رسالة بولس الرسول الي فيليبي(حلقه 1)

رسالة من السماء

د. مجدى أسحق
رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبى (الحلقة الأولى)

مقدمة الرسالة:


أولاً: مدينة فيلبى

مدينة فيلبى هى أكبر مدن مكدونية. وتقع على نهر اسمه كنجس وهى على بعد 9 أميال من البحر فى سهل واسع مخصب يرتفع 1600 قدم عن سطح البحر.

وسميت قيلبى نسبه إلى فيلبى ملك مكدونية أبى الأسكندر الأكبر, إكراماً له لأنه جدد بناءها وخصنها سنه 355ق.م واشتهرت لقربها من مناجم الذهب التى كان فيلبس يستخرج منها نحو ألف وزنه فى لسنه. واشتهرت كذلك لكونها على الطريق بين أوربا وآسيا ورومية والقسطنطينية.

وقد استولى الرومان على مدينة فيلبى سنة 168 ق.م. وكان بعض سكانها يوم أى إليها بولس رومانيي وبعضهم يونانين من المكدونيين وكان فيها كذلك قله من اليهود لم يكن عددهم كافياً لأن يكون لهم مجمع فيها, ولكنهم كانوا يصلون فى محل خارج المدينة على شاطئ النهر ليس فيه بناء .. وكانت اللغة الغالبة فى فيلبى وقتئذ اليونانية وكانت لغة الحكومة فيها الاتينية.

ثانياً: كنيسة فيلبى:

تاسست كنيسة فيلبى على يد الرسول بولس فى سفره الثانى للتبشير سنه 52 م. وكان الرسول قد رأى رؤيا بالليل"رجل مكدونى قائم يطلب إليه ويقول اعبر إلى مكدونية وأعنا" (أع 19:16).

فلما رأى الرؤيا, سافر إلى فيلبى التى هى أول مقاطعة فى مكدونية وكان يرافقة وقتئذ سيلا وتيموثاوس, والمرجح أيضاًً أن لوقا رافقه أيضا( اع 12:16) وكانت نتيجة وعظة هناك أن آمنت ليدية بائعة الأرجوان واعتمدت هى وأهل بيتها. وفى تلك المدينة أخرج روح العرافة من جارية كانت تتبعهم أياماً كثيرة وتزعج بولس بصراخها . فكانت العاقبة أن مواليها الوثنين غضبوا لأنهم خسروا ماكانوا يربحونه من عرافتها فاشتكوا على بولس وسيلا إلى ولاة المدينة فألقايا فى السجن بعدها جلدا وضربا .. وفى السجن, تزعزعت الأساسات واتفكت قيود الجميع وآمن سجان فيلبى على يد بولس واعتمد هو وأهل بيته..

وفى بيت ليديا تأسست أول كنيسة فى أوربا, فنمت من ذلك الوقت, حتى صار فيها أساقفة وشمامسة ( فيلبى 1:1) وكان ذلك كله فى نحو 11 سنه, وبعد مضى خمس سنوات, زارها سنه 57ب.م., وهناك كتب الرسالة الثانية لأهل كورنثوس (أع 21:19 02,1:2) ثم زارها سنه 58 ب.م وهو راجع من أخائية إلى أورشليم (أع 6:20).

ونستنتج من الرسالة نجاح هذه الكنيسة من التالى :
1-مشاركتهم فى الأنجيل من أول يوم (ص 6:20)
2- طاعتهم لبولس فى حضورة وفى غيابة (ص 12:2).
3- فرحة بممعرفة أحوالهم واشتياقة أن يرسل إليهم تيموثاوس ليطمئنه عليهم( ص 19:2).
4- هذه الكنيسة هى الوحيدة فى مكدونية التى شاركته فى أمر العطاء والأخذ (ص 15:4).
5- ارسالهم اليه نفقة بيد ابفرودتس وهو فى السجن (ص 18- 16:4).
6- سبق وأن ارسلوا إليه ما يخفف ثقل ضيقة وهو فى تسالونيكى (ص 16:4).
7- اشواق بولس وصلاته المملؤة فرحاً لأجلهم(ص 7-4:1).

ثالثاً: الرسالة إلى أهل فيلبى

كتب الرسول هذه الرسالة من رومية وهو فى السجن ( ص7:1, 13, 14)حوالى سنه 63ب.م, أى فى آخر السنتين اللتين هما مدة سجنة الأول.

الغاية من هذه الرسالة هو الأتى:

1- إظهار محبته لأهل فيلبى على العطايا التى امولها إليه وهو فى السجن إذ لم يكن الرسول يستطيع العمل كعادته لأعانة نفسه.

2- أراد أن ينبئهم يأمره ويطمئنهم على نفسه, فهو لم ييأس من كثرة ضيقة, بل الذى حدث هو العكس ان الله حقق نجاح هو العكس أن الله حقق نجاح لإنجيل من خلال قيوده.

3- أراد أن يطمئنهم على رسولهم ابفرودتس الذى لفرط خدمته إياه اعتراه مرض شديد,وشكرهم على عناية رسولهم به وتعرضه للخطر فى سبيل خدمته.

4- اراد كذلك تثبيتهم فى الأضطهادات التى كانت عليهم.

5- حذرهم من دخول المعلمين الماثلين إله الفرائض اليهودية.

أقسام الدراسة الدراسية:

1- البركة الرسولية ص 2-1:1.

2- شكر لله من أجلهم وصلاة خاصة لهم ص 3:1-11.

3- عمل الله وسط الألم واستخدام الضيق لأجل الخير ص 12:1-30 .

4- وصايا خاصة لأهل فيلبى: عن الأتضاع ص2.عن رفض بدعة التهود ص3.

5- وصايا عامة وختام الرسالة ص4.

الأصحاح الأول:

إن أول مايلفت النظر أثناء قراءتنا لهذا الأصحاح, بل وللرسالة كلها أن كاتبها لدية كما من الفرح غير عادى, بحيث لايمكن أن تصدق أن رسالة تحمل مثل هذه المشاعر السعيدة يمكن أن تكون قد كتبت من خلف جدران السجن.

فلم نسمع ابدا عن سجينا يشجع ويشدد ويقوى زائرية ومريدية إنما العكس هو الوضع الطبيعى. ولكن لاعجب أن كان المسيح الذى قلب موازين الحياة ومقاييسها, يجعل بولس يحيا ضد قوانين الحياة الطبيعية فيكون مصدر تشديد وتعضيد فى الوقت الذى كان ينبغى أن يتلقى كلمات التعزية والمواساة

لذلك اثرت ان تكون تأملات هذه الرسالة كلها عن الفرح .. ذلك الفرح الذى فاض من قلب الرسول على كل سطر بل وعلى كل حرف من حروف هذه الرسالة العظيمة بين الرسائل , ليس من أجل بلاغة كلماته فقط , ولكن من أجل الروح المنتصرة التى تخللت كل سطورها.

والفرح هو قرين الحياة – فلقد خلق الله الأنسان ليفرح – ونحن ندرك جيداً أنه فى الممرات التى يجتاحنا فيها الحزن, نتذوق طعم الموت, وفى الأوقات التى تعرف فيها طعم الفرح تقبل على الحياة والعمل وتتغير ملامح الأشياء كلها أمامنا, فتبدو وكأنها أجمل مما هى فى الواقع . والمسيح ليس مؤسسا على الظروف ولكنه مبنى على الثقة فى حبه وحكمته وتدبيره وتوظيفة لكل الأحداث – مهما بدا فيها من متناقضات ومفشلات – لتؤول للخير.
ولننظر الآن إلى صورة الفرح المسيحى كما ترسمة هذه الرسالة:

1- فرح الصلاة لأجل الأخرين:

"مقدما الطلبة لأجل جميعكم بفرح" (فى 4:1) والصلاة لأجل الأخرين هى أعظم تدريب ومنهاج روحى للخروج من الذات, وما أجمل هذا الأمر .
لقد علمنا السيد المسيح أن نصلى فنقول "ابانا"- وهذه الكلمة تحمل شقين:
أ- آب:
وهى تقدم لنا مفهوم الأبوة – ذلك المفهوم الجديد عن الله – لتتذكر وأنت تصلى أن المحبة المقتره بالأبوة ستبذل كل مافى وسعها لأجلك فى الحياة الحاضرة والأتية.
ب- ضمير الجماعة"نا":
وهذا الضمير يقرر مفهوم المسيحية – فلو كان ضمير المتكلم "نا" لكانت طبيعة الديانة المسيحية هى الفردية والتمركز على الذات – ولكنها ديانة الجماعة "اككليسيا".
وبهذا نبدا صلاتنا, كشعار المسيحية كلها: فالتشديد هنا علىالأب وعلى اخوتى- هذا هو معنى "ضمير نا" وهذا الضمير يتعدى كل خلاف فى العائلة والطبقة الأجتماعية والجنس واللون والدين حتى يصل إلى كل مكان – تهو ضمير غير محدد ولذلك لا تقف فى وجهة حدود أو سدود.
ان قلب المسيحى اكبر من ان تحده الحواجز – هو مفتوح لك انسان ويحمل كل انسان امام الله فى الصلاة بالحب والتضرع- ككاهن للخليقة وكشفيع عن كل انسان.
والفرح الناتج عن مثل هذه الروح هو فرح الحياة نفسها – فرح عودة الأنسان إلى ممارسة دوره الأصيل فى الخلقة كعضو فى جماعة, وكمسئول بالحب عن هذه الجماعة أمام الله.
عزيزى – تعود أ، تصسلى لأجل كل من تراه أمامك صلاة سرية وسهمية – ارسل "وابل" من الحب على كل من تراه بواسطة الصلاة – صل لأجل كل نفس تراها فى الطريق, لأجل كل زميل فى الدراسة أو فى العمل – وسوف تختبر عمق الفرح الملازم لهذا العمل الألهى – وقبل أن اختم هذه النقطة أود أن الفت النظر إلى اول وصية أعطاها بولس لتلميذه تيموثاوس : لم تكن هذه الوصية الأولى سوى الصلاة للكل:" فاطلب أول كل شئ أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس" (اتى 1:2).

2- فرح الكرازة بالمسيح:

" فماذا غير انه على كل وجه سواء بعلة أو بحق ينادى بالمسيح وبهذا أنا افرح بل سأفرح أيضا" (فى 18:1).

ويجب أن تقف قليلآ عند هذه النقطة:فسجن بولس هذ حفز الكثيرين على الكرازة بالأنجيل, ولكن هذا الحافز اتجه فى طريقين مختلفين, فأحباء الرسول عندما رأوه سجينا ضاعفوا جهودهم فى الكرازة حتى لاتتوقف رسالة بولس بسبب قيوده ولكن كان هناك فريقا آخر يحركه الحسد والخصام للكرازة بالأنجيل – وكان دافعهم هو التحزب – أى العمل لأجل المنفعة الخاصة والطموح الشخصى والتنافس فى سبيل علو المكانة وجمع الأتباع – وهذا ما وصفه الرسول بقوله "أما قوم فعن حسد وخصام يكرزون بالمسيح (فى15:1) وهؤلاء القوم انتهزوا فرصة سجن بولس وضاعفوا نشاطهم لأنهم ظنوا أن سجن بولس فرصة سائحة لبسط نفوذهم واعلاء كلمتهم وابراز حزبهم الكنسى واضعاف اصدقاء بولس.

واجعل مافى الموضوع هو الروح التى واجه بها بولس هؤلاء الناس – فلم يكن فى قلب بولس أى شئ من الغيرة أو الكراهية الشخصية – وطالما كان المسيح يكرز به فلم يعبأ بولس بمن يحوز الكرامة والمقام والنفوذ.

ولم يلتفت إلى مايقوله الكارزون الأخرون عنه, ولم يعبأ بموقفهم العدائى نحوه كان كل اهتمامة أن المسيح ينادى به.

وكثيراً جداً ماتغتاظ لأن شخصا اخر ينال الشهرة والمقام الذى لانناله نحن. وكثيرا ما نحسب شخصا عدوا لنا لأنه انتقدنا أو انتقد طرقنا فى الخدمة ويقف بولس مثالا عظيما أمامنا : فهو كان خاليا من الذات والأنانية – ورفع أمر التبشير بالمسيح فوق الأغراض الشخصية .

أيها المحبوب – ان اردت أن تفرح بالكرازة ليكن اهتمامك الأول بأن تقود الآخرين إلى المسيح لا إلى ذاتك أو إلى حزبك.إن الكرازة الحقيقة هى التى ترفض فكر التلاميذ, يا معلم رأينا واحدا يخرج الشياطين باسمك فمنعناه لأنه ليس يتبع معنا(لو 49:9) فلم يكن هدفهم هو مجد الله ولكن مجد الجماعة.

3- فرح الايمان:

"فإذ انا واثق بهذا أعلم أنى امكث وابقى مع جميعكم لأجل تقدمكم وفرحكم فى الأيمان" (فى 25:1)ان الأيمان المسيحى لابد وان يكون مصحوبا بالفرح – فالأيمان الذى يترك النفس كئيبة والوجه عابس , هو ايمان غير سوى – ايمان مزيف هذا ليس معناه ان تخلو الحياة من المظايقات والمناوشات. بالخطية التى تقاومها أيها المحبوب – تسبب لك انزعاجا والعادة التى تسعى للتغلب عليها بمعونة الهك – تسبب لك الاما وتحديات الحياة اليومية وحروب الشيطان, ومضايقات الأخرين تهدد راحتك. ولكن فى وسط كل هذا ينبت الأيمان الذى يؤكد لك عناية الله بك, والذى يقدم لك تاكيدا فى سلكان الله على الأحداث , وقدرته على استخراج الخير من أسوا الظروف وهذا هو سر الفرح الذى يسود على قلب المسيحى فى أحلك الأورقات ولاتنسى أن كاتب هذه الرسالة كان مقيدا وكان يتوقع المحاكمة والموت بين لحظة وأخرى ولكن ايمانه بحب الله وتدبيره وعنايته جعله يثق فى حكمته من وراء الأحداث ولذلك استطاع أن يكرر كلمات الفرح عبر الرسالة كلها – فقد علم أن الله سمح بدخوله للسجن من أجل انتشار الكرازة. هل تصدق؟ لقد كرز بولس بالمسيح فى سجن روما اكثر مما بشر فى رحلاته وهو حر طليق لقد تحولت القيود التى قصد بها تعطيل الأنجيل إلى معاون لهدم كل حاجز وقف فى طريق البشارة وهذا ماقصده الرسول وهو يقول ان امورى ( اى سجنه )قد اتت اكثر الى تقدم الأنجيل (فى12:1) والقصة تبدأ حينما رفع بولس امره إلى قيصر ليحاكمة – حينما رأى أن العدالة لن تنصفه فى فلسطين – وقد كان من حقه كمواطن رومانى أن يفعل ذلك وعندما وصل إلى رومية سلم إلى رئيس العسكر وأذن له أن يقيم وحده مع العسكرى الذى كان يحرسه (أعمال 16:28)- وبعد ذلك بقليل سمح له أن يستأجر بيتا لنفسه – وأن لم يزل تحت الحراسة – وكان بيته مفتوحا لكل من يأتى ليراه (اعمال 31:28) وترتبت على هذه الأحداث عدة نتائج هامة, جعلت لكرازة بولس ثمارا غير متوقعة.

أولاً:

كان بولس مقيد بسلسة قصيرة تمتد من معصمه إلى معصم يد الجندى المكلف بحراسته – وهذه السلسله هى التى تحدث عنها بقوله وتأتى (فى 13:1) وبقوله سفير فى سلاسل (أف 2:6) وايضا قيود الأنجيل (فليمون 2:6) وكانت هذه السلسلة تربطه بيد الجندى ليلا ونهاراً ولابد أن عددا من الجنود كانوا يتناوبون بالطبع القيام بهذا الواجب – وقد قيل أن الجندى كان يتبدل عدة مرات فى اليوم الواحد – حسب النظام الرومانى – حتى لايكون صداقة مع الأسير وحتى لاتؤدى هذه الدالة إلى حدوث تجاوزات, أو تؤدى إلى هروب السجين ويالها من فرصة سانحة للرسول بولس, الذى كان صدره يلتهب بالغيرة للكرازة لقد كان هؤلاء الجنود يسمعون مواعظ بولس للقادمين اليه لزيارته وربما كانوا يقرأون رسائله , وربما كذلك فتحوا معه باب المناقشة فى أثناء فترات النهار الطويلة, عن شخص المسيح, وعن صلبه وعن حبه العميق للبشر. فإن عرفت ان بولس ظل على هذا الحال سنتين طويلتين (اعمال 31:28) تستطيع أن تدركم كم هو عدد الجنود الذين تحدث اليهم بولس, حتى انه قال آيتين فى هذه الرسالة من أعجب مايكون:
1- "حتى أن وثقى صارت ظاهرة فى المسيح فى كل دار الولاية"( ودار الولاية هى الثكنه التى كان يسكن فيها جنود الحرس الأمبراطورى) (فى13:1).

2- يسلم عليكم جميع القديسين ولا سيما الذين من بيت قيصر (وكان نيرون هو قيصر هذا الزمان)( فى 22:4) وهكذا ترى أن رسالة المسيح قد وصلت إلى أماكن لم تكن ستصل اليها لو كان بولس حرا طليقا

ثانياً:

بالأضافة لكرازة بولس للجنود, كان يقدم الكرازة لكل من يقدم اليه ولاشك أن أخبار بولس قد وصلت لكثيرين, فاقبلوا على بيت السجن ليشاهدوا هذا الأسير العجيب – ومن تدبير الله أن السلطة الرومانية لم تمنعه عن لقاء الناس, وأقام بولس سنتين كاملتين فى بيت استأجرة لنفسه وكان يقبل جميع الذين يدخلون اليه كارزا بملكوت الله ومعلمنا بأمر الرب يسوع المسيح بكل مجاهرة بلا مانع,( أع 30:28, 31)وهكذا وصلت الرسالة إلى أعداد غفيره من الشعب وليس فقط رسالة كرازية, ولكن اتيحت لبولس فرصة لتلمذة عدد من المؤمنين, وترسيخ حقائق الأيمان بنفسه فى قلوبهم وهكذا سخر الله سلطان الدولة الرومانية لتحقيق اهدافة وانتشار البشارة, اذ جعل بولس يكرز باسمه تحت سمع وبصلر سلطات الرومان, بل وان جاز التعبير تحت حمايتهم المباشرة

ثالثاً:

لقد اتيحت لبولس الفرصة ليكتب عدة رسائل للكنائس, فكتب رسالة كولوسى وافسس وفيلبى وفليمون فى الفترة من سنه 61- 62ب.م ولولا فترة السجن هذه ماخط لنا الرسول أجمل رسائلة. والتى حملت لنا روحه الجبارة وسلمت لنا حق المسيح وامكانيات الله الفائقة التى عملت فى بولس, وجعلتنا نرى كيف اخرج الله رسالة الأنجيل من وراء السجن لتصل إلى العالم كله, وبقيت رسائل بولس دليلا ابديا على عمل الله العجيب, ولازالت إلى يومنا هذا مصدر الهام لنا ومصدر يقين لنفوسنا فى حكمة الله وتدبيره- فلم يكتف الله بعمل هذا الأعجاز فى القديم ولكنه حفظ لنا هذا التراث كمادة كرازة لنا, ومصدر تعزية لكل جيل , وهكذا نرى كيف اخرج الله من الأكل أوكلا ومن الجافى حلاوة (قضاة 14:14) وهكذا نرى الأيمان ونرى فرح الأيمان "افرحوا فى الرب كل حين وأقول ايضا افرحوا"(فى 4:4) الايحق لنا- ونحن نؤمن بالهنا المحب والحكيم والقادر على كل شئ أن تفرح – نفرح لأن كل مايحدث اوما سوف يحدث هو لخيرنا؟ عزيزى- قارئ هذه السطور أن دعوة اليوم هى لك. لكى تثق فى الهك ولكى يتولد فى قلبك فرحا صادقا بأن كل الأشياء تعمل معا لخيرك ولصالحك, وأن كل حدث فى الحياة وكل ظرف سبق الله فأعده لك بتدبير عجيب لنضوجك وخلاصك أولا. ولخلاص من حلك ثانيا هل تؤمن بهذا؟ وهل وضع هذا الأيمان الفرح فى قلبك؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010