( الإنسان )



الإنسان
========

الإنسان مخلوق سماوي..

رحلته تبدأ من السماء، حيث نفخة الله

وتختتم في السماء ، حيث سكنى الله

قالوا: إن الإنسان سمى إنساناً لأنه سريع وكثير النسيان فقد نسى ما ينبغي عليه تذكره،

ويتذكر ما يستحسن نسيانه. فمن كلمة نسيان، وردت كلمة إنسان. (اش 49 : 15 ، 103 : 2، تث 32: 18 ، في 3: 13 ، يع 1: 24

كتب حكيم هذه المقوله الحكيمة: اذكر اثنين، وانس اثنين: اذكر الله والموت، وإنس إساءات الناس بك وحسناتك

للناس.

* وقالوا: إن كلمة إنسان في اللغة اليونانيه تنطق هكذا: انثروبوس Anthropos ومنهاجاء علم الأنثروبولوجي أي علم الإنسان Anthropology . وهذه الكلمة تعني حرفياً: الناظر إلى أعلى. وهي بحق سمة من السمات التي ينفرد بها الإنسان، دوناً عن بقية الكون والكائنين في الكون.

فبينما تشق النخله طريقها في عباب السماء، إذ بعناقيدها وفروعها ترنو إلى الأرض التي منها جاءت واليها تعود. ورغم أن النسر يمخر في علوه الشاهق بالجو الساحق العميق، إلا أن عينيه محملقتان في الأرض.

ولأجل هذا تجد كل حيوانات الأرض تسير على أربع وأكثر من أربعة أرجل.

ورغم أنك تجد للطيور قدمين فقط إلا أنها إلى الأرض تنظر، حتى إلى الأرض نحن وتحنو عيناها وتنظر مقلتاها. فالزرافه صاحبة أطول عنق يرتفع إلى العلو، إلا أن عينها لا تنظران إلا إلى الأرض.

الناظر إلى أعلى:

أما الإنسان فنصبه الله على قدمين لا أكثر، واستقام له ظهره بأسلوب رأسي لا بالطريقة الأفقية التي إعتدنا رؤيتها في كل الكائنات الأخرى- حيوانات وطيوراً ورغم هذا حفظ له توازنه واتزانه مقاوماً كل جاذبية أرضية له إذ خلقه الله مرفوع الهامه منصوب القامه، عالي الرأس، شاخص العينين إلى أعلى لا إلى أسفل كبقية اترابه الذين معهم يعيش، ومثلهم يموت. لأن الإنسان مخلوق سماوي، رحلته تبدأ من السماء حيث نفخة الله، وتختتم في السماء حيث سكنى الله، وإن تغرب على الأرض حيث عناية الله ورعايته.

أفقياً ورأسياً:

فكل الحيوانات والطيور تنبطح فوق الأرض والإنسان ينتصب عليها، لأن منها سيأخذ نقطة انطلاقه نحو السماء التي هى موطنه وإن غاب عنها بالجسد وأن تغرب منها الأرض. ولعل بهذه الصورة الأفقية للكائنات، والرأسية للإنسان، يتكون منظر الصليب الذي رغم أنه خشبتان متعارضتان إلا أنهما متلاقيتان.

إذاً فمن هو الإنسان؟ وبماذا يتميز؟ وبما يتسم؟

عزيزي الإنسان: أنت الوحيد في الكون كله:

1- أنت الوحيد في الكون كله الذي تفعل الخطيئة وباقي الكائنات لا تفعل الخطيئه وإن تفعل الخطأ.

2- لأنك أنت الوحيد في الكون كله الحر، وبقية الكائنات مقيدة مصيرة لا مخيرة.

3- إذ أنت الوحيد في الكون كله المالك العقل، وبقية الكائنات لاتملك عقلاً بل غرائز.

4- وعقلك نابع من روحك العاقله، فأنت الوحيد في الكون كله الذي بك روح ولبقية الكائنات نفوس لا أرواح.

5- لذا فأنت الوحيد في الكون كله الذي ستدان وتحاسب وبقية الكائنات لن تدان ولن تحاسب.

6- فأنت الوحيد الذي ستقوم من الموت لتدان، وبقية الكائنات تموت ولا تقوم.

7- من أجل هذا فأنت الوحيد في الكون كله الخالد وبقية الكائنات مؤقتة، لا خلود لها.

هذه هى ملامحك الجليلة أيها الإنسان، حيث تبدأ حياتك هنا جنباً إلى جنب مع الحيوانات (تك 1: 26)، وتختم حياتك في السماء مع الملائكة. (مت 3: 39 و49، 25: 31، مر 8: 38، لو 9: 26 اتي 5: 21، رؤ 3: 5 ، عب 12: 22)

لذا أطلقوا عليك ألقاباً حيوانية قالوا عنك فيها إنك: حيوان ناطق، حيوان متطور، حيوان اجتماعي، حيوان ضاحك، كما أطلقوا على حفنة من أترابك البشر مسمى: البشر السماويون أو الملائكه الأرضيون، ذلك هم آباؤنا كوكبة البرية وكواكبها، الذين أثروا ثري مصر وبراربها بثروات ثروات حياتهم الروحية الثرية.

فأنت ياعزيزي متفرد في أمور كثيرة

تعال نتصفحها واحدة تلو الواحدة:

أولاً: أنت الوحيد في الكون كله الذي تفعل الخطيئة وباقي الكائنات قد تفعل الخطأ ولكن لا تفعل الخطيئة: الخطأ.. والخطيئة: الخطأ هو كل شئ جانب الصواب، أما الخطيئة فهي التعدي وكسر الوصيه(1يو 3: 4)

الإنسان يشارك الكائنات كلها في عمل الخطأ وينفرد عن جميعها في اقتراف الخطيئة فالخطية صناعة بشرية وإنتاج آدمي وإخراج إنساني لا اشتراك للكائنات الأخرى فيه. (يو 8: 7، 46، 16: 8)، رو 5:18، اكو 6: 18، ايو 1: 7، 1يو 3: 4).

لا توجد الخطيئة بعيداً عن عالم البشر، فالكذب والنميمة والقسم وكلام الهزل والتجديف والارتداد والزنى والبغض... الخ كلها وجدت لقدميها مستقراً في العالم الإنساني، ولم تجد لها راحة في بقية العوالم.

وإن كنا نجد في عالم الحيونات: الركل والرفس والنطح، والنفث، والعض، والخطف، والفحيح، والافتراس. إلا أن هذه كلها لا تنجم عن تعدي وخطية، قدر ما نتج عن غرائز وحب البقاء. الإنسان هو الوحيد الذي يخطئ دوناً عن بقية كائنات الكون والكائنين فيه.

الإنسان هو الوحيد الذي له دين، وله أكثر من دين.. وعادة ما يتصارع مع الإنسان نظيره لأجل الدين، فكل يعتقد أنه صاحب الدين الأصح.

الإنسان هو الوحيد الذي له ضمير

والدين يتعامل مع الضميرل، ليقويه، يقومه، يقاومه

والضمير له صوت الدين، فرويه يسمع عن بُعدٍ وقُربٍ

لذا لم يرسل الله ديناً ولا نبياً ولا رسولاً ولا كاتباً لعالم آخر غير عالم الإنسان، ولم يأت لخلاص الحيوانات، لأنه جاء ليخلص البشر، ولا يوجد ما يسمى خطاة في عالم آخر غير العالم البشري.

ولربما لهذ اختار الرب يسوع أن يولد في حظيرة وسط الكائنات التي لم تفعل الخطية، لأنه قدوس القدوسين ( دا 9: 49 مع لو 2: 6،7).

ولذا لم يطالب الله حيواناً بتوبة، ولم يؤسس لهم سراً لها، ولم يناشدهم الرجوع والعودة كما ناشد الإنسان وطالبه، كما لا نجد فصيلة من فصائلهم تنتمي إلى دين دون آخر، فلا دين لغير الإنسان، ولا ضمير في غير الإنسان.

إن الدين والضمير شيئان انفرد بهما البشر عن بقية الكائنات والكون، فلا دين لحيوان، ولا ضمير في طير أو بهيمة، لذا فلا تقريع ضمير لكائن آخر في الكون غير الإنسان، لأن الضمير هو شريعة سيناء المطبوعة في كيان الإنسان الداخلي.

أما الدين فهو علاقة بين المخلوق العاقل- الإنسان- وبين الله وخالقه، ومن يوم الدين إتخذ الدين له أسماً، فالدين للديان كما يقولون، والإنسان بالدين مدين لله بكل نعم حباها الله له.

ومدين بالله الذي سيؤمن وعلى إيمانه هذا يضع اعتقاده، ويبني عقيدته، فلا دين لغير الإنسان، الذي به يعلن خضوعه لله وانتمائه لواجب الوجود.

لقد أتقن الإنسان الخطية واستطاع تأديتها بكل مهارة وذكاء، حتى اخترع بها وفيها أموراً عديدة قاومت روحه الإنسانيه العظيمه واسترحت الخطيه في احضانه ووجدت لها مقراً ولقدميها مستقراً.

جاء في أقوال أحد علماء هذا الجيل المعاصر قوله:

"الإنسان هو الوحيد الذي يخجل

لأنه هو الوحيد الذي يفعل ما يخجله"

فأنت الوحيد الذي تُطالب بالتوبة والعودة لأحضان إلهك.

ثانياً: أنت الوحيد الذي تخطئ لأنك أنت الوحيد الحر في الكون كله، وبقية الكائنات مصيره لا مخيرة، مجبرة لامختارة:

لم يسلب الله منك الحريه كما سلبها من كل الكائنات، فأنت حر في أن تحبه وأن تكرهه، أن تقبله وأن توليه ظهرك وأنت حر في أن ترفضه أو أن تخلص إليه، وأن تحبه أو تمقته.

إن هناك أموراً في الإنسان لا حرية له فيها، وهى تلك التي تكتب في بطاقته الشخصية: كاسمه ونوعه وتاريخ ميلاده ومسقط رأسه واسم أبيه وأمه وعائلته ولونه وسحنته.. الخ كل هذه الامور، لا دخل لك فيها، إنها مفروضة عليك وأنت مجبر عليها.

أما بقية سلوكيات حياته فهو حر فيها لا إجبار عليه، لأن الله لا يعطيه الأبدية على حساب الحرية. فقد تركه يرتع في الحرية وإن أغاظه بها وأحزنه.

ولكن ثق عزيزي إن حريتك هذه مرهونة بوجودك في هذا الجسد، فبعدما تتركه تفقد كل مميزات الحرية التي عشت عليها قبلاً. فلا الجسد أضحى حراً ولا الروح، فليس من حق الروح العودة إلى الجسد ثانية، ولا حق لها في تقرير مصيرها واختياره كما كانت لها هذه الفرصه قبل خروجها من البدن. والجسد بعد الموت يشئ قبلما يشيع، فتؤول ملكيته إلى الحكومه التي لها أن تصدر أمراً بدفنه أولاً تصدر.

إذن فالحرية التي بها أنت تفتخر على بقية الكون وتسود، هى حرية وقتية تنتهي بانتهاء حياتك من الأرض، وخروج روحك من الجسد. ومع هذا فأنت الوحيد الحر في الكون كله، لأنك أنت الوحيد الذي تخطئ في الكون كله، لأنك أنت الوحيد الذي تتوب في الكون كله. (راجع لو 4: 18، رو 8: 21، اكو 10: 29، 2كو 3: 17، نملاه: 1: 13، 1بط2: 16و 19).

لو تأملنا إلى جمل كبير يسوقه طفل صغير، وإلى فيل ضخم يمتطيه أطفال في سن غضه، لرأينا السيد (الطفل ) كما شاهدنا العبد والمملوك (الحيوان ) وخضوع المملوك لمالكه، نراه في خضوع الجمل والفيل للطفل من عالم البشر.

إن الكون كله مصير وأنت الوحيد في الكون المخير فلا تستخدم الحرية فرصة للجسد، ولا ترتبك بنير العبودية.

ثالثاً: ولأنك أنت الوحيد الحر في الكون كله، فلأنه انت الوحيد العاقل وبقية الكائنات تملك الغريزه لا تملك العقل:

إن لكل كائن مخاً وغرائز بما في ذلك الإنسان. فقد شاركت الكائنات بالمخ. وباربع عشرة غريزة. ولكن الغريب أن الكائنات الآخرى تسيرها الغرائز لا العقل الذي يحكم الإنسان ويسيره فقد زاحمها الإنسان فيما تملك، وانفرد عنها بالعقل الذي لا تمتلك. ورغم هذا فاننا كثيراً ما نظلم الحيوان حين نصف غرائزنا بانها الغريزة البهيميه وشهوته بانها الشهوة الحيوانية، ذلك لان الحيوان في معظم غرائزه يكون أعف من الإنسان. فلا يأكل إذا كان شبعاناً، وتمتنع انثاه عن مجانبة ذكرها إذ تحمل منهن ولا يشرب إلا إذا كان حقاً ظمآناً.

شاهدت فيلماً علمياً يحكي كبف يصطاد الإنسان الزرافة، فمجموعة من الشباب تركب عربة خاصه وتحمل حبالاً تلقيها بطريقة معينه فتلتف حول رقبتها فتقع بين ايديهم أسيرة ذليلة مستسلمه فليقون عليها الأيدي، وفي سجن حديدي متنقل يجبسونها وأمامها يقفون لالتقاط الصور التذكارية. ولقد أعجبني جداً تعليق المذيع الذي قدم هذا الحدث حين قال: "انظر كيف إستطاع العقل أن ينتصر على القوة".

وقفت مرة أمام صورة ميلاد المسيح، فوجدت ان هناك اختلافاً كبيراً بين إنسان القرن الاول وإنسان القرن العشرين في ملابسه ومظاهره، ولم أجد فرقاً بين حيوان القرن الاول وحيوان القرن العشرين. فحيوان الأمس هو حيوان اليوم، لا اختلاف فيه ولا خلاف عليه. ذلك لان الحيوان يبدأ من حيث بدأ سابقه، أما الإنسان فيبدأ من حيث إنتهى سالفه.

قال أحد الأدباء:

"إن الأمراض لا تأتينا مما نأكله .. بقدر ما تأتينا مما يأكلنا"

ولقد ظن العض إن الدين ضد العقل، والعقل ضد الدين إلا أم المصالحة التي وضعها اوغسطينوس في فلسفته تحل هذا الاشكال حين قال: الايمان يسبق العقل والعقل يسبق الايمان وإني اؤمن كي اتعقل.

ولقد مدح داود ابيجايل الكرامليه زوجة نايال لاجل عقلها بقوله: مبارك عقلك (1صم 25: 33) وزم سليمان المرأة الجميلة العديمة العقل واصفاً إياها بأنها خزامه من ذهب في فنطسية خنزيره (1م 11: 22) وضل نبوخذ نصر عن الله حين غاب عنه عقله (دا 2: 14، 4: 34)

اما الرب يسوع فأحب الشاب الغني لانه أجابه بعقل وقال له لست بعيداً عن ملكوت الله (مر 12: 34 ). حتى العبادة طالبنا ان تكون عقلية وبفهم (رو 12: 1 ) راجع (تث 2: 29، مز 94: 8، هو 4: 14، ام 6: 32، جا 7: 25، رو 14: 5).

إن نظرة واحدة بعد بداية الابديه نخرج منها بهذه الحقيقة:

إن الابرار سيشكرون الله على ارواحهم التي بها خلدوا وعاشوا خالدين، وذاقوا جمال السماء وهبة الخلود. أما الشرار إذ يوجدون في تسعير جهنم ونارها. سيحسدون الحيوانات على الفناء الذي آلوا اليه وانتهوا فيه، ويتمنون لو ان لهم ذات المصير الذي لهذه الكائنات، أو لو أن الله لم يخلقهم بالمرة.

فيشكر الله الابرار لانه بخلقته لهم اهلهم إلى الأبديه، اما الاشرار فسيحسدون الفناء والفانين، لان عذابهم أبدي كابدية مجد الابرار والقديسين.

فتأنى يا عزيزي .. مهلاً ثم مهلاً .. فالابدية في انتظار وقع اقدامك فيها. ولا تياس فجمال الدنيا وبريقها موقوت زائل.

رابعاً: وإذ انت الوحيد العاقل في الكون كله، فلأنه انت الوحيد الذي توجد فيك روح وبقية الكائنات تمتلك النفس.

انت كبقية كائنات الكون تحيا بالنفس، ولكنك تنفرد عنها بالروح العاقله. فالروح التي فيك محرومة بقية الكائنات منها، والنفس التي فيهم أنت تشاركهم في مثلها وتزاحمهويهم، يعودون إلى ترابهم مثلك تماماً، فحادثة واحدة لكليكما، وإلى موضع واحد يذهب كلاكما(جا 2: 14، 3: 19 )، 9: 2 ) فالموت الذي يصيبهم يصيبك، ونتاج الموت الذي يحدث لهم يحدث لك.

ولكنك بعد الموت لك خلوداً، أما هم بعد الموت ففانون. إذن فالنفس البشريه هى سبب كيانه وحياته، لانه يحيا في جسد بالنفس، وحين خلق الله الإنسان روحاً وجسداً، صارت النفس أداة ربط الروح بالجسد، وحين تموت النفس تنحل الروح عن الجسد، فيصير الإنسان الواحد اثنين جسداً في قبر وروحاً في فردوس.

أما الروح الإنسانيه فهى علة العقل في افنسان كما إنها أيضاً هى علة خلوده، وهاتان السمتان لا توجدان في كائن آخر أياً كان.

انت واحد في ثالوث، وثالوث في واحد متصل بالحياه ومنفصل بالموت إذ أنت بدن، ونفس، وروح، روحك هى علة عقلك لانها نفحة العقل الاعظم الذي خلق السموات والأرض ما يرى وما لا يرى، فالعقل الذي فيك علته الروح التي جبلها الله في داخلك.

جاء في المزمور قوله: "إبن آدم تخرج روحه، فيعود إلى ترابه حينئذ تهلك كافة افكاره" وجاء في سفر الجامعه "التراب يرجع إلى التراب الذي اخذ منه أما الروح فتعود إلى الله الى أعطاها" (جا 12: 7، مز 146: 4).

فعالم الارواح إذن هو عالم اشترك فيه الإنسان مع الملائكه، الذين خلقهم الله أرواحاً خادمه مرسله للخدمه لاجل العتدين ان يرثوا الخلاص (عب 1: 14 مع عدد 27: 16، مز 104: 29، ام 16: 2 ) وكما اشترك الإنسان مع الحيوان في الجسم في حياته الزمنيه الرضيه وتآلف معهم وعاش، يشارك الملائكه بروحه في العالم الآتي بعد قيامة الاموات وحياة الدهر الآتي.

لقد خلق الله الملائكة أرواحاًً بلا جسد وخلق الله الحيوانات اجساداً ذات نفوس بغير روح. اما الإنسان فخلقه الله جسداً نفس بروح عاقله، فهو مثلث الخواص: جسد، نفس، روح. وهذا ما قاله الرسول بولس في رسالته للتسالونيكيين: إله السلام يقدسكم بالتمام ولتحفظ نفوسكم واجسادكم وارواحكم" (1تس 5: 23 ).

خامساً: لذا فانت الوحيد في الكون كله الذي سوف تدان، وبقية الكائنات لن تدان ولن تحاسب:

لان الله لم يسع إلا لخلاص الإنسان، لذا فلن يدين غير الإنسان.

لن يحاسب الدب الذي اكل اطفال اليشع، ولن يجازي الاسد الذي افترس بلعام، ولن يدين الحصان الذي علق بالبطمة أبشالوم، ولن يكافئ الأتان التي نطقت موبخة نبياً والتي رأت مالم يره النبي، ولن يقتص من الحيات التي لدغت شعباً باكمله وقتلته، ولا من ذباب وبعوض اهلك أرض مصر، ولا من فئران ضربت قرية بيت الشمس. لن يحاسب حيواناً ولن يدين حشرة ولن يجازي طيراً.

قد تفعل الخطية مشاركاً حيوانك فيها، ووقتئذ سوف تقف وحدك تدفع عنها الثمن أما هو فقد أفلته فناؤه أما أنت فسقطت في شركه. انت الوحيد المدان في الكون كله، رغم بقية الكائنات قد تشاركك الخطا وتترك لك الخطية لانك تدان على كليهما، أما هى فلا تدان على شئ منهما فالدينونة للبشر فقط دون بقية الخلائق.

لذا إحتلت فكرة الدينونة كل صلوتنا الليتورجيا. ففي القداس الباسيلي نقول: ورسم يوماً للمجازاه لدين المسكونة بالعدل ويعطي ويجازي كل واحد وواحد كحسب أعماله، وفي قدسنا الإغريغوري نقول: اظهرت لي إعلان مجيئك هذا الذي تأتي فيه لتدين الأحياء والاموات، وتعطي كل واحد كاعماله. وفي قدسنا الكيرلسي نقول:.. وظهورك الثاني هذا لاذي تأتي فيه لتدين المسكونة باعدل وتعطي وتجازي كل واحد وواحد كأعماله إن كان خيراً وإن كان شراً. وفي كل هذه الصلوات ترتفع الصلوات من حناجر القلوب وقلوب الحناجر صارخة مدوية أن كرحمتك يا رب ولا كخطايانا.

فالله هو الديان (مز 50: 6) (1صم 24: 15) ديان الأرض كلها (مز 94: 2) الذي يصنع عدلاً (تك 18: 25) والإنسان سيقف وحيداً امام الله مدانا (لو 19: 22، دا 7: 10) في يوم الدين (مت 10: 15، 11: 22، 12: 36 و 341 مر 6: 1 لو 11: 31، 2بط 2: 9، 3: 7، 1يو 4: 7: 17). وكما لن يدان من غيره كذلك لن يدان غيره.

سادساً: ولانك الوحيد الذي ستدانن لذا فانت الوحيد في الكون كله الذي ستقوم كي تدان:

الحيوانات والطير والنباتات إذ ماتت لا تقوم، اما انت يا عزيزي تموت ثم تقوم، لان لك قيامة بعد الموت حيث ينتظرك يوم عظيم هو يوم الدينونة. فرغم انك تموت كبقية الكائنات إلا أن بقية الكائنات لن تقوم نظيرك لان لا دينونة تنتظرها فالقيامة للبشر فقط، والقيامه لاجساد البشر دون ارواحهم لان ارواحهم لم تمت، انما الذي مات فيهم اجسادهم.

حين قال المسيح لمريم سيقوم اخوك، قالت له انا اعلم انه سيقوم في القيامه في اليوم الاخير، ولم تكن تدري ان القيامه قائمة فبالها لان المسيح هو القيامه (يو 11).

فالإنسان والحيوان يركضان معاً ويرقدان، معاً (جا 12: 7 ) ولكن لن يقوما معاً فالقيامه للإنسان فقط لا كليهما، اما الموت للاثنان وآنئذ لن يكون هناك حيوانات وطيور ونباتات بل سسكون هناك عالم الارواح كورة الأحياء إلى الابد، عالم الملائكه، سماء السموات للرب، أرض الاحياء، مسكن الله مع الناس، ملكوت الله الابدي الذي ليس له إنقضا، فلا يكون لملكه نهاية، وإن كان له بداية.

إن القيامة للإنسان لا للحيوان وليست القيامه للإنسان كله، بل لجسده دون روحه، لان الموت اصاب جسده، ولم يدنو من روحه فالإنسان ليس هوالكائن الوحيد الذي يموت، انما هو الكائن الوحيد الذي سيقوم. لذا كانت آخر أغاريد كلمات قانون الايمان يرتلها المصلون سابحين مسبحين: وننتظر قيامة الاموات وحياة الدهر الاتي آمين.

إن العمر الذي يقضيه الحيوان على الأرض، لن يضاف عليه له ولحسابه شئ ام العمر الذي تستغرقه انت فوقها فهو قليل وضئيل لما سوف تعانيه بالسماء.

فما هو قبل الموت ليس كما هو بعد القيامة. فالفساد يحدث منك قبل الموت ولك بعده، أما القيامه ففيها ننبت ونقوم بغير فساد لان هذا الفساد – الجسد – لايرث عديم الفساد – القيامه – وهذا المائت – الجسد – لايرث عدم الموت – الابدية.

يموت كل ذي نفس حيواناً كان أم إنساناً.

ويحيا ويقوم كل ذي روح ألا وهو الإنسان فقط.

وبعد القيامة لا وجود لحيوان أو لغريزة حيوانية، لذا فالقائمون بالقيامة يقومون بأجساد نورانية، لا يزوجون فيها ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء.

مات المسيح على صليبه ويرفقته لصانن وقام المسيح وليس بمعيته لص منهما. فالمسيح باكورة الراقدين، اما هذان اللصان فينتظران يوماً يقومان فيه مع الاجداد والاحفاد من الاحفاد من عالم البشر، لان القيامة خاصة بالبشر دون اترابهم من بقية العوالم الاخرى.

لذا فن المستحب ان لا نستخدم كلمة الموت على الإنسانكنظرائة في عالم الحيوانات والطيور، لان هؤلاء يموتون ولا يقومون، اما الإنسان فالموت لديه رقاد، نوم، انتقال، تغيير محل إقامه، عبور جسر ذهبي، ذورق نجاه، يقله وينقله من شط إلى شاطئ آخر.

لست يا عزيزي الوحيد الذي تموت انما انت الوحيد الذي ستقوم

سابعاً: ولأنك تقوم بعد الموت لذا فانت الوحيد في الكون كله الخالد، وأما بقية الكائنات والكائنين بالكون مؤقته وموقوته:

كل ما تراه حولك ومعك في هذا الكون فان لا محالة، باستثناء أنت، فانت الكائن الوحيد فيه الخالد. بدأت رحلتك مع الحيوانات، واخيراً ختمتها مع الملائكه، باراً كنت أم شريراً.

فالابرار سيحيون في الملكوت بعد الفردوس مع الملائكه الابرار، والاشرار سيزجون في جهنم بعد الهاوية مع الملائكة الاشرار "ابليس وملائكته" (مت 25: 34 ).

لا نستطيع أن تطلق على الإنسان مصطلح الابدية، لان الأبدية إحدى صفات الله وحده، ولكن يمكن أن نسمي الإنسان بصفة الخلود. فالخلود هبة ومنحة وهبها الله للمخلوقات العاقلة ومنحها لعالمي الأرواح: الملائكة والشر فكما نزلت بجسدك ضيفاً على عالم الحيوان ترأست عليه وتملكت، تنزل في عالم الملائكة شريكاً لهم في الملكوت وهذا يتضح من مقولتي يومي الدينونه:

· تعالوا إلى يا مباركي ابي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم (مت 25: 34).

· اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الابديه المعده لإبليس وملائكته (مت 25: 34 ).

إذن حياة الإنسان ليست موقته ومؤقته كنظيره الحيوان ونظرائه في بقية الكون، لأنه يختتمها هناكي يبتدأها هناك، وينهيها هنا كي يواصلها في عالم آخر اكثر رحاباً وسعه وجمالاً وبهاء.

جاء في كلمات رب المجد يسوع. "إن لم تكونوا امناء في ما هو للغير فمن يعطيكم ما هو لكم؟" (لو 16: 12 ).

لقد اعتاد الناس أن يأتمنوا الإنسان في ما هو ليس له عندما يرونه أميناً فيما هو للغير (الأرض، الحياة الحاضره، العالم، المال ) يعطيك ما هو لك (الملكوت، الابديه مت 25: 34 ).

اذن فنحن هنا غرباء في أرض مررنا عليها في رحلتنا التي نقطة البداية والناهيه فيها واحده آلا وهى السماء.

اذن يا عزيزي، مضيفوك هؤلاء هم أيضاً ضيوفك انت، لانك الخالد فيما بينهم اما جميعهم بجمعهم فزمانيون محدودو الوقت والزمن، لا يخلدون ولا يؤبدون.

لك حياة اخرى في عالم آخر، ولك وجود آخر في مكان آخر، وبقية الكائنات لا تمتلك غير هذه الحياة لها نصيباً، منها خرجت، وعليها عاشت، وفيما تموت وإليها تعود.

اما انت فلا الأرض تستطيع ان تمسكك حين تنطلق روحك من ترابها الذي إرتديته ولا سكان الأرض لهم عليك سلطان، لانك وان تحيا ثم تموت، الا انك تموت كي تقوم.

أرايت إذن من هو الإنسان؟

هو ذلك الكائن العظيم السماوي، المتغرب على الأرض، الذي تبدأ رحلته من السماء حيث نفخة الله في انفه، وتختتم رحلته في السماء حيث مسكن روحه مع روح الله ومع ارواح أبرار مكملين وع الملائكه القديسين الذين هم ارواح خادمة.

· هذا هو الإنسان الذي دعى المسيح له أبناً حيث سمى ابن الإنسان (يو 3: 16)

· هذا هو الإنسان الذي إتخذ المسيح غسمه له اسماً "إنسان يدعى يسوع" (يو 9)

· هذا هو الإنسان الذي وجد المسيح في هيئته "إذ وجد في الهيئة كإنسان" (في 2: 8).

إن الابرار سيشكرون الله على ارواحهم التي بها خلدوا وعاشوا خالدين، وذاقوا جمال السماء وهبة الخلود. أما الشرار إذ يوجدون في تسعير جهنم ونارها. سيحسدون الحيوانات على الفناء الذي آلوا اليه وانتهوا فيه، ويتمنون لو ان لهم ذات المصير الذي لهذه الكائنات، أو لو أن الله لم يخلقهم بالمرة.

فيشكر الله الابرار لانه بخلقته لهم اهلهم إلى الأبديه، اما الاشرار فسيحسدون الفناء والفانين، لان عذابهم أبدي كابدية مجد الابرار والقديسين.

فتأنى يا عزيزي .. مهلاً ثم مهلاً .. فالابدية في انتظار وقع اقدامك فيها. ولا تياس فجمال الدنيا وبريقها موقوت زائل.

رابعاً: وإذ انت الوحيد العاقل في الكون كله، فلأنه انت الوحيد الذي توجد فيك روح وبقية الكائنات تمتلك النفس.

انت كبقية كائنات الكون تحيا بالنفس، ولكنك تنفرد عنها بالروح العاقله. فالروح التي فيك محرومة بقية الكائنات منها، والنفس التي فيهم أنت تشاركهم في مثلها وتزاحمهويهم، يعودون إلى ترابهم مثلك تماماً، فحادثة واحدة لكليكما، وإلى موضع واحد يذهب كلاكما(جا 2: 14، 3: 19 )، 9: 2 ) فالموت الذي يصيبهم يصيبك، ونتاج الموت الذي يحدث لهم يحدث لك.

ولكنك بعد الموت لك خلوداً، أما هم بعد الموت ففانون. إذن فالنفس البشريه هى سبب كيانه وحياته، لانه يحيا في جسد بالنفس، وحين خلق الله الإنسان روحاً وجسداً، صارت النفس أداة ربط الروح بالجسد، وحين تموت النفس تنحل الروح عن الجسد، فيصير الإنسان الواحد اثنين جسداً في قبر وروحاً في فردوس.

أما الروح الإنسانيه فهى علة العقل في افنسان كما إنها أيضاً هى علة خلوده، وهاتان السمتان لا توجدان في كائن آخر أياً كان.

انت واحد في ثالوث، وثالوث في واحد متصل بالحياه ومنفصل بالموت إذ أنت بدن، ونفس، وروح، روحك هى علة عقلك لانها نفحة العقل الاعظم الذي خلق السموات والأرض ما يرى وما لا يرى، فالعقل الذي فيك علته الروح التي جبلها الله في داخلك.

جاء في المزمور قوله: "إبن آدم تخرج روحه، فيعود إلى ترابه حينئذ تهلك كافة افكاره" وجاء في سفر الجامعه "التراب يرجع إلى التراب الذي اخذ منه أما الروح فتعود إلى الله الى أعطاها" (جا 12: 7، مز 146: 4).

فعالم الارواح إذن هو عالم اشترك فيه الإنسان مع الملائكه، الذين خلقهم الله أرواحاً خادمه مرسله للخدمه لاجل العتدين ان يرثوا الخلاص (عب 1: 14 مع عدد 27: 16، مز 104: 29، ام 16: 2 ) وكما اشترك الإنسان مع الحيوان في الجسم في حياته الزمنيه الرضيه وتآلف معهم وعاش، يشارك الملائكه بروحه في العالم الآتي بعد قيامة الاموات وحياة الدهر الآتي.

لقد خلق الله الملائكة أرواحاًً بلا جسد وخلق الله الحيوانات اجساداً ذات نفوس بغير روح. اما الإنسان فخلقه الله جسداً نفس بروح عاقله، فهو مثلث الخواص: جسد، نفس، روح. وهذا ما قاله الرسول بولس في رسالته للتسالونيكيين: إله السلام يقدسكم بالتمام ولتحفظ نفوسكم واجسادكم وارواحكم" (1تس 5: 23 ).

خامساً: لذا فانت الوحيد في الكون كله الذي سوف تدان، وبقية الكائنات لن تدان ولن تحاسب:

لان الله لم يسع إلا لخلاص الإنسان، لذا فلن يدين غير الإنسان.

لن يحاسب الدب الذي اكل اطفال اليشع، ولن يجازي الاسد الذي افترس بلعام، ولن يدين الحصان الذي علق بالبطمة أبشالوم، ولن يكافئ الأتان التي نطقت موبخة نبياً والتي رأت مالم يره النبي، ولن يقتص من الحيات التي لدغت شعباً باكمله وقتلته، ولا من ذباب وبعوض اهلك أرض مصر، ولا من فئران ضربت قرية بيت الشمس. لن يحاسب حيواناً ولن يدين حشرة ولن يجازي طيراً.

قد تفعل الخطية مشاركاً حيوانك فيها، ووقتئذ سوف تقف وحدك تدفع عنها الثمن أما هو فقد أفلته فناؤه أما أنت فسقطت في شركه. انت الوحيد المدان في الكون كله، رغم بقية الكائنات قد تشاركك الخطا وتترك لك الخطية لانك تدان على كليهما، أما هى فلا تدان على شئ منهما فالدينونة للبشر فقط دون بقية الخلائق.

لذا إحتلت فكرة الدينونة كل صلوتنا الليتورجيا. ففي القداس الباسيلي نقول: ورسم يوماً للمجازاه لدين المسكونة بالعدل ويعطي ويجازي كل واحد وواحد كحسب أعماله، وفي قدسنا الإغريغوري نقول: اظهرت لي إعلان مجيئك هذا الذي تأتي فيه لتدين الأحياء والاموات، وتعطي كل واحد كاعماله. وفي قدسنا الكيرلسي نقول:.. وظهورك الثاني هذا لاذي تأتي فيه لتدين المسكونة باعدل وتعطي وتجازي كل واحد وواحد كأعماله إن كان خيراً وإن كان شراً. وفي كل هذه الصلوات ترتفع الصلوات من حناجر القلوب وقلوب الحناجر صارخة مدوية أن كرحمتك يا رب ولا كخطايانا.

فالله هو الديان (مز 50: 6) (1صم 24: 15) ديان الأرض كلها (مز 94: 2) الذي يصنع عدلاً (تك 18: 25) والإنسان سيقف وحيداً امام الله مدانا (لو 19: 22، دا 7: 10) في يوم الدين (مت 10: 15، 11: 22، 12: 36 و 341 مر 6: 1 لو 11: 31، 2بط 2: 9، 3: 7، 1يو 4: 7: 17). وكما لن يدان من غيره كذلك لن يدان غيره.

سادساً: ولانك الوحيد الذي ستدانن لذا فانت الوحيد في الكون كله الذي ستقوم كي تدان:

الحيوانات والطير والنباتات إذ ماتت لا تقوم، اما انت يا عزيزي تموت ثم تقوم، لان لك قيامة بعد الموت حيث ينتظرك يوم عظيم هو يوم الدينونة. فرغم انك تموت كبقية الكائنات إلا أن بقية الكائنات لن تقوم نظيرك لان لا دينونة تنتظرها فالقيامة للبشر فقط، والقيامه لاجساد البشر دون ارواحهم لان ارواحهم لم تمت، انما الذي مات فيهم اجسادهم.

حين قال المسيح لمريم سيقوم اخوك، قالت له انا اعلم انه سيقوم في القيامه في اليوم الاخير، ولم تكن تدري ان القيامه قائمة فبالها لان المسيح هو القيامه (يو 11).

فالإنسان والحيوان يركضان معاً ويرقدان، معاً (جا 12: 7 ) ولكن لن يقوما معاً فالقيامه للإنسان فقط لا كليهما، اما الموت للاثنان وآنئذ لن يكون هناك حيوانات وطيور ونباتات بل سسكون هناك عالم الارواح كورة الأحياء إلى الابد، عالم الملائكه، سماء السموات للرب، أرض الاحياء، مسكن الله مع الناس، ملكوت الله الابدي الذي ليس له إنقضا، فلا يكون لملكه نهاية، وإن كان له بداية.

إن القيامة للإنسان لا للحيوان وليست القيامه للإنسان كله، بل لجسده دون روحه، لان الموت اصاب جسده، ولم يدنو من روحه فالإنسان ليس هوالكائن الوحيد الذي يموت، انما هو الكائن الوحيد الذي سيقوم. لذا كانت آخر أغاريد كلمات قانون الايمان يرتلها المصلون سابحين مسبحين: وننتظر قيامة الاموات وحياة الدهر الاتي آمين.

إن العمر الذي يقضيه الحيوان على الأرض، لن يضاف عليه له ولحسابه شئ ام العمر الذي تستغرقه انت فوقها فهو قليل وضئيل لما سوف تعانيه بالسماء.

فما هو قبل الموت ليس كما هو بعد القيامة. فالفساد يحدث منك قبل الموت ولك بعده، أما القيامه ففيها ننبت ونقوم بغير فساد لان هذا الفساد – الجسد – لايرث عديم الفساد – القيامه – وهذا المائت – الجسد – لايرث عدم الموت – الابدية.

يموت كل ذي نفس حيواناً كان أم إنساناً.

ويحيا ويقوم كل ذي روح ألا وهو الإنسان فقط.

وبعد القيامة لا وجود لحيوان أو لغريزة حيوانية، لذا فالقائمون بالقيامة يقومون بأجساد نورانية، لا يزوجون فيها ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء.

مات المسيح على صليبه ويرفقته لصانن وقام المسيح وليس بمعيته لص منهما. فالمسيح باكورة الراقدين، اما هذان اللصان فينتظران يوماً يقومان فيه مع الاجداد والاحفاد من الاحفاد من عالم البشر، لان القيامة خاصة بالبشر دون اترابهم من بقية العوالم الاخرى.

لذا فن المستحب ان لا نستخدم كلمة الموت على الإنسانكنظرائة في عالم الحيوانات والطيور، لان هؤلاء يموتون ولا يقومون، اما الإنسان فالموت لديه رقاد، نوم، انتقال، تغيير محل إقامه، عبور جسر ذهبي، ذورق نجاه، يقله وينقله من شط إلى شاطئ آخر.

لست يا عزيزي الوحيد الذي تموت انما انت الوحيد الذي ستقوم

سابعاً: ولأنك تقوم بعد الموت لذا فانت الوحيد في الكون كله الخالد، وأما بقية الكائنات والكائنين بالكون مؤقته وموقوته:

كل ما تراه حولك ومعك في هذا الكون فان لا محالة، باستثناء أنت، فانت الكائن الوحيد فيه الخالد. بدأت رحلتك مع الحيوانات، واخيراً ختمتها مع الملائكه، باراً كنت أم شريراً.

فالابرار سيحيون في الملكوت بعد الفردوس مع الملائكه الابرار، والاشرار سيزجون في جهنم بعد الهاوية مع الملائكة الاشرار "ابليس وملائكته" (مت 25: 34 ).

لا نستطيع أن تطلق على الإنسان مصطلح الابدية، لان الأبدية إحدى صفات الله وحده، ولكن يمكن أن نسمي الإنسان بصفة الخلود. فالخلود هبة ومنحة وهبها الله للمخلوقات العاقلة ومنحها لعالمي الأرواح: الملائكة والشر فكما نزلت بجسدك ضيفاً على عالم الحيوان ترأست عليه وتملكت، تنزل في عالم الملائكة شريكاً لهم في الملكوت وهذا يتضح من مقولتي يومي الدينونه:

· تعالوا إلى يا مباركي ابي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم (مت 25: 34).

· اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الابديه المعده لإبليس وملائكته (مت 25: 34 ).

إذن حياة الإنسان ليست موقته ومؤقته كنظيره الحيوان ونظرائه في بقية الكون، لأنه يختتمها هناكي يبتدأها هناك، وينهيها هنا كي يواصلها في عالم آخر اكثر رحاباً وسعه وجمالاً وبهاء.

جاء في كلمات رب المجد يسوع. "إن لم تكونوا امناء في ما هو للغير فمن يعطيكم ما هو لكم؟" (لو 16: 12 ).

لقد اعتاد الناس أن يأتمنوا الإنسان في ما هو ليس له عندما يرونه أميناً فيما هو للغير (الأرض، الحياة الحاضره، العالم، المال ) يعطيك ما هو لك (الملكوت، الابديه مت 25: 34 ).

اذن فنحن هنا غرباء في أرض مررنا عليها في رحلتنا التي نقطة البداية والناهيه فيها واحده آلا وهى السماء.

اذن يا عزيزي، مضيفوك هؤلاء هم أيضاً ضيوفك انت، لانك الخالد فيما بينهم اما جميعهم بجمعهم فزمانيون محدودو الوقت والزمن، لا يخلدون ولا يؤبدون.

لك حياة اخرى في عالم آخر، ولك وجود آخر في مكان آخر، وبقية الكائنات لا تمتلك غير هذه الحياة لها نصيباً، منها خرجت، وعليها عاشت، وفيما تموت وإليها تعود.

اما انت فلا الأرض تستطيع ان تمسكك حين تنطلق روحك من ترابها الذي إرتديته ولا سكان الأرض لهم عليك سلطان، لانك وان تحيا ثم تموت، الا انك تموت كي تقوم.

أرايت إذن من هو الإنسان؟

هو ذلك الكائن العظيم السماوي، المتغرب على الأرض، الذي تبدأ رحلته من السماء حيث نفخة الله في انفه، وتختتم رحلته في السماء حيث مسكن روحه مع روح الله ومع ارواح أبرار مكملين وع الملائكه القديسين الذين هم ارواح خادمة.

· هذا هو الإنسان الذي دعى المسيح له أبناً حيث سمى ابن الإنسان (يو 3: 16)

· هذا هو الإنسان الذي إتخذ المسيح غسمه له اسماً "إنسان يدعى يسوع" (يو 9)

· هذا هو الإنسان الذي وجد المسيح في هيئته "إذ وجد في الهيئة كإنسان" (في 2: 8).

إن الابرار سيشكرون الله على ارواحهم التي بها خلدوا وعاشوا خالدين، وذاقوا جمال السماء وهبة الخلود. أما الشرار إذ يوجدون في تسعير جهنم ونارها. سيحسدون الحيوانات على الفناء الذي آلوا اليه وانتهوا فيه، ويتمنون لو ان لهم ذات المصير الذي لهذه الكائنات، أو لو أن الله لم يخلقهم بالمرة.

فيشكر الله الابرار لانه بخلقته لهم اهلهم إلى الأبديه، اما الاشرار فسيحسدون الفناء والفانين، لان عذابهم أبدي كابدية مجد الابرار والقديسين.

فتأنى يا عزيزي .. مهلاً ثم مهلاً .. فالابدية في انتظار وقع اقدامك فيها. ولا تياس فجمال الدنيا وبريقها موقوت زائل.

رابعاً: وإذ انت الوحيد العاقل في الكون كله، فلأنه انت الوحيد الذي توجد فيك روح وبقية الكائنات تمتلك النفس.

انت كبقية كائنات الكون تحيا بالنفس، ولكنك تنفرد عنها بالروح العاقله. فالروح التي فيك محرومة بقية الكائنات منها، والنفس التي فيهم أنت تشاركهم في مثلها وتزاحمهويهم، يعودون إلى ترابهم مثلك تماماً، فحادثة واحدة لكليكما، وإلى موضع واحد يذهب كلاكما(جا 2: 14، 3: 19 )، 9: 2 ) فالموت الذي يصيبهم يصيبك، ونتاج الموت الذي يحدث لهم يحدث لك.

ولكنك بعد الموت لك خلوداً، أما هم بعد الموت ففانون. إذن فالنفس البشريه هى سبب كيانه وحياته، لانه يحيا في جسد بالنفس، وحين خلق الله الإنسان روحاً وجسداً، صارت النفس أداة ربط الروح بالجسد، وحين تموت النفس تنحل الروح عن الجسد، فيصير الإنسان الواحد اثنين جسداً في قبر وروحاً في فردوس.

أما الروح الإنسانيه فهى علة العقل في افنسان كما إنها أيضاً هى علة خلوده، وهاتان السمتان لا توجدان في كائن آخر أياً كان.

انت واحد في ثالوث، وثالوث في واحد متصل بالحياه ومنفصل بالموت إذ أنت بدن، ونفس، وروح، روحك هى علة عقلك لانها نفحة العقل الاعظم الذي خلق السموات والأرض ما يرى وما لا يرى، فالعقل الذي فيك علته الروح التي جبلها الله في داخلك.

جاء في المزمور قوله: "إبن آدم تخرج روحه، فيعود إلى ترابه حينئذ تهلك كافة افكاره" وجاء في سفر الجامعه "التراب يرجع إلى التراب الذي اخذ منه أما الروح فتعود إلى الله الى أعطاها" (جا 12: 7، مز 146: 4).

فعالم الارواح إذن هو عالم اشترك فيه الإنسان مع الملائكه، الذين خلقهم الله أرواحاً خادمه مرسله للخدمه لاجل العتدين ان يرثوا الخلاص (عب 1: 14 مع عدد 27: 16، مز 104: 29، ام 16: 2 ) وكما اشترك الإنسان مع الحيوان في الجسم في حياته الزمنيه الرضيه وتآلف معهم وعاش، يشارك الملائكه بروحه في العالم الآتي بعد قيامة الاموات وحياة الدهر الآتي.

لقد خلق الله الملائكة أرواحاًً بلا جسد وخلق الله الحيوانات اجساداً ذات نفوس بغير روح. اما الإنسان فخلقه الله جسداً نفس بروح عاقله، فهو مثلث الخواص: جسد، نفس، روح. وهذا ما قاله الرسول بولس في رسالته للتسالونيكيين: إله السلام يقدسكم بالتمام ولتحفظ نفوسكم واجسادكم وارواحكم" (1تس 5: 23 ).

خامساً: لذا فانت الوحيد في الكون كله الذي سوف تدان، وبقية الكائنات لن تدان ولن تحاسب:

لان الله لم يسع إلا لخلاص الإنسان، لذا فلن يدين غير الإنسان.

لن يحاسب الدب الذي اكل اطفال اليشع، ولن يجازي الاسد الذي افترس بلعام، ولن يدين الحصان الذي علق بالبطمة أبشالوم، ولن يكافئ الأتان التي نطقت موبخة نبياً والتي رأت مالم يره النبي، ولن يقتص من الحيات التي لدغت شعباً باكمله وقتلته، ولا من ذباب وبعوض اهلك أرض مصر، ولا من فئران ضربت قرية بيت الشمس. لن يحاسب حيواناً ولن يدين حشرة ولن يجازي طيراً.

قد تفعل الخطية مشاركاً حيوانك فيها، ووقتئذ سوف تقف وحدك تدفع عنها الثمن أما هو فقد أفلته فناؤه أما أنت فسقطت في شركه. انت الوحيد المدان في الكون كله، رغم بقية الكائنات قد تشاركك الخطا وتترك لك الخطية لانك تدان على كليهما، أما هى فلا تدان على شئ منهما فالدينونة للبشر فقط دون بقية الخلائق.

لذا إحتلت فكرة الدينونة كل صلوتنا الليتورجيا. ففي القداس الباسيلي نقول: ورسم يوماً للمجازاه لدين المسكونة بالعدل ويعطي ويجازي كل واحد وواحد كحسب أعماله، وفي قدسنا الإغريغوري نقول: اظهرت لي إعلان مجيئك هذا الذي تأتي فيه لتدين الأحياء والاموات، وتعطي كل واحد كاعماله. وفي قدسنا الكيرلسي نقول:.. وظهورك الثاني هذا لاذي تأتي فيه لتدين المسكونة باعدل وتعطي وتجازي كل واحد وواحد كأعماله إن كان خيراً وإن كان شراً. وفي كل هذه الصلوات ترتفع الصلوات من حناجر القلوب وقلوب الحناجر صارخة مدوية أن كرحمتك يا رب ولا كخطايانا.

فالله هو الديان (مز 50: 6) (1صم 24: 15) ديان الأرض كلها (مز 94: 2) الذي يصنع عدلاً (تك 18: 25) والإنسان سيقف وحيداً امام الله مدانا (لو 19: 22، دا 7: 10) في يوم الدين (مت 10: 15، 11: 22، 12: 36 و 341 مر 6: 1 لو 11: 31، 2بط 2: 9، 3: 7، 1يو 4: 7: 17). وكما لن يدان من غيره كذلك لن يدان غيره.

سادساً: ولانك الوحيد الذي ستدانن لذا فانت الوحيد في الكون كله الذي ستقوم كي تدان:

الحيوانات والطير والنباتات إذ ماتت لا تقوم، اما انت يا عزيزي تموت ثم تقوم، لان لك قيامة بعد الموت حيث ينتظرك يوم عظيم هو يوم الدينونة. فرغم انك تموت كبقية الكائنات إلا أن بقية الكائنات لن تقوم نظيرك لان لا دينونة تنتظرها فالقيامة للبشر فقط، والقيامه لاجساد البشر دون ارواحهم لان ارواحهم لم تمت، انما الذي مات فيهم اجسادهم.

حين قال المسيح لمريم سيقوم اخوك، قالت له انا اعلم انه سيقوم في القيامه في اليوم الاخير، ولم تكن تدري ان القيامه قائمة فبالها لان المسيح هو القيامه (يو 11).

فالإنسان والحيوان يركضان معاً ويرقدان، معاً (جا 12: 7 ) ولكن لن يقوما معاً فالقيامه للإنسان فقط لا كليهما، اما الموت للاثنان وآنئذ لن يكون هناك حيوانات وطيور ونباتات بل سسكون هناك عالم الارواح كورة الأحياء إلى الابد، عالم الملائكه، سماء السموات للرب، أرض الاحياء، مسكن الله مع الناس، ملكوت الله الابدي الذي ليس له إنقضا، فلا يكون لملكه نهاية، وإن كان له بداية.

إن القيامة للإنسان لا للحيوان وليست القيامه للإنسان كله، بل لجسده دون روحه، لان الموت اصاب جسده، ولم يدنو من روحه فالإنسان ليس هوالكائن الوحيد الذي يموت، انما هو الكائن الوحيد الذي سيقوم. لذا كانت آخر أغاريد كلمات قانون الايمان يرتلها المصلون سابحين مسبحين: وننتظر قيامة الاموات وحياة الدهر الاتي آمين.

إن العمر الذي يقضيه الحيوان على الأرض، لن يضاف عليه له ولحسابه شئ ام العمر الذي تستغرقه انت فوقها فهو قليل وضئيل لما سوف تعانيه بالسماء.

فما هو قبل الموت ليس كما هو بعد القيامة. فالفساد يحدث منك قبل الموت ولك بعده، أما القيامه ففيها ننبت ونقوم بغير فساد لان هذا الفساد – الجسد – لايرث عديم الفساد – القيامه – وهذا المائت – الجسد – لايرث عدم الموت – الابدية.

يموت كل ذي نفس حيواناً كان أم إنساناً.

ويحيا ويقوم كل ذي روح ألا وهو الإنسان فقط.

وبعد القيامة لا وجود لحيوان أو لغريزة حيوانية، لذا فالقائمون بالقيامة يقومون بأجساد نورانية، لا يزوجون فيها ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء.

مات المسيح على صليبه ويرفقته لصانن وقام المسيح وليس بمعيته لص منهما. فالمسيح باكورة الراقدين، اما هذان اللصان فينتظران يوماً يقومان فيه مع الاجداد والاحفاد من الاحفاد من عالم البشر، لان القيامة خاصة بالبشر دون اترابهم من بقية العوالم الاخرى.

لذا فن المستحب ان لا نستخدم كلمة الموت على الإنسانكنظرائة في عالم الحيوانات والطيور، لان هؤلاء يموتون ولا يقومون، اما الإنسان فالموت لديه رقاد، نوم، انتقال، تغيير محل إقامه، عبور جسر ذهبي، ذورق نجاه، يقله وينقله من شط إلى شاطئ آخر.

لست يا عزيزي الوحيد الذي تموت انما انت الوحيد الذي ستقوم

سابعاً: ولأنك تقوم بعد الموت لذا فانت الوحيد في الكون كله الخالد، وأما بقية الكائنات والكائنين بالكون مؤقته وموقوته:

كل ما تراه حولك ومعك في هذا الكون فان لا محالة، باستثناء أنت، فانت الكائن الوحيد فيه الخالد. بدأت رحلتك مع الحيوانات، واخيراً ختمتها مع الملائكه، باراً كنت أم شريراً.

فالابرار سيحيون في الملكوت بعد الفردوس مع الملائكه الابرار، والاشرار سيزجون في جهنم بعد الهاوية مع الملائكة الاشرار "ابليس وملائكته" (مت 25: 34 ).

لا نستطيع أن تطلق على الإنسان مصطلح الابدية، لان الأبدية إحدى صفات الله وحده، ولكن يمكن أن نسمي الإنسان بصفة الخلود. فالخلود هبة ومنحة وهبها الله للمخلوقات العاقلة ومنحها لعالمي الأرواح: الملائكة والشر فكما نزلت بجسدك ضيفاً على عالم الحيوان ترأست عليه وتملكت، تنزل في عالم الملائكة شريكاً لهم في الملكوت وهذا يتضح من مقولتي يومي الدينونه:

· تعالوا إلى يا مباركي ابي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم (مت 25: 34).

· اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الابديه المعده لإبليس وملائكته (مت 25: 34 ).

إذن حياة الإنسان ليست موقته ومؤقته كنظيره الحيوان ونظرائه في بقية الكون، لأنه يختتمها هناكي يبتدأها هناك، وينهيها هنا كي يواصلها في عالم آخر اكثر رحاباً وسعه وجمالاً وبهاء.

جاء في كلمات رب المجد يسوع. "إن لم تكونوا امناء في ما هو للغير فمن يعطيكم ما هو لكم؟" (لو 16: 12 ).

لقد اعتاد الناس أن يأتمنوا الإنسان في ما هو ليس له عندما يرونه أميناً فيما هو للغير (الأرض، الحياة الحاضره، العالم، المال ) يعطيك ما هو لك (الملكوت، الابديه مت 25: 34 ).

اذن فنحن هنا غرباء في أرض مررنا عليها في رحلتنا التي نقطة البداية والناهيه فيها واحده آلا وهى السماء.

اذن يا عزيزي، مضيفوك هؤلاء هم أيضاً ضيوفك انت، لانك الخالد فيما بينهم اما جميعهم بجمعهم فزمانيون محدودو الوقت والزمن، لا يخلدون ولا يؤبدون.

لك حياة اخرى في عالم آخر، ولك وجود آخر في مكان آخر، وبقية الكائنات لا تمتلك غير هذه الحياة لها نصيباً، منها خرجت، وعليها عاشت، وفيما تموت وإليها تعود.

اما انت فلا الأرض تستطيع ان تمسكك حين تنطلق روحك من ترابها الذي إرتديته ولا سكان الأرض لهم عليك سلطان، لانك وان تحيا ثم تموت، الا انك تموت كي تقوم.

أرايت إذن من هو الإنسان؟

هو ذلك الكائن العظيم السماوي، المتغرب على الأرض، الذي تبدأ رحلته من السماء حيث نفخة الله في انفه، وتختتم رحلته في السماء حيث مسكن روحه مع روح الله ومع ارواح أبرار مكملين وع الملائكه القديسين الذين هم ارواح خادمة.

· هذا هو الإنسان الذي دعى المسيح له أبناً حيث سمى ابن الإنسان (يو 3: 16)

· هذا هو الإنسان الذي إتخذ المسيح غسمه له اسماً "إنسان يدعى يسوع" (يو 9)

· هذا هو الإنسان الذي وجد المسيح في هيئته "إذ وجد في الهيئة كإنسان" (في 2: 8).

إن الابرار سيشكرون الله على ارواحهم التي بها خلدوا وعاشوا خالدين، وذاقوا جمال السماء وهبة الخلود. أما الشرار إذ يوجدون في تسعير جهنم ونارها. سيحسدون الحيوانات على الفناء الذي آلوا اليه وانتهوا فيه، ويتمنون لو ان لهم ذات المصير الذي لهذه الكائنات، أو لو أن الله لم يخلقهم بالمرة.

فيشكر الله الابرار لانه بخلقته لهم اهلهم إلى الأبديه، اما الاشرار فسيحسدون الفناء والفانين، لان عذابهم أبدي كابدية مجد الابرار والقديسين.

فتأنى يا عزيزي .. مهلاً ثم مهلاً .. فالابدية في انتظار وقع اقدامك فيها. ولا تياس فجمال الدنيا وبريقها موقوت زائل.

رابعاً: وإذ انت الوحيد العاقل في الكون كله، فلأنه انت الوحيد الذي توجد فيك روح وبقية الكائنات تمتلك النفس.

انت كبقية كائنات الكون تحيا بالنفس، ولكنك تنفرد عنها بالروح العاقله. فالروح التي فيك محرومة بقية الكائنات منها، والنفس التي فيهم أنت تشاركهم في مثلها وتزاحمهويهم، يعودون إلى ترابهم مثلك تماماً، فحادثة واحدة لكليكما، وإلى موضع واحد يذهب كلاكما(جا 2: 14، 3: 19 )، 9: 2 ) فالموت الذي يصيبهم يصيبك، ونتاج الموت الذي يحدث لهم يحدث لك.

ولكنك بعد الموت لك خلوداً، أما هم بعد الموت ففانون. إذن فالنفس البشريه هى سبب كيانه وحياته، لانه يحيا في جسد بالنفس، وحين خلق الله الإنسان روحاً وجسداً، صارت النفس أداة ربط الروح بالجسد، وحين تموت النفس تنحل الروح عن الجسد، فيصير الإنسان الواحد اثنين جسداً في قبر وروحاً في فردوس.

أما الروح الإنسانيه فهى علة العقل في افنسان كما إنها أيضاً هى علة خلوده، وهاتان السمتان لا توجدان في كائن آخر أياً كان.

انت واحد في ثالوث، وثالوث في واحد متصل بالحياه ومنفصل بالموت إذ أنت بدن، ونفس، وروح، روحك هى علة عقلك لانها نفحة العقل الاعظم الذي خلق السموات والأرض ما يرى وما لا يرى، فالعقل الذي فيك علته الروح التي جبلها الله في داخلك.

جاء في المزمور قوله: "إبن آدم تخرج روحه، فيعود إلى ترابه حينئذ تهلك كافة افكاره" وجاء في سفر الجامعه "التراب يرجع إلى التراب الذي اخذ منه أما الروح فتعود إلى الله الى أعطاها" (جا 12: 7، مز 146: 4).

فعالم الارواح إذن هو عالم اشترك فيه الإنسان مع الملائكه، الذين خلقهم الله أرواحاً خادمه مرسله للخدمه لاجل العتدين ان يرثوا الخلاص (عب 1: 14 مع عدد 27: 16، مز 104: 29، ام 16: 2 ) وكما اشترك الإنسان مع الحيوان في الجسم في حياته الزمنيه الرضيه وتآلف معهم وعاش، يشارك الملائكه بروحه في العالم الآتي بعد قيامة الاموات وحياة الدهر الآتي.

لقد خلق الله الملائكة أرواحاًً بلا جسد وخلق الله الحيوانات اجساداً ذات نفوس بغير روح. اما الإنسان فخلقه الله جسداً نفس بروح عاقله، فهو مثلث الخواص: جسد، نفس، روح. وهذا ما قاله الرسول بولس في رسالته للتسالونيكيين: إله السلام يقدسكم بالتمام ولتحفظ نفوسكم واجسادكم وارواحكم" (1تس 5: 23 ).

خامساً: لذا فانت الوحيد في الكون كله الذي سوف تدان، وبقية الكائنات لن تدان ولن تحاسب:

لان الله لم يسع إلا لخلاص الإنسان، لذا فلن يدين غير الإنسان.

لن يحاسب الدب الذي اكل اطفال اليشع، ولن يجازي الاسد الذي افترس بلعام، ولن يدين الحصان الذي علق بالبطمة أبشالوم، ولن يكافئ الأتان التي نطقت موبخة نبياً والتي رأت مالم يره النبي، ولن يقتص من الحيات التي لدغت شعباً باكمله وقتلته، ولا من ذباب وبعوض اهلك أرض مصر، ولا من فئران ضربت قرية بيت الشمس. لن يحاسب حيواناً ولن يدين حشرة ولن يجازي طيراً.

قد تفعل الخطية مشاركاً حيوانك فيها، ووقتئذ سوف تقف وحدك تدفع عنها الثمن أما هو فقد أفلته فناؤه أما أنت فسقطت في شركه. انت الوحيد المدان في الكون كله، رغم بقية الكائنات قد تشاركك الخطا وتترك لك الخطية لانك تدان على كليهما، أما هى فلا تدان على شئ منهما فالدينونة للبشر فقط دون بقية الخلائق.

لذا إحتلت فكرة الدينونة كل صلوتنا الليتورجيا. ففي القداس الباسيلي نقول: ورسم يوماً للمجازاه لدين المسكونة بالعدل ويعطي ويجازي كل واحد وواحد كحسب أعماله، وفي قدسنا الإغريغوري نقول: اظهرت لي إعلان مجيئك هذا الذي تأتي فيه لتدين الأحياء والاموات، وتعطي كل واحد كاعماله. وفي قدسنا الكيرلسي نقول:.. وظهورك الثاني هذا لاذي تأتي فيه لتدين المسكونة باعدل وتعطي وتجازي كل واحد وواحد كأعماله إن كان خيراً وإن كان شراً. وفي كل هذه الصلوات ترتفع الصلوات من حناجر القلوب وقلوب الحناجر صارخة مدوية أن كرحمتك يا رب ولا كخطايانا.

فالله هو الديان (مز 50: 6) (1صم 24: 15) ديان الأرض كلها (مز 94: 2) الذي يصنع عدلاً (تك 18: 25) والإنسان سيقف وحيداً امام الله مدانا (لو 19: 22، دا 7: 10) في يوم الدين (مت 10: 15، 11: 22، 12: 36 و 341 مر 6: 1 لو 11: 31، 2بط 2: 9، 3: 7، 1يو 4: 7: 17). وكما لن يدان من غيره كذلك لن يدان غيره.

سادساً: ولانك الوحيد الذي ستدانن لذا فانت الوحيد في الكون كله الذي ستقوم كي تدان:

الحيوانات والطير والنباتات إذ ماتت لا تقوم، اما انت يا عزيزي تموت ثم تقوم، لان لك قيامة بعد الموت حيث ينتظرك يوم عظيم هو يوم الدينونة. فرغم انك تموت كبقية الكائنات إلا أن بقية الكائنات لن تقوم نظيرك لان لا دينونة تنتظرها فالقيامة للبشر فقط، والقيامه لاجساد البشر دون ارواحهم لان ارواحهم لم تمت، انما الذي مات فيهم اجسادهم.

حين قال المسيح لمريم سيقوم اخوك، قالت له انا اعلم انه سيقوم في القيامه في اليوم الاخير، ولم تكن تدري ان القيامه قائمة فبالها لان المسيح هو القيامه (يو 11).

فالإنسان والحيوان يركضان معاً ويرقدان، معاً (جا 12: 7 ) ولكن لن يقوما معاً فالقيامه للإنسان فقط لا كليهما، اما الموت للاثنان وآنئذ لن يكون هناك حيوانات وطيور ونباتات بل سسكون هناك عالم الارواح كورة الأحياء إلى الابد، عالم الملائكه، سماء السموات للرب، أرض الاحياء، مسكن الله مع الناس، ملكوت الله الابدي الذي ليس له إنقضا، فلا يكون لملكه نهاية، وإن كان له بداية.

إن القيامة للإنسان لا للحيوان وليست القيامه للإنسان كله، بل لجسده دون روحه، لان الموت اصاب جسده، ولم يدنو من روحه فالإنسان ليس هوالكائن الوحيد الذي يموت، انما هو الكائن الوحيد الذي سيقوم. لذا كانت آخر أغاريد كلمات قانون الايمان يرتلها المصلون سابحين مسبحين: وننتظر قيامة الاموات وحياة الدهر الاتي آمين.

إن العمر الذي يقضيه الحيوان على الأرض، لن يضاف عليه له ولحسابه شئ ام العمر الذي تستغرقه انت فوقها فهو قليل وضئيل لما سوف تعانيه بالسماء.

فما هو قبل الموت ليس كما هو بعد القيامة. فالفساد يحدث منك قبل الموت ولك بعده، أما القيامه ففيها ننبت ونقوم بغير فساد لان هذا الفساد – الجسد – لايرث عديم الفساد – القيامه – وهذا المائت – الجسد – لايرث عدم الموت – الابدية.

يموت كل ذي نفس حيواناً كان أم إنساناً.

ويحيا ويقوم كل ذي روح ألا وهو الإنسان فقط.

وبعد القيامة لا وجود لحيوان أو لغريزة حيوانية، لذا فالقائمون بالقيامة يقومون بأجساد نورانية، لا يزوجون فيها ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء.

مات المسيح على صليبه ويرفقته لصانن وقام المسيح وليس بمعيته لص منهما. فالمسيح باكورة الراقدين، اما هذان اللصان فينتظران يوماً يقومان فيه مع الاجداد والاحفاد من الاحفاد من عالم البشر، لان القيامة خاصة بالبشر دون اترابهم من بقية العوالم الاخرى.

لذا فن المستحب ان لا نستخدم كلمة الموت على الإنسانكنظرائة في عالم الحيوانات والطيور، لان هؤلاء يموتون ولا يقومون، اما الإنسان فالموت لديه رقاد، نوم، انتقال، تغيير محل إقامه، عبور جسر ذهبي، ذورق نجاه، يقله وينقله من شط إلى شاطئ آخر.

لست يا عزيزي الوحيد الذي تموت انما انت الوحيد الذي ستقوم

سابعاً: ولأنك تقوم بعد الموت لذا فانت الوحيد في الكون كله الخالد، وأما بقية الكائنات والكائنين بالكون مؤقته وموقوته:

كل ما تراه حولك ومعك في هذا الكون فان لا محالة، باستثناء أنت، فانت الكائن الوحيد فيه الخالد. بدأت رحلتك مع الحيوانات، واخيراً ختمتها مع الملائكه، باراً كنت أم شريراً.

فالابرار سيحيون في الملكوت بعد الفردوس مع الملائكه الابرار، والاشرار سيزجون في جهنم بعد الهاوية مع الملائكة الاشرار "ابليس وملائكته" (مت 25: 34 ).

لا نستطيع أن تطلق على الإنسان مصطلح الابدية، لان الأبدية إحدى صفات الله وحده، ولكن يمكن أن نسمي الإنسان بصفة الخلود. فالخلود هبة ومنحة وهبها الله للمخلوقات العاقلة ومنحها لعالمي الأرواح: الملائكة والشر فكما نزلت بجسدك ضيفاً على عالم الحيوان ترأست عليه وتملكت، تنزل في عالم الملائكة شريكاً لهم في الملكوت وهذا يتضح من مقولتي يومي الدينونه:

· تعالوا إلى يا مباركي ابي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم (مت 25: 34).

· اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الابديه المعده لإبليس وملائكته (مت 25: 34 ).

إذن حياة الإنسان ليست موقته ومؤقته كنظيره الحيوان ونظرائه في بقية الكون، لأنه يختتمها هناكي يبتدأها هناك، وينهيها هنا كي يواصلها في عالم آخر اكثر رحاباً وسعه وجمالاً وبهاء.

جاء في كلمات رب المجد يسوع. "إن لم تكونوا امناء في ما هو للغير فمن يعطيكم ما هو لكم؟" (لو 16: 12 ).

لقد اعتاد الناس أن يأتمنوا الإنسان في ما هو ليس له عندما يرونه أميناً فيما هو للغير (الأرض، الحياة الحاضره، العالم، المال ) يعطيك ما هو لك (الملكوت، الابديه مت 25: 34 ).

اذن فنحن هنا غرباء في أرض مررنا عليها في رحلتنا التي نقطة البداية والناهيه فيها واحده آلا وهى السماء.

اذن يا عزيزي، مضيفوك هؤلاء هم أيضاً ضيوفك انت، لانك الخالد فيما بينهم اما جميعهم بجمعهم فزمانيون محدودو الوقت والزمن، لا يخلدون ولا يؤبدون.

لك حياة اخرى في عالم آخر، ولك وجود آخر في مكان آخر، وبقية الكائنات لا تمتلك غير هذه الحياة لها نصيباً، منها خرجت، وعليها عاشت، وفيما تموت وإليها تعود.

اما انت فلا الأرض تستطيع ان تمسكك حين تنطلق روحك من ترابها الذي إرتديته ولا سكان الأرض لهم عليك سلطان، لانك وان تحيا ثم تموت، الا انك تموت كي تقوم.

أرايت إذن من هو الإنسان؟

هو ذلك الكائن العظيم السماوي، المتغرب على الأرض، الذي تبدأ رحلته من السماء حيث نفخة الله في انفه، وتختتم رحلته في السماء حيث مسكن روحه مع روح الله ومع ارواح أبرار مكملين وع الملائكه القديسين الذين هم ارواح خادمة.

· هذا هو الإنسان الذي دعى المسيح له أبناً حيث سمى ابن الإنسان (يو 3: 16)

· هذا هو الإنسان الذي إتخذ المسيح غسمه له اسماً "إنسان يدعى يسوع" (يو 9)

· هذا هو الإنسان الذي وجد المسيح في هيئته "إذ وجد في الهيئة كإنسان" (في 2: 8).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010