رحلة الصوم المقدس ( لابونا بيشوى كامل )

رحلة الصوم المقدس
================

لأني الحق أقول لكم إن مَن قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا" يشك في قلبه بل يؤمن أن ما يقوله يكون فمهما قال يكون له. لذلك أقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم. ومتى وقفتم تصلون فاغفروا إن كان لكم على أحد شيء لكي يغفر لكم أيضاً أ بوكم الذي في السم و ات زلاتكم. وإن لم تغفروا أنتم لا يغفر أبوكم الذي في ."السموات أيضاً زلاتكم

(مر 11: 12- 26، عشية أحد الرفاع)
-----------------------------
رحلة الصوم الكبير
-------------------------
قصد الله في حياتنا:
-------------------------

ينبغي أن تكون أصوامنا وعبادتنا داخل إطار القصد الإلهي في حياتنا. الإنسان سقط بمخالفة الوصية، وصارت طبيعته فاسدة .

الله من أجل خلاص الإنسان- الله بأقصى طاقات محبته وبذله أرسل ابنه الوحيد لأجل خلاص الإنسان- نزل الله أرضنا أخذ طبيعتنا والتحم بنا... سار معنا في طريق الخلاص، اعتمد في الأردن، صوم، ج ُ رب، عمل... حمل الصليب... ذاق الموت، قام وأقامنا معه، وصعد وأصعد باكورتى إلى السماء. إن تكاليف خلاصنا أقصى من أن يتصورها عقل بشرى. الله أراد خلاصي من الخطية، وحررني من عبودية إبليس... ليس ذلك فقط بل يريدني أن أكون أبناً له، وأبناً ناجحاً وقديساً. وهبنى روحه القدوس، وأعطاني جسده ودمه. كل أب يريد أولاده يكونون عظماء جداً ومن أجل ذلك يضحي في تربيتهم بكل شيء، والله يريدنا أن نكون أولاده القديسين، ونكون كاملين "كونوا كاملين كما أن أباكم هو كامل".

الله لا يريدني أن أكون إنساناً مثالياً فقط، بل يريدني أ ن أكون ابنه... هو يرحمني دائماً و يطعمنى بجسده ودمه. لذلك لو لم نعط الفرصة أمام الله ليحقق قصده فينا ، نكون قد خيبنا أمل الله فينا. وهذا أشد ما يحزن قلب الله. في هذه الحالة نحن لا صنع التعدي فقط بل كأولاد نغيظه ونس يى ء لسمعته و لإ سمه. الله يعرف ضعفي لذلك نزل وأعطاني ذاته لأحيا به، الله يعلم إني ضعيف لذلك لم يرسل لي وصايا بل أرسل ل ى ابنه. الخلاصة: الله يريدني أن أكون أبناً قديساً له. ولو أن المسيحية تتطلب أن يكون الإنسان فقط إنساناً أخلاقياً تكون المسيحية عبارة عن فلسفة أو دع وة فكرية، إنما المسيحية هي حياة المسيح في أولاده . الله لا يحاسبنا على كثرة خطايانا، بل على عدم توبتنا، كقول القديس نيل السينائى. قصد الله في حياتنا أن يخطبنا عروساً عفيفة له ، ومَن لا يريد أن تكون عروسه جميلة وأروع ما يمكن؟!!

في حزقيال (ص 16) يتكلم كيف يسعى الله بكل طريقة لتجميلي "... كنت مطروحة على وجه الحقل... لم تشفق عليكِ عين... فمررت بكِ... وحممتكِ بالماء وغسلت عنكِ دماءكِ، ومسحتك بالزيت... وحليتكِ بالذهب، وأكلت السميذ والعسل والزيت، وجملت جداً جداً فصلحتِ لمملكة... وأنا أقيم عهدي معكِ فتعلمين إني أنا الرب لكي تتذكري فتخزى ولا تفتحي فاكِ بسبب خزيكِ حين أغفر لكِ كل ما فعلتِ يقول السيد الرب" (حز 16).

ماذا يريد الله منى؟
------------------
يريدني أبناً له، أسلك في طريقه، لي ملامحه، رائحته، وصورته. وفيَّ قوته، ووداعته... إ لخ.

يريدني عروساً له ، عذراء عفيفة- عذراء في الفكر والقلب. الفكر المحصور في المسيح مركز حياة العالم كله، والقلب الغير دنس المكرس لله. يريدني شريكاً في الطبيعة الإلهية (2 بط 1: 4) هذا هو قصد الله، وأنا بنعمة الله أسعى لعلى أدرك الذي لأجله ادركنى المسيح (في 3: 12). وهذا هو قصد الصوم الذي نحن الليلة مما عتبته. مطلوب منى أن أكون طاهراً وهذا ليس من طبعي، ولا من إمكانياتي بل من طبيعة الله وحده الذي "طه ر نا بروحه القدوس". مطلوب أن أنمو في المحبة إلى مستوى الخد الأيسر والميل الثاني، وهذا ليس من إمكانياتي بل من قدرة يسوع الذي يهبني ذاته لأعمل أعماله.

الإيمان في بداية الصوم : الوصية صعبة، والعالم قال عنها أ نه ا خيالية، والحقيقة هي صعبة جداً على الإنسان ولكن سهلة جداً على المسيح الحي في الإنسان ، وهذا هو سر مسيحتنا. نحن لا ننفذ الوصية بجهدنا بل المسيح الحي فينا. "اثبتوا فيَّ". وبذلك نحن نقدر أن ننفذ أصعب وصية "أستطيع كل شيء في المسيح يسوع الذي يقويني"، أقدر أن أنفذ الوصية المسيحية "لأن غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله". وهذا هو إيماننا الذي يكلمنا عنه المسيح الليلة ويقول: "حينما تصلون فآمن وا أن تنالوه فيكون لكم"... بداية الصوم هو اكتشاف لهذه الحقيقة الإيمانية المهمة. القديس أبو مقار رأى منظر خطية ولم يدن أخاه بل سقط على وجهه وصلى، [فسمع صوتاً يقول له: لقد صرت مثل الله يا أبو مقار ترى عيوب الناس وتستر عليهم]... وآخر في المجاعة أعطى آخر رغيف معه لإنسان سائل... فمن أجله أنزل الله المطر. هيا بنا يا أخوة نصوم ونعمل أعمال المسيح بقوة المسيح ونصير قديسين ونوراً للعالم... ونكون مثله لأننا سنراه كما هو... ولا نكون أقل من ذلك أبداً.

ما هو الصوم ؟
--------------------
الله صام بعد العماد... الصوم مع الصلاة وسيلة يوصلني ب الإيمان إلى إتمام قصد الله فيَّ، ومَن منا لا يريد أن لا يتم قصد الله فيه؟ المسيح بذاته صام. صام عنى فوفر لي رصيداً من الصوم وعرفني أنه سيكون شريكاً لكل صائم في طريق رحلة صومه. الله رسم لي الطريق وأيضاً هو شريكي في الطريق... ليس الصوم تعذيباً للجسد بل انطلاقاً للروح، للسير في معية الرب يسوع في رحلة الخلاص حتى إلى جثسيمانى، ثم إلى الجلجثة، ثم إلى فجر القيامة، ومجد الصعود الإلهي... إلى إتمام قصد الله فيَّ آمين.

القمص بيشوي كامل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010