حوار مع ميل جيبسون المخرج عن فيلم المسيح




حوار مع ميل جيبسون المخرج
====================


ليست مجرد مغامرة، تلك التي عاشها النجم ميل جيبسون مع فيلمه 'آلام المسيح'..
ربما يراها البعض نوعا من الجنون أو الانتحار ، بعد أن اقتحم بارادته الخاصة هذه المنطقة المشتعلة ، ليبحث عن المعني الحقيقي للألم والتضحية .. يؤكد جيبسون انه عاش أزمة نفسية كبيرة طوال السنوات الماضية لم يستطع تجاوزها الا بالتأمل في حياة المسيح .. وهو ما دفعه لتقديم هذا الفيلم ، بينما يري ان اتهامات اليهود وطلقاتهم المدوية لن تؤثر فيه وانه لا يقدم للعالم إلا قيمة واحدة : هي التسامح .

السطور التالية حوار اجرته مجلة لوفيجارو الفرنسية لتسجل اعترافات جيبسون المثيرة .

يبدأ ميل جيبسون كلامه بأسباب اختياره للممثل جيم كافيزيل لاداء دور المسيح ويقول :

لا لم اختره ، لكن الدور هو الذي نادي عليه لقد شاهدته لأول مرة علي الشاشة وكان عمره 33 عاما ووجدت نفسي أشعر برغبة شديدة في معرفة هذا الرجل ، ربما لان كل صفاته تتفق مع الصورة التي رسمتها للبطل الذي يجسد دور المسيح .. ويسرح جيبسون لحظات قبل أن يقول :

ماجذبني الي جيم كافيزيل أنه ليس معقدا ، ويمتلك براءة طفولية شديدة ، بسيط وبريء وقوي في الوقت نفسه.. كل ذلك دفعني لاختياره ليقوم بهذا الدور الخارق.


معني الألم
------------------

لكن ما الذي جعلك تتوقف أمام 'آلام المسيح' في هذا الوقت من حياتك ؟
اعتقد أننا جميعا نملك الحق في أن نغير أنفسنا في الوقت المناسب وعندما نصل الي درجة ما من النضج .. وعموما حياة المسيح تحمل معني خاص للألم والتضحية ، وكما يعرف الكل أن الألم يسبق دائما التغير لذلك توقفت كثيرا أمام هذه الحالة قبل أن ابدأ في تغير حياتي وكنت قد وصلت لدرجة عالية من الضغط النفسي وادركت أنه الوقت المناسب حتي اتسائل عن معني الحياة ووجدت انني لن اجد أي اجابة الا من خلال الايمان وبالتركيز علي معني الالم ، الذي هو أساس الايمان المسيحي ، وهكذا يمكنني أن أولد من جديد .


وما هي هذه الضغوط النفسية التي غيرت مسار حياتك ؟

­ ربما هي ضغوط الفن ورسالته الحقيقية ، الشعور بمسئولية ما تجاه الآخرين ، محاولة توجيههم والصدق معهم ، كل هذه ضوط تبعث علي الانفجار، ليست مع الفنان فقط بل مع كل من يشعر بالمسئولية تجاه العالم ، لنذكر مثلا ليوناردو دافنشي ومشيال أونج وغيرهما ، ربما لم يكونا ملائكة لكنهما قاما بأعمال شديدة الأهمية والحساسية أيضا ولم يأتي ذلك إلا لشعورها بمعني الألم والتضحية ربما نكون جميعا في وقت من الاوقات ظالمين وقتلة ومحترفي ايذاء للآخرين ، لكن كل ذلك يمكن أن يدفعنا لتغير اتجاهنا ويخرج من داخلنا ايمان حقيقي ورائع فقط اذا انتبهنا له .


هل تعتقد ان تقديم مثل هذا الفيلم يحتاج لشجاعة خاصة ؟

لا اعرف لكنني عموما لست شجاعا . لقد كنت اخاف طيلة حياتي ، خاصة عندما كنت طفلا ، عائلتي كانت مضطهدة لانها كاثوليكية، وهو ما يحدث مع كثير من البشر مسيحين ويهود وغيرهم واتذكر انها كانت أيام قاسية للغاية ، اذن المسألة ليست شجاعة بقدر ما هي ايمان عميق .. وانا مؤمن تماما بأن الانجيل هو الحقيقة . لذلك فرؤيتي كلها ترتكز عليه واصبحت لدي رغبة في الوصول الي ترجمة حقيقية لحياة المسيح بدون زخارف او مبالغات وهو ما دفعني لتقديم هذا الفيلم .



التعذيب
-----------------


لكن البعض يتهمك بالمبالغة في مشاهد تعذيب المسيح ؟

لا أعتقد انها مبالغة، صحيح ان البعض ادعوا ان جسد المسيح لم تصبه الا 39 ضربة فقط، لكني أؤمن بعكس ذلك وان الامر كان اكثر سوءا وبالفعل توجد علي الكفن اثار طعنات عديدة تؤكد ان المسيح قد تمزق جلده تماما .. كان لديه ثقب في جانبه وتاج من الشوك علي رأسه .. واثار لنقود رومانية اخترقت عينية يرجع تاريخها الي القرن الاول الميلادي .. كل هذه البشاعة حدثت مع المسيح وكان لابد من تجسيدها لكشف الحقيقة.. وبالتأكيد فإن مشهد الجلد الذي جاء في الفيلم هو الاكثر قسوة في تاريخ السينماعلي الأقل كما اعرفها ..


لكنك قدمت الفيلم برؤيتك الخاصة وبعيدا عن اراء المتخصصين في هذا الشيء ؟

حياة المسيح من البداية للنهاية تعرضت لكثير من الجدل الذي اعتقد انه يفسد إيماننا ، واجهنا تفسيرات عديدة خاطئة بها كثير من الغرور والطمع والسياسة.. وكلها اشياء تحيط بالمؤسسات السياسة وتجعلها بعيدة عن الحقيقة لذلك لم ارغب في تقديم فيلم يحمل كل هذه التشوهات لكن بحثت ببساطة شديدة عن الايمان والامل والحب والغفران ولكن ذلك لايتم إلا من خلال العودة الي الأنجيل ورسالته الواضحة الاصلية .. ومن خلال قراءتي الواسعة للكتابات التي تناولت المسيح ادركت ان اغلبها متناقض ، ويكفي انني قضيت اكثر من اثني عشر عاما في البحث والقراءة والحديث مع علماء الانجيل والتوراة ايضا لكنني في النهاية فضلت ان اقدم تفاصيل أخري في الفيلم تكون اكثر انسانية من كل ماقرأته ومنها مشاهد ام المسيح وهي تمسح دمه واعتقد انني كنت وفيا للانجيل ولم أحرف الحقائق لكنني ركزت علي روح الرسالة اكثر من نصوصها .



معاداة السامية
----------------------


وماذا عن اتهامك بمعاداة السامية ، والحرب التي أعلنها اليهود ضدك حتي قبل عرض الفيلم ؟

يتنهد ميل جيبسون وهو ينظر للسماء ويقول :
يبدو ان كلامي عن هذا الموضوع سيكون شاقا لكني فعلا لا أعرف ماالذي يمكن قوله.. لكننا كنا نصور مشاهد الفيلم بينما تنهال عليها طلقات المدافع وسيول الاتهامات ومن وقتها بدأت محاكمات الفيلم في مجمله وحتي قبل ان يخرج للناس .. لا أعرف كيف يمكنني ان اصف هذه الفترة ، لقد مر علينا عام كامل في منتهي القسوة لكنني عموما أؤكد أن الفيلم لايوجه الاتهام لاحد ، لا اليهود ولاغيرهم والفيلم لايحمل إلا قيمة التضحية والتسامح وهو ماقررت ان أواجه به كل من حاصرني بالاتهامات .

يبتسم ميل جيبسون وتلمع عينيه ببراءة شديدة وهو يقول :
يجب أن اتلقي هذه الضربات واتحملها وأن اتصرف كالرجال.. لانني اقدم فيلما عن التضحية في أعلي صورة لها .. وأؤكد مرة أخري أنني لم أقدم فيلما لاتهام اليهود ولم ابحث عن اجابة لسؤال من الذي قتل المسيح ؟ ببساطة لانني امتلك الاجابة : وهي اننا جميعا قتلناه ، لقد مات من أجل ذنوب الجميع وفي كل الازمنة ، وفي الماضي كان البعض يتهم اليهود بقتل المسيح ، لكنني أؤكد اننا جميعا شركاء في هذه الجريمة ، والباباوية ادانت جميع اشكال العنصرية ومعاداة السامية وهذا ما أؤمن به جيدا .


ولماذا لم تقم بتنظيم حملة مضادة للرد علي اتهامات اليهود ؟

كما قلت هذا لايعنيني والفيلم موجود ليراه الجميع ولم افعل غير انني دعوت الكثيرين لحضوره خاصة من رجال الدين وهناك كثيرون يقفوا بجواري للدفاع عني .. لكن الاهم هو الدفاع عن القيمة التي يطرحها الفيلم ..


إلي أين تسير أحلام ميل جيبسون الي الاخراج ام التمثيل ؟

يضحك ميل جيبسون ويقول : بصراحة ليس عندي أية اجابة لكنني اعتقد انني سأذهب في النهاية الي طريق اخر لايمكن أن يجدني فيه أحد ، ربما الي مكان بعيد من هذا العالم .. ربما أزرع خيمتي قرب اسلحة الدمار الشامل في أي مكان من العالم حيث لا أفكر حاليا إلا في معني الألم الانساني الذي لايعبأ به الكثيرون.





لقد دخل فى قلب قلب المحبة
هى العطاء المجانى الى الموت
هذا هو الله
وهذه رسالتنا
لنكون مثل ابينا الذى فى السماء

`11`

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010