الكهنوت

منقول من موقع http://www.copticchurch.org

سر الكهنوت هو تاج الاسرار لانه بدونه لا يمكن للكنيسه ان تستمر ولا يمكن لاحد ان ينال مواهب الروح القدس بدونه وهذا السر قد تأسس منذ البدء كباقي الأسرار المقدسة.


أولاُ: سر الكهنوت في العهد القديم

معني كلمة كاهن خادم وأمر الرب بتقديم الذبيحه عن طريق الكاهن وكلمة كاهن مشتقه من الكلمه العبريه "كوهين" أي المنبيء بأمر الرب والكاهن له منزله النبي وله امتيازات أكثر من الانبياء أذ ان الكاهن مؤتمن علي الشريعه ومسموح له بتقديم الذبائح الي الله للتكفير وحمل خطايا الشعب كما ورد في سفر اللاويين وفي تعاليم الرسل في العهد الجديد

عهد الرب الاله لابراهيم في ان يكون أبا لجمهور من الامم "أما انا فهوذا عهدي معك و تكون ابا لجمهور من الامم فلا يدعى اسمك بعد ابرام بل يكون اسمك ابراهيم لاني اجعلك ابا لجمهور من الامم " (تك 17 :4 ) وهكذا كان الوعد مع اسحق ابنه (تك26 : 2-5) " و ظهر له الرب و قال لا تنزل الى مصر اسكن في الارض التي اقول لك تغرب في هذه الارض فاكون معك و اباركك لاني لك و لنسلك اعطي جميع هذه البلاد و افي بالقسم الذي اقسمت لابراهيم ابيك و اكثر نسلك كنجوم السماء و اعطي نسلك جميع هذه البلاد و تتبارك في نسلك جميع امم الارض من اجل ان ابراهيم سمع لقولي و حفظ ما يحفظ لي اوامري و فرائضي و شرائعي " وايضا مع يعقوب وباركه وقال له (تك 32: 28) " فقال لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل اسرائيل لانك جاهدت مع الله و الناس و قدرت " ودعا الرب موسي لكي يقود شعبه من ارض مصر " و قال الله ايضا لموسى هكذا تقول لبني اسرائيل يهوه اله ابائكم اله ابراهيم و اله اسحق و اله يعقوب ارسلني اليكم هذا اسمي الى الابد و هذا ذكري الى دور فدور " ( خر 3: 15) واقام هارون اخيه لاعانته " فحمي غضب الرب على موسى و قال اليس هرون اللاوي اخاك انا اعلم انه هو يتكلم و ايضا ها هو خارج لاستقبالك فحينما يراك يفرح بقلبه فتكلمه و تضع الكلمات في فمه و انا اكون مع فمك و مع فمه واعلمكما ماذا تصنعان" ( خر 4: 14) و افرزه هارون وبنيه لوظيفة الكهنوت وامر موسي بصناعه ثياب الكهنوت المقدسه له ولابنائه والاصحاح (28) من سفر الخروج يتكلم بكل تفاصيل ملابس الكهنوت " و اصنع ثيابا مقدسة لهرون اخيك للمجد و البهاء و تكلم جميع حكماء القلوب الذين ملاتهم روح حكمة ان يصنعوا ثياب هرون لتقديسه ليكهن لي و هذه هي الثياب التي يصنعونها صدرة و رداء و جبة و قميص مخرم و عمامة و منطقة فيصنعون ثيابا مقدسة لهرون أخيك و لبنيه ليكهن لي و هم يأخذون الذهب و الاسمانجوني و الارجوان و القرمز و البوص فيصنعون الرداء من ذهب و اسمانجوني و ارجوان و قرمز و بوص مبروم صنعة حائك حاذق يكون له كتفان موصولان في طرفيه ليتصل و زنار شده الذي عليه يكون منه كصنعته من ذهب و اسمانجوني و قرمز و بوص مبروم " ونلاحظ ان كل شيء من ملابس الكهنوت يشير الي مغزي روحي

ان من اهتمام الرب بالكهنوت انه أوصي موسي ان يصنع لأخيه هارون ثيابا مقدسه للمجد والبهاء , وتصنع من الكتان النقي الابيض رمز للنقاوة والطهارة التي لرئيس الكهنه , وتصنع واسعه جدا لاتساعة صدره وطول ألاناه علي الخطاه وهو الحامل خطايا شعبه بداخله .ويلبس ايضا الجبه التي مثل العباءة التي تصنع من الاسمانجوني الحرير رمز للسماء . . هكذا ايضا كان رب المجد يسوع المسيح طويل الأناة علي الخطاه ومحب للكل وكان يجول يصنع خيرا , العمامه التي علي راسه هي كتاج وعليه صفيحه من ذهب مكتوب عليها قدس للرب "لان الرب قدسه " او انه كرس حياته للخدمه . اما المنطقه التي من الجلد التي علي وسطه ترمز للاستعداد للعمل وهكذا الرب الذي قال "من أجلهم اقدس انا ذاتي لكي يكونوا هم مقدسين في الحق " لذا يتنبأ عنه اشعياء (اش11 :5) " يقضي بالعدل للمساكين و يحكم بالأنصاف لبائسي الارض و يضرب الارض بقضيب فمه و يميت المنافق بنفخة شفتيه و يكون البر منطقة متنيه و الأمانة منطقة حقويه "

اول رئيس كهنة هو ملشيصادق كاهن الله العلي (تك 14) الذي كانت ذبيحته من الخبز والخمر ومذبحة في الارض كلها وهو بلا أب وبلا أم وبلا نسب وهو مشبه بابن الله , وهو الذي بارك ابراهيم مع أنة كان اصغر منه (عب 7)

و طقس سيامه الكاهن قد ذكر في الكتاب المقدس حيث يمسح بالمسحه المقدسة وتصنع هذه المسحه من افخر الاطياب من المر والسليخه والقرفه العطره وقصب الزريره ومن زيت الزيتون " و هذا ما تصنعه لهم لتقديسهم ليكهنوا لي خذ ثورا واحدا ابن بقر و كبشين صحيحين و خبز فطير و اقراص فطير ملتوتة بزيت و رقاق فطير مدهونة بزيت من دقيق حنطة تصنعها و تجعلها في سلة واحدة و تقدمها في السلة مع الثور و الكبشين و تقدم هرون و بنيه الى باب خيمة الاجتماع و تغسلهم بماء و تاخذ الثياب و تلبس هرون القميص و جبة الرداء و الرداء و الصدرة و تشده بزنار الرداء و تضع العمامة على راسه و تجعل الاكليل المقدس على العمامة و تاخذ دهن المسحة و تسكبه على راسه و تمسحه و تقدم بنيه و تلبسهم اقمصه " (خر29) وبعد سيامة الكاهن يقدم قربان لله من ابناء الكاهن من أجل سيامة والدهم في يوم مسحته ( لا6: 19-23 ) ويبدأ الكاهن خدمته من بعد الثلاثون سنه من عمره ( عدد4 :3) " من ابن ثلاثين سنة فصاعدا الى ابن خمسين سنة كل داخل في الجند ليعمل عملا في خيمة الاجتماع " وهناك وصايا وشروط علي سلوك الكاهن بان " و قال الرب لموسى كلم الكهنة بني هرون و قل لهم لا يتنجس احد منكم لميت في قومه الا لاقربائه الاقرب اليه امه و ابيه و ابنه و ابنته و اخيه . . . . و الكاهن الاعظم بين اخوته الذي صب على راسه دهن المسحة و ملئت يده ليلبس الثياب لا يكشف راسه و لا يشق ثيابه و لا ياتي الى نفس ميتة ولا يتنجس لابيه او امه و لا يخرج من المقدس لئلا يدنس مقدس الهه لان اكليل دهن مسحة الهه عليه انا الرب هذا ياخذ امراة عذراء . . . اذا كان رجل من نسلك في اجيالهم فيه عيب فلا يتقدم ليقرب خبز الهه " وهناك الكثير من الوصايا للكهنه ويمكن الاطلاع عليها في (عدد 6: 22) وايضا (عدد16: 1-31) وايضا (لا21) و (لا22)

كل من سيم كاهن للرب يجب ان يدهن بزيت المسحة المقدسة لحلول روح الحكمه والفهم روح الله القدوس وهكذا كان عالي الكاهن وصموئيل وداود وشاول وعزرا وزربابل وابياثار الكاهن ( 1صم 23: 9) واخيمالك بن اخيطوب ويهوياداع (2مل11: 9) وحلقيا الكاهن (2مل22: 4) ويهوصادق (حجي1: 1) وفينحاس (يش 22: 30) واليعازر (يش 22: 31)واوريا الكاهن ( 2مل 16: 10) وصادوق (2صم15: 27 )

و من مسئوليات ووظائف الكاهن في العهد القديم هي
1. حراسة المقدس المقدس الذي لخيمة الاجتماع(عدد3: 38)
2. إسراج المناره في خيمة الاجتماع بزيت ذيتون علي الدوام (خر 27:20)
3. تقديم الذبيحه امام الرب لصنع السلام بين الله والناس " و النار على المذبح تتقد عليه لا تطفا و يشعل عليها الكاهن حطبا كل صباح و يرتب عليها المحرقة و يوقد عليها شحم ذبائح السلامة نار دائمة تتقد على المذبح لا تطفا " (لا 6: 12و13)
4. تغطية القدس وجمع امتعته عند ارتحال المحله (عدد4 :2-20 )
5. احراق البخور امام مذبح البخور (خر30:7-10)
6. مباركة الشعب " كلم هرون و بنيه قائلا هكذا تباركون بني اسرائيل قائلين لهم يباركك الرب و يحرسك يضيء الرب بوجهه عليك و يرحمك يرفع الرب وجهه عليك و يمنحك سلاما فيجعلون اسمي على بني اسرائيل و انا اباركهم " (عدد6: 24)
7. تعليم الشريعه للشعب (لا10: 11) " و للتمييز بين المقدس و المحلل و بين النجس و الطاهر و لتعليم بني اسرائيل جميع الفرائض التي كلمهم الرب بها بيد موسى" ولانه من فم الكاهن تخرج الشريعه
8. تطهير النجس من خطاياه (لا15: 14و15)
9. يحكم علي نجاسة الانسان الذي به البرص ويطهر من لم يكن مصاب به (لا13: 1-8)
10. حمل تابوت العهد (يش3: 6-17)
11. ضرب ابواق الفضه لمناداة الجماعه ولارتحال المحله (عد10: 1-10)

ثانياً: الكهنوت في العهد الجديد
1. في بداية خدمة الرب يسوع أختار الرب التلاميذ ودعاهم للخدمه " و لما كان النهار دعا تلاميذه و اختار منهم اثني عشر الذين سماهم ايضا رسلا" ( لو6 :13) " وبعد ذلك عين سبعين اخرين ايضا و ارسلهم اثنين اثنين امام وجهه الى كل مدينة و موضع حيث كان هو مزمعا ان ياتي " (لو 10: 1) وقال لهم " فقال لهم ان الحصاد كثير و لكن الفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة الى حصاده اذهبوا ها انا ارسلكم مثل حملان بين ذئاب " وايضا في (يو 15: 16) " ليس انتم اخترتموني بل انا اخترتكم و اقمتكم لتذهبوا و تاتوا بثمر و يدوم ثمركم لكي يعطيكم الاب كل ما طلبتم باسمي "
2. اعطاهم الرب سلطان غفران الخطايا " الحق اقول لكم كل ما تربطونه على الارض يكون مربوطا في السماء و كل ما تحلونه على الارض يكون محلولا في السماء "(مت18: 18) وكرر الرب الوعد ايضا بعد قيامته " و لما قال هذا نفخ و قال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له و من امسكتم خطاياه امسكت" (يو 20: 21-23 )كان كل الذين يؤمنون بالكلمة كانوا يعترفون بخطاياهم للرسل وليوحنا المعمدان " و اعتمدوا منه في الاردن معترفين بخطاياهم" (مت3: 6) وايضا" و كان كثيرون من الذين امنوا ياتون مقرين و مخبرين بافعالهم و كان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب و يحرقونها امام الجميع و حسبوا اثمانها فوجدوها خمسين الفا من الفضة هكذا كانت كلمة الرب تنمو و تقوى بشدة" (اع19 :18) وصيه يعقوب الرسول بالاعتراف بالزلات وقال " اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات و صلوا بعضكم لاجل بعض لكي تشفوا طلبة البار تقتدر كثيرا في فعلها" (يعقوب 5 : 16) ويوحنا الانجيلي قال" ان اعترفنا بخطايانا فهو امين و عادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل اثم " (يوحنا الأولى 1 : 9) تسليم السر ليس فقط للحل بل ايضا للربط في الخطيه الي الابد وهكذا ربط القديس بطرس الرسول سيمون الساحر وايضا حله من خطيته عندما اعترف بذنبه اليه " فقال له بطرس لتكن فضتك معك للهلاك لانك ظننت ان تقتني موهبة الله بدراهم ليس لك نصيب و لا قرعة في هذا الامر لان قلبك ليس مستقيما امام الله فتب من شرك هذا و اطلب الى الله عسى ان يغفر لك فكر قلبك لاني اراك في مرارة المر و رباط الظلم فاجاب سيمون و قال اطلبا انتما الى الرب من اجلي لكي لا ياتي علي شيء مما ذكرتما" (اع 8 :21 –23)
3. اعطاهم الرب سلطان الشفاء واخراج الشياطين المرضي " ثم دعا تلاميذه الاثني عشر و اعطاهم سلطانا على ارواح نجسة حتى يخرجوها و يشفوا كل مرض و كل ضعف" (لو9: 1) و " يضعون ايديهم على المرضى فيبراون" (مر16: 18 ) "و اقام اثني عشر ليكونوا معه و ليرسلهم ليكرزوا و يكون لهم سلطان على شفاء الامراض و اخراج الشياطين " (مر3: 15)
4. اعطاهم الرب سلطان سيامة الكهنه والاساقفه وتسليم ووضع الايادي والفرز للخدمه وهناك مجموعه من الايات التي تثبت ذلك:

- "و هو اعطى البعض ان يكونوا رسلا و البعض انبياء و البعض مبشرين و البعض رعاة و معلمين لاجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح الى ان ننتهي جميعنا الى وحدانية الايمان و معرفة ابن الله الى انسان كامل الى قياس قامة ملء المسيح" (افس 4: 11)
- "ألعل الجميع رسل العل الجميع انبياء العل الجميع معلمون العل الجميع اصحاب قوات (كورنثوس الأولى 12 : 29)"
- "و كيف يكرزون ان لم يرسلوا كما هو مكتوب ما اجمل أقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات " (رؤ 10)
- "و بينما هم يخدمون الرب و يصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا و شاول للعمل الذي دعوتهما اليه" (أع 13)
- "فصاموا حينئذ و صلوا و وضعوا عليهما الايادي ثم اطلقوهما فهذان اذ ارسلا من الروح القدس انحدرا الى سلوكية" (أع 13)
- "و لكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا انبوة فبالنسبة الى الايمان ام خدمة ففي الخدمة ام المعلم ففي التعليم ام الواعظ ففي الوعظ المعطي فبسخاء المدبر فباجتهاد الراحم فبسرور " وهكذا الروح القدس يعمل الي الان . (رؤ 12)
(1تي5: 19-22 ) " لا تقبل شكاية على شيخ (قس) الا على شاهدين او ثلاثة شهود . . . لا تضع يدا على احد بالعجلة " وقال ايضا لطيطس تلميذة " من اجل هذا تركتك في كريت لكي تكمل ترتيب الامور الناقصة و تقيم في كل مدينة شيوخا كما اوصيتك " (تيطس 1 : 5)
- (1تي5: 17) " اما الشيوخ المدبرون حسنا فليحسبوا اهلا لكرامة مضاعفة و لا سيما الذين يتعبون في الكلمة و التعليم" هكذا يوصي الرسول بولس الي كل القسوس او الكهنه الذين يتعبون في الكلمة و التعليم .

5. ارسلهم الرب للكرازه وقال لهم "دفع الي كل سلطان في السماء و على الارض فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس و علموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به و ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين" ( مت28: 19) وفي الاصحاح العاشر من انجيل معلمنا لوقا قال لهم الرب ايضا " اية مدينة دخلتموها و قبلوكم فكلوا مما يقدم لكم و اشفوا المرضى الذين فيها و قولوا لهم قد اقترب منكم ملكوت الله و اية مدينة دخلتموها و لم يقبلوكم فاخرجوا الى شوارعها و قولوا حتى الغبار الذي لصق بنا من مدينتكم ننفضه لكم و لكن اعلموا هذا انه قد اقترب منكم ملكوت الله . . . . الذي يسمع منكم يسمع مني و الذي يرذلكم يرذلني و الذي يرذلني يرذل الذي ارسلني… . و لكن لا تفرحوا بهذا ان الارواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري ان اسماءكم كتبت في السماوات "

6. اعطي الرب يسوع تلاميذة الاطهار سلطان اعطاء الروح القدس للفرز للكهنوت واقام الرسل سبعة شمامسه بعد ان اختارهم الشعب ووضعوا عليهم الايادي " فاختاروا استفانوس رجلا مملوا من الايمان و الروح القدس و فيلبس و بروخورس و نيكانور و تيمون و برميناس و نيقولاوس دخيلا انطاكيا الذين اقاموهم امام الرسل فصلوا و وضعوا عليهم الايادي و كانت كلمة الله تنمو و عدد التلاميذ يتكاثر جدا في اورشليم و جمهور كثير من الكهنة يطيعون الايمان " (اع 6: 2-6)واقاموا كهنه واساقفه في كل كنيسه " بولس و تيموثاوس عبدا يسوع المسيح الى جميع القديسين في المسيح يسوع الذين في فيلبي مع اساقفة و شمامسة "(فيلبي 1 : 1)

7. في وصايا الرسل والتلاميذ نجد مدي احترام الكهنوت " احترزوا اذا لانفسكم و لجميع الرعية التي اقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه " (أعمال الرسل 20 : 28) وفي وصايا الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس نجد مدي عظمة مسؤلية الأسقف " صادقة هي الكلمة ان ابتغى احد الاسقفية فيشتهي عملا صالحا فيجب ان يكون الاسقف بلا لوم بعل امراة واحدة صاحيا عاقلا محتشما مضيفا للغرباء صالحا للتعليم غير مدمن الخمر و لا ضراب و لا طامع بالربح القبيح بل حليما غير مخاصم و لا محب للمال يدبر بيته حسنا له اولاد في الخضوع بكل وقار و انما ان كان احد لا يعرف ان يدبر بيته فكيف يعتني بكنيسة الله غير حديث الايمان لئلا يتصلف فيسقط في دينونة ابليس و يجب ايضا ان تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج لئلا يسقط في تعيير و فخ ابليس "(1 تي3) وعن شروط الشموسيه يقول " يجب ان يكون الشمامسة ذوي وقار لا ذوي لسانين غير مولعين بالخمر الكثير و لا طامعين بالربح القبي و لهم سر الايمان بضمير طاهر و انما هؤلاء ايضا ليختبروا اولا ثم يتشمسوا ان كانوا بلا لوم. . . . ليكن الشمامسة كل بعل امراة واحدة مدبرين اولادهم و بيوتهم حسنا لان الذين تشمسوا حسنا يقتنون لانفسهم درجة حسنة و ثقة كثيرة في الايمان "(1 تي3) ويوصي الرسول بولس تلميذه تيموثاوس قائلا " اوص بهذا و علم لا يستهن احد بحداثتك بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف في المحبة في الروح في الايمان في الطهارة الى ان اجيء اعكف على القراءة و الوعظ و التعليم لا تهمل الموهبة التي فيك المعطاة لك بالنبوة مع وضع ايدي المشيخة اهتم بهذا كن فيه لكي يكون تقدمك ظاهرا في كل شيء لاحظ نفسك و التعليم و داوم على ذلك لانك اذا فعلت هذا تخلص نفسك و الذين يسمعونك ايضا " (1تي4: 11-17) وعن احتمال الالم في الخدمه ينصحه في الرسالة الثانية قائلا " اكرز بالكلمة اعكف على ذلك في وقت مناسب و غير مناسب وبخ انتهر عظ بكل اناة و تعليم لانه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم فيصرفون مسامعهم عن الحق و ينحرفون الى الخرافات و اما انت فاصح في كل شيء احتمل المشقات اعمل عمل المبشر تمم خدمتك " (2تي4 :2-5) وفي رسالته الي تيطس يقول الرسول بولس عن الاسقفيه " لانه يجب ان يكون الاسقف بلا لوم كوكيل الله غير معجب بنفسه و لا غضوب و لا مدمن الخمر و لا ضراب و لا طامع في الربح القبيح " (تيطس 1 : 7)
8. لذا نجد في الخلاصه ان الرسل اختاروا اساقفه وقسوس وشمامسه للخدمه والرعايه الروحيه والرسل نفذوا وصية الرب وهذا تطبيق عن كلام الرب لهم عن ملكوت الله وعن كيفيه تأسيس كنيسته " و انتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة ثم صليا باصوام و استودعاهم للرب الذي كانوا قد امنوا به (أعمال الرسل 14 : 23)

+ و من ميليتس ارسل الى افسس و استدعى قسوس الكنيسة (أعمال الرسل 20 : 17)
منقول من مقال "من هم الاكليروس؟" لنيافة الأنبا موسى أسقف الشباب

قال مينا : لقد حدثتنا عن الكنيسة هى جماعة المؤمنين، المجتمعين فى بيت الله المدشن بقيادة الاكليروس، فمن هم الاكليروس؟

فأجبته قائلاً : كلمة "اكليروس" مشتقة من كلمة "اكليرونوميا" ومعناها "الميراث" أى أن هؤلاء الناس اختاروا الرب نصيباً لهم، وأصبح الميراث الوحيد الذى يسعون إليه هو ميراث الملكوت، أى أنهم أصبحوا مكرسين لله تماماً، لا يعملون عملاً آخر سوى المساهمة فى بناء ملكوت الله فى القلوب، من خلال الخدمة والتعليم والرعاية.

فسألتنى مارى : وهل تحدث الكتاب المقدس عن الكهنوت؟

فقلت لها : طبعاً... سواء فى العهد القديم أو العهد الجديد... والرب يسوع نفسه هو مؤسس سر الكهنوت، حيث قال لتلاميذه نافخاً فى وجوههم: "اقبلوا الروح القدس، من غفرتم خطاياه امسكت" (يو 23:20)... ثم أوصاهم قائلاً: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت 18:28-20).

وهكذا اختار الرب يسوع التلاميذ الأثنى عشر، ثم الرسل السبعين، وكلفهم بهذه المهمة الكهنوتية المحددة:

1- الكرازة باسم المسيح...
2- تعميد كل من يؤمن...
3- تعليم المؤمنين وصايا السيد المسيح...

وهكذا سلك الآباء الرسل، وقال معلمنا بولس الرسول عن نفسه: "حتى أكون خادماً ليسوع المسيح... مبشراً لإنجيل الله ككاهن" (رو 16:15)، كما قال أيضاً: "لنا مذبح، لا سلطان للذين يخدمون المسكن (أى هيكل اليهود فى العهد القديم) أن يأكلوا منه" (عب 10:13).

وهو نفس المذبح الذى تنبأ عنه اشعياء النبى أنه سيكون فى مصر حينما قال: "يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر" (أش 19:19).

ولذلك دعى الرب يسوع رئيس كهنة، فهل هناك رئيس كهنة بدون كهنة؟! (أنظر الرسالة إلى عب 17:2 - 1:3 - 14:4،15 - 5:5 - 10:5 - 20:6 - 26:7 - 1:8 - 11:9) كمجرد أمثلة أن السيد المسيح دعى "رئيس كهنة"، فهل هناك رئيس كهنة بدون كهنة؟!
يقول معلمنا بولس الرسول عن الرب يسوع :

"لكى يكون رحيماً ورئيس كهنة" (عب 17:2).

"لاحظوا رسول اعترافنا ورئيس كهنة المسيح يسوع" (عب 1:3).

"فإذ لنا رئيس كهنة عظيم، قد اجتاز السموات، يسوع ابن الله، فلنتمسك بالإقرار" (عب 14:3).

"ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثى لضعفاتنا، بل مجرب فى كل شئ مثلنا بلا خطية" (عب 15:3).

"مدعواً من الله رئيس كهنة على رتبة ملكى صادق" (عب 10:5).

"دخل يسوع كسابق لأجلنا على رتبة ملكى صادق، رئيس كهنة إلى الأبد" (عب 20:6).

"يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا، قدوس بلا شر ولا دنس" (عب 26:7).

"لنا رئيس كهنة... جلس فى يمين عرش العظمة فى السموات" (عب 1:8).

"أما المسيح وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة" (عب 11:9).

هل بعد هذا كله نقول هل هناك كهنوت؟ إن كان السيد المسيح هو رئيس كهنة، فلابد أن يكون هناك كهنة.

قال لى مينا : سمعت أن هناك رتب فى الكهنوت فما هى؟

فأجبته قائلاً : فى الكنية، وحسب الكتاب المقدس، هناك ثلاث رتب لكهنوت هى:

1- الأسقفية :
- البابا البطريرك رئيس الأساقفة.
- المطران.
- الأسقف.

2- القسيسة :
- القمص.
- القس.

3- الشمامسة :
- رئيس الشمامسة، والشمامسة، والايبذياكون، والأغنسطس، والابسالتس...
من مقال "الكهنوت المسيحى سر الأبوة الروحية" لنيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام


من أجمل تقاليد كنيستنا القبطية مناداة الأب الأسقف والكاهن بلقب "أبونا"، بل يقف على قمة الهرم الكنسى شخص محبوب يسمى (البابا) ووظيفته (بطريرك) أى (رئيس الآباء) أو بالأحرى (أب الآباء)... فكل كهنوت كنيستنا هو أبوة روحية غامرة يتلقنها الكاهن (فى أية درجة، من المسيح ويشبع بها بفيض، فتشع منه روحاً ينسكب فيغمر الكنيسة بفيض الحب والأبوة، الاهتمام والرعاية لكل نفس "التراكم علىّ كل يوم. الاهتمام بجميع الكنائس. من يضعف وأنا لا أضعف، من يعثر وأنا لا ألتهب" (2كو29:11)، هذه هى الأبوة التى تنسكب كأنهار مياه حية من أحضان الثالوث القدوس فتحى العالم عبر الكاهن.

وأبوة الكهنوت فى كنيستنا تتجلى فى ثلاثة وظائف:

قداسة البابا البطريرك :
هو الراعى الأكبر للكنيسة القبطية، ورئيس أساقفتها، وهو الذى يرأس المجمع المقدس، الذى هو السلطة العليا فى الكنيسة من جهة التعليم والتشريع والعقيدة والرعاية.

1- الوساطة :

الوسيط هو من يقف فى الوسط بين فريقين يصل بينهما، محاولاً إيجاد الوحدة الكاملة بينهما. والفريقان هنا هما الله والإنسان.

ومعروف أن العلاقة الرائعة التى جمعت بين الله والإنسان فى الفردوس قد تشوهت وفترت بسبب السقوط... فكان لابد من وسيط يقوم بالمصالحة... وكان أيوب الصديق يبحث عن هذا الوسيط: "ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا" (أى 33:9) ولم يكن الوسيط إلا ربنا يسوع المسيح الذى يجمع فى ذاته - بسبب الاتحاد الأقنومى - "كل ما للآب" (يو15:16)، فهو من نفس الجوهر الذى للآب وأيضاً كل ما للإنسان إذ "أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس. وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (فى 7:2،8)، لذلك قيل عنه بحق "يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح، الذى بذل نفسه فدية لأجل الجميع" (1تى 5:2،6)، فالمسيح هو رئيس الكهنة الأعظم (لحن ميغالو)، ولكنه منذ البداية قد أختار أناساً ليمارس فيهم وبهم ومن خلالهم كهنوته الخاص "ثم دعا تلاميذه الأثنى عشر وأعطاهم سلطاناً على أرواح نجسة حتى يخرجوها، ويشفوا كل مرض وكل ضعف" (مت 1:10)، "وبعد ذلك عين الرب سبعين آخرين أيضاً وأرسلهم اثنين اثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعاً أن يأتى" (لو1:10)، إلا أن مهمتهم لم تنحصر فى هذا العالم ولم تقتصر عليه بل أعطاهم أن يمارسوا كل كهنوته فهم معه حيث هو (يو 24:17)، "ويشتركون فى سلطانه" (مت 18:28-20)، "وما يحلونه على الأرض تحله السماء" (مت 19:16). بل صاروا خدام المسيح ووكلاء سرائر الله (1كو 1:4) حتى أنه قال لهم "الذى يسمع منكم يسمع منى. والذى يرذلكم يرذلنى" (لو16:10)... فحضور الكاهن يمثل حضور المسيح فى الكنيسة - لاحظ أن ألحان استقبال الأسقف فى الكنيسة هى ألحان تعلن عن حضور المسيح (ابؤورو، ايفلوجيمينوس، اكسماروؤت) - وبهذا المنظور يكون الكاهن وسيطاً بين الله والناس إذ أنه يمثل شخص ربنا يسوع المسيح... فهو من جهة متحد بالمسيح ومن جهة أخرى يجمع كل الشعب فى قلبه بالأبوة والحب ليوحدهم بالمسيح... وهذه، لائك، تمثل معاناة، يشبهها معلمنا بولس الرسول بآلام المخاض "يا أولادى الذين أتمخض بكم أيضاً إلى أن يتصور المسيح فيكم" (غل 19:4).

إن هذه المعاناة اليومية التى يقاسيها الكاهن ما هى إلا علامات أبوته التى بها يحمل هموم الناس ويطرحها تحت قدمى المسيح... أنه يتوب مع كل تائب "... عبدك (فلان) وضعفى نحن المنحنييْن برؤوسنا أمام وجهك المقدس. ارزقنا رحمتك، اقطع عنا كل رباطات خطايانا..." (التحليل الذى يقرأه الكاهن على رأس المعترف). ويصلى عن كل مريض ومسافر ومنتقل... ويطلب عن خلاص العالم والبهائم والزروع والمياه والأهوية... يشفع فى الأرملة واليتيم والغريب والضيف، ويئن مع الذين فى السجون والنفى ومع المظلومين والمتألمين..، ويرفع تنهدات بنى البشر لله أمام المذبح حاملاً عار الناس وخطيتهم متشبهاً بالمسيح الذى منه تستمد كل أبوة وكل قوة.

2- النموذج :

ليس الكاهن واعظاً وحسب ولكنه أب، يسلم أولاده روح المسيح، أنه أكثر من أن يكون معلماً أو مرشداً روحياً بل هو شاهد عيان لانسكاب الروح القدس فى أبنائه، أنه إنسان تتجلى فيه بوضوح روح النبوة فى العهد الجديد - ليس بمعنى من يتنبأ بالمستقبلات بل من ينبئ بفكر الله وإرادته ويعلنه ويعلمه للناس.

الكاهن فى الكنيسة يقود أولاده نحو المسيح فى مسيرة روحية متدرجة، يتبعون خطواته فيما هو يتبع خطوات المسيح "لأنه إن كان لكم ربوات من المرشدين فى المسيح لكن ليس أباء كثيرون لأنى وأنا ولدتكم فى المسيح يسوع بالإنجيل. فأطلب إليكم أن تكونوا متمثلين بى" (1كو15:4،16)، "كما أنا أيضاً بالمسيح" (1كو 1:11).
فالحياة الروحية التقوية لا تلقن، ولا يستطيع المعلم الروحى إلا أن يساعد على تفتحها ونموها، وهذا يكون بحياته وسلوكه التلقائى العفوى التقوى، ويكون بالتفاف الأبناء حوله ليشربوا منه روح التقوى والعفة والوداعة... "كن قدوة للمؤمنين فى الكلام فى التصرف فى المحبة فى الروح فى الإيمان فى الطهارة" (1تى 12:4).

وروح المسيح هذه تنتقل من جيل إلى جيل خلال الآباء الذين يحملون الوديعة ويسلمونها لأبنائهم بأمانة وتقوى "كونوا متمثلين بى معاً أيها الأخوة ولاحظوا الذين يسيرون هكذا كما نحن عندكم قدوة" (فى 17:3)، "وأنتم صرتم متمثلين بنا وبالرب.. حتى صرتم قدوة لجميع الذين يؤمنون..." (2تس9:3)، "وما سمعته منى بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضاً" (2تى 2:2)، "وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورأيتموه فىّ فهذا افعلوا" (فى 9:4).

هنا - وبسبب الأبوة فى الكنيسة - لم يعد الإيمان نظريات فلسفية تحارب عنها الكنيسة ضد الهراطقة ولا مجرد تحديدات قانونية أقرتها الكنيسة فى مجامعها المسكونية، بل هو حياة يعيشها الآباء فليتقطها منهم الأبناء، لينقلوها بدورهم إلى الأحفاد "من جيل إلـــى جيل وإلـــى دهر الدهور آمين".

إن سبب نقاوة إيمان أثناسيوس (تقواه)، وسبب تمسك الأقباط بإيمان أثناسيوس أنه (أبوهم)... ولا عجب فأثناسيوس نفسه شرب روح التقوى من أبيه (أنطونيوس)...

الثالوث والحياة :

لقد عاش الآباء سر الثالوث ففهموا كيف تكون الأبوة والبنوة والروح الواحد، وصار الثالوث المعاش فيهم مصدر روح الأبوة فيهم فألتقط الأبناء روح الثالوث وأدركوه، لا على مستوى البرهان العقلى، بل على مستوى الخبرة الحية المعاشة فى الكنيسة، من خلال وحدة الكنيسة (الله الواحد) وتنوع أعضائها (الله الثالوث) فالكنيسة (الإنسان) خلق على صورة الله ومثاله
التجسد والحياة :

كذلك عاش الآباء سر التجسد؛ فأدركوا كرامة الجسد وقداسة المادة وسلكوا كما يليق بتجسد الابن الوحيد فى العالم وسطنا... فكان التجسد الإلهى ينبوع تقواهم ونظرتهم المقدسة للجسد والمادة والعالم والكون... وألتقط الأبناء نفس الروح وعاشوها.

والأب الروحى فى قيادته لتلاميذه صاعداً بهم إلى القمة الروحية يأخذهم هويداً هويداً لئلا يستكدهم بحماس روحى مزيف، فروح الأبوة لا ينتقل من الأب إلى تلاميذه بطريقة فورية إنما يتطلب نمواً ناضجاً هيناً بصبر وطول أناه "هذا أصليه أن تزداد محبتكم أيضاً أكثر فأكثر فى المعرفة وفى كل فهم" (فى 9:1)، "أنس ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام. أسعى نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا فى المسيح يسوع" (فى 13:3،14).

والآباء الأقباط يعرفون أن نقطة الانطلاق لهذا النمو التدريجى الأصيل هى المعمودية... ففيها أخذنا كل موهبة وكل نعمة نحتاجها على مدى جهادنا الروحى الطويل بطول العمر... ودور الأب أن يطلق فينا هذه الطاقات تدريجياً.. ويدعمها يومياً بنعمة الإفخارستيا، فيصير الصليب - مترجماً عملياً بالمعمودية والأفخارستيا - ينبوع جهادنا ونمونا منسكباً فينا من خلال أنامل الآب الروحى.

3- الرعاية :

الراعى هو الأب الذى يقبل جميع أولاده - على علاتهم – ويهتم بإحتياجاتهم ويسهر على راحتهم ويحمل همومهم ويتوب عنهم "وكان لما دارت أيام الوليمة أن أيوب أرسل فقدسهم (أبناءه) وبكر فى الغد وأصعد محرقات على عددهم كلهم لأن أيوب قال: ربما اخطأ بنى وجدفوا على الله فى قلوبهم هكذا كان أيوب يفعل كل الأيام" (أى 5:1).

والكاهن فى قبوله الجميع لا يجذبهم إلى نفسه بل إلى من يمثله ويخدمه، أى المسيح. وعندما يقبلهم إنما يرى فيهم المسيح "ما فعلتموه بأحد أخوتى هؤلاء الأصاغر فبى فعلتم" (مت 40:25). لأن كل من أجتاز المعمودية قد صار بالحق عضواً فى جسد المسيح... والكاهن مستأمن على جسد المسيح؛ ليخدمه ومن هنا يصير اهتمام الكاهن بكل عضو فى الكنيسة هو اهتمام بالمسيح... نعم أن هذا الاهتمام المتسع مؤلم أحياناً كثيرة ويصلب الكاهن صلباً، ويحرمه من حقه الطبيعى فى الراحة والإجازة، ولكن رغم ذلك فالأب دائماً يفرح بفرح أولاده ونجاحهم وتقدمهم وشبعهم...لذلك يعلمنا أبونا قداسة البابا شنوده "إذا تعب الكاهن يسترح الشعب وإذا استراح الكاهن يتعب الشعب" ونحن كلنا خلفه نفضل أن يتعب الكاهن ليسترح الشعب... والكاهن يكسر ذاته فى إقدام وصبر وفرح بالآخرين... وهذا هو صليب المسيح... والخدمة لا تخرج عن كونها صليب المسيح... إن نخدم الناس يعنى أن نحيا فى محبة الله والناس، ومحبة الله هذه عُبّر عنها بالصلب "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو16:3)...

فالأب الكاهن يدخل فى خبرة هذه المحبة المصلوبة لأن هذا هو واقع خدمته... أنه يقدم حباً بلا حدود لشعب متسع متباين فى فكره وقبوله لخدمة الكاهن... قد يقابل حب الكاهن بعدم الاكتراث أو بالرفض ولكن على كل حال، فهو أب.. سيظل مجاهداً، ومنبهاً، ومقدراً، ومشجعاً على رجاء أن يخلص الابن ويقبل إلى الحق... فالمسيح نفسه "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله" (يو 11:1) ولكنه أكمل سعيه نحو خلاص البشر حتى التمام لأنه أب يحب أولاده...

وكذلك الكاهن "إن كانوا قد اضطهدونى فسيضطهدونكم" (يو 20:15) فى "ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله" (يو 16:13).. فالكاهن يحمل نير المسيح وينحنى تحت أقدام الأبناء ليغسل قاذوراتهم وهو مترفق بهم "كنا مترفقين فى وسطكم كما تربى المرضعة أولادها. هكذا إذا كنا حانين إليكم كنا نرضى أن نعطيكم لا إنجيل الله فقط بل أنفسنا أيضاً لأنكم صرتم محبوبين إلينا... كنا نعظ كل واحد منكم كالأب لأولاده ونشجعكم ونشهدكم لكى تسلكوا كما يحق لله الذى دعاكم إلى ملكوته ومجده" (1تس 7:2-12)، وهذا الحمل لا يسبب تأففاً للأب ولا يمثل عبئ (جهد) غير محبوب، بل بالعكس يصرخ مع معلمنا بولس الرسول: "أفرح فى آلامى لأجلكم" (كو24:1) ففرحة الكاهن بعطائه تلزمه بأن يعطى أكثر مما ينتظره الناس منه، ليس آيات ولا أعمالا باهرة بل أبوة روحية حانية.

خدمة الكاهن هى أن يلد أبناء لله، ويتألم لأجل أبنائه وبسببهم كما يتألم معهم فى نموهم الروحى كأولاد لله، وهو لا يستطيع أن يلد حياة دون بذل حياته، ولكن العجيب والمفرح فى آن واحد أنه لا يبذل حياته هو، بل أن حياة المسيح هى التى تبذل وتنسكب من خلاله، وبقدر ما يبذل الكاهن نفسه حباً بالمسيح تكون الغلبة لحياة المسيح التى تعمل فى أولاد الله وتحييهم وهو معهم، لحياة أبدية... وبقدر البذل تستعلن الأبوة، وتتجلى صورة الله فى (أبونا) القديس.
منقول من "سيامة القس" لنيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام


صلاة الصلح:

تبدأ كل صلوات سيامات خدام المذبح الشمامسة والكهنة، بعد صلاة الصلح لتعبر عن مفهوم هذه السيامة المقدسة أنها إقامة سفير عن الله يسعى لخدمة الملكوت قائلاً للناس: "تصالحوا مع الله".

ولكى تكون هناك الفرصة للأب الكاهن الجديد أن يشترك فى الصلاة من بداية ليتورجية القداس التى تبدأ بالحوار "الرب معكم - ومع روحك أيضاً، ارفعوا قلوبكم - هى عند الرب، فلنشكر الرب - مستحق وعادل".

أما سيامات الآباء البطاركة والأساقفة؛ فتكون عقب الإبركسيس على اعتبار أنهم خلفاء الرسل وامتداد الكنيسة وعمل الروح القدس فيها.

صلاة الأسقف عن نفسه:

يبدأ طقس سيامة الكاهن بأن يصلى الأب الأسقف (سراً) صلاة عميقة منسحقة عن نفسه يعترف فيها أمام الله بعجزه وضعفه ويقر فيها بإيمانه الأرثوذكسى المستقيم، ويتعهد فيها بتكميل عمل الرسل الكرازى "أنا عبدك (فلان) ابن الرسل، المبشر فى المسكونة مثل جميع آبائى... هذا هو اعترافنا بمسيحه وثباتنا فى الإيمان المستقيم... أنا هو العاجز الخاطئ (فلان)، أفق علىّ من الأثنى عشر فضيلة التى لصلاحك، وتملأنى من كل فهم وكل حكمة ورأفة واستقامة اليد اليمنى على عبدك (فلان) الذى أدعوه إلى الرسالة والخدمة والكهنوت، وتحسبنى معه فى نصيب قديسيك...".

وهنا تعبير (استقامة اليد اليمنى) يعنى أن تكون السيامة صحيحة مستقيمة بوضع اليد.. بدون استعجال وبدون خداع أو غسن أو سيمونية (مال مقابل الرسامة).. وتكون بموافقة الشعب.. وبالإيمان تكون السيامة بحسب مشورة الروح القدس بالحق.

تعهد الكاهن:

يتلو الأخ المرشح للكهنوت تعهداً أمام باب الهيكل وفى حضور الشعب (هذا التعهد قد صاغه قداسة البابا شنوده الثالث وأضيف حديثاً إلى طقس السيامة).

"أنا المسكين... المدعو لنعمة الكهنوت على المذبح المقدس فى كنيسة... بحى... مدينة.. أتعهد أمام الله رب الأرباب وراعى الرعاة وأمام ملائكته وقديسيه وأمام أبى قداسة البابا... (أو نيافة الأنبا...) وأمام الاكليروس وكل الشعب".

بأن أثبت على الإيمان الأرثوذكسى إلى النفس الأخير.

وأن احترم قوانين الكنيسة المقدسة وأحافظ على تقليدها وطقوسها وتعليمها.

وأن أبذل كل جهدى فى تعليم الشعب الإيمان السليم، وقيادته فى حياة القداسة والبر. وأكون أنا نفسى قدوة فى كل عمل صالح.
وأتعهد بأن أحب الرعية، وأعاملها بالرفق والحكمة، وأبذل ذاتى فى افتقاد الشعب، والاهتمام به من كل ناحية حسب طاقتى.

وأن أبحث عن الضال، وأسعى لرده، وأجمع خراف الله المتفرقة، ولا أغفل عن العاجزين والمنطرحين والذين ليس لهم أحد يذكرهم.

وأن أكون طويل الروح، واسع الصدر فى معاملة الناس، ولا تكون لى جماعة مختارة بل اهتم بالكل.

وأتعهد بأن أضع صالح الكنيسة فوق كل اعتبار.

وأن أبعد عن محبة المال، ومحبة النصيب الأكبر. ولا أتعالى على الشعب، ولا أهملهم، ولا أكلفهم بما لا يطيقون، ولا آمرهم بما يخالف وصية الرب. ولا أرفض التائب إذا رجع. ولا أقصِّر فى خدمة أحد منهم.

وأتعهد بأن أخضع لرئاسة الكهنوت ممثله فى قداسة البطريرك (وأبى نيافة الأنبا....) مع احترامى وتوقيرى لشركائه (أو شركائهم) فى الخدمة الرسولية الآباء المطارنة والأساقفة.

وأطلب من الرب أن يهبنى قوة بصلواتكم حتى أقوم بهذه المسئولية الخطيرة، وأؤدى بأمانة كافة ما يتطلبه منة عمل الكهنوت الجليل.

صلوا عنى يا آبائى وأخوتى القديسين. ها ميطانيه لكم جميعاً.

ما أرهب اللحظات التى ينطق فيها الكاهن بهذا التعهد الذى يضم مبادئ الرعاية المثالية.. ولكن - فى المقابل - ما أعظم النعمة والموهبة التى تنتظره إذا نطق بهذا التعهد بكل إخلاص قلب ورغبة حقيقية فى خدمة ملكوت الله.
هذا التعهد يشرح عمل الكهنوت الجليل ويتلخص فى:

1- حفظ الإيمان الأرثوذكسى والتعليم الصحيح.
2- حفظ القداسة والبر والقدوة الصالحة.
3- حب الرعية وبذل النفس من أجلها والاهتمام بكل أحد

طقس السيامة:

تبدأ - كعادة صلواتنا - بالصلاة الربانية وصلاة الشكر ورفع ذبيحة البخور مع أرباع الناقوس (ويصلى سراً سر بخور البولس).

ثم يصلى الأب الأسقف سبع صلوات بعضها يكون متجها للشرق وبعضها الآخر يكون متجهاً للغرب مصلياً على رأس المدعو للكهنوت. هذه الصلوات أيضاً تحمل شرح وظيفة الكهنوت فى الكنيسة.

1- الامتلاء من الروح القدس :

"املأنا من قوتك الإلهية ونعمة أبنك الوحيد وفعل الروح القدس".

"نعمة ربنا يسوع المسيح المكملة لنقصنا بمسرة الله الآب والروح القدس تحل على (فلان)".

"املأه من الروح القدس والنعمة والمشورة وتقواك".

"امنحه روح حكمتك ليمتلئ...".
"اطلبوا كلكم لتحل عليه موهبة الروح القدس.. آمين".

"وأرسل من السماء نعمتك على عبدك هذا..".

"وأفضت موهبتك ذات الفنى على عبدك هذا".

فالكاهن إناء للروح القدس يمتلئ به حتى يفيض بمواهبه على كل الشعب رعاية وتعليماً ووعظاً وأشاروا ومواهب الأسرار المقدسة.

2- التعليم الصالح السليم :

"هب لنا معرفة لنقول ما ينبغى".

"وينميهم ويكثرهم ويقويهم ليقبلوا الأتعاب بالقول والفعل".

"املأه من.. والمشورة.. ليعضد ويدبر شعبك بقلب نقى".

"امنحه روح حكمتك ليمتلئ من... كلام التعليم؛ ليعلم شعبك بوداعة..".

فالكاهن فى الكنيسة هو رجل الله الذى تطلب من فمه الشريعة لأنه رسول رب الجنود.. والتعليم يجب أن يكون مستقيماً بل كقول معلمنا بولس الرسول: "لأن وعظنا ليس عن ضلال ولا عن دنس ولا بمكر" (اتس 3:2)، "مفصلاً كلمة الحق بالاستقامة" (2تيمو 15:2).

3- خدمة الأسرار المقدسة أعمال والكهنوت :

"لكى نستطيع باستحقاق أن نحمل اسمك القدوس، ونخدم كهنوت سرائرك المقدسة".

"وامنحنا أن... ندنو إلى مذبحه المقدس".

"لكى باستحقاق من قبل محبتك للبشر يستحق اسمك القدوس، ويتعبد لك ويخدم مذبحك المقدس".

"ويتعبد لك بطهارة وفكر نقى، ونفس منسحقة؛ ليكمل أعمال الكهنوت على شعبك، وأما الذين يقتربون إليه أيضاً فليجددهم بحميم الميلاد الجديد".

"لكى يستحق من قبلك أن يكمل كهنوتك بغير اعوجاج".

فالكاهن هو وكيل سرائر الله... وهو المتمم لكل صلوات الكنيسة والأسرار المقدسة.. هو الذى يعمل ويدهن بالميرون وهو الذى يقبل التائب ويعطيه الحل والغفران بالسلطان الإلهى الممنوح له بضم السيد المسيح، وكذلك الكاهن هو الذى يقدس القرابين ويقرب الشعب منها، وهو الذى يزوج ويبارك المنازل ويدهن بالزيت ويرفع البخور فى كل مكان... وهو الذى يصلى على الناس ويباركهم.
كذلك يحمل طقس السيامة بعض المعانى مثل:

أ- ضرورة تزكية الشعب واشتراكه :
"هذا الذى أسلم للقسيسية بحكم وتزكية الذين قدموه فى الوسط".
والشماس ينبه الشعب بين الصلوات قائلاً "صلوا" فيردون "كيرياليصون 3" بالفرح .
ورئيس الشماسة يصرخ "اطلبوا كلكم لكى تحل عليه موهبة الروح القدس".
والشعب يعلن موافقته وتأييده واشتراكه بقولهم "اكسيوس - مستحق" ثلاث مرات.
وهذا لا يعنى أن السيامة بالإرادة المنفردة للشعب بل هناك اختيار الله "أيها الرب إله القوات الذى أدخلنا إلى نصيب هذه الخدمة".

ب- الكاهن يستؤمن على مواهب الروح القدس:
نعمة ربنا يسوع المسيح المكملة لنقصنا بمسرة الله الآب والروح القدس تحل على (فلان)".
"امنحه روح حكمتك ليمتلئ من أعمال الشفاء وكلام التعليم".

ج- الكاهن يكمل حياته فى سيرة لائقة مع توبة مستمرة:
"اسمعنا بكثرة رأفتك ونقنا من كل دنس الجسد والروح، فرق سحابة خطايانا وظلمنا مثل الدخان".
"ولا تدعنا نشترك فى خطايا غريبة، بل امح التى لنا، وامنحنا يا سيدنا أن لا نصنع المائلات".
"نطلب إليك أن تحفظ فينا أيضاً الروح القدس الذى لنعمتك".
"ويتعبد لك بطهارة وفكر نقى ونفس منسحقة ليكمل أعمال الكهنوت".
"وأنا أيضاً طهرنى من كل خطية غريبة واعتقنى مما يحب علىّ من ذاتى".
"أطلع يارب علينا وعلى خدمتنا، وطهرنا من كل دنس".
"لكى يستحق من قلبك أن يكمل كهنوتك بغير اعوجاج".
"اخترنا معه للصلاح لكى نعمل ونربح فى الوزنة".

فسيامة الكهنوت هى بداية الطريق وليست نهايته.. والكاهن يسلك بحذر وخوف وتوبة يومية.. لئلا "بعدما كرز للآخرين أصير أنا نفسى وفوض".

الاسم الجديد: اعتادت الكنيسة أن تعطى اسماً جديداً للمنتخب للكهنوت.. حتى يبدأ بداية جديدة كما تحول شاول إلى بولس وسمعان إلى بطرس..

ورئيس الشمامسة هو الذى يعلن الاسم الجديد قائلاً:

(فلان) قسيساً على المذبح المقدس بالبيعة المقدسة الجامعة الرسولية كنيسة الله بالمدينة المحبة للمسيح (...).

أما السيامة ووضع اليد بالاسم الجديد فيتممها الأب الأسقف:

"ندعوك يا "فلان" قسيساً على المذبح المقدس الأرثوذكسى" ويتلو الرشومات.

وهذا النداء يحتوى على الاسم الجديد وكذلك على المكان الذى يتولى أبونا رعايته... حى كذا... أو مدينة كذا... من أجل تنظيم الرعاية وتكون المسئولية لها معالم واضحة وحدود معروفة.

مجداً وكراماً... سلاماً وبنيانا لكنيسة الله المقدسة أمين".

وهذا الإعلان يحمل ملخصاً لعمل سيامة الكهنوت فى الكنيسة.. أن الكاهن دوره الأساسى هو تمجيد وإكرام الثالوث، وسلام وبنيان الكنيسة... وهذه جميعها لا تأتى إلا بخلاص نفوس الناس.

فما يمجد الله وما يبنى الكنيسة هو انضمام أعضاء جدد إليها بالحق... بالمعمودية وبالإيمان وبالتوبة وبالأفخارستيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010