كاتب هذا السفر هو ناحوم الألقوشي من ساكني ألقوش وهي قرية في الجليل حسب التقليد اليهودي الذي حفظه جيروم في كتاباته فيقول:" إنها في الواقع قرية صغيرة جداً وليس بها أي آثار أو أطلال قديمة ، ولكنها معروفة جيداً عند اليهود ، وقد أراني إياها الدليل الذي كان يرافقني . وتقع هذه القرية على بعد نحو 15 ميلاً إلى الشمال الغربي من بحر الجليل".
أما اسم ناحوم فهو اسم عبري Mwxn معناه "تعزية" فقد جاءت رسالته تعزية ليهوذا "صالح هو الرب حصن في يوم الضيق وهو يعرف المتوكلين عليه" (ناحوم 1 : 7).
هو سفر تحرير ليهوذا وفي نفس الوقت عقاب لشر آشور وعاصمتها نينوى لأنه "على من لم يمر شرك على الدوام" (ناحوم 3 : 19). فمملكة آشور هي العدو الأول لله وشعبه في ذلك الوقت.
وقد عاش ناحوم في أيام الملك الصالح حزقيا والنبي العظيم إشعياء. وحينما غزا الآشوريين بلدته هرب إلى مملكة يهوذا الجنوبية وربما يكون قد استقر في أورشليم. و كتب نبوته في الفترة الزمنية بين سقوط "نو آمون" الذي حدث في حوالي سنة 668 ق.م الذي يتحدث عنه ناحوم (نا 3 : 8 – 10) ، وسقوط نينوى سنة 612 ق.م والذي يتنبأ عنه في هذا السفر ويضع البعض سنة 654 ق.م تاريخ لهذه النبوة.
وموضوع هذا السفر هو سقوط نينوى المدينة التي سبق وقام يونان بتحذيرها من عقاب الله، فقد أخطأت نينوى أمام الله وأعلن ناحوم عقاب الله العادل نحوها. وفي دينونة نينوى نرى دينونة الله للعالم الخاطئ. فقد كتب ناحوم بعد حوالي قرن ونصف من توبة أهل نينوى وصومهم وتذللهم ، وكان أهلها قد عادوا إلى شرورهم ولم يحافظوا على توبتهم، وطغوا في ظلمهم للشعوب المحيطة بهم.
الدينونة (ناحوم 1 : 1 – 7)
في الإصحاح الأول من سفر ناحوم نرى الله القاضي العظيم وهو يحكم على هذه المدينة الخاطئة. فالله العادل لابد أن يحكم في هذه القضية بعدله ويجازي على خطايا نينوى التي ارتكبتها. ورغم تمهل الله وطول أناته الذي يقود إلى التوبة إلا أن قضائه العادل لابد أن يتم في الوقت الذي يراه مناسباً.
ولنرى الصفات التي يتصف الله بها كقاضي والتي تجعلنا ندرك خطورة الخطية والشر وعقاب الله لها :
فهو غيور (2) لا يقبل الشر أو العبادات الكاذبة
منتقم (2) في وقته من الأشرار
ذو سخط (2) فهو شديد الغضب نحو الظالمين والأشرار الذين يبغضونه.
حافظ غضبه على أعدائه (2) وإن تمهل على أعدائه.
لا يبرئ البتة (3) فهو لا يترك الشر بدون عقاب.
كما نرى صفات الله كأب وكيف أنه يريد خلاص جميع الناس ، يريد توبة الأشرار ونجاتهم رغم كرهه للخطية:
فهو بطئ الغضب (3) يتمهل ، ويعطي الفرص من أجل التوبة مرة بعد مرة.
وهو صالح (7) ، لا يظلم أبداً.
وحصن في يوم الضيق (7) يلتجأ إليه الضعفاء
ويعرف الذين يتكلون عليه (7).
وحينما ننظر إلى الآيات الأولى في السفر ونرى غضب الله على الشر فإنه ينبغي أن نفكر في حياتنا نحن وفي أحوالنا وفي الشرور التي نرتكبها والتي تغضب قلب الله. الشرور التي تفصلنا عن الله وتجعلنا عرضة للعقاب والوقوع تحت دينونته.
وفي نفس الوقت ينبغي أن نفكر في عمل الله من أجلنا ، في الابن الحبيب الذي فدانا بدمه الكريم على عود الصليب ليمحو خطايانا ويطهر آثامنا ويغطي نقائصنا.
ينبغي أن نتذكر طريق التوبة المفتوح أمام كل واحد مهما كان حجم خطايانا لأنه "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" ( 1 يو 1 : 9).
فالله لم يعاقب آشور وعاصمتها نينوى كنوع من الكراهية الشخصية أو الاضطهاد العرقي، فقد تمهل عليهم كثيراً وأعطاهم الفرص واحدة تلو الأخرى لعل أبرزها ما حدث في أيام يونان ، وقبل توبتهم ولكنهم لم يحافظوا عليها وعادوا إلى شرورهم.
استهانوا بتمهل الله وطول أناته ، ولم يعرفوا أنه القاضي العادل الذي لا يتنازل عن عدله أبداً رغم محبته وتحننه ورأفته وصبره.
ليتنا لا نستهين بلطف الله بنا وإمهاله ، ليتنا نعلم أنه يقودنا إلى التوبة، ليتنا ننتهز هذه الفرصة المتاحة والوقت المقبول.
ليتنا نعلم قداسة الله التي تتعارض تعارضاً تاماً مع الخطية الدنيئة وتحزن قلب الآب الحبيب ، فنكرهها ونتركها.
القضاء ( ناحوم 1 : 8 – 14)
تتحدث هذه الأعداد عن المعركة التي يعاقب فيها الله نينوى:
- هلاكها هلاك تام ( نا 1 : 8 و 9)
- ستهلك والمدافعين عنها سكارى بخمرهم (نا 1 : 10).
- سيمحى اسمها تماماً (نا 1 : 14).
- سيعد الله لها قبراً (نا 1 : 14).
وتعتبر نينوى شاهداً لعظمة نبوات الكتاب المقدس. فقد تمت هذه النبوة وتحققت تماماً وانتهت مملكة آشور ، وتحولت نينوى العظيمة إلى أطلال ولم تقم لها قائمة مرة ثانية ، ومن يزورها يجد فقط بعضاً من أطلالها القديمة.
وينتهي هذا الإصحاح بنبوة رائعة عن نجاة يهوذا: هوذا على الجبال قدماً مبشر مناد بالسلام عيدي يا يهوذا أعيادك أوفي نذورك فإنه لا يعود يعبر فيك أيضاً المهلك. قد انقرض كله" (نا 1 : 15).
تنفيذ الحكم (ناحوم 2 ، 3)
لنقرأ ما يقوله الله في هذين الإصحاحين القصيرين. لنجد صورة واضحة لحصار نينوى وسقوطها وتخريبها. فالله يحطم الأمة المتمردة العاصية.
وهنا نرى النبي يعطي صورة وصفية رائعة للطريقة التي خربت بها نينوى قبل حدوثها بسنوات طويلة. فقد أحاطت بها حشود الجيوش والقوات من حولها وهاجمتها ( 2 : 1 – 4) فخارج الأبواب نرى المديانيون مجتمعون بتروسهم البراقة وملابسهم الحمراء (القرمزية)، ونسمع الأصوات الصاخبة للمركبات المندفعة ، ونرى كرومهم التالفة وأشجارهم المهتزة.
ورغم الدعوة إلى حراسة الحصن ، ومراقبة الطريق ، وتشديد الحقوين، وتمكين القوة (2 : 1) إلا أن الوقت قد فات ولابد من تمام قضاء الله.
وقد كانت الحنادق التي تحيط بالمدينة من أهم وسائل الدفاع عن نينوى ، وكانوا يملأونها بالماء عن طريق نهران قريبان ( 2 : 6 و 8 )، وفتحت الأبواب التي كانت على هذه الخنادق ( 2 : 6) . واصبحت نينوى مثل بركة ماء ( 2 : 8 ).وأجبر المدافعون عنها على الهروب أمام هذا الهجوم الساحق.
ولم يستطيع المدافعون الصمود رغم النداءات المتكررة : " قفوا ، قفوا" ( 2 : 8 ) واستمر المهاجمون قائلين : "انهبوا فضة ، انهبوا ذهباً"، وتنتهي المعركة ، فلا يبقى إلا " خلاء وخراب " ( 2 : 10 ).
وينتهي هذا الإصحاح بالإشارة إلى عقاب الأسود المفترسة التي لا تجد مأوى وهي ترمز إلى مملكة آشور التي اعتزت بالأسود وأخذتها رمزاً لها. لقد هُزِمَ الأسد المفترس الذي كان يجول ملتمساً من يبتلعه بقوة الله وقضائه.
مرثاة على نينوى (ناحوم 3)
ثم يعلن النبي الويل لمدينة الدماء نينوي واصفاً سقوطها سعيداً بتحقيق عدالة الله وانتصاره على قوى الشر. ويتحدث عمَّا سيصيبها من خزي وعار ( 3 : 1 – 6).
ثم يتحدث عن أسباب سقوطها المتمثلة في سحرها وزناها ( 3 : 4 )، وفى ذلك إشارة إلى ديانتها الوثنية واعتمادها على أعمال العرافة والتنجيم لمعرفة المستقبل.
ثم يشير النبي إلى بلاد أخرى قد ذهبت على السبي بسبب شرورها مثل نوآمون ، كوش ، فوط ، لوبيم ( 3 : 8 - 11 ) ، ويؤكد أن أشور ليست أفضل من تلك البلاد .
ويختم النبي نبوته بأنه رغم عظمة نينوى وقوتها ، فإن كل هذه العظمة ستزول وتنهار (3 : 13 – 19) وينهي قائلاً:" ليس جبر لانكسارك. جرحك عديم الشفاء" (19)ز
وحيث أن آشور هو رمز لإبليس ومملكته فإن زوال مملكة آشور هو إشارة واضحة لانتصار السيد المسيح في معركة البشرية الحاسمة على عود الصليب حينما قيد ابليس وكل قواته الشريرة معطياً إيانا وعود الغلبة والانتصار.
أحدث الموضوعات
From Coptic Books
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010
المشاركات الشائعة
- اكلات صيامى بمناسبة بدء الصوم كل سنة وانتم طيبين
- مسابقة فى صورة اسئلة مسيحية
- افكار تنفع مدارس الاحد { وسائل الايضاح }
- الحان اسبوع الالام mp3
- صور تويتى للتلوين
- دراسة كتاب مقدس ... لابونا داوود لمعى
- صور يسوع المسيح ( مصلوب )
- صلوات الاجبية بالصوت mp3
- حصرياً : اعلان نتيجة مهرجان الكرازة & شعار مهرجان الكرازة 2010 Mp3 ومنهج الألحان
- أرشيف الترانيم والمدائح أون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.