سفــر التكـــويـــن ( 3 )

+ مكان الإنسان( 2 : 4 - 25 ).

قصة بدء الانسان (4:2-7)

"هذه مبادىء"(4) هذه اول مره تظهر فيها كلمة " توليدوث " (مواليد) العبرية، كما ذكرنا في المقدمة. فبعدما يتحدث عن ان الله هو مصدر كل الأشياء بصفة عامة، نجدة هنا يركز أهتمامة بكيفية خاصة علي الأنسان. لكن هل هذة قصة ثانية للخليقة ؟ هذا ما أعتقدة البعض، وهو حق فقط بأعتبار ان الأصحاح الثانى يعطينا تفاصيل أدق، وأوصافا أخص، لما ذكر بكيفية مجملة في الأصحاح الأول. حتى لو سلّمنا جدلا بأنه قصة أخرى للخليقة، فإن النتائج التي يذهب إليها هؤلاء النقاد ليس لها ما يبررها. إنه لمعقول إفتراضنا ان موسي كان أمامة أكثر من سجل واحد قديم، أقتبس منة، بإرشاد الله ، ما كتبة عن التاريخ المقدس. فالوحي لا يتتطلب ان الكاتب لا يستعين ببعض المصادر. علي إنه قد يكون من الأفضل أعتبار الفصل الثاني تابعا للأول: ففي الأول نرى صلة الله بالكون كمجموع، وفي الثاني نري صلة الله بالأنسان

بكيفية أخص. وإذا تاملنا في أوصاف خلق السموات والأرض من ناحية العظمة، وجدنا ان قصة بدأ الأنسان قد ذكرت باسلوب قوى خاص، كما لو كان في كتاب، يبحث عن علم الأنسان، وليس معنى هذا ان الأعمال الأخري أقل أهمية، إنما العنصر التصويرى قد إزداد، نتيجة لتكبير الصورة.

" الرب " (4) لقد ذكر أسم " يهوه " المترجم في العربية "الرب " لأول مرة في هذا المكان, وهو الأسم الخاص الذي به أعلن الرب نفسه في التاريخ والفداء، ويبدو ان أستعمال الكلمتين متحدتين معا يؤكد ان الخالق هو نفسه اله إسرائل، المذكور في التاريخ، كالقول " الرب إلهك ". ان الصور الختلفة لاسم الله الذكورة في الكتاب قد أستعملت للتميز، انظر شرح ( خر14:3 و2:6). "جبل " (7) وبالعبرية " ياتسر " والمعني الدقيق لها " شكل " أو" صنع ". ان جسد الأنسان متصل بكل تأكيد مع باقى مواد الخليقة، وهنا نجد ان الله قد عمل جسد الأنسان من مادة سبق ان خلقت. اذا فالتشابة في التكوين بين كل من الأنسان والحيوان، ليس مصدرة تطورا أو أرتقاء من واحد لآخر، انما مصدره وحدة الأساس الذي عمله الخالق لنظام الحياة العضوية. فالنظام الأساسي قابل للنمو في كل الكائنات الطبيعية، سواء في صورتها العليا أو الدنيا. ان الغرض المقصود من ذكر هذا الوصف الدقيق، هو إظهار المعنى للعمل الإلهي الذي عبرت عنه كلمة "بارا " في 27:1 . والشئ المستقل أو الجديد، الذي يميز الأنسان عن الخلائق السابقة له، هو ان الله " نفخ في أنفه نسمة حياة " (7) . بهذه الهبة الفريدة، ألا وهي نفخة الله ، خلق الأنسان على "صورة الله " (27:1). " ترابا من الأرض " (7) وبالعبرية " ادمه " وهو الطين أو الطمى الذي يكون على سطح الأرض ، وهذه الكلمة هي التي أعطت للأنسان أسمه، فالكتاب في اللغة العبرية دائما يذكر أدم حتى 20:2 مسبوقا ب "أل " التعريف المترجمة في العربية " الأنسان " ما عدا مرتين هما 26:1و5:2 حيث لا يجوز استعمالها فيهما، وبعد ذلك أصبحت كلمة " أدم " اسما خاصا له بدون "أل " التعريف . " نفسا حية " (7) وهي بالعبرية "نفش " وقد ذكرت في 20:1 " نفس حية " وفي 24:1 " أنفس حية " وهذا الفصل لا يعتبر سندا يؤيد الفكرة الثلاثية التي تقول ان الأنسان يتكون من ثلاثة أجزاء ، الجسد والنفس والروح فالإنسان يختلف عن بقية " الكائنات الحية " في طبيعة الحياة التي نالها. فحياته قد أتته عن طريق " نفخة الله " . اذا فلا يجب ان نظن ان الأنسان له نفس لكنه هو نفس حية.

جنة عدن (8:2-17)

"شرقا "(8) لا يمكن تحديد مكان هذه الجنة بالضبط، أما كلمة شرقا المذكورة هنا فهي بالنسبه لمكان كاتب القصة. " عدن " (8) هذه الكلمة تعني "سرور " . أما الجنة ومعناها " الفردوس " وهي أسم فارسي لمكان مسر كهذا، لذا فأنها قد أستعملت للأشارة إلى جنة عدن. "شجرة الحياة 000وشجرة معرفة الخير والشر " (9) هاتان الشجرتان لا يجب أعتبارهما شجرتين لهما سر خاص، أو شجرتين لهما قوة طبيعية أو مادية لتوصيل الحياة والمعرفة. ان ذكرهما هنا يشير إلى حقائق روحية. " شجرة معرفة الخير والشر (17)هذة الشجرة كانت بمثابة أختار لإمانة الأنسان وطاعتة لإرادة خالقه. فوجود هذه السجرة المحرمة يعني بكل بساطة، ان الأنسان يميز بين الخير والشر، لكن يبدو ان هناك شيئا في الشجرة أكثر من هذا، لاسيما في ضوء ما ذكر في 22:3. قد يكون القصد من الأختبار الخلقي الذي تقدمة هذه الشجرةالمحرمة هو الوصول إلى النضوج الخلقى، اذا فالحصول على معرفة الخير والشر يكون تبعا لثبات الأنسان في الطاعة، أو سقوطة في العصيان. " موتا تموت " (17) لنلاحظ ان الموت الطبيعي لم يكن أصلاهو مصير الأنسان, فلربما أراد الله ان يستخدم طرقا أخرى لنقل الأنسان إلى كيفية أسمي للوجود بخلاف طريق الفساد أوالهلاك أوالعنف.

ان كلمة " يوم " لا يجب ان تعني سقوط الأنسان ميتا خلال بضع ساعات، لكنها تعني ان لحظة سقوطة هي بداية أختبار البشر لسلطة الموت ( رو12:5-21) . واذا كان حكم اللع لم ينفذ في الأنسان في الحال فهذا يرجع إلى رحمة الله . ثم ان هذه الكلمات لا يقد بها الموت الجسدي فقط ، لان الخطية تسبب الموت المرعب للنفس ، ولا سبيل إلى إعادتنا حتى " نحيا لله " ألا عن طريق الروح القدس المحيي .

خلق المرأة (18:2-25)

" كل حيوانات البريه" (19) ليست هذه قصة اخرى للخليقه بترتيب يختلف عن ذاك الذى ذكر فى الاصحاح الأول. فنحن هنا نرى صلة المخلوقات الدنيئه بالانسان الذى له حق السيطره عليها. "آدم" (20) هنا نجد كلمة "آدم" وقد اضحت أ سم علم لقد ابتدئت شخصية الانسان الكامنه فيه تكتمل. فالقصه ترينا التباين بين شخصية آدم وبين الحيوانات التى ليس لها شخصيه، وترينا ايضا? العمل الألهى في تصوير هذه الحيوانات بكيفية واضحة امام عقل آدم حتى يحرك فيه الرغبه في التمتع برفيق تكون له الرفقه الانسانيه، و يبدو ان القول"اما لنفسه فلم يجد له معينا نظيره"(20) يلمح بان آدم قد اكتشف نقصا فى كيانه. "واحده من اضلاعه" (21) أهمبة هذا العمل هي ان الرجل و المرأة هما في الاصل واحد، كأن كلاً منهما منفصلا عن الآخر في كيانه, وهو بحاجه اليه كي يكمله. فالجنس البشرى كان قد خلق اولاً لا كأنه اثنان, بل كوحده شخصيه. إذاً فالشخصية هي شئ أعظم من مجرد الأنفرادية. " لذلك يترك الرجل أباه " (24) من الصعب ان نقرر ما اذا كان مصدر هذه الكلمات هو أدم الذي أعطي بصيرة إلهية عرفته بالصلات الجنسية للطبيعة البشرية، أم هو كاتب القصة. على ان المصدر الأصلي بكل تأكيد هو الرب نفسه ، كما يظهر من كلمات الرب يسوع في متى4:19،5 . ان الذي يؤكد سيادة الزوج على الزوجة هو عمل الله الذي أوجد المرأة من الرجل : "لأن الرجل ليس من المرأة ، بل المرأة من الرجل " (1كو8:11)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010