المقدمة
يُخْبِرُنا الكِتَابُ المُقَدَّسُ كَيْفَ أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ يَسُوعَ لِيُرِيَنَا مَنْ هُوَ اللهِ ، وَيُعَلِّمَنَا كَيْفَ نَدْخُلُ مَلَكُوتِهِ .
إِلَيْكَ قِصّةَ رَوَاهَا يَسُوعُ ، وَشَرَحَ فِيهَا كَيْفَ يَدعُوُ اللهُ البَشَرَ إِلى مَلَكُوتِهِ .
تَجِدُ هذِهِ القِصَّةِ مُفَصَّلَةً فِي كِتابِكَ المُقَدَّسِ ، في الفَصْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ إنْجِيْلِ لُوْقا .
عَاشَ يَسُوعُ أَكْثَرَ أَسَّامِهِ بَيْنَ عَامَّةِ الشَّعْبِ . إِلاَّ أَنَّهُ تَقَبَّلَ دَعْوَةَ الأَغْنِيَاءِ ، مِنْ حِينٍ إِلَى آخَرَ ، فَانْتَهَزَهَا فُرْصَةً وَكَلَّمَ الأَغْنِيَاءَ أَيْضاً عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ .
وَحَدَثَ لَهُ يَوْماً أَنْ دَعَاهُ أَحَدُهُمْ إِلى وَلِيمَةٍ في بَيْتِهِ . وَلَمَّا جَلَسَ الجَمِيعُ إِلى المَائِدَةِ ، خَاطَبَهُمْ يَسُوعُ . فَقَالَ :أَرَادَ أَحَدُ الأَغْنِيَاءِ يَوْماً أَنْ يُقِيمَ وَلِيمَةً عَظِيمَةً . فَوَضَعَ لائِحَةً طَوِيلَةً بِأَسْمَاءِ الأَشْخَاصِ المَدْعُوِّينَ .
وَرَاحَ الخُدَّامُ يَنْهَمِكُونَ في تَهْيِئَةِ المَائِدَةِ . فَحَضَّرُوا الطَّعَامَ ، وَاشْتَرَوُا النَّبِيذَ ، وَهَيَّأُوا المَقَاعِدَ لِلْمَدْعُوِّينَ حَسَبَ رُتَبِهْمْ ، وَزَيَّنُوا القَاعَةَ بِالأَزْهَارِ .
وَعِنْدَمَا جَهَّزُوا كُلَّ مَا لَزِمَ ، أَثْنَى سَيِّدُهُمْ عَلَى نَشَاطِهِمْ ، وَقَالَ لَهُمْ : " وَالآنَ يُمْكِنُكُمْ أَنْ تُبْلِغُوا الدَّعْوَةَ إِلى المَدْعُوِّينَ " .
فَخَرَجِ الخُدَّامُ ، وَجَدَّدُوا الدَّعْوَةَ ، وَقَالُوا : " كُلُّ شَيْءٍ قَدْ أُعِدَّ لاسْتِقْبَالِكُمْ . هَلُمُّوا تَمَتَّعُوا الآنَ بِهِذِهِ الوَلِيمَةِ العَظِيمَةِ " .
ظَنَّ الخُدَّامُ أَنَّهُمْ سَيَرَوْنَ المَدْعُوِّينَ يَنْتَظِرُونَ جَاهِزِينَ ، لاَبِسِينَ أَجْمَلَ ثِيَابِهِمْ . وَلكِنْ ، سُرْعَانَ مَا خَابَ ظَنُّهُمْ .
تَوَجَّهَ أَحَدُ الخُدَّامِ إِلى بَيْتِ أَوَّلِ المَدْعُوِّينَ ، وَقَالَ : " يَرْجُو سَيِّدِي أَنْ تَحْضُرَ الآنَ إِلى الوَلِيمَةِ ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُعِدَّ " .
فَاعْتَذَرَ المَدْعُوُّ الأَوَّلُ وَقَالَ : " آهِ ! لَنْ أَسْتَطِيعَ المَجِيءَ الآنَ . فَلَقَدِ اشْتَرَيْتُ حَقْلاً مُنْذُ حِينٍ ، وَلاَ بُدَّ لِي أَنْ أَذْهَبَ وَأَتَفَقَّدَهُ " .
فَقَالَ الخَادِمُ في نَفْسِهِ : " يَا لَهُ مِنْ عُذْرٍ ! أَيُعْقَلُ أَنْ يَشْتَرِيَ حَقْلاً قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ أَوَّلاً ؟ ! " . وَتَرَكَهُ وَمَضَى .
وَتَحَوَّل الخَادِمُ إِلى بَيْتِ المَدْعُوِّ الثَّاني وَقَالَ لَهُ : " يَرْجُو سَيِّدِي أَنْ تَحْضُرَ الآنَ إِلى الوَلِيمَةِ ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُعِدَّ " .
فَاعْتَذَرَ هذَا أَيْضاً وَقَالَ : " آهِ ! لَنْ أَسْتَطِيعَ الحُضُورَ الآنَ . فَلَقَدِ اشْتَرَيْتُ مُنْذُ حِينٍ ، خَمْسَةَ فَدَادِينَ لِلْفِلاَحَةِ ، وَلاَ بُدَّ أَنْ أَمْضِيَ وأُجَرِّبَهَا " .
فَقَالَ الخَادِمُ في نَفْسِهِ : " يَا لَهُ مِنْ عُذْرٍ ! أَيُعْقَلُ أَنَّهُ اشْتَرَى خَمْسَةَ فَدَادِينَ لِلْفِلاَحَةِ ، وَلَمْ يَتَأَكَّدَ مِنْ جُودَتِهَا ؟ "
وَتَرَكَهُ وَمَضَى .
وَذَهَبَ الخَادِمُ إِلى بَيْتِ المَدْعُوِّ الثَّالِثِ وَقَالَ لَهُ :
" يَرْجُو سَيِّدِي أَنْ تَحْضُرَ الآنَ إِلى الوَلِيمَةِ ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُعِدَّ " .
فَاعْتَذَرَ المَدْعُوُّ الثَّالِثُ أَيْضاً وَقَالَ : " آهِ ! لَنْ أَسْتَطِيعَ
المَجِيءَ الآنَ . فَلَقَدْ تَزَوَّجْتُ اليَوْمَ ، وَلِذَا لَنْ أَسْتَطِيعَ الحُضُورَ " .
فَقَالَ الخَادِمُ في نَفْسِهِ : " يَا لَهُ مِنْ عُذْرٍ ! أَيُعْقَلُ أَنْ يَمْتَنِعَ أَحَدٌ عَنْ وَلِيمَةٍ ، لأَنَّهُ تَزَوَّجَ بامْرَأَةْ ؟"
وَتَرَكَهُ وَمَضَى .
وَلَمَّا قَصَدَ الخَادِمُ بُيُوتَ جَمِيعِ المَدْعُوِّينَ ، حَسْبَمَا جَاءَ في اللاَّئِحَةِ ، عَادَ إِلى سَيِّدِهِ .
وَكَانَ سَيِّدُهُ وَاقِفاً في بَابِ دَارِهِ الجَمِيلَةِ ، مُتَأَهِّباً لِلتَّرْحِيبِ بِالضُّيُوفِ . فَتَوَجَّهَ إِلى خَادِمِهِ وَقَالَ لَهُ : " أَيْنَ هُمُ المَدْعُوُّونَ ؟ "
فَشَرَحَ الخَادِمُ لِسَيِّدِهِ كَيْفَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ الوَلِيمَةَ جَاهِزَةٌ ، وَكَيْفَ اعْتَذَرَ جَمِيعُ المَدْعُوِّينَ عَنِ المَجِيءِ .
فَغَضِبَ سَيِّدُ البَيْتِ غَضَباً شَدِيداً ، وَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ ، وَقَالَ : " يَا لَهُ مِنْ شَعْبٍ جَاهِلٍ ، لاَ يَعْرِفُ شَيْئاً مِنْ أُصُولِ اللَّيَاقَةِِ ! "
ثُمَّ دَخَلَ البَيْتَ وَتَاَمَّلَ الوَلِيمَةَ . فَالمَوائِدُ كَانَتْ جَاهِزَةً وَالأَطْعِمَةُ شَهِيَّةَ الرَّائِحَةِ . فَقَالَ في نَفْسِهِ : " إِنِّي أَعْرِفُ مَا عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ ! "
ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلى الخَادِمِ وَقَالَ :
" اخْرُجْ إِلى المَدِينَةِ . وَتَنَقَّلْ في كُلِّ شَارِعٍ وَزُقَاقٍ . وَأْتِ بِالمَسَاكِينِ وَالعُمْيَانِ وَالعُرْجِ . وَادْعُهُمْ جَمِيعاً إِلى مَأْدُبَتي " .
فَأَسْرَعَ الخَادِمُ ، وَخَرَجَ إِلى المَدِينَةِ ، وَصَنَعَ مَا أَمَرَهُ سَيِّدُهُ . فَحَفَلَتْ طَرِيقُ البَيْتِ بِالمَسَاكِينِ وَالمَرْضَى القَادِمِينَ مِنَ المَدِينَةِ إِلى المَأْدُبَةِ .
ثُمَّ عَادَ سَيِّدُ البَيْتِ ؟إِلى غُلاَمِهِ وَقَالَ لَهُ : " القَاعَةُ تَتَّسِعُ لِعَدَدٍ أَكْبَرَ . فَاخْرُجْ سَرِيعاً إِلى الحُقُولِ وَطُرُقِهَا الضَّيِّقَةِ . وَادْعُ كُلَّ مَنْ تَلْقَاهُ ، لِيَأْتِيَ وَيَأْكُلَ إِلى مَائِدَتي " .
فَخَرَجَ الغُلاَمُ مُسْرِعاً إِلَى الحُقُولِ ، وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ سَيِّدُهُ . وَكَادَ النَّاسُ لاَ يُصَدِّقُونَ أَنَّ الدَّعْوَةَ مُوَجَّهَةٌ إِلَيْهِمْ . إِلاَّ أَنَّهُمْ أَسْرَعُوا وَاشْتَرَكُوا في الوَلِيمَةِ .
ثُمَّ تَابَعَ يَسُوعُ قَائِلاً : في النِّهَايَةِ ، حَفَلَتِ المَائِدَةُ بِكُلِّ النَّاسِ الَّذِينَ أَقْبَلُوا مَسْرُورِينَ إِلى وَلِيمَةِ السَّيِّدِ .
أَمَّا أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُريدُوا أَنْ يُكَلِّفْوا أَنْفُسَهُمْ وَيَحضُرُوا الوَلِيمَةَ ، فَلَم يُعْطُوا مَجَالاً آخَرَ لِتَبْدِيلِ رَأْيِهِمْ .
وَوَجَّهَ يَسُوعُ كَلاَمَهُ إِلى جَمِيعِ الجَالِسِينَ مَعَهُ إِلى المَائِدَةِ ، وَقَالَ لَهُمْ : " هكَذَا يَكُونُ في مَلَكُوتِ اللهِ . فَإِذَا دَعَاكُمُ اللهُ إِلى الحَيَاةِ مَعَهُ ، فَلاَ تَرْفُضُوا دَعْوَتَهُ! "
خاتمة
" من الكتاب المقدّس " سلسلة قصصيّة من 52 رواية للأطفال . كلّ قصّة قائمة بذاتها ويؤلّف مجموعها الكتاب المقدّس ، أي قصّة حبّ الله للبشر ، في كلّ زمان ومكان .
إن الأعداد ( من 31 إلى 52 ) مقتبسة من العهد الجديد وتخبرنا عن حياة يسوع ابن الله وعن تعليمه . وإن هذه القصص تحدّثنا عمّا فعل يسوع وقال ، وعن الشعب الذي لاقاه . إن كلّ ما نعرفه عن حياة يسوع مدوَّن في الأناجيل الأربعة التي كتبها كلٌّ من متى ومرقس ولوقا ويوحنّا . وكلمة " الإنجيل " تعني البُشرى السعيدة .
وختامُ السلسلةِ أربعُ قصصٍ تحدّثنا عن المسيحيّينَ الأوّلينَ الذينَ نشروا بُشرى السعادة هذه بينَ الناسِ ، كما أمرهُم يسوعُ . وما زالَ أحفادُهم يلهجونَ بها حتى أيّامنا الحاضرة .
وردت " قصة الوليمة العظيمة " في العهد الجديد في الفصل الرابع عشر من إنجيل لوقا . هذه القصة تدعى مثلاً – والمثل قصة لها مغزى خاص . لقد جاء يسوع وعاش بيننا ، ودعانا إلى ملكوت الله . أمّا نحن فلنا نقبل الدعوة أو أن نقدم الأعذار . وإذا اعتذرنا ، لأننا نرتبك بأمور كثيرة غير الملكوت فقد نخسر الفرصة إلى الأبد .
القصة اللاحقة (42) في السلسلة عينها ، وعنوانها " قصة الخروف الضائع " ، تبين أن الله يهتم بكل واحد منا اهتماماً فريداً .
أحدث الموضوعات
From Coptic Books
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010
المشاركات الشائعة
- اكلات صيامى بمناسبة بدء الصوم كل سنة وانتم طيبين
- مسابقة فى صورة اسئلة مسيحية
- افكار تنفع مدارس الاحد { وسائل الايضاح }
- الحان اسبوع الالام mp3
- صور تويتى للتلوين
- دراسة كتاب مقدس ... لابونا داوود لمعى
- صور يسوع المسيح ( مصلوب )
- صلوات الاجبية بالصوت mp3
- حصرياً : اعلان نتيجة مهرجان الكرازة & شعار مهرجان الكرازة 2010 Mp3 ومنهج الألحان
- أرشيف الترانيم والمدائح أون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.