يشفى الأعماق

صديقى .. سوف احدثك عن الشفاء من واحدة من الخطايا الخطيرة ذات التأثير المدمر على سلام حياتنا ونمونا الروحى وعلاقتنا مع الاخرين .. انها خطية تخدع الكثيرين وتظهر لهم على غير حقيقتها وكثيراً ما تكون السبب المباشر للسقوط فى الخطايا الجنسية عينها .. وهى خطية الإستسلام للشعور بالنقص .. وهو أمر يختلف تماما عن الإتضاع , نعم المتضع دائما يقر بضعفه لكنه فى نفس الوقت لا يعانى من الفشل بل يحيا حياته فرحاً شاهداً لحب الله العجيب ونعمته التى تسدد كل إحتياج ..
المتضع يثق ان قوة الله هى له .. انه دائما يختبر كلمات الرسول بولس " حينما انا ضعيف فحينئذ انا قوى " ( 2كو12: 10)
الاتضاع صفة من صفات أولاد الله السائرين معه , اما الإحساس بالشعور بالنقص فهو خطية لها نتائج خطرة .. فالذى يعانى من هذا الإحساس عادة ما يصير عبداً لخطايا أخرى.
خطايا سببها الشعور بالنقص :
· فقد يسعى الانسان للتخلص من إحساسه بتفوق الاخرين عليه بإظهار وتجسيم عيوبهم ولو امكن بإبعادهم عن مجال تواجده المشترك معهم .. وقد يكون ذكياً فيتمم هذا بطرق خبيثة ملتوية تبدو فى ظاهرها على غير حقيقتها .
· وقد يتحول الشخص الى انسان حساس جدا , ينفعل من أقل شئ .. ولا يقبل النقد او التوجيه .
· وقد يحاول الانسان ان يعوض احساسه بالنقص بإظهار ذاته عن طريق اللجوء الى التزين الزائد او بالحديث المستمر عن اعماله العظيمة وخدماته الكثيرة او بالتباهى بالمعرفة او التقرب الى الشخصيات العامة بطرق ملتوية .
· وقد يحاول الشخص ان يعوض إحساسه بالنقص باللجوء الى فعل أمور فوق طاقته .
· وقد يلجأ الى العناد مهملا وجهات نظر الاخرين , كما قد يحاول ان يشعرهم بإحتياجهم الشديد له عن طريق تعقيد أمورهم التى بيديه ..
· وقد يسعى الى الشهرة وقد يحاول ان يشعر بأهميته عن طريق السيطرة ولا سيما اذا كان يشغل مركزا قيادياً سواء فى مجال العمل او فى نطاق الاسرة .. فبدلا من ان يقود بالحب والاقناع يلجأ الى فرض آرائه معتمداً على وضعه القيادى غير عابئ بمشاعر الاخرين ووجهات نظرهم ..
· كما قد يسعى الانسان لتعويض النقص بالانغماس فى خطايا جنسية او بالإلتجاء الى علاقات عاطفية طائشة ..
· وقد يُنشئ الاحساس بالنقص حواجز نفسية بين الانسان والله ..
انظر معى الى مثل الوزنات الذى حدثنا به الرب فى ( متى 22) .. ان المشاكل لم تصدر من الذى أعطاه السيد خمس وزنات او وزنتين بل من صاحب الوزنة الوحيدة .. لماذا ؟ لانه بدلاً من ان يثق فى محبة سيده له , وبدلاً من ان يؤمن بأن ما يأخذه منه سيزداد يوماً وراء يوم , انحصر فى نفسه وبدأ يقارنها باللذين أخذا وزنات اكثر فتملكه الاحساس بالنقص .. هذا الاحساس أعمى عينيه عن رؤية محبة سيده بل جعله يراه شخصاً قاسياً , والنتيجة انه قطع علاقته به وامتنع عن العمل معه ..
آه .. كثيراً ما يتسبب الاحساس بالنقص فى إقامة حواجز بين النفس والله .. وقد يجعلها دائمة التزمر عليه ..
ما الذى يجعل هذه الخطية تسيطر على الانسان ؟
غالباً ما يعود الامر الى أيام الطفولة والصبا .. مثلا اذا كان شخص قد تعرض لفترة طويلة لمعاملة قاسية من اسرته , معاملة ميزت أخوته عنه او أشعرته بالعجز او أعطته إنطباعاً بإنه اقل من الاخرين .. او اذا كان قد عانى من حرمان مادى بالمقارنة مع معارفه .
وقد يتولد هذا الاحساس بالنقص نتيجة لتربية خلت من كلمات التشجيع والاثناء .. وقد ينشأ نتيجة لعدم تمكن الشخص من الحصول على مؤهل دراسى معين او لوجود شئ فى مظهره يجعله غير طبيعى مثل عاهات أصيب بها .. إلا ان كل هذه ليست السبب الحقيقى , فلم تكن لتؤثر هذا التأثير الخطير لو ان الشخص كان متمتعاً بحب الرب يسوع وعمل الروح القدس , وكان ينمو كل يوك فى حياة الشكر ..
كيف أتحرر .. ؟
أياً كان نوع الخطية التى تسيطر عليك , ثق ان الرب يسوع يقدر ان يحررك منها تماماً .. لقد إشتراك له بدمه الثمين ولذا لم يعد لإبليس اى حق فى ان يظل مسيطراً عليك ..
الرب يسوع يحرر من سيطرة اى خطية , وبالتالى فهو يحرر من خطية الاحساس بالنقص ويزيل نتائجها , وعندما يبدأ الشخص المستعبد لها حياة جادة معه فإن تغييرات جذرية تبدأ ان تحدث فى داخله ..
يبدأ التلامس القلبى من حب الله المعلن فى الصليب .. وما أعجب هذا الحب .. ما أعجب الحب الذى يعلنه الصليب , انه ينفذ الى الاعماق .. ينفذ الى أعماق النفس ليشفيها شيئاً فشيئاً من كل جروح الماضى مهما كانت غائرة .. سواء التى سببتها ظروف الحرمان او التى أحدثتها حوادث صعبة او معاملات شائكة من الاخرين .. ومع الوقت يزداد تمتع الانسان بحلاوة الرب يسوع الفائقة العذوبة , وكل يوم ينمو تمتعه بغنى نعمته كما تتسع رؤيته لطرقه الاعجازية فى تسديد كل الاحتياجات .. وسريعاً ما يأتى الوقت الذى يمتلئ فيه بإيمان حى بأنه غنى جداً بالرب .. وهذا الايمان يحرره من مرارة الإحساس بالنقص ..
عزيزى .. تُرى هل تذوقت لذة الجهاد فى المخدع .. هل تذوقت تعزيات الإنسكاب امام عرش النعمة لتُسلم أمراً معيناً تسليماً كاملاً لله .. ؟ هل تذوقت حلاوة حياة الإصرار على الخضوع لوصايا الإنجيل ؟ .. هل تستطيع ان تقول انك تحيا هذه الحياة ؟! .. ايا كان الأمر , يمكنك ان تبدأها من الآن .. الرب يسوع يمد يديه مرحباً .. سيقودك كل يوم , سيملأك بالثمار الكثيرة .. ستثمر وستطرح كل ميل للسيطرة او التباهى ..
آه .. ياللمرارة التى يعيش فيها الانسان المستسلم للاحساس بالنقص اذا لم يترك يدا المسيح الطيب الرقيق تمتدان لتعالج أعماقه .. يا للمرارة التى سيستمر فيها , كل يوم ستزداد معاناته .. قد يلجأ الى العواطف البشرية , وقد يطرق مجالات الشهوة , لكنه أبداً لن يستريح .. ومع الوقت يجد نفسه وقد صار عنيفاً مع الاخرين , يحتد عليهم بسرعة , انها محاولات غير واعية لتفريغ إنفعالاته الداخلية المكبوتة , لكن بلا جدوى .. لا يستريح ..
الرب يسوع حىّ , ويشفى القلوب الكسيرة وهو يريد ان يعمل معك .. ثق انه يحبك جدا جدا ..
الرب يسوع يريدك انت .. ان تتحرر من الهموم والاحزان وان تمتلئ بالفرح .. الفرح الحقيقى قوة جبارة تجعل الانسان يستخف بكل إغراءات العالم , الفرح قوة تشفى النفس من جروح الماضى , النفس الفرحة تهزم إبليس بسهولة , لذا قال نحميا لشعبه " لا تحزنوا لان فرح الرب قوتكم " ( نحميا 8: 10)





الرب قادر ان يحول ضعفاتنا الى قوة.....وسقطاتنا الى نجاحات

والامنا الى افراح

شكرا على الموضوع الجميل ده .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010