رسالة بولس الرسول الي فيليبي حلقه 2

رسالة من السماء

د. مجدى أسحق
رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبى (الحلقة الثانية)

كان حديثنا فى الحلقة الاولى عن رسالة فيلبى كرسالة للسعادة, فتحدثنا عن فرح الصلاة. وفرح الكرازة وفرح الأيمان وفى هذه الحلقة نتابع تأملاتنا فى مكونات الفرح المسيحى.

4- الفرح بأسعاد الأخرين:

"... ان كانت شركة مافى الروح ان كانت مار ورأفه, فتمموا فرحى حتى تفتكروا فكر واحدا ولكم محبة واحدة" (فى1:2, 2).
ومثل هذا الفرح هو أقوى دليل على عمل النعمة فى حياة الأنسان, خاصة وقول الرسول "تمموا فرحى" يصل بنا إلى قمة الحب فهو يعتبر فرحة ناقصا, لايصل الى ملئ النشوة إلا بساعدة الأخرين. أن التدين الذى لايدفع بالأنسان إلى اسعاد الأخر, هو تدين يحتاج إلى مراجعة ان مسيحيتنا هى ديانة الفرح القابل للأنتشار والتدفق , ليس فقط الفرح "المعاش" ولكن الفرح "المعدى" أيها القارئ العزيز, هل فكرت فى اشاعة الفرح فى المحيطين بك.

5- الفرح بالألم:

لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح لاأن تؤمنوا به فقط بل ايضا لن تتألموا لأجله" ( فى 29:2) هل تصدق أن الألم فى المسيحية يتحول من فرص أو صدفة أو حظ عاثر أو نائبة إلى عطية (هدية)؟ وهل توجد هدية نستلمها الا وتفيض علينا بالسعادة؟ أن الألام والمفشلات تعتمد على نظرتك لهما: فأن اكتفيت بالحزن والشكوى والتذمر, أصابتك بالهموم والضيق. أما اذا قررت أن تستفيد منها,فسوف تحصد النضوج والحكمة والسعادة. ان الله لايسمح بالآلم, الآ لآنه يعلم مدى ماسببه لك من خير والنفس الواثقة فى حكمة الله ترى هدف الآلام بالأيمان, وتقرر أن تتحرك بإيجابية لتستفيد من قسوة الظروف أن الحياة دائما ترمينا مدية (سكينة) وكل مدية لها تصل حاد, ومقبض لتمسك منه. فان امسكت من النصل فسوف تجرحك: جروح الهم والقلق والرثاء والشكوى والتذمر ترى ماذا فعلت بآلام الحياة.؟ ومن أى جهة امسكتها؟

6- الفرح بالوجود فى المسيح:

افرحوا فى الرب (4:4) (راجع ايضا 1:3, 1:4) وهذا هو مصدر كل الأفراح فى حياة المسيحى الله يحيا فى سعادة لاتنقطع, ولايعرف الحزن, لأن ليس لديه أسباب الأحزان التى تصيبنا ولكن من حبه لنا قرر أن يشاركنا أحزاننا ليحملها عنا. لكن أحزاننا حملهما وأرجاعنا تحملها (أش 4:53) وماهو سبب الحزن الرئيسى فى حياة الأنسان؟ الأجابة هى "الخطية فمنذ أن سقط الأنسان. ودهل الحزن إلى حياته "ملعونة الأرض بسببك .. شوكا وحسكا تنبت لك (تك17:3, 18) والشوك هنا اشارة للحزن والآلم فما مات المسيح عنا. كسر شوكة الحزن التابعة للخطية, واصبح لنا الحق فيه أن تفرح لأننا نلنا غفرانا عن كل خطية فيه أن نفرح لأننا نلنا غفرانا عن كل خطية فيه وحتى توبتنا وانسحاقنا على الخطية, أصبح انسحاقا لذيذا وبهيجا, وصار اتضاعنا وشعورنا بالضعف ونحن نقدم مشاعر التوبة, مختلطا بالسعادة والأنشراح. هل غاب الفرح من حياتك يا عزيزى؟ أن مصدر فرحك ليس بعيدا عنك قد تكون قد بحثت عنه فى مصادر كثيرة. ولكن لا يتحقق الا فى شخص من أحبك. لاتظن أن التوبة بما فيها من امتناع عن طريق الشر سوف تحرمك من مباهج الحياة هذه خديعة ابليس وحياته الشهيرة التوبة تحرمك متعة وقتية مميته, لتعطيك سعادة دائما محبية فلا تخف من الأقبال غلى شخص الفادى ففيه سوف تتذوق اعمق فرح يمكن للأنسان ان يختبره فرح الأنسجام الداخلى, فرح من وجد الحياة معنى وهدف.

7- الفرح بالنعمة

هناك عقائد تجعل من التدين حقيقة مفزعة ومحزنة .والناموس كان قمة هذه العقائد فالوصية ثقيلة والأنسان عليه ان ينفذها ليرضى الله وليصل اليه أما فى المسيحية فالله جاء للأنسان وسكن فيه وغير طبيعته ليمكنه من تحقيق الوصية وتنفيذها. وهذه هى النعمة

لذلك نجد الرسول يتحدث عن نفسه فى الأصحاح الثالث وهو تحت الناموس من جهة الناموس فريسى (فى 6:3) ولكنه يتحدث عن خروجه من تحت نير الناموس بسعادة وفرح, ماكان لى ربحا فهذا قد حسبته من اجل المسيح خسارة.

اى فرح لنفس ظلت ترزح تحت ثقل الوصية سنوات . ثم جاءت النعمة المحررة لتسكب فيها قوة الهية تحقق مالم تستطيع القوانين تحقيقة؟

عزيزى.. اذا كنت تحيا إلى اليوم بمدأ الناموس ومحاولات ارضاء الله بقوتك. فلن احدثك عن مقدار الأمك وضيقك وفشلك ان وحدك تعلمه.

أما اذا دخلت النعمة قلبك. وطلبتها باصرار واخذتها . ستحول عناءك وجهادك المضنى. الى نغم وبهجة لا توصف.

ان جهادنا فى المسيحية ليس جهادا محزنا كئيبا بل هو تعصب بخيج للنفس السنودة على عمل الروح وقوته – والنعمة دخلت لالتلغى الجهاد بل لتوازن وتعطيه قانونيته واثمارة. والأمر متروك لك لتختار وتختبر بنفسك فإذا ما اخترت النعمة ستجد جهادك قد صار شهوة ومجد تسعى اليه لأنك ستكون حينئذ مرفوعا على ذراعى الأب الأبدية

ستواجه عيوبك وضعفك بالمسيح, وستختلط دموع التوبة والرجوع الى الأب, بدموع البهجة والسعادة بلقائه ستعرف يوم تتذوق النعمة انك كنت تحاول أن تحرك جبلا باصبعك واما الان فستقول له انتقل من هنا الى هناك فينتقل ويطيعك (كتى 20:17 ولو 6:17) حقا ما اروع النعمة فى مصدر السعادة وضمانها.

8- الفرح بلقاء المسيح:

ما أجمل رؤية الرب.

هذه هى اللحظة السعيدة التى يشتهيها كل قلب تذوق مجد المسيح على هذه الأرض . ان اشواق قلب المؤمن ليست فى النجاح او الطموح الأرضى أو البقاء فى مراكز سامية انما هى موجهة الى السماء انتظارا لشخص المسيح , فإن سيرتنا هى فى السموات التى منها ننتظر مخلصا هو الرب يسوع (فى 20:3)

اذا علمت ان السماء هى وطنط الأصلى سوف تشتهى أن تصل اليها فى اقرب وقت وإذا علمت ان هناك ستنتهى كل الأمك ومفشلاتك وسيمسح الرب كل دمعة من عينيك وسوف تجلس إلى جوار الحمل المذبوح ترنم له بقية عمرك.

اذا تركزت اشواقنا فى الأرض فما اتعسنا اما اذا تعودت عيوننا التطلع الى السماء فسوف تمتلئ فرحا: فرح العودة من الغربة والبعد الى الأستقرار فرح اللقاء فما ابهج هذا اليوم : ان كان انتظارنا له يملائنا بهذا الكم من الفرح فكم وكم تكون سعادتنا حينما نصل إلى هناك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010