يسوع يـعـــلــــم

المقدمة

يُخْبِرُنا الكِتَابُ المُقَدَّسُ كَيْفَ أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ يَسُوعَ لِيُطْلِعَنا عَلى أَسْرارِ اللهِ ، وَيَدُلَّنَا إلى سَبِيْلِ الانْضمَامِ إلى مَلَكُوتِهِ .

وَكانَ يَسُوْعُ يُحِبُّ التّحَدُّثَ عَنْ مَلَكُوْتِ اللهِ وَكَشْفَ أَسْرارِهِ لأَتْباعِهِ .

يُمْكِنُكَ الْعُثُورُ عَلى بَعْضِ أَقْوالِهِ فِي هذا الشَّأْنِ فِي كِتابِك الْمُقَدَّسِ ، وَلا سِيَّما فِي الْفُصُوْلِ 5 و 6 و 7 مِنْ إنْجِيْلِ مَتَّى .

ذَاتَ يَوْمٍ ، فِيْمَا كَانَ يَسُوْعُ يَسِيْرُ وَرِفاقَهُ ، عَبْرَ الِتّلالِ ، قَالَ لَهُمْ : " إسْمَعُوا وَعُوْا . لَدَيَّ بَعْضُ أُمُوْرٍ هامَّةٍ أَوَدُّ أَنْ أُطْلِعَكُمْ عَلَيْها ، فَسَتَحْتاجُوْنَ إلَى تِذَكُّرِها عِنْدَما سَأَغِيْبُ عَنْكُمْ " .

وَقَالَ لََهُمْ : " لا يَحْسُنُ تَشْبِيْهُ مَلَكُوْتِ اللّهِ بِهَذا الْعَالَمِ . فَإِنْ أََنْتُمْ سَأَلْتُمْ مَنْ تَعْرِفُوْنَهُمْ مِنَ النَّاسِ ما الَّذِي يُسَبِّبُ سَعادَتَهُمْ ، لأَجابُوْكُمْ : الْغِنَى والصِحَّةُ وَالشُّهْرَةُ .

" وَلكِنِّي أَنا أَقُوْلُ لَكُمْ إِنَّ السَّعادَةَ ، فِي مَلَكُوْتِ اللّهِ ، هِيَ بِمُتَناوَلِ كُلِّ إِنسانٍ ، حَتَّى الْفُقَراءِ والْمَرْضَى وَالَّذِيْنَ لا شَأْنَ لَهُمْ فِِي الْمُجْتَمَعِ . فَسِرُّ السَّعادَةِ الْحَقَّةِ يَكْمُنُ فِِِي حُبِّ اللهِ وَعَمَلِ مَشِيْئَتِهِ .

" إنَّ اللّهَ يُرِيْدُ أَنْ تُصَلُّوْا لَهُ . وَفِي اسْتِطاعَتِكُمْ أَنْ تُحَدِّثُوْهُ عَلَى هذا النَّحْوِ :

" أَبَانا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ،

" اجْعَلْنَا نُظْهِرُ لَكَ دائِماً الإِجْلالَ .

" إِنَّنا نُرِيْدُ أَنْ يِأْتِيَ مَلَكُوْتُكَ عَلَى هذِهِ الْأَرْضِ ، وَأَنَ تُحْفَظَ فِيْها وَصَايَاكَ ، كَمَا هِيَ مَحْفُظَةٌ فِي السَّماءِ .

" نَرْجُوْكَ أِنْ تَهَبَنا الْيَوْمَ ما نَحْتَاجُ إِلََيْهِ مِنْ طَعَامٍ .

" إِغْفِرْ لَنَا الْأَخْطاءَ الَّتِي ارْتَكَبْنَاهَا ، وَساعِدْنَا عَلَى مُسامَحَةِ مَنْ أَساؤُوْا إِلَيْنا وَأَحْزَنُوْنَا .

" وَعِنْدَما يُغْرِينا إِبْلِيْسُ بِمَعْصِيَتِكَ ، نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ أَنْ تُساَعِدَنا عَلَى تَجَنُّبِ الْخَطِيْئَةِ " .

وَقَالَ يَسُوْعُ : " إنَّ اللهَ يُنْصِتُ إِلَيْكُمْ حَتَّى عِندَما لا يُجِيْبُ فِي الْحَالِ . فَإذا قَرَعْتُمْ بَاباً وَلَمْ يُجِبْ أَحَدٌ ،

سَتَقْرَعُوْنَ ثانِيَةً ، وَتَظَلُّوْا مِنَ اللهِ .

" إِفْرِضُوْا أَنَّكُمْ شَيْئاً ، وَلَمْ أُعْطِكُمْ إيَّاهُ فِي الْحَالِ ، أَلَنْ تَسْأَلُوْهُ ثَانِيةٍ ؟ إذَنْ ، هكَذا هِيَ الصَّلاةُ أَيْضاً ، فَلا تَخافُوْا مِنَ الاسْتِمْرارِ فِي السُّؤَالِ " .

" لكِنَّ اللهَ يُرِيْدُ مِنْكُمْ أَنْ تُحِبُّوا حَتَّى الَّذِينَ يُؤْذُوْنَكُمْ . وَهكَذا يَرَى كُلُّ النَّاسِ أَنَّكُمْ مِنْ أَبْناءِ مَلَكُوْتِهِ .

" لا تَقِفُوْا دَائِماً فِي الْمِرصَادِ لِفَصْحِ ما لا يُعْجِبُكُمْ فِي الآخَرِيْنَ ، فَإِذا اكْتَشَفْتُمْ أَخْطاءَهُمْ ، فَهُمْ لا

يَلْبَثُوْنَ أَنْ يَبْحَثُوا عَنْ أَخْطائِكُمْ ، وَيُشِيْروا إِلَيْهَا . وَفِي الْواقِعِ ، إِيَّاكُمْ أَنْ تَفْخَرُوْا بأَنْفُسِكُمْ أَبَداً .

" ذَاتَ يَوْمٍ وَقَفَ إِنْسَانٌ فِي هَيْكلِ الرَّبِّ ، وَصَلَّى عَلَى هذا النَّحْوِ : " إِلهِيَ الْعَزِيْزَ ، كَمْ أَنَا مَسْرُوْرٌ لأَنَّنِي صَالِحٌ ، وَأَحْفَظُ شَرائِعَكَ " . فَلَقَدْ كانَ مُتَكَبِّراً .

" فِيْمَا كَانَ رَجُلٌ آخَرُ يُصَلِّي قَائِلاً : " إِلهِيَ الْعَزِيْزَ ، أَرْجُوْكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي كُلَّ الْخَطايا الَّتِي ارْتَكَبْتُها " .

" هذا الأَخِيْرُ هُوَ الَّذِي عَادَ إِلَى بَيْتِهِ سَعِيْداً ، لأَنَّ الرَّبَّ غَفَرَ لَهُ " .

وَقَالَ يَسُوْعُ : " إِنْ كُنْتُمْ مِنْ أَبْناءِ مَلَكُوْتِ اللهِ ، فَيَنْبَغِي أَلاَّ يُقْلِقَكُمْ شَيْءٌ مِنْ بَعْدُ . انْظُرُوا إِلى تِلْكَ الْعَصافِيْرِ الطَّائِرَةِ ، فَإِنْ كَانَ اللهُ يُؤَمِّنُ لَهَا مَأْكَلَها وَمَشْرَبَها ، فَعَلامَ أَنْتُمْ تَقْلَقُوْنَ بِشَأْنِ وَجْبَةِ طَعامِكُمُ التَّالِيَةِ ؟

" أَمَّا بِخُصُوصِ الثِّيَابِ الْجَدِيْدَةِ ، فَانْظُرُوْا إِلَى هذِهِ الزَّهَراتِ الْبّرِيَّةِ الرَّائِعَةِ الَّتِي تَنْبُتُ فِي الْحُقُوْلِ ، فَقَدْ أَلْبَسَها اللهُ ما يَلْبَسُهُ الْمُلُوْكُ ، وَهُوَ أَيْضاً سَيُوَفِّرُ لَكُمْ ما تَحْتاجُوْنَ إِلَيْهِ مِنْ مَلْبَسٍ ".

وَقَالَ يَسُوْعُ : " تَوَدُّوْنَ امْتِلاكَ أَشْياءَ عَدِيْدَةٍ ، وَعِنْدَما تَفُوزُوْنَ بِها تَقْلَقُوْنَ عَلى فُقْدانِها ، فَهِيَ مُعَرَّضَةٌ لِلْنَّهْبِ أَوْ لاسْتِيْلاءِ اللّصُوْصِ عَلَيْهَا .

" وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ مِنْ أَهْلِ مَلَكُوْتِ اللهِ ، فَسَتَعْلَمُوْنَ أَنْ لا شَيْءَ مِمَّا تَمْتَلِكُوْنَهُ يَسْتَحِقُّ الاهْتِمَامَ ، إِذْ إِنَّ كَنْزَكُمُ الْحَقَّ هُوَ فِي السَّماءِ ، حَيْثُ لا يُوْجَدُ لُصُوْصٌ .

" وَلْنَتَخَيّلْ إِنْسانَيْنِ يَعْمَلانِ عَلى بِنَاءِ مَنْزِلَيْنِ جَدِيْدَيْنِ لَهُمَا . الأَوَّلُ يَبْنِي عَلَى الصَّخْرِ الصَّلْبِ ، وَيَجْهَدُ فِي جَعْلِ الأُسُسِ مَتِيْنَةً . ثُمَّ يَرْتَفِعُ بِالْجُدْرانِ . قَدْ يَطُوْلُ بِهِ الأَمْرُ ، وَلكِنَّهُ يُشِيْدُ بِنَاءً قَيِّماً.

" وَعِنْدَما تَهُبُّ الرِّيَاحُ وَالعَواصِفُ ، وَتَفِيْضُ مِيَاهُ النَّهْرِ ، يَظَلُّ الْمَنْزِلُ آمِناً ، فَهُوَ صَامِدٌ وَقَوِيٌّ فَوْقَ الصَّخْرِ .

" وَإِنْ أَنْتُمْ أصْغَيتُمْ إِلى أَقْوَالِيْ وَعَمِلْتُمْ بِهَا ، سَتَكُوْنُوْنَ مِثْلَ ذلِكَ الرَّجُلِ .

" أَمَّا الرَّجُلُ الآخَرُ فَهُوَ مُسْتَعْجِلٌ فِي الْفَراغِ مِنْ عَمَلِهِ ، وَلِذلِكَ يَخْتارُ مَكاناً حَيْثُ الأَرْضُ طَرِيَّةٌ رَمْلِيَّةٌ يَسْهُلُ حَفْرُها ، فَيَرْتَفِعُ بِنَاؤُهُ سَرِيْعاً .

" وَلكِنْ عِنْدَما تَهُبُّ الرِّياحُ وَالْعَواصِفُ وَتَفِيْضُ مِيَاهُ

النَّهْرِ ، تَتَلاشَى الأَرْضُ الرَّمْلِيَّةُ وَيَنْهَارُ الْمَنْزِلُ مُحْدِثاً ضَجِيْجاً مُخِيْفاً ، فَالْبِنَاءُ لا يَصْمُدُ بِلا أَساسَاتٍ مَتِيْنَةٍ .

" وَإِنْ أَنْتُمْ أَصغَيْتُمْ إِلى أَقْوالِيْ وَلَمْ تَعْمَلُوْا بِهَا ، فَحِيْنَئِذٍ أَنْتُمْ تُشْبِهُونَ هذا الرَّجُلَ " .

وَقَال يَسُوْعُ : " أُرِيْدُ أَنْ تَكُوْنُوا كالْمَصَابِيْحِ الْمُضِيْئَةِ ، فَعِنْدَما تُضِيْئُونَ مِصْباحاً لا تُغَطُّوْنَهُ ، بَلْ تَخْتَارُوْنَ لَهُ الْمَكانَ الَّذِي يَسْتَطِيْعُ مِنْهُ أَنْ يُشِعَّ عَلَى الْغُرْفَةِ كُلِّهَا . وَأَنْتُمْ كَالنُّورِ لِلْعَالَمِ .

" أُرِيْدُ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ مَدِيْنَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى قِمَّةِ جَبَلٍ ، يَسْتَطِيْعُ النَّاسُ أَنْ يَرَوْها مِنْ بُعْدِ أَمْيَالٍ عَدِيْدَةٍ . وَهكَذا ، عِنْدَما يَرَى النَّاسُ أَعْمَالَكُمُ الطَيِّبَةَ ، سَيَعْرِفُ الْجَمِيْعُ أَنَّكُمْ مِنْ أَبْناءِ مَلَكُوْتِ اللهِ".





خاتمة

" من الكتاب المقدّس " سلسلة قصصيّة من 52 رواية للأطفال . كلّ قصّة قائمة بذاتها ويؤلّف مجموعها الكتاب المقدّس ، أي قصّة حبّ الله للبشر ، في كلّ زمان ومكان .

إن الأعداد ( من 31 إلى 52 ) مقتبسة من العهد الجديد وتخبرنا عن حياة يسوع ابن الله وعن تعليمه . وإن هذه القصص تحدّثنا عمّا فعل يسوع وقال ، وعن الشعب الذي لاقاه . إن كلّ ما نعرفه عن حياة يسوع مدوَّن في الأناجيل الأربعة التي كتبها كلٌّ من متى ومرقس ولوقا ويوحنّا . وكلمة " الإنجيل " تعني البُشرى السعيدة .

وختامُ السلسلةِ أربعُ قصصٍ تحدّثنا عن المسيحيّينَ الأوّلينَ الذينَ نشروا بُشرى السعادة هذه بينَ الناسِ ، كما أمرهُم يسوعُ . وما زالَ أحفادُهم يلهجونَ بها حتى أيّامنا الحاضرة .

" يَسُوْعُ يُعَلّمُ " مُقتَبسٌ منَ العهد الجديد ، ولا سيما منَ الفصول 5 إلى 7 منْ إنجيل متّى ، ومن " عظةِ الجبلِ " وَهيَ التعليمُ الذي أعلنهُ لتلاميذهِ ، مِنْ على هضبة تُشرِفُ على بُحيرة الجليل ، أَمامَ جمع غفير منَ المستمعين . وَقَد قَلبَ بهِ قيم العالم رأساً على عقب . فلم يَعُوْ صاحب الشأن ، مَن يحتلُّ منصباً ، أو يمتلكُ أطياناً وثروةً ، بل مَن يَضعُ اللهَ في مقدّمِةِ اهتمامات حياتِه . وإن كانت أولويّاتُنا سليمةً ، فبوِسعنا أن نثقَ بالهِ ، في كلّ ما نحتاجُ إليه ، وبإمكاننا أن ندعوه " أبانا " .

القصة التاليةُ (36) ، في هذهِ السلسلة عينها ، عنونُها " يسوع يطعِمُ الشعبَ " ، وتروي كيفَ أشركَ جمعاً غفيراً بطعام صبيٍّ صغيرٍ ، بحيثُ أصاب كلٌّ منهم أكثر من حاجتِه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010