الشهوات الروحية

********** الشهوات الروحية **********
------------------------------------------

بقلم القس داود لمعى
كنيسة السيدة العذراء بالفجالة
-------------------------------

"الجسد يشتهى ضد الروح والروح تشتهى ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر" (غل 17:5).

ما هى الشهوات الروحية؟: الشهوة تعنى رغبة ملحّة على الإنسان ليس بالضرورة أن تكون شهوة شريرة ولكن توجد شهوات روحية ضد شهوات الجسد.


أمثلة الشهوات الروحية:-
===============

1. شهوة التوبة:
-----------------------

مثل شهوة القديسة بائيسة للتوبة عندما إفتقدها القديس يوحنا القصير، التى عندما سمعت من القديس عن محبة السيد المسيح لرجوع الخطاة إشتهت التوبة وقالت له "هل لى التوبة؟" أجابها بقوله: "نعم ولكن ليس فى هذا المكان". فقالت له: "خذنى إلى حيث تشاء!" فذهبت معه فى الحال ولكنها ماتت فى الطريق، فسجد القديس وصلى بحرارة ودموع طالباً إلى الله أن يُعرفه أمرها، فجاء صوت قائلاً: "أن توبتها قد قُبلت فى اللحظة التى تابت فيها."

وأيضاً زكا العشار اشتهى أن يرى المسيح، لقد اشتهى التوبة، فاندفع بحماس نحو المسيح. فاستحق أن يدخل المسيح بيته ويحدث خلاص للبيت كله، ويرد زكا لكل من ظلمه أربعة أضعاف. وكذلك المرأة الخاطئة فى بيت الفريسى اشتهت التوبة، فلم تخجل أن تدخل بيت الفريسى وتجلس عند قدمى المسيح وتبلهما بدموعها وتمسحهما بشعر رأسها. لم تلتفت لكلام الذين حولها، لأن شهوة التوبة كانت أقوى، فاستحقت أن تسمع من فم المسيح "إيمانك قد خلصك إذهبى بسلام." إن شهوة التوبة تميّز الناس الحارّين فى الروح الذين لا يطيقون الخطية لأن القلب يكون حساساً لأقل خطأ.


2. شهوة الكتاب المقدس:
-------------------------------

كما إنه يوجد شهوة الأكل الجسدية، كذلك يوجد شهوة الأكل الروحية، شهوة كلمة الله! كما يقول أرميا النبى: "وُجد كلامك فأكلته، فكان لى للفرح ولبهجة قلبى." وكل الأنبياء والأبرار قيل عنهم "اشتهوا أن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا" ويشتهون أن يسمعوا كلمة من فم الله المتجسد كلام النعمة. وأيضاً فى 1بط2:2 "وكأطفال مولودين الآن إشتهوا اللبن العقلى العديم الغش لكى تنموا به"، فنحن كأطفال نحتاج إلى اللبن الذى هو كلمة الله من الكنيسة الأم. نحتاج أن نشتهى أن نسمع كلمة الله لكى ننمو أو نكبر به. مثال لذلك فى أع 26:8 الخصى الحبشى وزير كنداكة ملكة الحبشة الذى جاء إلى أورشليم ليسجد وكان هو فى المركبة يقرأ فى سفر أشعياء. لقد كانت عنده شهوة قراءة كلمة الله، لذلك أرسل له الله القديس فيلبس لكى يفهمه ويشرح له ويعرفه كلمة الله، فآمن بالرب يسوع المسيح وإعتمد فى الحال.


3. شهوة بيت الله :
-------------------------

يقول داود المرنم: "مساكنك محبوبة يارب إله القوات تشتاق وتذوب نفسى للدخول إلى ديار الرب... طوبى لكل السكان فى بيتك.. لأن يوماً واحداً فى ديارك خير من ألف. إخترت الوقوف على العتبة فى بيت إلهى" مز 83. ويقول أيضاً "فرحت بالقائلين لى إلى بيت الرب نذهب" مز 121. إنها شهوة محبة الوجود فى بيت الرب والذى يشتهى بيت الرب يأتى إلى الكنيسة مبكراً فرحاً بلقاء الرب وملائكته وقديسيه، إنها شهوه تميز الإنسان الروحانى.


4. شهوة التلمذة "لقاء القديسين"
-------------------------------------

لقد كانت شهوة القديسين التلمذة المستمرة، مثال لذلك القديس مار إفرام السريانى الذى أتى من سوريا إلى مصر للقاء القديس الأنبا بيشوى، لكى يسمع منه كلمة منفعة ويتمتع برؤية القديسين. وكذلك القديس الأنبا انطونيوس الذى ذهب لرؤية القديس الأنبا بولا، إنها شهوة لقاء القديسين.


5. شهوة العطاء:
-------------------------

أكبر مثل لشهوة العطاء هى خدمة القديسة العذراء مريم للقديسة اليصابات عندما عرفت من الملاك إنها حبلى وفى شهرها السادس. فذهبت إلى الجبال وتحملت مشاق السفر لكى تخدمها دون أن يطلب منها أحد ذلك، ذهبت بكل حماس لكى تخدم.

كما يقول القديس بولس الرسول عن كنائس مكدونية إنهم أعطوا فوق الطاقة من تلقاء أنفسهم بل أعطوا أنفسهم... وأن "المعطى المسرور يحبه الرب" ونرى شهوة العطاء جعلت أبونا إبراهيم يضيف الله وملائكته لمجرد إنهم مروا أمام خيمته لذلك يقول القديس بولس الرسول "لا تنسوا إضافة الغرباء لإن بها أضاف أناس ملائكة وهم لا يدرون" عب 2:13.


6. شهوة خلاص النفوس :
--------------------------------

الذى يحب الله ينشغل جداً بخلاص الناس وتوبتهم ويفرح برجوع الخاطىء مثل الملائكة التى تفرح بتوبة الخطاة ويتمسك بوعد الله. ففى سفر دانيال "الذين ردّوا كثيرين إلى البر يضيئون كالكواكب فى ملكوت أبيهم" ويقول يعقوب الرسول: "من رد خاطئاً عن ضلال طريقه يخلّص نفساً من الموت ويستر كثرة من الخطايا" يع20:5. كذلك القديس بولس الرسول كان كل شهوة قلبه خلاص النفوس، ولقد اهتم بالقديس أُنسيمس رغم إنه كان فى السجن، وردّه إلى فليمون بعد أن كان سارقاً ولصاً وقال عنه: "ابنى الذى ولدته فى قيودى فأقبله، الذى هو أحشائى." لم يمنع السجن شهوة قلبه فى رد الخطاة إلى الله ويقول أيضاً فى أع31:20 "إنى ثلاث سنين ليلاً ونهاراً لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد" إنه قلب ملتهب بخلاص نفوس الآخرين.


7. شهوة الملكوت :
---------------------------

كان القديس بولس الرسول يشتهى الملكوت " لى أشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً" شهوة قلب القديسين هو الوجود الدائم مع المسيح فى الملكوت. "طوبى لمن أخترته وقبلته ليسكن فى ديارك إلى الأبد".


8. شهوة الألم :
------------------------

شهوة القديسين هي التعب وحمل الصليب ونحن نرى التلاميذ فى أع41:5 "ذهبوا فرحين من أمام المجمع (بعد أن جُلدوا) إنهم حُسبوا مستأهلين أن يُهانوا من أجل اسم المسيح".


9. شهوة الاستشهاد:
----------------------------

الشهداء كان داخلهم شهوة أن يموتوا من أجل المسيح والقديسين كانوا يبحثون عن الأماكن التى فيها استشهاد ويذهبون إليها فرحين لإن فى داخلهم شهوة الملكوت "عُذبوا ولم يقبلوا النجاة لكى ينالوا قيامة أفضل" (عب 35:11) وهم أيضاً "لم يحبوا حياتهم حتى الموت " رؤ11:12. لقد كانت شهوة قلوبهم أن يقدموا أجسادهم ذبيحة حب بالاستشهاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010