لــــــــــــغة الأصابع

سلام ونعمة ليكم :
يحكي أن هناك في مملكة صغيرة ملك عادل ، له ابنة رائعة الجمال، لها وجه صبوح .يخيل للناس كلما رأوها أنها أكثر بهاء من نور القمر ، لم يكن حب الناس لها لمجرد ملامحها الجميلة ، ولكن لمشاعرها الرقيقة التي شملت بعطفها كل الكائنات : الأشجار والطيور والحيوان. شئ واحد جعل كل من يراها يشعر بالحزن من أجلها ، لم يكن لها قدرة علي الكلام ، اختفت الكلمات من فوق شفتيها وبقي شي واحد .نظرة حزن.يلاحظها كل من يراها لكن لايستطيع الوقوف عندها طويلا ، لهذا كانت الأميرة الجميلة تعيش في عزلة دائمة ، كلما رآها الملك في هذه الحالة اعتصره الألم ، ولم يفلح أحد من المهرجين الذين أحضرهم لها من كل مكان في ايقاظ الفرح في عينيها . الأميرة الصغيرة..كان أكثر شئ يسعدها في هذا العالم هو الجلوس في حديقة القصر ، تري العصافير وهي تحلق ، والفراشات وهي تهمس للزهور ، أو تراقب الليلل وهو يلقي تحية المساء علي الكائنات . كانت الطيور تقترب من الأميرة بلا خوف ، كأن بينهم لغة لايدركها أحد غيرهم.
ذات يوم جاء شاب من المدينة المجاورة ، موفد من ملكها.. في رسالة إلي ملك تلك المدينة ، وقد اضطره هذا الأمر إلي المكوث في المدينة عدة أيام ، فأتيحت الفرصة له لرؤية الأميرة عن قرب ، شعر بالحزن من أجلها ، لكن اكتشف أن حزنه وحده من أجلها لن يساعدها في شئ ولهذا قرر بينه وبين نفسه أن يفعل شيئا يمكنه أن يسري عنها، اكتشف أن حزنها يمكن أن يختفي لو وجدت لغة تتفاهم بها مع الناس ، صحيح هي لاتستطيع أن تتكلم مثل البشر، لكن ذلك ليس معناه أنها لاتستطع التفاهم معهم،ألا تهتز الأشجار وتسعد لصوت العصافير، وشعاع الشمس ألا يأنس بدفئه الكائنات وتفرح لرؤياه ، والفراشات من حبها للزهورألم تستعر الوانها وصارتا من بعدها صديقتين رائعتين حميمتين ؟ألا يكشف هذا أن هناك لغة بين الطيور والأشجار غير الكلمات.
لم تعد الأميرة تفاجأ بوجوده كلما رأته ، وعندما مد يده بأجمل زهرة في حديقة القصر إليها ، تلألأت ابتسامة رقيقة فوق شفتيها واستطاع أن يري نظرة الابتهاج في عينيها كلما رأته.
في أحد الأيام طلب مقابلة الملك ، عندما دخل عليه مجلسه وحياه كما يليق به، قام بعرض رغبته في مساعدة الأميرة ، رأي نفس النظرة الحزينة التي لمحها في عين الأميرة ، حاول الملك أن يمنع الدمعة التي تأرجحت في عينيه من السقوط فلم يستطع ، قال الملك للشاب أنه لم يدخر جهدا في عرضها علي الأطباء من كل مكان ، وأجمعوا أن الأميرة ولدت بعيب يمنعها من الكلام ، فقال الشاب أن أسفاره علمته أن يوجد اللغة التي التي يتفاهم بها مع الناس حتي لوكان لهم لغة تختلف عن لغته، اضطر الملك للموافقة علي طلبه . لاحظ الشاب حب الأميرة للزهور فجعلها اول درس لها ، علمها أن الأصابع إذا اتخذت شكل الزهرة فذلك وصف للأشياء الجميلة ، ورفرفة جناح ولون أبيض فهو السلام الذي يشع من عينيها، أما الميزان الذي تكال به الأشياء ، فهو العدل الذي يحققه والدها في ملكه، وظل هكذا يتنقل من درس إلي آخر حتي تعلمت الأميرة أشياء كثيرة في وقت قصير، وصارت تتفاهم بها مع أستاذها، كانت تتمتع بذكاء شديد ، وتبدلت نظرتها الحزينة بنظرة أكثر تفاؤلا وإشراقا ، أنبهر الملك من الطريقة التي تتعلم بها ، وأمكنه التفاهم معها بعدما تعلم تلك الطريقة الجديدة التي تتعلم بها ، ولم يكتف بذلك بل رصد مكافأة لمن يتقن تلك الطريقة من التحدث ، وتعارف الناس علي تسميتها منذ ذلك الحين بلغة الأصابع ، ولم يجد الملك أفضل من هذا الشاب لكي يجعله زوجا لابنته ، فهو وحده الذي جعلها تخرج من عزلتها لتعيش وتحب ..دون كلمـــــــــــــــــــات..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010