لنعش كسائر البشر

لنعش كسائر البشر :-

"""""""""""""""""""""""""""""

كان أسد يتمشى فى وسط الغابة، وإذ به يرى كل الحيوانات تهرب من امامه وتخشاه، إذ هو ملك الحيوانات، زأر بقوة فدوى صوته فى كل الغابة وخرج عشرات الأسود واللبوات والأشبال بسرعة اليه.
رأوه واقفاً فى صمت فقال احدهم " سمعنا زئيرك فأتينا جميعاً، جئنا لكى نعمل معك، او ننقذك ان كنت فى خطر"
فقال الأسد: " أشكرك، انى لست فى خطر... إنى ملك تخشانى كل الحيوانات البرية وتهرب من أمامى لكن خطر بى فكرة أردت أن أعرضها عليكم"
- ما هى؟
- لنعش كسائر البشر
- ماذا ينقصنا لكى تشتهى ان تكون كالبشر؟
- إننا من جهة الجسم اقوى ، ومن جهة الحرية نتمشى فى الغابات بحرية
- ينقصنا ان نتشاجر معاً، ويأكل بعضنا لحم بعض، فهذا من سمات البشر
- كيف يكون هذا، ونحن دائماً نعمل معاً.... إن افترسنا حيواناً نقسمه جميعاً، ونعطى الشيوخ والمرضى والاشبال نصيبها حتى وان لم تتعب معنا؟
- تعالو نختلف معاً فى الرأى وننقسم الى جماعات مختلفة، نحارب بعضنا البعض، ونأكل بعضنا بعضاً
- يستحيل، فأنه ان أكلنا بعضنا بعضاً فنينا، لأن اجسمانا ليست هزيلة كغالبية البشر، واسناننا ليست فى ضعف أسنانهم
- لنحاول، فنحمل خبرة البشر....
- كيف نختلف معاً، ونحن بالطبيعة نعمل معا؟


هذه القصة الخيالية على السنة الاسود من وحى ما كتبه "القديس يوحنا ذهبى الفم، إذ يقول ان الانسان قد انحط الى مستوى اقل من الحيوانات والحشرات، فيطالبنا الكتاب المقدس ان نتعلم الجهاد وعدم الكسل من النملة، والعمل الجماعى حتى من الحيوانات المفترسة كالاسود................ فإنها وإن كانت مفترسة لكنها لا تأكل بعضها البعض بل تعمل معاً، وأما الإنسان فيختلف حتى مع من هو قريب إليه.

هل رأى أحدكم فيلم (Wolf) للفنان الأمريكى جاك ينكلسون؟!

فى هذا الفيلم يناقش المؤلف قصة خيالية عن إنسان تعرض لعضة ذئب. و إذ به مع الأيام يشعر بما يشعر به الذئب، و تزداد لديه حاسة الشم ليكتشف بواسطتها خيانة زوجته له عندما شم رائحتها فى منزل أعز أصدقائه و زميله فى العمل. فهجم على زميله و عضه فى يده، و بدأ زميله يتحول هو الآخر إلى ذئب. ثم يكتشف بحاسة السمع التى قويت أحاديث العاملين معه فى الشركة و هم يتضاحكون و يسخرون منه أحياناً فى حين أنهم ينافقونه فى حضرته. و يوم بعد يوم يصبح لديه تلك العادة فى أن يتحول إلى ذئب مع إكتمال القمر بدراً. فكان - بدون إرادته - يهاجم بعض الأشرار فى الشوارع و يقتلهم، و يأكل أجزاء منهم. و تبدأ الشرطة فى البحث عن المجرم وراء جرائم القتل
ثم تمر الأيام و يقع فى حب فتاة رقيقة كانت تحاول أن تساعده على المرور بأزمته. و يذهب لأحد العلماء السحرة و الذى أعطاه قلادة يرتديها ليعود إلى طبيعته البشرية، و لكن يجب أن يرتديها قبل إكتمال القمر بدراً و إلا سيظل ذئب إلى الأبد. فيذهب لصديقته و يرجوها أن تحبسه فى إسطبل الخيل فى بيتها، و لا تسمح له بالخروج حتى لا يؤذى أحد عند تحوله لذئب. و ينام فى الاسطبل فعلاً وسط صهيل الخيل التى شمت رائحته كرائحة ذئب و خافت منه. و حينما ذهبت صديقته لتطمئن عليه عند إنتصاف الليل هاجمها زميل حبيبها فى الاسطبل محاولاً الاعتداء عليها أمامه كنوع من الاذلال فيكون خانه مع زوجته السابقة، و كذلك إعتدى على حبيبته. و بصفته يتحلى بقوة الذئاب فقد كان من المستحيل مقاومته. فكان أمام جاك نيكلسون أحد حلين: يحتفظ بالقلادة و يشفى من مرضه فى حين أن صديقته تتعرض للإعتداء من شخص يحمل قوة و شراسة ذئب، أو يخلع القلادة ليتحول إلى ذئب - إلى الأبد - و ينقذ صديقته من براثن المعتدى حيث يتتعادل القوة بين ذئبين. و قرر أن يأخذ القرار الثانى و يعيش ذئب إلى الأبد مقابل إنقاذ صديقته. و فعلاً ينجح فى قتل غريمه و لكنه تحول إلى ذئب إلى الأبد و ترك عالم البشر. و لكن قبل أن يترك عالم البشر أعطى القلادة لصديقته لكى لا تتحول إلى ذئبة بعد أن عضها المعتدى عليها قبل موته. و لكنها تلقى بها جانباً و تفضل أن تعيش ذئبة مع من تحبه فى الغابات عن أن تعيش فى عالم البشر.

القصة خيالية و لكنها جميلة جداً إذ أراد أن يوضح المؤلف أن عالم الذئاب قد يكون أفضل من عالم البشر المملوء كذباً و خداعاً و نفاقاً و خيانة و كل خطايا البشر الذين إفتقدوا الرحمة، و نسوا المحبة.
و لكن عزاءنا الوحيد أن الله فدا البشر - و ليس الذئاب - على عود الصليب. و مع كل إشراقة شمس تتجدد فرصتنا فى التوبة و العودة إلى الله حتى ننال المواعيد الأبدية التى وعد بها الذين يحبونه. فعالم البشر و إن كان به شرور وقتيه تزول بموت الإنسان، إلا إننا نرقد على رجاء القيامة متى يجازى الله كل واحد كنحو أعماله.

كرحمتك يا رب و ليس كخطيانا...يا رب أرحم...آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010