الفتور .......... !!



الفتور
======


". هكذا لأنك فاترٌ ولست بارداً ولا حاراً أنا مزمعٌ أن أتقيأك من فمي" (رؤيا 16:3).هذه الكلمات... كلمات الدينونة الرهيبة، تنطبق على الإنسان الكسول، المستهتر، الذي ليس له تأثير إيجابي- وإن كان يتسبّب في وقوع الآخرين في مشكلات بسبب أخطائه.

انج بحياتك من موتها..
--------------------------

.إن الإنسان المستهتر نادراً ما يهتمّ بمن حوله. إنه يحيا في روتينه العادي، بدون ملاحظة، ما يقع منه. وإن كان الأمر يتوقف على عمل شيء، في سبيل عمل الرب، والقيام بشهادة لمجده، فإنه لا يلاحظ شيئاً مما يجري... وهكذا تضيع منه الفرصة. إن كان هناك أخ بجواره يخطىء، أو على وشك الارتداد عن الكنيسة، فإنه لا يتحرك على الإطلاق. إنه لا يتوسل لله من أجل خلاص الآخرين، أما حياة الصلاة لديه، فهي فاترة. قلبه نادراً ما يتحرك، فحينما يشعر بأن دينونة الله، وشيكة أن تقع على الكنيسة، أو حينما يهان اسم الرب. فإنه بالكاد يلاحظ ذلك إنه لا يهتم بما يجري حوله...

واللامبالاة هي موت روحي. ولكننا نادراً ما ندرك ذلك. فقد نكون مواظبين على الصلاة، وعلى تعبدنا لله، بقلبٍ صادق- ولكن بحسب فكرنا نحن. وهنا يظهر قرار الله " لك اسماً أنك حي وأنت ميت" (رؤيا 1:3). إن المحبة هي علامة الحياة الروحية وهي الأمر الوحيد الهام في اعتبار الله. والمحبة هنا ضائعة، لا وجود لها.

والإنسان المستهتر أصمّ عن اهتمامات يسوع، ونداءاته له. لأن القلب المحب هو وحده، الذي يلاحظ هذه الاهتمامات. أما قلب ذلك الإنسان فهو لا يلتهب بالمحبة، ولا يشتعل بالغيرة على ملكوت الله. ولا يهتم بالتضحية لعمل الرب.

فإن كانت لنا مثل هذه الحالة... إن كنا مستهترين... مجرد سائرين في ركب الجماعة المسيحية، فكم يحزن هذا قلب الرب! وإننا لنجده يرثينا بالقول "ليتك كنت بارداً أو حاراً". أن يسوع يبكينا من عمق قلبه، ذلك لأنه لا يجد فينا الشيء الواحد الذي يشبع قلبه، المحبة، الدافئة، بل الملتهبة، التي حتى وإن قامت بكل شيء له... حتى لو ضحت بكل شيء فإنها لا ترى نفسها قد قامت بشيء. نعم.. المحبة غيورة.. فياضة.. تشق طريقها.. المحبة زاخرة بالحياة، تضحي بكل شيء بفيض.. ونحن لن نكون من تلاميذ يسوع الحقيقيين، إن لم نكن لنا مثل هذه المحبة الفائضة، الزاخرة..

ولكن يسوع لا يبكي المستهتر الفاتر فقط. لكنه أيضاً يهدده. (رؤيا 16:3) "أنا مزمع أن أتقيأك من فمي" حكم رهيب يتهدد المستهتر. فالمستهتر شأنه شأن العذارى الجاهلات، يقف أمام الباب المغلق، فيكون الحكم عليه، من يسوع: "الحق أقول لكم إني لا أعرفكم". ذلك لأن الذي لا يبالي، مع كونه لم يرتكب خطايا معينة، يكون قد أخطأ ضد الله نفسه.. لقد أنكر على الله محبته.

هل عندنا هذا الاستعداد ؟!
---------------------------------
إن الطريق الوحيد لخدمة الله، هو بالمحبة الملتهبة.. بتكريس الوقت، والجهد، بالتمام له... بالاستعداد الكامل للتضحية بكل شيء في سبيله.. بالقلب الغيور على مجده. وإلا فإننا نهينه... نهين الرب ملك الملوك. .إن كنا نعمل في حقل شخص عظيم مبجل، فإننا لا يمكن أن نكون كسولين، في عمله. لذلك فالويل لنا إن عملنا عمل الرب بهذه الصورة. "ملعون من يعمل عمل الرب برخاء" (إرميا 10:48). هل هناك من يريد أن تستقر عليه لعنة الله؟ مع علمه بأن مثل هذه اللعنة، يمكن أن تجلب عليه باستمرار، كل البلايا. في حياته على الأرض، والدينونة الرهيبة في الأبدية، حينما يقيد، في مملكة الشيطان؟.


ومن ذا يريد أن يزيد من أحزان يسوع، في عالم ثائر متمرد، بفتوره، واستهتاره؟ في القديم تألم يسوع من تلاميذه، بسبب عدم مبالاتهم، لأنهم لم يفهموا آلامه، ولم يتفاعلوا بروح المحبة من نحوه. واليوم، فإن الذي يجرح قلب يسوع – هو عدم اهتمامنا، أكثر من مقاومة العالم له..

ينبغي أن ننبذ فتورنا. إنه خطية كبرى في عين الله. ينبغي أن نعتبره، كأردأ أعدائنا... كالعدو الذي يأتي بنا إلى الخراب والهلاك.. إلى مملكة الظلمة.. إلى العذاب والأهوال. ينبغي علينا أن نتجه إلى يسوع، ساعين إليه، داعين ذاك الذي أمات الموت واثقين أنه، وهو الحياة بنفسه، يستطيع أن يوقظنا إلى حياة الروح. ولكن علينا، في نفس الوقت، ألا نتراجع، إذا كان الرب يستخدم معنا عصا التأديب، بل لنستودع نفوسنا بين يديه بالتمام، ليهزنا حتى نستيقظ من فتورنا، ونومنا... وغالباً ما نحتاج إلى الرعد، والبرق، لنستيقظ من غفلتنا وعند ذاك نبدأ في الحركة... وعند ذاك نبدأ في أن نكون أحياء.. إن العلاج الوحيد، لداء عدم المبالاة، هو ضربات التأديب المتلاحقة ولكن لا ينبغي أن نتراجع، أمام هذا العلاج الإلهي. لنقر بأحقية الله وحكمته، في استخدام بروقه، ورعوده. ونخضع تحت يده القوية.. فهذا سيوقظنا من فتورنا، وعدم مبالاتنا.. وحينما ندان بتأديب الله، سوف تفزعنا جسامة خطايانا. وسوف نتعلم كيف نبكي عليها، وننوح بسببها، وعندها، لن يكون لدى الخاطئ التائب إلاّ أن يحب يسوع أكثر، ويفنى في خدمته..

إن الخطاة الذين ينطرحون أمام صليب يسوع، نائلين منه بركة الحياة الروحية، والغفران، هم أولئك الذين يحبون يسوع بالتمام، ويعطونه أنفسهم، مقدمين الشكر لجلاله..

ينبغي أن ندرك أن أعظم علاج لفتورنا، هو تأديب الله، لأنه يجعلنا خطاة، منسحقين، نبكي على خطايانا... إنه يبعث فينا روح الحياة.

لذلك دعنا نشكر يسوع، لأجل سحقه للموت، موت عدم الاهتمام الروحي، وإعطائنا انطلاقة الحياة في شخصه، بهذه الوسائل والطرق. دعنا نسلم أنفسنا له تماماً، ولمحبته المهذبة، والمؤدبة، حتى يستطيع أن ينقذنا من اللعنة الرهيبة، التي تنتظر المستهترين الفاترين.

ودعنا نضع كل ثقتنا في يسوع. فهو وحده الذي يستطيع أن يكسر قيودنا، ويحررنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010