الموضوع: سفــر التكـــويـــن ( 5 )

+ سلسل النسب من آدم إلى نوح ( 5 : 1 - 32 ).

" آدم....ولد ولداً " (3) ان غرض الكتاب من سلسلة النسب هو تتبع نسب البكار, ولا يقصد البتة عمل حساب التواريخ في تحديد الفترات الخاصة بهم, فكشوف سلسلة النسب في الكتاب موضوعة بشكل شعري, مما يمنعنا من أستخدامها لحساب التواريخ. لاحظ الشخصين اللذين كان ترتيب كل منهما العاشر في مواليد آدم (أصحاح 11), وايضاً حذف اسماء سلسلة النسب الخاصة بموسي في (1اي1:6ـ3) والثلاثة الذين ترتيب كل منهم الرابع عشر في إنجيل متي1:1ـ17, فذلك الأسلوب قد تطلب حذف أسماء ثلاثة ملوك هم أخزيا ويوآش وامصيا من عدد8. ثم ان الذي يدرس الكتاب يجب ان ينتبه إلى انه ليس من السهل معرفة اصل الأرقام الحقيقية كما يظهر في المصادر الثلاثة الرئيسة للعهد القديم (النص العبري وأسفار موسي الخمسة باللغة السامرية والترجمة السبعينية) حيث ان الفرق بينهما ليس بسيطاً. " كانت كل أيام آدم التي عاشها تسعمائة وثلاثين سنة " ( 5) لقد فسر البعض طول عمر الأباء الذين عاشوا قبل الطوفان بطرق مختلفة ,

اذ تصور البعض ان الأسماء المذكورة لا تمثل اشخاصاً, لكنها تعني قبائل, وقال البعض الآخر انه من المحتمل ان السنوات كانت أقصر مما هي الآن, أو ان الأرقام كانت غامضة, أوان الأعداد لا تبين تواريخ, لكنها تمثل النظريات السامية في حساب التواريخ, لكن كل هذه المحاولات لتجنب المعني الواضح للنص ليست بمقنعة ولا لزوم لها, وهناك تقليد عالمي يقول بان الأباء للجنس البشري تمتعوا بحياة طويلة, وربما كان هذا حسب قصد الله في أعمال عنايته من نحو الجنس البشري, ويبدو أيضاً انه ان كان الأنسان اليوم لا يستطيع ان يحيا طويلاً, فان هذا يوافق حالته باعتباره كائناً ساقطاً. " سار أخنوخ مع الله " (24) (انظر عب5:11)

+ شر العالم القديم ودينوته ( 6 : 1 - 9 : 29 ).

ازدياد شر الأنسان (1:6-8)

" أبناء الله " (2) لا توجد صعوبة في فهم هذا اللقب على انه يدل على الكائنات الروحية العليا فوق الطبيعة التي تحيط بعرش الله , وفي غير هذا المكان نجد ان " أبناء الله " (الوهيم) يشير إلى الكائنات الملائكية, سواء أكانت صالحة أم ساقطة (أيوب6:1 ودانيال25:3) بينما يعتقد البعض ان هذا يحدثنا عن أتحاد عجيب بين الملائكة الأشرار وبين بنات الناس, ويري غيرهم أنها تشير إلى الأتحاد بين نسل شيث (أبناء الله) وبين نسل قايين. " لا يدين روحي في الأنسان إلى الأبد " (3) ان هناك جدالاً كثيراً حول معني الكلمة العبرية المترجمة " يدين " فهي تعني أيضاً يسود أويعمل أويسكن أويدير, اذاً فالأفضل ان تكون الجملة " الروح الذي منحته أياه لن يعمل في الأنسان إلى

الأبد ", فالروح هنا هو نسمة الحياة المذكوره في7:2, وليس الروح القدس الذي هو الأقنوم الثالث من اللاهوت, وهذة النسمة ما دامت تحدثنا عن الروح, فانها تمثل سيادة خاصة وسلطاناً على الأنسان, فروح الله المعطى له من الله يعمل فيه طالما انه يحييه ويسود على طبيعته الجسديه, " هو بشر " (3) من سياق الحديث هنا نري ان كلمة بشر, يقصد بها الجزء الحيواني أوالمظهر الشهواني لكيان الأنسان اذاً فهذه الآية تعني ان الله سيسحب من الأنسان سيادة الروح مادام الأنسان ايضاًمن جانبه جعل نفسه مجرد " بشر " يفنى.
لقد جعل الأنسان نفسه أقل من بشر, لذا فأن الجنس الذى له تسلط الروح لن يوجد فيما بعد أى ان الجنس البشرى سيمحى, اذا فكلمة الله هذه كانت تهديدا بالهلاك, انظر مز29:104 و قارن تك 17:6و22:7. " تكون ايامه مائه و عشرين سنة" (3) لقد اوشك الله ان يهلك الجنس البشرى كله, لكنه يعطيهم مهله قدرها مائه و عشرين سنة. يعتقد البعض ان هذا التعبير يشير الى تقصير مدة الحياه الى هذه الفتره من الزمن, و لكن الأشارات الى طول آناة الله في 1بط 20:3 والى نوح باعتباره كارزا للبر في 2بط 5:2 بمقارنتها مع فترة الأنذار الأخير و قدرها سبعة ايام في تك 4:7 تبدو إنها تؤيد الفكره التى تعتبر المائه وعشرين سنه فترة تمهل." طغاه"(4)وهى بالعبريه "نفيليم" وقد تعنى جبابره(انظر عد 33:13 ).على ان هذه الكلمه يمكن ان تكون مشتقه من الفعل "سقط" فيصبح معناها "الساقطين" ولما كان من الصعب التأكد من اشتقاق الكلمه, فقد يكون من الأفضل الاخذ بالمعنى الأول للكلمه." الجبابره الذين منذ الدهر ذووأسم"(4) في هذه العباره نجد اشاره لقصص التقليد المعروفه. " شر الأنسان "(5) انظر رو 18:1-32. " فحزن الرب " (6) من المسلم به ان التحدث عن حزن الله انما هو في الواقع تعبير بشرى, الا ان هذه الكلمات لا تخلو من الأشاره الى غضب الله فعلا.ان البحث الخاص بحكمة الله هو امر غامض, لكن الله المعلن لنا في الكتاب يمكن ان يشعر بالحزن, ويتأسف, وهو يتأثرنتيجة لسلوك البشر, ومع ذلك فمحال تصور الاله العالم بكل شىء يندم على عمل أتاه.ان ندم الله ليس تغييرا في المقاصد, لكنه تغيير في الموقف ,ومثل هذا التغيير , متى حدث للأنسان فأنه يشير الى تغيير في الفكر, اذا فكلمة الندم في لغة البشر تعنى هذا التغيير, على ان الله لا يغير فكره قط , ففكره ثابت من جهة المحبه و القداسه, لكن متى تغير الأنسان في تصرفه, تغير الله في موقفه.ان هذا التعبير " فحزن الله" هو مجرد تعبير بلغة البشر يبين ان موقف الله بالنسبة للأنسان المخطئ لابد ان يختلف عن موقفة بالنسبة للأنسان المطيع. " الأنسان مع البهائم " (7) هذه العبارة اذ تفيد ان الهلاك كان شاملاً لكنها تصف مداه, والتعبير الأدق للأصل العبري هو " من الناس إلى البهائم ". " اما نوح فوجد نعمة " (8) ان النعمة التي وصلت إلى نوح خعلته باراً وكاملاً بين الذين عاصرهم, فاختيار نوح هو خطوة ثانية في المقاصد الإلهية للفداء, ترينا ان النعمة تعطى لمن لا يستحقها .

بناء نوح للفلك (9:6ـ22)

" باراً كاملاً " (9) هاتان الكلمتان لا تعنيان ان نوح كان بلا خطية, بل انه كان رجلا مستقيما و بلا لوم. " فسدت الأرض امام الله و أمتلأت ...ظلما " (11) لا عحب ان نرى الفساد مرتبطا بالعنف, فالثانى يتبع الأول مباشرة. ان سبب الخلافات بين البشر بعضهم مع البعض يرجع الىانهم عصاة الله. " الفلك " (14)هذه كلمه عبريه قديمه, تشير غالبا الى صندوق عادى صنع ليطفو على الماء, فنوح لم تبنى سفينه بالمعنى الصحيح,لكنه جمع كتلا خشبيه بحيث تكون ثابته على سطح الماء, و عمل لها سقفا, وقد صنع الفلك من خشب جفر, وطلي بالقار وهو احد المنتجات الطبيعيه فى آشور, وإذا اعتبرنا ان الذراع يساوى 18 بوصه,كان طول الفلك 450 قدما, و عرضه 75 قدما, وقد كان مكونا من ثلاثة طوابق, و بلغ ارتفاعه 45 قدما. ان الكوة المشار اليها في عد16 تسمى " سوهار" و معناها " نور" , وهى تختلف عن " الطاقه" المذكوره في 6:8.وبحسب فهمنا لكيفية تشييد الفلك, يبدو ان الكوه كانت عباره عن فتحه عمقها 18 بوصه تحيط باعلى الفلك لتدخل النور و الهواء. " عهدى"(18) هذه اول مره يظهر فيها هذا التعبير الكتابى المهم, ولنلاحظ انه عهد النعمه(8) وهو مرتبط غالبا بالعهد المذكور في تك 15:3.

دخول نوح الى الفلك (1:7-10)

" جميع البهائم الطاهره"(2) نحن لا نعرف المقصود تماما من كلمة "طاهره" المستعمله في هذه الفقره, فقد تعنى التمييز بين ما يؤكل وما لا يؤكل, او بين الأليف و المفترس, او بين ما يمكن تقديمه ذبيحه وما لا يمكن, لكنها لاتشير غالبا الى ما ذكر في الشريعه الموسويه ( لاويين 11 ). " سبعه سبعه" (2) هذا قد يعنى سبعة ازواج, لكن الأكثر احتمالا هو ان تكون ثلاثة ازواج وواحده اضافيه لتقديمها محرقه." كل قائم" (4) ان العباره المستعمله هنا تظهر مره اخرى في 23:7 و تث 6:11 فقط, فهى لا تدل على الحياه فقط, انما تعنى الوجود, فالله سيزيل و يمحو كل الأشياء القائمه و يبدأ من جديد.

الطوفان(11:7-24)

" ينابيع الغمر العظيم" (11) لقد اهتزت الأرض هزه عنيفه فانطلقت المياه التى كانت تحت القشره الأرضيه, و تدفقت المياه و حملت الفلك اخيرا الى جبال اراراط, و علاوه على هذه المياه المندفعه من تحت الأرض, فقد انسكبت المياه التى كانت فوق الجلد, إذ انفتحت طاقات السماء. ان الحواجز التى وضعت على المياه في اليومين الثانى والثالث من الخليقه قد طغي حتى يهلك العالم الشرير, ولو ان الطوفان ابتدأ في الخريف, لاتفق وقت انسكاب مياه الغيوم مع فترة الأمطار المبكره."كل"
(14) ماكان في الامكان ان يتسع الفلك لأثنين من كل انواع المخلوقات, تلك الانواع الكثيره التى نعرفها اليوم, فأما اساس الأختيار كان معروفا, أو ان مساحة الأرض التى جمعت منها تلك الانواع اقتصرت على الجزء القريب المجاور,أو الرأي الأول هو الطبيعى. ثم انه غالبا ما كانت الوحوش هى تلك التى يحتاج اليها الأنسان لحياته الجديده على الأرض, و قد كان هذا عملا من اعمال النعمه لأجل الأنسان ."أغلق الرب عليه" (16) لابد ان نوحا و عائلته قد احسه في ذلك اليوم بانفعالات نفسيه عميقه. تأمل الحنان الألهى العجيب الذى تجلى في غلق الرب لباب الأمان, و في الروايه البابليه يذكر ان الانسان هو الذى أغلق الباب على نفسه انما لكثرةالخلاص. وقد يحوز لنا ضد هذه النقطه ان نبحث السؤال الخاص بالطوفان أكان شاملا ام لا, و ربما نجد الجواب متى استطعنا ان نعرف جيدا المقصود من كلمة " شامل" هنا . ان كلمة "جميع" و " كل" يجب ان تفهم في ضوء القرينه المذكوره فيها, كما يرى ذلك متى نظرنا الى الأجزاء المذكوره في تك 57:41 و تث 25:2 ومل 24:10 ورو 8:1, 18:10 .هل كان الطوفان شاملا بالمعنى الجغرافى, اى انه غطى كل ميل مربع من وجه الأرض؟ أم انه كان شاملا بمعنى انه اغرق كل البشر فقط؟ يمكننا ان نلاحظ - تأييدا للفكره الأخيره- اذا نظرنا الى الموضوع من ناحية خطية البشر و الدينونه الالهـيـه, انــه مـدام الطــوفـان كـــان شـامـلا فـى محـو الجنس البشرى, فلـيـس مـن ة)ةDelitzsch )الضـرورى ان يكون شاملا جغرافيا. يسجل دليتزش
" ان الغرض من الطوفان كان اقامة جنس بشرى جديد افضل, عن طريق إبادة الجنس القديم غير البشرى منتشرا فيها ". ثم ان هذه المنطقة التي كان البشر منتشرين فيها كانت بالنسبه لهم هي الأفق الجغرافي, أي " كل الأرض " في نظرهم. ( شرح التكوين, المجلد الأول ) وما وصل أليه ليونارد وولي (Sir Leonard Woolley) في " اور" يؤكد هذه النتيجة, ان الطوفان قد محا مدينة بأسرها (انظر اور الكلدانيين الفصل الأول ) وأنتشار قصة الطوفان في العالم كله تقريباً ينهض شهادة قوية على أهمية الطوفان. وتشارلز مارستون (Sir Charles Marston) يقدم حكمة قائلاً : ان الذي يحكم حكماً حقيقياً عادلاً لابد ان يعترف بأن الأساطير التي تأتي من كل أنحاء العالم عن طوفان عظيم حدث, لها أهميتها, أنها توحي بأنه اذا لم يكن الطوفان شاملاً, فلابد انه قد حدث تشتيت عام لنسل أولئك الذين عرفوا الطوفان المذكور في الكتاب (الكتاب صادق صفحة 69 The Bible is True). " تحت السماء " (19) هذا يتفق مع النظرة السابقة الخاصة بأتساع الطوفان من الناحية الجغرافية, فهذه العبارة تعني " تحت كل الأفق ". " خمس عشر ذراعاً في الأرتفاع " (20) أي نحو24 قدماً تقريباً .

أنحسار المياه (1:8-14)

" فهدأت المياه " (1) أي " صارت ساكنة ". ان تيارات المياه التي سببها أنفجار " ينابيع الغمر العظيم " (11:7) قد أنتهت, والمياه قد هدأت, ويبدو ان المياه غالباً ابتدأت تتراجع إلى البحر. لاحظ كلمة " رجعت " في عد 3. " جبال اراراط " (4) لقد ذكرت اراراط بعد ذلك في 2مل37:19 واش38:37 وار27:51. هذه تشير إلى ان اراراط تقع في مكان ما من ارمينية, وقد أستقر الفلك غالباً في مكان منبسط فوق أعالى هذه الجبال. " رؤوس الجبال "(5) هذا يعني أنها "أصبحت تري بوضوح ",
فهي لم تبدأ في الظهور في ذلك الوقت, لكنها كانت مختفية وراء الضباب الذي تسبب من انسكاب تلك الأمطار, وقد سجل كاتب تاريخ " لانج " ملاحظة على هذا الفصل قال فيها " هذا يرينا مثالاً أخر لكيفية ذكر القصة كلها في أعتمادها على ما يرى (بالعين), ويبدو ان الذي كتب القصة هو شخص كان موجوداً ". " سبعة أيام " (10) تري هل كانت فترات السبعة الأيام الظاهرة في هذه القصة تشير إلى حفظ السبت في هذا الوقت المبكر؟ " اليوم السبع والعشرين من الشهر " (14) ان تواريخ الطوفان يمكن ان توضع في جدول كهذا :

- لقد سقط المطر خلال اربعين يوماً (12:7) 40 يوماً
- استمرت المياه ترتفع مدة 110أيام أخري
فتصبح الأيام التي تعاظمت فيها المياه 150 يوماً (24:7) 110 أيـام
- لقد نقصت المياه في مدة قدرها 74 يوماً
وقد كان هذا من يوم 17 في الشهر السابع إلى اليوم الأول
من الشهر العاشر (5:8) ولما كان الشهر يتكون من
30 يوماً, يكون عدد الأيام 13+30 +30 +1 =. 74 يوماً
- مضي بعد ذلك اربعون يوماً قبل ان يرسل نوح الغراب (7,6:8) 40 يوماً
- ثم مرت سبعة أيام قبل ان يرسل نوح الحمامة للمرة الأولى (8:8)
وهذه الفترة لازمة للوصول إلى المجموع, وهي متضمنة في عبارة
" سبعة أُخر " في عد 10. 7 أيام
- ومرت سبعة أيام قبل أرسال الحمامة للمرة الثانية (10:8) 7 أيام
- ثم مرت سبعة أيام أخرى قبل أرسال الحمامة للمرة
الثالثة (12:8) 7 أيام
- إلى هنا يصبح المجموع 285 يوماً, لكن الحادثة التي تلي هذا
كانت بتاريخ أول يوم من الشهر الأول من العام 601, فتكون
الفترة من التاريخ في 11:7 إلى هذه النقطة في 13:8 عبارة
عن 314 يوماً, اذاً فقد مضت فترة قدرها. 29 يوماً
- ثم من كشف غطاء الفلك حتي نهاية الأختبار (14:8) 57 يوماً
فيكون المجموع 371 يوماً

ان الشهر في تقويم السنة كان يتكون من 30 يوماً, اذاً فالمدة ما بين 17من الشهر الثاني عام 600إلى 27 من الشهر الثاني عام 601 كانت سنة و11 يوماً, أي 371 يوماً, كل هذا على أساس حساب التقويم فقط, واذا أمعنا النظر في فحص الأيام الحقيقية بحساب الشمس لظهرت أمامنا حقيقة تستحق الذكر. ان هناك29 يوماً ونصف فقط في الشهر القمري, ولكن لأجل التقويم كان اليوم الأول من الشهر الذي طوله 24 ساعة يحسب على دفعتين, فنصفة الأول كان يتبع الشهر السابق, والنصف الأخر يتبع الشهر الذي يلية. ان 12 شهراً قمرياً هي في الواقع 354 يوماً, فاذا اضفنا 11 يوماً (من17إلى27من الشهر الثاني) لوصلنا إلى الرقم 365, واذ ذاك تظهر لنا الحقيقة وهي ان الطوفان قد استغرق سنة شمسية كاملة. ان الآراء الهدامة للنقاد, التي تقول أنه يوجد هنا وصفان للطوفان, احدهما يذكر ان مدة الطوفان سنة وأحد عشر يوماً, بينما الثاني يعتبر أنها استمرت لمدة واحد وستين يوماً فقط, هي ادعاءات لا قيمة لها, فالخلاف الذي يدعونه ناتج عن أفتراضات النقاد, ولا وجود له خارج نظرياتهم, ويرجع أسلوب هذه القصة إلى التشابه في التعبير الذي كان الأدب العبري يتميز به, أما بخصوص قصة الطوفان التي ذكرها البابليون وغيرهم, فيجب الرجوع إلى ما ذكر في قاموس الكتاب .

نهاية الطوفان (15:8-22)

" بني نوح مذبحاً " (20) لقد ابتدأت الحياه الجديدة للأ نسان على الأرض بعمل من أعمال التعبد لله , وهذه هي أول مرة يذكر فيها المذبح على صفحات الكتاب, ولو انه قد لا يعتبر أول مذبح بُني. " تصور قلب الأنسان شرير" (21) ان هذا الذي كان سبباً للدينونة, أصبح ينظر إليه الآن باعتباره أمراً يقدم للرحمه الإلهية فرصة للعمل.

الجنس البشري يبدأ من جديد (1:9-7)

" بارك الله نوحاً " (1) ان بركة الله استقرت على نوح باعتباره رأساً ثانياً للجنس البشري. تأمل المقارنة بين بركة نوح, وبركة آدم (تك29,28:1) وايضاً الشروط الإلهيه لذلك. فأولاً بخصوص أكل الدم: يظهر من عد3 أنه لم يسمح للأنسان بأكل اللحم الا بعد الطوفان, ولعل هذا التصريح الذي منح كان له اتصال بذبيحة نوح, وربما كان هنا الذبيحة التي كان المتعبد يشترك في الأكل منها. ان تحريم أكل الدم, بمقابلتة مع التحريم في جنة عدن, يعلمنا دروساً مفيدة, فالامتناع عن الشجرة " المحرمة " كان علامة الطاعة التي تطلبتها قداسة الوصية, والدم المحرم كان سفكه علامة الكفارة الإلهية التي رسمتها قداسة النعمة. أما الشرط الثاني, فقد كان بخصوص سفك الدم, وهذا التحذير الخطير في (عد6,5) حفظ قدسية الحياه البشرية, فالدم يشير إلى ذلك السر الذي نسمية " الحياه " التي هي عطية الله وحده, وليس للأنسان ان يتصرف فيها والسبب الأعظم في ذلك هو "لآن الله على صورتة عمل الأنسان"(6) .

العهد الخاص بقوس قزح (8:9-17)

" ميثاقي " (9) ان الميثاق شئ أكثر من الوعد, انه أتفاق, فالله يدخل في ميثاق, وهو أكثر من مجرد النطق بوعد, ليعطي نوح تأكيداً أكثر, ولكي يعلن ان تعهده الذي قطعه على نفسه لن يلغي. " علامة " (12) هذه العلامة مرتبطة بذلك الميثاق. " وضعت قوسي " (13) وهي تعني " أقمت قوسي ". لقد رأى نوح قوس القزح مرات كثيرة من قبل, لكنه من الآن فصاعداً سيصبح كمذكر له وكضمان للعهد,ان هذا الجزء يعلمنا دروسا تتعلق بالطبيعه الحقيقيه لمبدأ "السر" الدينى,
" فالسر" هو "علامه" خارجيه مرتبطه "بكلمة" ما, فالأيمان يمسك بالوعد المرتبط بالعلامه و العلامه تقوّى و تثبّت الأيمان بأن الله سينفذ كلمته, فحيثما لا يوجد ايمان بالوعد, فان العلامة لن تؤكد شيئاً, اذاً فالكلمة والعلامة لا يمكن ان ينفصلا ابداً. " أبصرها " (16) هذا تعني نظرة مقصودة, فهذه هي الكيفية التي بها يقطع الرب على نفسه عهداً

بركة سام ويافث9:(18 –29)

" سام وحام ويافث " (18) لقد ظهرت آراء فلسفية كثيرة فيما يتعلق بالأسماء وترتيبها, نظراً للأشارة في عد24 إلى ابن نوح الأصغر اذ يقول " ابنه الأصغر ". ان كلمة ابن في الغة العبرية تستعمل غالباً بمعني " حفيد ", ولما كانت اللعنة التي نطق بها نوح قد وقعت على كنعان بن حام, فمن المعقول جداً ان نستنتج ان الأشارة في عد24 ليست إلى حام, لكنها إلى كنعان حفيد نوح الذي غالباً ما قام بدور قبيح في ذلك الأمر المحزن. "سكر" (21) لقد نوح فلاحاً, لكن زراعة العنب كانت جديدة بالنسبة له, ولما لم يكن نوح يعرف التأثير المسكر للخمر, فقد شرب منه كثيراً, ولما وصل إلى الحالة التي فيها فقد السيطرة على نفسه, صدر منه ذلك التصرف المخالف للحشمة اذ " تعرى ". ويبدو ان حاماً أخطأ حين رأى هذا, وأضحى في حالة غير طاهرة, فأصابه القصاص الوارد في سفر حبقوق 15:2.

من المحتمل ان الأعداد من 25-27 كانت قطعة من شعر قديم. " عبد العبيد " (25) ربما تمت هذه اللعنة في خضوع الكنعانيين لإسرائيل فيما بعد (انظر عد26), أوقد يكون لها معني ديني, فالعبارة تشير إلى أحط أنواع العبودية, وبالمقارنة بين البركات الروحية لسام, وبين لعنة كنعان المقابلة لها, نرى انه ما أحقر خرافات عبادة الأوثان التي قام بها شعب كنعان. " مبارك الرب إله سام " (26) فهو لم يقل " مبارك سام" انما قال " مبارك الرب إله سام" لقد أعلنت بركة سام بروح النبوه لأن نسله كلن سيؤتمن على معرفة الله, و لقد كانت هذه بركه حقاً. " ليفتح الله ليافث" (27) و الأسم المذكور هنا هو " ألوهيم" بينما "يهوه" قد خصص لنسل سام أبناء الموعد, و الأشاره الى السكن " في مساكن سام " (27) تشير غالبا الى أمل المشاركه في البركات الروحيه للأنجيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010