دهنة الزيت

في ليلة حالكة ، توفيّ الأب الفاضل ، تاركاً وراءه امرأة وأولاد صغار ودَيْناً كبيراً، كان يأمل أن يوفيه في السنوات القليلة القادمة . لم يتقدّم أحد من الاقارب لإعانة هذه الارملة وأولادها ، أو لكي يساعدها على ايفاء ديونها التي راحت ترتفع بالفائدة ، مع مرور الايام . بل ما زاد المأساة ضيقاً أنّ المداين المرابي كان يلحّ على الارملة ويطرق بابها كلَّ يوم مطالباً إياها بماله والفائدة ، حتى هدّدها أخيراً بأنه سيضطر لأخْذ ولَديْها الكبيرين له عبدَين !

فضاق الأمر على تلك الارملة ، وراحت تبكي وتصلّي الى الله القادر ان يجد لها منفذاً من هذه التجربة الصعبة. فأرشدها الله في الصلاة أن تقصد نبيّه الأمين أليشع ، وتعرض مشكلتها المتفاقمة .

رأى النبي الملهم مقدار هذه التجربة ، كما أدرك مستوى ايمان هذه الارملة بالله القادر أن يفتح باب المستحيل. فسألها النبي قائلا: "ماذا لكِ في البيت؟" ولم تكن الارملة مبالِغةً في جوابها حين قالت: "ليس لي شيء في البيت إلا دهنةَ زيت!" فقال لها النبي: "إذهبي استعيري لنفسك أوعية فارغة من عند جميع جيرانك، لا تقلّلي . ثم ادخلي واغلقي الباب على نفسكِ وعلى بنيكِ وصبّي في جميع هذه الاوعية ، وما امتلأ انقليه."

لقد قدّم النبي أمرَ الله لهذه الارملة ، والذي كان يفوق المنطق والمعقول ؛ فكيف يمكن لدهنة زيت أن تملأ أوعية فارغة كثيرة ؟ أمّا المرأة فلم تنجرف بالعقل والمحدود ، بل انقادت بالايمان اللامحدود بالله وبكلمته المقتدرة . ففعلت كما قال لها النبي: استعارت أوعية كثيرة ، وأغلقت الباب على نفسها وعلى بنيها ، وصبّت الزيت حتى ملأت الأوعية كلّها ؛ وعادت لتسأل النبي عن ارادة الله في هذه المعجزة ، فقال لها : "إذهبي بيعي الزيت وأوفِ دينكِ وعيشي مع بنيكِ بما بقي!"

لا حدود للبركة التي يمنحها الله لكل مَن يؤمن بكلمته المقدسة ، لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد ، وبكلمته لنا غذاء للنفس والروح ، بل وللجسد ايضاً . لقد قال السيد المسيح: الكلام الذي اٌكلّمكم به هو روح وحياة ... أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء ، إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا الى الأبد (يوحنا 63:6و51)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010