باراباس يتكلم عن المسيح

من كتاب يسوع ابن الإنسان
جبران خليل جبران
قد اطلقونى و اختاروه . أما هو فنهض و أما انا فسقطت . و قد قبضوا عليه ضحية و تقدمة للفصح
قد تحررت من قيودى و مشيت مع الجمع وراءه ، و لكننى كنت رجلا حيا يسير الى قبره
كان الأليق بى ان أهرب إلى الصحراء حيث يحترق العار بأشعة الشمس
و لكننى مشيت مع الذين أختاروه ليحمل جريمتى

و عندما سمروه على الصليب كنت واقفا هناك .
و قد رأيت و سمعت ، و لكن ما يدرك فىّ كان خارج جسدى .
فقال له اللص الذى صُلب عن يمينه : و أنت تنزف دماءك معى يا يسوع الناصرى ؟
فأجاب يسوع و قال : أننى لولا هذا المسمار المغروس فى يدى لكنت أمد يمينى و أصافحك .
إننا قد صلبنا معا ، و يا ليتهم رفعوا صليبك ليكون قريبا من صليبى .

ثم نظر إلى الارض و تأمل وجه أمه و وجه شاب كان واقفا بجانبها .
و قال : يا أمى هوذا ابنك واقف بجانبك
يا إمرأه ، هوذا الرجل الذى سيحمل نقط دمى إلى بلاد الشمال.
و عندما سمع نواح نساء الجليل قال : تأملوا فهن يبكين و أنا أعطش .
قد رفعونى كثيرا فلا استطيع ان اصل إلى دموعهن . إننى لن أشرب الخل و المرراة لأطفئ لهيب هذا العطش .
ثم انفتحت عيناه فنظر نحو السماء و قال : يا أبتاه لماذا تركتنا ؟

و بعد هنيهه قال و الرحمة تملأ صوته : يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يفعلون .
و عندما تلفظ بهذه الكلمات ظهر لى أننى أرى امام عيني جميع الناس ساجدين أمام الله يطلبون مغفرة عن صلب هذا الرجل الواحد .
ثم صرخ ثانية بصوت عظيم : يا أبتاه ، فى يديك استودع روحى
و أخيرا رفع رأسه و قال : قد أنتهى و لكن على هذه التلة فقط . و أغمض عينيه .
فمزقت سهام البرق وجه السماء الاسود ، و حدث رعد عظيم .

إننى لم أعرف إلا اليوم ان الذين قتلوه عوضا عنى قد عملوا على عذابى الذى لن ينتهى .
لأن صلبه لم يأخذ سوى ساعة واحدة .
أما انا فسأظل مصلوبا إلى نهاية أيامى .