سفــر التكـــويـــن ( 4 )

+ دخول الخطية إلى العالم ( 3 : 1 - 4 : 26 )

تجربه الانسان و سقوطه(1:3-7)

ان الكتاب لا يقدم لنا وصفا فلسفيا او نظريا, يرينا المصدر الاصلى للخطيه,لكنه باعتباره كتاب الفداء,يصور لنا الكيفيه التى بها دخلت الخطيه الى دائرة اختبار البشر, و يقدم لنا وصفا تاريخيا لسقوط الانسان.لقد استخدم بعض الشراح افكارا من الخيال لشرح هذا الجزء,لكن الخيال حتى في معناه الشرعى الفني لا لزوم له عند سرد حوادث تاريخيه, ففكرة الشجره المحرمه هى أمر مألوف فى القصص القديمه,و هذه القصص تذكرنا بالطريقه التى بها سقط الانسان.ان النقطه اللاهوتيه المهمه التى يعلنها لنا هذا السجل, هى ان التجربه اتت من الخارج,وان الخطيه هى التى تعدت على حياة الانسان,إذا فالخطيه لا يمكن ان تعتبر كشىء حسن فى دور التكوين,لكنها هى التى افسدت العالم الذى كان حسنا(31:1).

"الحيه"(1) فى قصة سفر التكوين لا نجد مكانا ذكر فيه المجرب باسم ابليس او الشيطان؛ لكن من المحال الا نرى هنا إلا مجرد حيه,لان الحادثهابعد من ان يقوم بها حيوان غير عاقل وحده.ان الوصف ينطبق تماما على الشيطان كما هو واضح فى( يو44:8و2كو14,3:11و رؤ9:12و2:20. لقد استخدم الشرير الصفه الخاصه التى تمىزت بها الحيه, لتنفيذ أغراضه المميته."احيل"(1) ان الكلمه معناها اما "خد?اع" او "ذكى" كما قيل فى متى 16:10 "حكماء كالحيات" ولابد ان المرأة كانت قد لاحظت هذا الذكاء من قبل, لانه لم يظهر عليها شىء من الخوف حين تكلمت اليها الحيه." قالت " (1)ان كلام اتان بلعام(عد 28:22) هو معجزه الهيه, اما كلام الحيه فهو معجزه شيطانيه."احقا قال الله...؟(1) هذا لايجاد الشك و عمل الدسيسه. " تكونان كالله "(5)و بالعبريه"الوهيم" و هى جمع "ايل" الذى هو الله ,وهذا هو الأسم من اسماء الله, له صور مماثله فى كل اللغات الساميه, اذا فكلمة " الوهيم " قد تعني اما " آلهة " كما في (30:31) أو " الله " كما في (1:1) .

ان وجود بعض الصدق في تلك الكذبة جعلها أكثر خداعا (أنظر عد 22) ، نعم ان التناول من الشجرة المحرمة يقود إلى ثبات خلقي، وهي الحالة الكائنة التي فيها الله بطبيعة الحال، لكن التشبة بالله في هذه الحالة، يختلف عن ذاك الذي قصده الله للأنسان. من ناحية تعادل الأخلاق ـ ولو ان هذه الكلمة لا تعبر عن المعني تماما، لأن الأنسان كان قد خلق كاملا وله ميول تتجه إلى الله ـ فإنه كان يجب على الأنسان ان يتقدم إلى مركز أسمى من الكمال الخلقي، ويكون له الثبات في الخلق المقدس. لقد كان قصد الله ان يكون الأنسان مشابها له من جهة هذا الأمر، لكن الخطية قد جعلت الأانسان يصل الى ثبات فى الأخلاق,يختلف عن هذا, لقد نال ثباتا في الأخلاق, لكن تلك الأخلاق كانت شريره في نوعها.

"فرأت المرأة ان الشجرة جيدة " (6) لقد حول المجرب فكر المرأة عن غرض الله في تحريم الشجره, فكلمة الله قصدت من التحريم ان تحمى الانسان من الشر, اما الفكر المتشكك للمرأة الآن, فقد اقنعها بأنه لا ضرر البته فى الشجره المحرمه, و قد ذكرت سيكولوجية سقوط المرأة جليا فى 1يو 16:2."انفتحت اعينهما"(7) لقد كانا حتى تلك اللحظه اطفالا, اما الآن فقد وصلا الى مرحلة البلوغ دفعه واحده.

الله يستجوب المذنبين (8:3- 13)

"الرب الاله ماشيا في الجنه" (8) ان وصف المشي المذكور هنا لا يجب ان يعتبر كمشي الانسان, كما إنه كانت هناك كيفية فريده للحديث بين الله و الأنسان كما تفترضه مسبقا جنة عدن, و كما يؤكده بعد ذلك الى حد ما تجسد ربنا. "أين انت "(9) .(Delitzsch) فالله يبحث عنه لأنه مفقود, لا من علم الله, انما من الشركه معه

الحكم الألهى على الخطيه (14:3-24)

ان القصد الأساسى من القصاص هو العقاب, أما صحة القول بأن القصاص يقصد به الأصلاح أوالتحذير، فهذا ليس من الأهمية بمكان، فالقصاص تدعيم للصلاح وليس غضبة أنتقامية، انه رد فعل قداسة الله ضد كل ما يخالفها، فالخطية والعقاب ليسا متحدين أعتباطا، لكنهما مرتبطان بالقوانين الروحية التي صنع الله الأنسان بمقتضاها.على ان القصاص ليس هو مجرد الكيفية الطبيعية لعقاب العمل الخاطئ، كالألم الذي يشعر به الأنسان اذا وضع يده في النار, لكنه أكثر من العقوبة الطبيعية، فالعذاب بسبب الخطية هو العقوبة القضائية التي يوقعها الحكم الإلهي في الدائره الأدبية

" للحية " (14) من ترتيب الله ان الحيوان, ولو انه لا يعتبر مسؤولاً ادبياً عن أعماله, ألا انه لابد له ان يتألم نتيجة للضرر الذي يلحقه بالأنسان . انظر تك 5:9 ,وخر 28:21 . لقد عمل كل شئ ليساعد على كمال الأنسان الأدبي, لكن اذا كاانت الخليقة ـ سواء منها ما له حياة , أوما ليس له ـ تفشل في الوصول إلى هذا الهدف، فإنها ستقع تحت قصااص من الله ، تأمل لعنة " الأرض " في عد 17 وانظر رو 8 :21،22 . " على بطنك تسعين " (14) ان مسخ صورة الحية, كان جزءاً من اللعنة التي وقعت عليها. " عداوة " (15) هذا يعلل النزاع الشديد الكائن بين الحية والأنسان في دائرة الطبيعة, لكنة يشير أيضا بكل تأكيد إلى الصراع في المجال الروحي

" هو يسحق رأسك وانت تسححقين عقبه " (15) لهذا القول مغزي طبيعي، فالحية تقتل الأنسان عن طريق عضة في قدمه, أما الأنسان فإنه يقتل الحية عن طريق سحق رأسها، على ان العقوبة الإلهية هنا, تتعدى حدود الحيوان وتصل إلى الشيطان نفسه. ثم ان هذه الكلمات تعلن ان النصرة هي للأنسان, فكما ان الأنسان هو الذي هزم , هكذا بأنسان أيضاً تتم النصرة. ان هذه الكلمات لها أولا معني جماعي, هو ان الجنس سيسحق الشرير, كما ان لها معني فرديا, وهذا يظهر في الأنتقال من الحدث عن " نسل الحية "إلى " الحية " ذاتها, وفي ذطر نسل " المرأة " بصيغة المفرد, ففي المسيح وحده " نسل المرأة "يمكن ان تتم هذه النصره, (انظر1 يو8:3) وبناء على هذا تمتع كل البشر الذين في المسيح, بنفس تلك النصرة (رو20:16 و1كو57:15) على ان ما يسترعي الأنتباه هو كيفية تتميم الوعد بكل دقة. لقد ذكرت هذه الكلمات عن المرأة بصفة خاصة, ولما جاء المخلص إلى العالم كان هذا بكيفية معجزية فريدة " من امرأة " غل4:4 . انه لا يجوز ان نستنتج الميلاد العذراوي من هذه العبارة ولكن يحق لنا ان ننظر إلى الكلمات التي ذكرها الرب في وعده,لنرى مطابقتها للكيفية التي بها ولد المسيح. على انه لا ينبغي ان تمر علينا هذه الحقيقة دون ان نلاحظها، وهي، ان ميلاد المسيح من عذراء لم يقل لمن اخطأوا, أنما وجه للمجرب, فعمل المسيح يقصد به أصلاً , اثبات نصرة الله على الشيطان. " للمرأة " (16) لقد كان قصاص المرأة مزدوجا, فبالنسبة لحياتها الجنسية لن تكون هذه متعة بل مجلبة لسلسلة من الآلام, وهي ثانيا يجب ان تخضع لزوجها، فالمرأة التي كانت في الأصل تابعة لزوجها, قد أضحت الآن خاضعة له, ولعل احدى بركات الأنجيل التي تمتعت بها المرأة, هي التخفيف من قيود هذا الخضوع.

" لآدم " (17) في قصاص آدم ينبغى ان ننتبه بكيفية خاصة إلى طبيعة خطيته باعتبارها تعديا على وصية الله ,(انظر 1يو4:3) فاذا كان الله , قد تعامل مع " أرتكاب الخطيه " في شخص المرأة, فانه قد نظر إلى " مبدأ الخطيه " في شخص آدم, باعتباره الرأس فكان القصاص هكذا : "لأنك....أكلت من الشجرة أوصيتك قائلا لا تأكل منها ". "ملعونة " (17) هذا بسبب خطية آدم, لذا فانه من المستحيل ان نعرف حالة الأرض, وصورة الأشياء عند خلقها, بمقارنتها مع حالتها الراهنة. " بالتعب " (17) وهي نفسها الكلمة الواردة في عد 16, فمتي أنتهت الخطية, أنتهت معها الأتعاب (انظر رؤ4:21)."لأنك تراب وإلى تراب تعود " (19) لقد خلق الله الأنسان بكيفية مجيدة على صورة الله , لكن حين دخلت الخطية إلى حياته, فارقه المجد, واعتبر عبارة عن المواد التي تكونت منها هيئته الخارجية, وطبعا ليس معني هذا ان الأنسان كف عن ان يكون نفسا حية, او انه فقد جزءاً من طبيعته, لكنه يعني ان حياته آلان صارت أرضية مادية, وليست في المكان العالي الذي يجب ان تكون فيه.

" حواء " (20) ان الأسم يعني " حي " أو" حياة ". ان كان آدم قد خضع لحكم الموت, فان وجود المرأة, التي هي زوجته, كان ضمان حياة, فعن طريق المرأة, كان سياتي النسل المنتصر الذي يعيد الحياة . " أقمصة من جلد " (21) ان هذا العدد قد يشير إلى المصدر الإلهي للذبيحة, فربما عن طريق أمر مباشر, غير مدون هنا, أو نتيجة اقناع بوحي إلهي, قد?م آدم احد الحيوانات الحية كذبيحة, وقد أستخدمت جلودها في ستر عورتهما,على انه من المستحيل ان نجزم برأى, في الكيفية التي بها صنع الله أقمصة الجلد, أو اذا كان هذا الفصل, يعطينا وصفا ما, للفكرة في أصل مبدأالذبيحة. " كواحد منا " (22) هذا يعني ان الأنسان قد وصل إلى الحالة التي فيها يتمتع بالحكم الأدبي. " ويأخذ من شجرة الحياة " (22) يعتقد البعض ان الشجرة كان فيها سر ما, يحوّل الأنسان إلى درجة أعلى من الحياة الطبيعية, دون ان يجوز في الموت, على أن الشئ الذي يجعلنا لا نؤيد هذا التفسير هو ظهور هذه الشجرة مرة أخرى في سفر الرؤيا. انه لا توجد أشارة في أي مكان من القصة إلى ان آدم وحواء قد عرفا شيئا عن وجود هذه الشجرة ضمن أشجارالجنة, تأمل جيدا ما قالتة حواء في العددين 3,2 ومع انه من الخطر جدا اعتبار الصمت دليلا على شئ ما, الا انه يبدو ان عدم الأشارة إلى هذه الشجرة عند ذكر تصرفات وأفكار آدم وحواء, له بعض الأهمية. ان حقيقة صفات هذه الشجرة, هي من الأمور المحيرة في الكتاب المقدس. وفي سفر رؤ 2:22 تظهر شجرة الحياة مرة أخري, انما بصورة رمزية عظمى ( قارن رؤ7:2) ربما كانت هذه الشجرة كأي شجرة أخرى, لكنها على كل حال كانت رمزاً " لحياة " الشركة مع الله , التي يتمتع بها الأنسان الذي لا يخطئ. " يأكل ويحيا إلى الأبد " (22) ان الأخذ والأكل هي طريقة رمزية تشير إلى التمتع بالحياة الأبدية, تلك الحياة التي ليس في أمكانه الآن التمتع بها, فالصورة ترينا آدم وقد وضع في مكان, لا يستطيع معه الوصول إلى الشجرة التي كانت في أيام براءته تشير إلى سعادته.

" فأخرجه الرب الاله " (23) مهما كان التفسير الخاص بالشجرة, فان عمل الله في طرد الأنسان من الجنة, أمر لا شك فيه, لقد أنفصل الأنسان عن الله فانفصل أنفصالاً حقيقياً عن " الحياة " وهذا يرمز إلىة بأنفصال آدم عن " شجرة الحياة " ولم يستطيع الأنسان الوصول إلى شجرة الحياة بعد ذلك, الا لما تم الفداء. لنذكر اذاً ان " شجرة الحياة " تشير إلى بركة الأنسان, وان " شجرة معرفة الخير والشر " تشير إلى أمتحان الأنسان, واذ سقط الأنسان في الأمتحان فقد البركة. " الكروبيم " (24) ان موضوع الكروبيم يحتاج وحدة إلى دراسة شاملة, لكن يبدو ان القول بانهم ليسوا ملائكة حق إلى حد كبير, ففي غير هذا المكان نجد الله راكباً عليهم ( انظر مز10:18). اذاً فالأفضل أعتبارهم شخصيات رمزية ليست لها طبيعة ثابتة, لأنهم يظهرون دائماً في حركة ونشاط. فعلية يمكننا ان نقرر بأنهم رمز حي لمقاصد الله العاملة. " لهيب سيف " (24) لقد طرد آدم من الجنة نتيجة للخطية, وكان ذلك حسب قصد الله وتنفيذاً لغضب الله . لاحظ ان شجرة الحياة والكروبيم والسيف كانت رموزاً يقصد بها تصوير الحقائق الأمر الذي يؤيده عدم ذكر أي وصف تاريخي يبين ازالتها من الأرض.

قتل هابيل (1:4-15)

" أقتنيت رجلاً " (1) لا شك ان مولد أول طفل بشري كان أختباراً عجيباً لا سيما في ضوء الحوادث المتعلقة بخطية آدم وحواء. " من عند الرب " (1) ان هذه العبارة في النص العبري يمكن ان تحمل معاني مختلفة, فهي قد تعني " من الرب " أو" بمعونة الرب " أو" حتي الرب " وهي ترجمة حرفية, فالأولى ليست حسب قواعد النحو, والثانية تتضمن أستعمالاً شاذاً لكلمة "اث " العبرية, ولو انه ممكن, وهي تقدم معني جميلاً تسندة الترجمة السبعينية. " بعد أيام " (3) ان انتباهنا لهذة العبارة يحل لنا بعض المشاكل التي يظن أحياناً أنها المتعلقة بهذه القصة. لقد أنقضت فترة طويلة بين عددي 3,1, فقايين وهابيل لم يكونا غلامين, ولم يكونا مع والديهما الأربعة الأشخاص الوحيدين في الأرضز " قرباناً للرب " (3) هنا لا يذكر ان القربان كان مؤسساً على فريضة دينية, فلربما قدمه الأنسان من تلقاء ذاته تعبيراً عن الشكر لله وأعترافاً بفضله, فأساس مبداء تقديم الذبيحة يختفي بين طيات المجهول.

"نظر الرب....ولم ينظر " (5،4) لا توجد أجابة مقنعة للسؤال الخاص للكيفية التي بها اعلن الله رضاة أوعدم رضاة, والذين يتصورون ان هناك إشارة ما إلى ان الله في أصحاح 21:3 رسم فريضة الذبيحة يقولون ان السبب في قنول الواحد ورفض الأخر, يرجع إلى ان قربان قايين لم يكن ذبيحة دموية, ولو انه من المستحيل التأكد من هذا, الا ان الشئ المحقق في القصة, هو ان الأخوين قد عرفا ان الله نظر إلى كل من القربانين نظرة تختلف عن الأخرى. " هابيل وقربانة... قايين وقربانة " (5,4) يذكر الكتاب مقدم الذبيحة قبل ذبيحته, وحتي في وقت الناموس اللاوى كانت حالة المقد?م الذهنية تعطي للذبيحة قيمتها الأدبية, انظر عب4:11 وقارنها بذبائح المرائين غير المقبولة (اش10:1-20)

" ان أحسنت " (7) الله يحذر قايين من الخطية المرعبة القريبة جداً فهي كالوحش المفترس المتربص لكي يثب عليه. " أليك أشتياقها وانت تسود عليها " (7) ان هذه العبارة " إليك أشتياقها وانت تسود عليها " صعبة جداً في اللغة العبرية, فنوع الضمير المذكور هنا (ها) في اللغة العبريةو لا يمكن ان يشير إلى الخطية الرابضة, لكنه يشير إلى هابيل, لان الفكرة التي في هذه الأيه تتحدث عن الموقف نفسه, لقد أغتاظ قايين وحسد هابيل, لكن الله ذكره بانه اذا عمل حسناً, فأن أخاه الأصغر سيظل خاضعاً له, ولعل فكرة الخضوع هنا تشابهه المذكورة في تك16:3. " وكلم قايين هابيل " (8) أي " قال له قايين " والجملة في اللغة العبرية تبدو وكانها غير كاملة, على ما قاله قايين يمكن ان يرى من خلال العمل الذي تلا ذلك. " فقتله " (8) ان عمل العداوة والقتل قد قسم البشر إلى قسمين, قايين الذي أتحد مع نسل الحية (1يو12:3 ويو44:8) وهابيل الذي أصبح رمزاً للبار المتألم. " صوت دم أخيك " (10) قارن عب 24:12ز " ملعون أنت من الأرض " (11) فاللعنة تبداء من الأرض المزروعة نفسها (ادمه) اذ ان عمل قايين كمزارع سيصبح باطلاً لانه سيصير تائهاً.

" ذنبي" (13) من الصواب ان نستنتج هنا- بالرغم مما تشير اليه بعض الترجمات - ان الشيء الذى أتعب قايين هو القصاص و ليست الخطيه. "كل من وجدنى يقتلنى" (14) لسنا بحاجه هنا ان نفترض وجود جنس سابق لآدم. لكن يكفى ان نفسر كلمات قايين بأنها اما خوف من غضب انتقام اخوته الاصغر منه, و هذا جائز,او فزع من أفكاره لانه من المحتمل ان تصورات قايين اضحت وحشيه,على ان احتمال تعذيبه على ايدى الآخرين هو استنتاج صحيح نتيجه لما ذكر فى عدد 15.ان اهم شىء يظهر فى هذا الجزء هو ان الخوف فى قلب قايين كان برهانا على قانون العقوبه,وربما الحكم القضائى "تائها و هاربا تكون فى الارض" (12) عن طريق الرعب الألهى الذى احس به قايين فجعله هاربا من تلقاء نفسه. "جعل...لقايين علامه" (15)هذا يظهر ان الله عمل علامه لقايين بطريقه كتلك التى عملها لنوح فى قوس قزح(تك 12:9) التى كلما تكررت بأنتظام أكدت لقايين حماية الرب له, و هذا التفسير افضل من ذاك الذى يقول ان الله قد مييز قايين بعلامه خارجيه تملأ اعداءه رعبا, و تجعلهم عاجزين عن الحاق الضرر به.

نسل قايين (16:4-24)

" وعرف قايين أمرأته"(17) لقد كانت زوجته احدى بنات آدم, ولا يوجد مايجعلنا نفترض ان قايين لم يتزوج قبل ارتكاب جريمته, واذا ادعينا انه لم يكن متزوجا,فليس معنى هذا انه لم يعد مرات الى البيت القديم خلال تيهه, وانه في احدى هذه الفرص اختار لنفسه زوجه. "كان يبنى مدينه"(17) لقد كان هناك وقت طويل بين بناء المدينه و بين اقامة قايين في ارض نود,و القصه توجه التفاتنا الى بناء المدينه, بأعتبار انه مرحله جديده في تقدم المدينه.لا شك ان اذدياد عائلة قايين, واتساع دائرة مسؤولياته كان سببا في بناء المدينه,و غالبا ما كانت المدينه في حد ذاتها لا تزيد عن مكان حصين مجهز للحياه الاجتماعيه.

"ولد لحنوك عيراد"(18) ان النظام الذى ذكرت به سلاسل النسب المختلفه فى الكتاب يحمل لنا بعض الدروس,فنحن نجد هذا المبدأ في الترتيب, انه عند سرد سلسلة نسب لعدة أسر, فأن أهمها في مقاصد الله تذكر اخيرا,أما نسب الاسر الأخرى فان ترتيبه يكون اولا, فهنا مثلا نجد نسل قايين وقد ذكر اولا حتى يترك المجال بعد هذا لذكر القصه التى ترينا مقاصد الله من جهة نسل شيث المختار." لامك " (19) لقد ظهرت الحرف وأبتدئت الفنون فى اسرة لامك, و لا يجوز ان نقول ان هذه الفنون كانت شريره في اصلها, لانها ظهرت اولا في ذلك المكان. " عادة سوصلة, اسمعا لقولي " (23) لقد قال " أني قتلت رجلاً لجرحي, وفتي لشدخي " هذه هي " أغنية السيف " ويبدو ان شاباً هاجم لامك " وجرحه " وسبب له "رضوضاً " وهاتان الكلمتان اشارة إلى ما يحدث للأنسان نتيجة ضربه بقبضة اليد, وقد أفتخر لامك امام زوجتيه بانه قد أنتقم لنفسه بقتل ذلك الشاب, وقد تم القتل بواسطة سلاح حاد, فهو يفخر بامتلاك أسلحة ممتازة تضمن له الطمأنينة والسلام

بداية جديدة في نسل شيث (26،25:4) . " شيث " (25) هذا الأسم يعني "'عيّن " وهو مبني للمجهول, أو" َعيّن " وهو مبني للمعلوم, فالمعني الأول يوجه ألتفاتنا إلى الأبن بإعتباره النسل الذي عينه الله , والمعني الثاني يركز نظرنا في الرب الذي عيّن وقد أدركت حواء عمل الرب الذي وهبها هذا الأبن. ان أول اختيار قامت به نعمة الله يظهر في ميلاد شيث, ومن الآن فصاعداً سوف نريمقاصد الله تتم في هذا النسل المختار إلى ان تكمل في شخص المسيح, "حينئذ ابتدئ ان يدعي بإسم الرب " (26) هذا يمني أسم يهوه ابتدأ يقترن بعبادة الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010