قصة المولود أعمي ,و افعال المحيطين بة

أعزائي .....
          يذكر في الأنجيل أربعة معجزات أجراها يسوع لعميان
 ........

1- أعمي بيت صيدا: الذي شفاه المسيح علي مرحلتين
الأولي حينما تفل في عينيه ووضع يده عليه فأبصر الناس كأشجار يمشون
والثانية حينما وضع يديه علي عينيه فابصر كل انسان جليا. (مر8 : 22-26)

2- شفاء الأعميين بكفر ناحوم: لمس يسوع أعينهما فانفتحت لأنهما بقدرته علي شفائهما (مت 9 : 27 -31)
3- شفاء بارتيماوس: في مدينة أريحا، كان يصيح "يا يسوع ابن داود ارحمني" فسأله يسوع "ماذا تريد أن أفعل  بك؟ " قال " ياسيدي أن أبصر ... " قال له يسوع  " أذهب ايمانك قد شفاك .." فللوقت أبصر   (مر10: 46 – 52)
4- المولود أعمي: أعظم المعجزات الأربعة، فالأعمي هذا خلق له يسوع مقلتين. لم توجدا من قبل   (يو 9)
قصة المولود أعمي مليئة بالتعاليم والمفاهيم. غنية بالتأملات والتفاسير.
لكن سنقتصر هنا علي نقطة واحدة  وهي أفعال وردود أفعال المحيطة بهذا المولود أعمي ..... سنتأمل موقف التلاميذ، الجيران، الفريسين، الأبوين، وموقف الأعمي نفسه من شفائه ثم موقف يسوع شافي النفوس والأرواح.
عزيزي ... نحن الأن أمام إنسان بائس لم يري النور قط، قد وُلد أعمي
تُري لو كنت حاضرا في زمانه، اي موقف كنت تتبناه؟؟
1-    التلاميذ:
      رأيتم المسكين البائس فلم تعيروه أي أهتمام، وكنتم أولي أن تطلبوا من الرب يسوع، وانت أكثر من يعلم قدرته، أن يشفي ذلك كذلك لكنكم لم تفعلوا!؟ بل أنشغلتم بتساؤلات وفلسفات ويا معلم من أخطأ: هذا أم أبواه حني وُلد أعمي؟"
    إن كان أخطأ حتي حتي وُلد أعمي، فلابد أنه أخطأ قبل أن يولد لكن كيف يخطئ وهو جنين؟ أم أخطأت روحه وهي في جسد الذي قبله قبلما تسكن فيه، إذا كنتم تؤمنون بتقمص الأرواح وهو ما ترفضه المسيحية بل واليهودية أيضا! لكن شكرا ليسوع الذي برّأ هذا الأعمي وبرّأ أبواه أيضا.

2- الجيران:
لم ينفعلوا بشفاء الأعمي ولم يبدوا علامات الفرح والدهشة. بل صار الشفاء مسار جدل لهم: تُري هل هو فعلا أم أخر يشبهه؟ لاشك أم منظر وجهه قد تغير بعد خلق العينين، وبعدما زالت كآبة الوجه وأنفرجت أساريره.
وحينما علموا أن يسوع هو الذي أبرأه، لم يمجدوا يسوع إنما أخذوا الذي كان أعمي وأتوا به إلي الفريسيين، تُري لماذا فعلوا هذا؟
-  هل أرادوا توريطه مع الفريسيين الذين تعاهدوا أنه إن أعترف أحد بأنه المسيح يُخرج من المجمع"
-  هل أرادوا التودد إلي الفريسيين بتسليمهم دليل علي أن المسيح مازال يعمل.
-  هل أرادوا الإسراع بإبعاد الشبهات عنهم، إذ كيف ينظرون هذا ولا يبلغون السلطات.
-  أليس موقفهم يشبه موقف الكثيرين ممن يعيشون علي هامش الحياة، يحبون الإستطلاع ويصرفون وقتهم في الكلام والحديث، لكنهم لا يكترثون لما هو أهم لم يهتموا بالرجل نفسه ولم يحاولوا التأكد من شخصه، لكن بعد مناقشة سطحية قادوه للسلطات حيث أ ُخرج خارج المجمع!

3- الفريسيون:
أعرفكم جيداً وأعرف إنغلاق فكركم ورفضكم لكل ما يخالف إعتقادكم حتى لو كذَّبت عيونكم ما تعتقدون به!
- أدرك مشكلتكم الحقيقية.. إنها ارادتكم الرافضة للإيمان بييسوع يكمن وراءها تمسك حرفي قاتل بالشريعة والناموس وهذا الانسان ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت!!
- لكن ادرك بصيصاً من الأمل يشرق في قلوب بعض منكم "كيف يقدر إنسان خاطئ ان يعمل مثل هذه الأيات"
- فحدث انشقاق بين هؤلاء واولئك بين من بدأ النور الحقيقي يشرق في قلوبهم ومن استحسنوا البقاء في الظلمةالتي أعمت قلوبهم.
- لماذا تغمضون عيونكم وتسدون أذانكم وها آية عظيمة صنعها يسوع وأنتم تقرون بعظمتها "فلم يصدق اليهود عنه انه كان أعمى فأبصر".. لكم حق في عدم تصديقكم لأن ما حدث يفوق التصور والخيال، لكن ها الأعمى امامكم أقوى شاهد إثبات وقد أيده أبواه "نعلم أن هذا إبننا وإنه ولد أعمى ...."
- وعندما ينغلق القلب، وتغمض العينين يتطاول اللسان "فشتموه وقالوا أنت تلميذ ذاك واما نحن فاننا تلاميذ موسى ... في الخطايا ولدت انت بجملتك وانت تعلمنا"
- و حينما يعجز اللسان حتى في تطاوله عن صد المنطق والبيان فلا بديل لقهر والعنفوان .. "فأخرجوه خارجاً " (خارج المجمع محروم من كل حقوقه الدينية والمدنية، و معزولاً عن العلم والأختلاط به).
4- الأبوان:
- عجبي عليكما أيها الأبوان ظننتكما تأخذانه في حضنكما بشوق ولهفة وخفت على تكسر ضلوعه بين ايديكما وانتما تضغطانه في صدركما، فلم تفعلا!
- ماذا بكما؟ ألم تتكدر حياتكما حينما رأيتماه ينزلق من بطن أمه و ليس لعينه مكان!؟ ألم تقضيا أوقاتاً كثيرة تتخيلانه وقد زرعت له عينان؟ أليس هذا حلمكما الذي داعب خيالكما في ليالٍ كثيرة!؟
- ماذا دهاكم؟ ما هذا الفتور بل ما هذا البرود الذي استقبلتما به إبنكما وقد أبصر
- أعرف سركما إنه الخوف الذي لاشى الفرح و لعثم اللسان.
- أخالكما وأنتما تجيبان على تساؤلات الفريسيين وأنتما ترتعشان والكلام يخرج من بين شفتيكما متقطعا ومتهدجاً وتحولان الشبهة عنكما "هو كامل السن اسالوه فهو يتكلم عن نفسه"
- آه أيها الخوف.. ماذا تفعل؟ أتنزع العاطفة من قلوب أباء وامهات نحو أولادهم البائسين! أيسلم الأب ابنه بسببك؟ أيجامل الناس بعضهم على حساب الحق لأنهم يعملون لك ألف حساب!
5- المولود أعمى:
- أقف أمامك مبهوتاً من عظمتك، مبهوراً بجرأتك، مرهفاً بإيمانك، فخوراً بحكمتك ومنطقك!!
- أراك إحتملت الكثير من تهكم المارين وضحك الضاحكين.
- تمنيت لو أختبأت في عقلك ولاحظت ما يدور به حينما طلى يسوع عينيك بالطين!  ماذا قلت في سرك؟ وبأي شئ تمتمت شفتاك؟
- كيف صدقت وأطعت، فذبت وأغتسلت؟
هل أشتياقك للإبصار جعلك تجرب حتى ولو بالطين الموضوع على عينيك؟ أهو الإستسلام لأي وصفة، ربما تفلح! أم كنت تدرك يقيناً أنك ستبصر طالما الذي وضع الطين هو يسوع؟!
- أخبرني - يا كامل السن - من أين أتيت بهذه الحكمة وهذه البلاغة؟ ومع من تتكلم، مع النفوس المتشامخة ومعلمي الناموس!! هل تواجدك للأستعطاء مكنك من إستحسان الألفاظ وأختيار اللين من الكلام الذي بلا شك ينعكس في زيادة عطف الناس وما تجود به أيديهم لتضعها في يديك!
- لك حق في تعجبك حينما قال الفريسيون "نحن نعلم ان موسى كلمه الله، وأما هذا فما نعلم من أين هو؟"
لقد رددت بكلمات عميقة ودقيقة مليئه بالحكمة والحقيقة "إن في هذا عجباً إنكم لستم تعلمون من أين هو وقد فتح عيني. ونعلم أن الله لا يسمع للخطاه ولكن ان كان أحد يتقي الله ويفعل مشيئته فلهذا يسمع. منذ الدهر لم يسمع ان أحد فتح عيني مولود أعمى. لو لم يكن هذا من الله لم يقدر ان يفعل شيئاً"
لم يحتمل الفريسيون بلاغتك وحكمتك فأخرجوك خارجاً.

 6- يسوع الشافي:
مع إختلاف أفعال و ردود أفعال المحيطين، يبقى يسوع منفرداً في فعله ورد فعله فهذا وذاك يربض وراءه "محبه أبدية أحببتك، من أجل ذلك أدمتُ لك الرحمه"
يوجد من انشغل بالفلسفة والسؤال، ومن احتار ان كان هو او أخر يشبهه، ومن تمسك بالشريعة فإتهم يسوع إنه رجل خاطئ، ومن تنصل من المسؤلية فألقاها بالتمام على كامل السن،
 أما يسوع فلم ينشغل سوى بالبائس المسكين .. في البداية أعطاه بصيرة فأبصر وفي النهاية حينما سمع إنهم أخرجوه خارجاً "وجده"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010