سلطان القبط !!




سلطان القبط
==============

حكاية كنيستنا القبطية
لم يقم بين القبط ملك أو أمبراطور أو سلطان ولكن اطلق على
إبراهيم الجوهرى أسم سلطان القبط ليس لأنه أصبح سلطانًا له مملكة
أرضيه ولكن كان رعاياه من الفقراء والمعوزين وخواصه وأمراء
مملكته من الأيتام والأرامل وكل من له إحتياج، السلطان عند القبط هو
الذى عنوان حياته من يدك أعطيناك يعطيه الرب فيعطى الآخرين ولم
يطلق لقب سلطان القبط فى العصر الحديث ولكنه وجد منقوشًا منذ القديم
على حجاب أحد الهياكل فى كنيسة بدير الأنبا بولا الذى عمره هذا
الأرخن الكبير من ماله الخاص، كما يبينه لنا أيضًا القطمارس المحفوظ
بالدير:
" كان يطلق على الكتبة وكبار رجال الحكومة لقب معلم فى زمن
الإحتلال العثمانى يساعدهم المماليك فى حكم مصر، ومن عظماء هذا
العصر الأرخن العظيم المعلم إبراهيم الجوهرى وأخوه المعلم جرجس
الجوهرى وهم من مشاهير الأقباط اللذان شغلا مناصب هامة فى جيلهما
كما إستطاعا الإحتفاظ بتواضعهما ومحبتهما للرب والكنيسة وللفقراء من
الأقباط وغيرهم".
نشأ المعلم إبراهيم جوهرى من أبويين فقيرين متواضعين،
وكان أسم والده يوسف الجوهرى، وكان عمل أبوه فى صناعة الحياكة
فى بلدة قليوب. وكثيرًا ما كان ينسخ (يكتبها بخط يده) الكتب الدينية
وتقديمها إلى الكنائس المختلفة التى تحتاجها على نفقته الخاصة، تدرج
فى الوظائف حتى وصل الي منصب رياسة كتاب القطر المصرى وهى
أسمى وظيفة حكومية وصل إليها قبطى فى ذلك العصر.
تزوج المعلم إبراهيم من إحدى قريباته وهى سيدة فاضلة تقية
فشاركته فى تجاربه وقوة إيمانه وساعدته فى أعمال البر والإحسان
وشجعته على تعمير بيوت الناس وبيوت العبادة ورزق منها بابن أسماه
يوسف وأبنة أسماها دميانة وكبر يوسف فى خير أبيه وعزم إبراهيم
الجوهرى أن يفرح بابنه ويزوجه فأعد دارًا كبيرة وجهزها بأفخر

المفروشات الحريرية وغيرها وأثمن الأوانى والأدوات، واستعد لحفلة الزفاف ولكن
شاءت الإرادة الإلهية أن تأخذ أبنه الوحيد قرة عينه قبل إتمام الزفاف، لعله كان مجربًا
مثل أبينا إبراهيم أب الاباء، وحزن حزنًا شديدًا فأغلق المعلم إبراهيم البيت الذى أعده
لأبنه على ما فيه من تحف.
أما زوجته فقد أفرطت فى الحزن وألبست كل واحد فى بيتها ملابس الحداد ولم
تخلعه لمدة طويلة، ولما جاء ميعاد إرسال مؤونة الأديرة قالت له أمرأته: "كيف تهتم
بالكنائس والأديرة والفقراء والرب لا يحفظ لنا وحيدنا لنتمتع به" فوافقها وأمتنع ولم يقدم
شيئًا. ولكن لم تتركه السماء فى حزنه الشديد فظهر الأنبا أنطونيوس أب الرهبان لزوجة
المعلم أبراهيم وقال لها: "إعلمى يا إبنتى أن الرب أحب ولدك ونقله إليه شابًا لحكمة
قصدها لحفظ أسم المعلم إبراهيم الجوهرى نقيًا، وهذا خير جزاء من الرب لزوجك الذى
يحبه الرب لبره وتقواه "
ولما أخبرها بهذا الكلام تركها وظهر للمعلم إبراهيم نفسه وكان نائمًا فى مكان
آخر فى المنزل وكرر عزاءه برسالته الإلهيه إلي إبراهيم الجوهرى بنفس الكلام الذى قاله
لأمرأته فكان هذا تأكيدًا من الرب الإله نفسه.
وبعد فترة أستيقظت الزوجه وذهبت إلى زوجها تخبره بما رأت فى الحلم وإذا بزوجها
يخبرها بنفس ما قاله الأنبا أنطونيوس فخلعا ملابس الحزن ولبسا الملابس العادية ولكنهما
تركا بيت ولدهما مقفو ً لا كما هو.
وكان الحصول على ترخيص ببناء كنيسة أو أن يقوموا بإصلاح وترميم ما تهدم
من الكنائس القديمة فى زمنه أمرًا غاية فى الصعوبة من الهيئة الحاكمة، وحدث أن إحدى
الأميرات جاءت من الأستانة إلى مصر في طريقها لقضاء مناسك الحج، فإهتم المعلم
إبراهيم بأمرها وأدى ما تريده من خدمات وواجبات لراحتها على أكمل وجه كما قدم لها
الهدايا النفيسة إليها، فأرادت مكافئته وإظهار أسمه لدى السلطان فإلتمس منها السعى فى
إصدار فرمان (أمر) سلطانى بالترخيص له ببناء كنيسة بالأزبكية، حيث يوجد محل
سكنه، كما قدم لها بعض الطلبات الأخرى الخاصة بالأكليروس، فأصدر السلطان أمرًا
بذلك، وإلتمس منها أشياء أخرى منها رفع الجزية عن الرهبان وأشياء أخرى، وبعد ذلك
أشترى المعلم إبراهيم جوهرى محلات وهدمها وبدأ البناء فيها ووضع الأساسات فى
قطعة كبيرة من الأرض التى إمتلكها ولكن عاجلته المنية قبل الشروع فى بناء الكنيسة

فأتمها أخوه المعلم جرجس الجوهرى وأصبحت المقر الباباوى حينما
قرر البابا مرقس الثامن ( ١٧٩٦ م - ١٨٠٩ م) أن تصبح هذه
الكاتدرائية الكبرى المرقسية الكبرى بالأزبكية وبنى بجوارها المقر
الباباوى وكانت قب ً لا فى كنيسة العذراء المغيثة بحارة الروم، وفى يوم
الأحد ٥ توت سنة ١٥١٧ للشهداء التى توافق ١٨٠٠ م قام البابا مرقس
الثامن بتدشين الكنيسة المرقسية الكبرى فى الأزبكية ومعه جمع من
الآباء الأساقفة والكهنة والشعب.
نصت الشريعة الإسلامية على أن الُذمى (كلمة تطلق على أهل
الكتاب اليهود والمسيحيين) لا يجب أن يمتطى جوادا، وحدث أن المعلم
جرجس شقيق المعلم إبراهيم جوهرى كان ممتطيًا جوادًا فى أحد شوارع
القاهرة، فأهانه أحد المسلمين بكلام جارح وسبه، فتضايق المعلم جرجس
وشكا لشقيقة المعلم إبراهيم الذى كان بيده الحكم فى البلاد أم ً لا فى أن
يعاقب المسلم .. وأستفسر من أخيه عن الرجل وأجابه إجابه طيبت
خاطره قائ ً لا له : " غدًا سأقطع لسانه " وفى اليوم التالى أرسل المعلم
إبراهيم خادمه حام ً لا هدايا كثيرة من مأكولات وملابس وخلافه إلى بيت
المسلم بدون علم اخيه .
ومر المعلم جرجس كعاته من نفس المكان مرة أخرى وإذا
بالمسلم يقف إجلال له ورحب به ترحيبًا شديدًا داعيًا له بالخير
والصحة، فإنعقد لسان المعلم جرجس غير مصدق من الدهشة لتحول
المسلم فى سلوكه، وعندما قابل أخاه سأله على الفور عن سبب هذا
التغيير فأخبره بما فعله فقال حقا لقد طبقت قول الرب يسوع:

عرف فقير أن إبراهيم جوهرى لا يسمع سائ ً لا يسأله شيئًا إذا
سمع إسم المسيح إلا ويعطيه ولا يخيب قصده فيعطيه صدقة فأحب هذا
الانسان أن يختبر صبره .. فسأله صدقة على أسم المسيح فأعطاه، ثم


دخل منزله وخرج فسأله الفقير فأعطاه، وتوجه إبراهيم إلى مكان عمله فسأله الفقير
فأعطاه، وأثناء دخوله إلى الديوان طلب منه فأعطاه، وإنتظر الفقير لحين خروجه ظهرًا
من الديوان وسأله فأعطاه، ثم أسرع ولحق به قبل أن يدخل منزله لتناول الغذاء فطلب
منه فأعطاه، وعند رجوعه بعد الظهر إلى عمله أنتظره على باب منزله وأخذ منه، وسبقه
إلى مدخل الديوان فأعطاه وعند رجوعه إلى المنزل ....
وهكذا أستمر الفقير يسأله وكان يقصد أن يتعرف عليه إبراهيم جوهرى ويقول له إنه هو
الذى أخذ منه منذ قليل ولكن إبراهيم لم ينطقها من فمه لأنه يظن خيرًا دائمًا أى أنه يظن
أنه فقير ويحتاج ويفعل هذا الأمر لشدة إحتياجه، أما الفقير الذى كان يمتحن صبره،
وأذهله ما رأى من محبة إبراهيم للفقراء وأذاع أنه طلب منه ١٨ مرة وكان يعطيه
ببشاشة دون ضيق وهنا صرخ الفقير بصوت عظيم قائ ً لا لأبراهيم : " طوباك يا جوهرى
.. الرب معك " فقال له إبراهيم دليل على أنه يعرف أنه طلب منه كثيرًا : " لا تتعجب
فهذا مال الرب يسوع، والذى أودعه عندى كريم ويحب العطاء، وأنا مدين له بكل هذا
فهل أتأخر عن السداد، ما أنا إلا وكيل على هذا المال فليتمتع المؤمنون بهذا المال لأنه
مال الآب أبيهم لأن الناس اخوة "
استمر المعلم إبراهيم في رئاسة الديوان حتى حصل انقلاب في هيئة الحكام
وحضر لمصر حسن باشا قبطان موفدا من الباب العالي فقاتل إبراهيم بك شيخ البلد ومراد
بك أمير الحج واضطرهما للهرب إلى أعالي الصعيد ومعهما إبراهيم الجوهري وبعض
الأمراء وكتابهم واستمر حسن باشا في طغيانه إلى أن استدعي إلى الأستانة فبارحها غير
مأسوف عليه وبعد فترة عاد إبراهيم بك ومراد بك إلى منصبيهما ودخلا القاهرة في ٧
أغسطس سنة ١٧٩١ م وعاد المعلم إبراهيم الجوهري واستأنف عمله وعادت إليه سلطته
ووظيفته. وبعد أربع سنوات من رجوعه إلى وظيفته وفى يوم الأثنين ٢٥ من بشنس سنة
١٥١١ ش التى توافق ٣١ مايو ١٧٩٥ م التى كانت ثانى يوم عيد دخول السيد المسيح إلى
أرض مصر رقد فى الرب وإنضم إلى آباء الكنيسة الأبرار، وقد قامت الكنيسة القبطية
بتدوين اسم المعلم إبراهيم جوهرى فى السنكسار الذى يقرأ على الشعب تحت يوم ٢٥ من
شهر بشنس، وأشار السنكسار إلى أخيه المعلم جرجس جوهرى وسيرته مدونه تحت اليوم
١٧ من شهر توت .
لم يكن يعتبر مالكًا لأمواله بل وكي ً لا أمينًا - أمواله أموال الرب





موشوع شامل يا تاسونى و رائع
المعلم ابراهيم الجوهرى واخيه جرجس الجوهرى كانا مثالا ايجابيا على مايجب ان يكون عليه الانسان المسيحى الحقيقى الذى يخدم كنيسته ولا يقصر فى خدمة وطنه فاعطى مالقيصر لقيصر ومالله لله ، وكان المعلم ابراهيم ايضا مثالا فى التواضع ، فرغم مركزه فى الدولة ورغم عظم ثروته الا انه كان انسانا متواضعا محبا للجميع دون تفريق بين مؤمن وغير مؤمن او بين غنى وفقير ، لذلك هو ايضا قد أحبه الجميع .
........................." ان ارضت الرب طرق انسان جعل حتى أعدائه يسالمونه "...........................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010