أثناسيوس الرسولي ...شخصيات كتابية وتاريخية




أثناسيوس الرسولي ...شخصيات كتابية وتاريخية
==============================

القديس أثناسيوس، بطل قانون الإيمان النيقوي، والرجل الذي وقف وحده ضد العالم ليدافع عن الإيمان المسيحي الصحيح من البدع والهرطقات التي تعرض لها في ذاك العصر، إنه أبرز شخصيات القرن الرابع الميلادي على الإطلاق.

لقد آمن أثناسيوس بالرب يسوع المسيح، وملَّكه على حياته إلهاً ورباً وسيداً، وعاش معه حياة الشركة والقداسة، حياة الطهارة والنقاء، فأستحق أن يكون بطلاً للإيمان الأرثوذكسي القويم، ومُدافعاً عن حقيقة لاهوت السيد المسيح، وواضعاً لفاعليات قانون الإيمان النيقوى. واستحق أن تمنحه الكنيسة لقب "الرسولي" و "حامي الإيمان" ليرتبطا باسمه ولتعرفه الأجيال باسم "القديس أثناسيوس الرسولي" حامي الإيمان.

القديس أثناسيوس و حياته

كان الإمبراطور الروماني دقلديانوس لم يزل يضطهد المسيحيين ويُنكِل بهم حين ولد الطفل أثناسيوس نحو عام 296 ميلادية، لأسرة شريفة بمصر. ويختلف المؤرخون حول المدينة التي ولد فيها القديس أثناسيوس، يتفق الأغلبية على انه ولد بمدينة الإسكندرية، ويقول البعض بأنه ولد في صعيد مصر، في مدينة أخميم القريب من سوهاج، وقبل أن يُكمل أثناسيوس عامه الخامس عشر، إلا وكان دقلديانوس قد رحل عن هذا العالم وانتهى معه عصر الاضطهادات المريرة التي عانى المؤمنون منها طويلاً

تولى قسطنطين وبدأ عهداً جديداً، وما لبث أن رحل والد أثناسيوس تاركاً الطفل وحيداً مع أمه التي اهتمت به وقامت على تربيته وتعليمه، فأرسلته إلى إحدى المدارس المسيحية ليتعلم فيها، وهناك تأثر أثناسيوس بحياة المسيحيين ودرس المسيحية وفضائلها، وسعى لأن يكون مسيحياً من تلقاء نفسه، ولما عرفت أمه بالأمر جاءت به إلى البابا الكسندرس البطريرك التاسع عشر على كرسي الإسكندرية، وأبدت له رغبتها هي وولدها في اعتناق المسيحية، فلبى طلبهما واعتمدا وصارا مسيحيين، بينما تحكي راوية أخرى أن القديس أثناسيوس ولد لأسرة مسيحية و من خلالها تعلَّم الطقوس والفضائل المسيحية التي سرعان ما ظهرت عليه وهو ما يزال بعد طفلاً.

مع مرور الوقت أراد أثناسيوس أن يزداد عمقاً في علاقته بالله، وليستفض من الدراسات الروحية العميقة، وحباً في تعلُم حياة النسك والتقشف، عزم على الذهاب إلى مناسك القديس انطونيوس حيث أقام هناك فترة من الزمن وتعلم الكثير عن حياة الرهبنة ومطالعة حياة وسير القديسين.

ولما ظهرت علامات النضج والتميز على الشاب أثناسيوس، قرّبَه البابا الكسندرس إليه وضمه لتلاميذه، وسامه شماساً في عام 319 ميلادية، وجعل منه كاتماً خاصاً لأسراره، خلال هذه الفترة إنعقد مجمع نيقية وكان للشماس أثناسيوس دوراً بارزاً فيه، حيث تصدى لبدعة آريوس ووضع أسس قانون الإيمان النيقوي.

تنيح البابا الكسندرس وبناء على تزكيته ورغبته في أن يكون أثناسيوس خليفته، اختير أثناسيوس بطريركاً على كرسي الإسكندرية في يونيه من عام 328 ميلادية، وليصبح القديس أثناسيوس البطريرك العشرين على كرسي الإسكندرية.

نعم لقد كان أثناسيوس ينمو ويتقدم في حياته إذ أحب العلم دَرَس الفلسفة اليونانية، والقانون الروماني، وإذ أحب الحياة الروحية كان يَنهل من الكتاب المقدس والعلوم الروحية وحياة القديسين مما جعله يزداد تواضعاً ومحبة وتقدماً على أقرانه، وجعل من حب الشعب إليه أمراً ساعده كثيراً في حياته وحروبه ضد البدع والهراطقة.

كتابات القديس أثناسيوس

كتب القديس أثناسيوس عدداً كبيراً من الكتب والرسائل المتنوعة، من بين هذه المؤلفات "تجسد الكلمة" (وهو كتاب معرب، ترجمة القمص مرقس داود)، ضد الوثنيين، شرح الإيمان، مقالة في تحديد العقائد، بالإضافة للكتابات التفسيرية التي تناول فيها بالشرح، المزامير، أجزاء من إنجيل متى، أجزاء من إنجيل لوقا،على أن أغلب كتابات أثناسيوس كانت ضد الهراطقة وخاصة الآريوسية.

وأخيراً بعد رحلة خمسة وأربعين عاماً قضاها القديس أثناسيوس في الجهاد الروحي ضد طغمات الشر، وضد الهراطقة، وفي الجهاد للمحافظة على الإيمان السليم الذي تسلمته الكنيسة، فقد ذاق مرارة النفي مراراً كثيرة حيث نُفي خمس مرات ليترك فيها رعويته وكرسيه البطريركي، لكنه أصبح مثلاً في موقفه المدافع عن الحق والعقيدة الكتابية، وقد سام نحو مائتين وسبعين أسقفاً.

تنيح القديس أثناسيوس في عام 373 ميلادية، ليكون بذلك عاش سبعة وسبعين عاماً على الأرض، مات لينضم إلى سحابة الشهود وإلى مَن كتب عنهم الكتاب المقدس "في الايمان مات هؤلاء اجمعون" (العبرانيين 11 : 13).

أثناسيوس وحربه ضد الهراطقة

رحلة عبر التاريخ

كما أن تاريخ الكنيسة حافل برجال عظماء في إيمانهم وتجاربهم واختباراتهم الروحية، فإن هذا التاريخ أيضاً يروي لنا عن بعض الذين لم يفهموا حقيقة الإيمان المسيحي القويم، أو مَن حاول أن يضيف للإيمان المسيحي من فلسفات العالم المعاصر له، ومنهم مَن ابتعد قليلاً أو كثيراً عن جوهر الإيمان فزاغ وأزاغ معه الكثيرين.

فمنذ أن كان السيد المسيح على أرض كوكبنا، آمن به الكثيرون، إلهاً حقيقياً متجسداً في صورة إنسان مدركين تماماً معنى ما كتبه الرسول بولس بالروح القدس حين قال " فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ايضاً الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله لكنه أخلى نفسه أخذاً صورة عبد صائرا في شبه الناس وإذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومَن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فيلبي2 :5 -11).

بينما ضلّ البعض الأخر في معرفة السيد المسيح وناصبوه العداء وظنوه إنساناً وواحداً من بني البشر، جاءت تعاليمهم عنه مُضِللة وبعيدة عن الحقيقة، وقد حذرنا التلاميذ والرسل من هؤلاء ومن تعاليمهم، فيكتب الرسول الحبيب يوحنا "أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله لان أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم" (1يوحنا4 : 1). وينبهنا رسول المسيحية بولس قائلاً " .. انه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين ارواحاً مضلة وتعاليم شياطين" (1تيموثاوس 4 : 1).

وقد كانت حقيقة لاهوت السيد المسيح ومازالت هي الأمر الذي يعثر فيه الكثيرين، ودائماً يكون السؤال : كيف يمكن أن يكون المسيح إلهاً وإنساناً في وقت واحد؟ وإن كان كذلك كيف يكون هو الله ويموت مصلوباً، وهكذا يصبح صليب المسيح أمر عسر الفهم وقد أكد الرسول بولس هذه الحقيقة حين قال " .. نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة " أي أن حقيقة لاهوت المسيح تصبح عثرة للفهم عند اليهود الذين يفهمون أن الصليب ما هو إلا علامة للخزي والعار، وتصبح ضرباً من الجهل لليونانيين الذين أمنوا أن الله لا يمكن أن يتجسد ويصبح بشراً مرتبطاً بالمادة الشريرة، لذلك يُكمِل الرسول بولس فيقول إن "كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله" ( راجع كورنثوس الأولى 1).

ودائماً تجد الكنيسة مَن يحاول التشكيك في لاهوت السيد المسيح، فمنذ أن وُجِدت الكنيسة وهي تتعرض للكثير من المحاولات الشيطانية التي تحاول التغرير بالمؤمنين وإبعادهم عن الحقيقة التي يعلنها الكتاب المقدس عن لاهوت السيد المسيح فهو الله المتجسد، هذه الحقيقة التي جعلت رسول المسيحية بولس يهتف مسوقاً بالروح القدس قائلاً "وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى لملائكة كرز به بين الأمم أُومن به في العالم رفع في المجد" (1تيموثاوس 3 : 16).

وعلى مر العصور نرى الهراطقة يشككون في حقيقة لاهوت المسيح أو انهم يلاقون صعوبات في فهم وحدانية الثالوث، فيشككون في حقيقة الله المثلث الأقانيم.

ومع قرب نهاية القرن الثالث جاء معلم أنطاكي يدعى لوسيانوس، نادى معلماً بأن المسيح كان له وجود سابق لميلاده، لكن هذا الوجود لم يكن أزلياً، ويعتبر هذا المعلم هو الآب الروحي للتعاليم الأريوسية، والذي نقل عنه آريوس افكاره وطورها لتأخذ شكل البدعة الآريوسية.

من هو آريوس

كان آريوس معلماً وقسيساً ليبي الجنسية، درس اللاهوت في مدرسة أنطاكية على يد المعلم لوقانيوس، ثم جاء إلى مدينة الإسكندرية وسيم قساً نحو عام 310 ميلادية، وراعياً لكنيسة بوكاليس، وقد عُرف عن آريوس أنه كان معلماً قديراً، وواعظاً مفهوماً، وزاهداً متقشفاً، هذه الصفات ساعدته على جذب الكثير من شعب الإسكندرية وبصفة خاصة الرهبان الذين وجدوا في أسلوبه وعظاته وترتيب أفكاره الجديد والابتكار مقارنـة

بما كانوا يسمعونه من قبل.

أفكار آريوس
تتلخص أفكار آريوس عن السيد المسيح في أنه كان يرى أن المسيح غير أزلي وانه جاء وقت لم يكن المسيح فيه موجوداً، وهو قد خرج من العدم مثل باقي خلائق الله وبحسب قصد الله ومشيئته، وهو ليس إلهاً كما يعتقد المسيحيون، وأن للمسيح معرفة محدودة ولا يستطيع أن يعلن لنا الآب بصورة كاملة وواضحة، لكنه رغماً عن كل ذلك قد شارك في عملية الخلق مع الله، ولأنه مخلوق إلهي فإن الله قد منحه الحق في أن يسلك طريق الصلاح أو أن يصير كالشيطان، على أن الله كان قد سبق وقرر أن يسلك الابن يسوع المسيح طريق الصلاح والكمال.

ولكي يواجه آريوس أضداده، استعان ببضعة آيات من الكتاب المقدس وأساء تفسيرها، ليثبت بها صحة أفكاره الخاطئة، من هذه الآيات:

" الرب قناني أول طريقه، من قبل أعماله منذ القدم" (أمثال 8 : 22).
"فليعلم يقيناً جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه انتم ربا ومسيحا" (أعمال الرسل 2 : 36).
"الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة فانه فيه خلق الكل ما في السماوات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا آم سيادات آم رياسات آم سلاطين الكل به وله قد خلق" (كولوسي1 : 15-16).وغيرها من آيات (لاحظ أن هذه الآيات هي التي يستخدمها شهود يهوه في وقتنا الحاضر وسيأتي الرد عليها وتوضيح معناها).
عندما بدأ آريوس في نشر أفكاره استدعاه الكسندرس أسقف الإسكندرية وناقش معه هذه الأفكار وحثه على تركها، لكن آريوس من جانبه تمسك بهذه الأفكار مما جعل الكسندرس يدعو لمجمع ليناقش هذه القضية والأفكار الغريبة حولها، وقد اجتمع المجمع بقيادة الكسندرس ونحو مئة أسقف مصري وليبي، وبالبحث والدراسة حكم المجمع على آريوس بالحرمان.

من جانبه لم يخضع آريوس لقرارات المجمع وبدأ في حرب علنية بعدما ذهب إلى قيصيرية وانضم إليه يوسابيوس أسقف نيقوميدية، وبدأ معاً في كسب الكثير من الأساقفة إلي جانبهم، وما أن عرف الإمبراطور قسطنطين بهذا الأمر، حتى دعا لمجمع مسكوني كبير يحضره أساقفة الكنيسة لتُحسم فيه مشاكل الكنيسة، وقد أُختيرت مدينة نيقية لتكون مكاناً للمجمع المسكوني الأول والذي حضره الإمبراطور قسطنطين شخصياً، ونحو 318 أسقفاً.

أثناسيوس ومجمع نيقية

كان مجمع نيقية نقطة تحول هامة في حياة أثناسيوس، فبالرغم من كونه شماساً مرافقاً للبابا الكسندرس بطريرك الإسكندرية، إلا أنه كان هو البطل الحقيقي لهذا المجمع، فهو الذي فند أراء آريوس، ورد على كل الأفكار الغريبة التى حاول آريوس أن يجعل منها فكراً عاماً وعقيدة تدين بها الكنيسة، ومع إنتهاء فعاليات مجمع نيقية، وُضع قانون الإيمان النيقوي الذي يُعد نصراً للإيمان المسيحي الصحيح. كان إعلان أثناسيوس عن المسيح هو إعلان المسيح كما أعلن ذاته في كلمة الله المقدسة، وكما آمن

به أثناسيوس وعاش له.

بعد مجمع نيقية لم يعدل آريوس عن أفكاره بل شن حرباً ضد أثناسيوس، استخدم فيها كل بلاغته ومعارفه من الأساقفة والقيادات القريبة من الإمبراطور قسطنطين، وفعلاً انتصر آريوس في بعض هذه المعارك، ودبر الكثير من الإتهامات للقديس أثناسيوس والتي على أثرها نُفي أثناسيوس بعيداً عن رعويته، وذاق مرارة النفي والهروب من مؤامرات الآريوسيون بمعاونة الإمبراطور، وقد نجحوا في عزل أثناسيوس، لكن القديس لم يتخل عن إيمانه ووقف ليحارب العالم في سبيل إعلان العقيدة الأرثوذكسية الصحيحة عن السيد المسيح، ومن المآثر والأقوال الشهيرة عن القديس أثناسيوس، أنه ذات مرة قيل له يا أثناسيوس انتبه فالعالم كله ضدك، فما كان من القديس إلا أن يقول قولته الشهيرة " وأنا صرت ضد العالم".

ما بين آريوس وشهود يهوه

مات آريوس ومعه بدعته، لكنها عادت لتطّل علينا في شكل وثوب جديد، فإن جماعة شهود يهوه، تستخدم ذات الأفكار التي إستخدمها آريوس قديماً، بل يستخدمون نفس المقاطع الكتابية في محاولة جديدة لزعزعة الإيمان القويم في المسيح، فهم ينادون بأن المسيح ليس هو الله، بل إله، وهو ليس واحد مع الله في الجوهر، لكنه مخلوق من مخلوقات الله، فهو بكر خلائق الله، وهذه بعض الإدعاءات التي يسوقونها والرد عليها :

يقولون : أن المسيح قال " … ابى أعظم منى"(يوحنا 14 : 28)، وهذا يثبت أن مركز المسيح لم يكن معادلاً للآب بل أقلاً منه.

وللرد نقول : إن المسيح والآب واحد، وهو الذي قال لفيلبس "الذي راني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب؟."(يوحنا 14 :8 - 9). وهو الذي قال أيضاً " أنا والآب واحد"(يوحنا10 : 30). ومن هذا يتضح أن يسوع والآب وحداً وإن ما يعنيه بالقول أبي أعظم يشير فقط إلى مركزه المؤقت وليس لكينونته ووجوده.

يقولون : أن يسوع المسيح "بكراً" وهذا يعنى أنه لم يكن سوى الكائن الأول في الخلق، أو أنه ليس أزلياً (قارن أمثال 8: 22).

وللرد نقول : أن كلمة بكر المستخدمة في كولوسي "الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة" (كولوسي 1 : 15). تعنى في اللغة اليونانية الأول رتبةً، أو الرئيس، وليس الأول خلقاً، بالإضافة لذلك بقراءة ودراسة الكتاب المقدس كله لا نجد فيه ما يعنى أن الله خلق السيد المسيح، أو أن المسيح مخلوقاً.

يقولون : كانت للمسيح معرفة محدودة، فهو لم يعرف ساعة عودته ثانية، حين كان يعلم تلاميذه في(مرقس13: 32).

وللرد نقول: أن السيد المسيح حين كان متجسداً، كان يعيش ويحيا كعبد، فقد إختار بمحض إرادته أن يحيا هكذا وهو في هذه الهيئة لم يُرِد أن يُعلن أكثر مما كان ينبغي أن يعلنه وما يتعلق بعملية الفداء.

يقولون : إن الآب والإبن واحد في القصد والمشيئة وليس واحداً في الطبيعة، وهذا معنى قوله "أنا والآب واحد"(يوحنا10: 28-30).

وللرد نقول : إن المعنى الحقيقي والذي قصده السيد المسيح من قوله هذا هو أنه هو الله ذاته، وهذا ما فهمه اليهود الذين سمعوه، واعتبروا كلامه هذا تجديفاً "فتناول اليهود أيضاً حجارة ليرجموه .. قائلين لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف فانك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً" (يوحنا10: 31-33). ومن المعروف أن اليهود الذين كان المسيح يخاطبهم هم على دراية وثقافة تساعدهم على تفسير وفهم كلمات السيد المسيح أكثر من أي شخص أخر بعد ألفي عام، كما أن الكلمة اليونانية المستخدمة للتعبير عن " واحد " تدل على الوحدة في الجنس وليس في الرأي أو المشيئة كما يدعون.

السبب الرئيسي والذي يدعو البعض لإنكار ألوهية السيد المسيح، هو أن السيد له كل المجد، يتمتع بطبيعة إلهية وبشرية، فهو الله الذي يملك سلطان المغفرة، وإقامة الموتى، وتسخير الطبيعة، وهو الإنسان الذي يتعب ويعطش ويجوع، هو الله الذي في محبته جاء إنساناً ليفتدي الإنسان من الموت وليمنحه حياة أبدية.

عزيزي : ما هو موقفك من شخص المسيح، هل هو الله الذي له السيطرة الكاملة على حياتك؟ أم انه لم يزل في نظرك وإيمانك إنساناً ضعيفاً، عرف أثناسيوس المسيح إلهاً وملكَّه على حياته، وعاش طيلة حياته يدافع عن هذه الحقيقة ولم يستطع أحداً أن يشككه في لاهوت المسيح، وأنت ما هو موقفك من هذه الحقيقة؟.

دروس من حياة أثناسيوس

آمن أثناسيوس بالرب يسوع كالمخلص الشخصي لحياته، وعرف معه معنى حياة العمق في الإيمان.
الحياة المسيحية ليست حياة سهلة، لكنها أيضاً ليست حياة مستحيلة، ويمكن لمن يدع المسيح يسيطر على حياته أن يحيا حياة المسيح.
لكل مسيحي مؤمن دور في حياة الكفاح والجهاد ضد الشر والهراطقة، والمعلمين الكذبة.
لكي يكون دورنا فعال، نحتاج للنمو في الحياة الروحية بالتعمق في حياة الصلاة والصوم ودراسة الكلمة المقدسة وممارسة وسائط النعمة، كما يحتاج الأمر لدراسة العلوم المختلفة الأخرى.
حياة التواضع والمحبة الحقيقة، تنعكس في محبة الأخرين لنا.
جميعنا يحتاج لأن نصلي بعضنا من أجل بعض، وبصفة خاصة المسئولين، ليمنحهم الله حكمة في قيادتهم وتوجيه شعبهم ورعويتهم.
نحن مدعوون للتمسك بتعاليم الكتاب المقدس، ولمعرفة العقائد الأساسية، لنمو حياتنا أولاً، ولكي تساعدنا في كشف تعاليم الخارجين عن الإيمان والهراطقة.
الله يقود أولاده الأمناء لإعلان كلمة الحق، وانتشار عمل المسيح، مهما كانت مقاومة الأشرار.
عندما تقف بجانب الحق، لا تخشى ولا تخف حتى إن وقف العالم كله

`16` `11` `16`

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010