏.‏ فيثير فيهم عن عوامل الحسد ضد أخيه‏.‏ ومن أمثلته ايضا الذي يتزوج امرأتين‏،‏ ولا يكون عادلا بينهما في المحبة‏

ومن ألوان المحبة الضارة الاستحواذ‏..‏ اي المحبة التي تحبس محبوبها في حيزها الخاص‏.‏ كالأم التي تمنع ابنها من سفر بعيد يفيده جدا‏،‏ لأنها تريده الي جوارها وبهذا تضره وتضيع مستقبله بسبب محبتها الضارة‏.‏ وكثيرا ماتحدث أمثال هذه المشاكل في محيط الحياة الزوجية او الحياة العائلية بصفة عامة‏.‏ مثل الزوج الذي تدعوه أنانيته في محبته الي التضييق علي زوجته في الدخول والخروج‏،‏ وفي الكلام وفي الابتسام‏،‏ وفي الزيارات وفي اللقاءات‏.‏ كمن يحبس عصفورا في قفص‏، ويمنعه من الطيران‏،‏ ليصير له وحده‏،‏ ويغني العصفور له وحده‏!‏ ولاتهمه حرية العصفور في شيء‏.‏ وفي تضييق الرجل علي امرأته بسبب محبته الانانية لها‏،‏ يجمع الرجل بين نقيضين‏:‏ الحب والقسوة‏!!‏

ونفس الوضع بالنسبة الي الزوجة التي تضر رجلها بمحبتها‏،‏ فتضيق عليه الخناق ايضا‏

وتكثر من أسئلتها وتحقيقاتها حول مواعيده ومقابلاته وعلاقاته‏،‏ بطريقة تصيبه بالضجر والضيق النفسي‏.‏ وتصيبها هي بالشك والقلق والخوف‏..‏ وكل ذلك باسم الحب‏!!‏ ومحبة الاستحواز قد توجد ايضا في محيط الاصدقاء‏.‏ فباسم المحبة يريد الشخص من صديقه ان يتحيز له‏،‏ فيصادق من يصادقه ويعادي من يعاديه‏.‏ وهكذا يضره من جهة علاقاته ومن جهة روحياته‏...‏ وأحيانا يضيع وقت هذا الذي يحبه‏.‏ وباسم المحبة اذ يشغل وقته‏،‏ كثيرا مايؤثر ذلك علي دراسته او عمله فيضره‏!‏

ومن المحبة الضارة‏، أنها تتركز احيانا في الجسد‏،‏ وتتحول الي شهوة‏.‏ وللأسف قد يسميها البعض حبا بينما هي شهوة‏،‏ تضر نفسها‏،‏ وتضر من تحبه ايضا‏.‏ سواء الضرر الروحي‏،‏ أو ما يصاحبه من أضرار اخري‏.‏ ومن المحبة الضارة المحبة التي تشفق علي الجسد وتضر الروح‏.‏ كأم تشفق علي ابنها‏،‏ وتمنعه من الصوم حرصا علي صحة جسده‏.‏ ومن مظاهر المحبة الخاطئة التدليل‏.‏ وفيه الشفقة الزائدة والانفاق الزائد علي الحاجة وتقديم انواع المتع العديدة‏.‏ وعدم فرض عقوبة مهما كان الذنب‏.‏ او تكون العقوبة نوعا من التوبيخ الهادئ جدا الذي لايمكن ان يروع احدا فيستمر الخطأ‏

ومن ألوان المحبة الضارة‏،‏ محبة المريض لما يزيد مرضه كمريض بالسكر يحب الحلويات‏،‏ او مريض بالكوليسترول يحب الدهنيات‏.‏ أو شخص يحب المخدرات ولايقدر علي الامتناع عنها وكل هذا يضره‏.‏ وكل من هؤلاء يضر نفسه دون ان يضره غيره‏..‏

وبالمثل شخص لمحبته الخاطئة لنفسه يكثر من الافتخار ومديح نفسه بطريقة تنفر الناس منه‏..‏ او انسان بخيل يحب المال ويكنزه وينمي رصيده‏،‏ بأسلوب يبخل به علي نفسه وعلي المحيطين به‏،‏ فيضر نفسه ويضرهم‏

وهناك محبة اخري للمرضي تضرهم‏.‏ كأن يزورهم شخص يحبهم‏،‏ فيبقي الي جوارهم مدة طويلة يتحدث إليهم‏.‏ وهم صحيا في حاجة الي الراحة‏.‏ وبكلامه معهم لايعطيهم فرصة للاتصال بالله أثناء مرضهم‏.‏ أو من المحبة للمريض‏، خداعه في نوع مرضه‏.‏ فلا يهتم بأبديته ومايلزمه من التوبة‏.‏ او بتقديم متع للمريض أثناء مرضه يمكن أن تضره‏

وربما إنسان يحب شخصا فيضيع سمعته‏


مقال قداسة الانبا شنوده الثالث – بابا الاسكندرية 117 وبطريرك الكرازة المرقسية – في جريدة الأهرام – السنة 134 – العدد 45023 – يوم الأحد الموافق 14 مارس (آذار) 2010 ميلادية، 5 برمهات 1726 شهداء (قبطية)، 28 ربيع أول 1431 هجرية (للهجرة) – الصفحة العاشرة (10)، قضايا وآراء
http://www.ahram.org.eg



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010