هكذا يصير الآخرون أولين والأولون آخرين
هكذا يصير الآخرون أولين والأولون آخرين
=============================
تبدو حكمة الإنجيل غريبة للوهلة الأولي,فكيف يصبح الآخرون أولين والأولون آخرين,ولماذا يكافئ من تعب النهار كله مثل من عمل ساعة واحدة؟,ولماذا يعطي صاحب الكرم الأجر نفسه لكل العمال دون تقدير لساعات عملهم المتفاوتة؟ (متي20:1-16).
وعند قراءتنا لهذا المثل سنستغرب غالبا من موقف صاحب الكرم,فهو شخص طيب وكريم يستقدم عمالا كثيرين إلي كرمه لأنه يعطف علي الذين لم يستأجرهم أحد,فيخرج كل ساعتين أو ثلاثة ويرسل إلي الكرم الذين يعانون البطالة,ولكننا فد لا نفهم موقفه الأخير حين تأتي ساعة الحساب ونعتقد أنه سوف يعطي أجرا أعلي لمن عمل ساعات أكثر,ولكنه لا يفعل,بل إنه يعاتب المتذمرين ويطلب منهم الانصراف بعد أن يعطيهم الدينار المتفق عليه.
للخروج من هذا المأزق فلنتأمل كلمات صاحب الكرم:أما يجوز لي أن أتصرف بمالي كيفما أريد؟ أم أنت حسود لأني أنا كريم؟ (متي20:15).لم يفهم العمال الذين بدأوا منذ الفجر كم رحمهم صاحب الكرم حين دعاهم إلي العمل عنده,واتفق معهم علي الأجر العادل,فقد كان من الممكن أن يبقوا حتي الخامسة مساء دون عمل,ولم يدركوا أن صاحب الكرم لا يحتاج في الحقيقة إلي فعلة,بل لكونه كريما فأنه يجد فرحته في دعوة الباحثين عن عمل وأمل ورجاء إلي الدخول في كرمه والتنعم بخيراته.
أمام كرم السيد بقي عمال الفجر أجراء,يشتهون خيراته ولكنهم لا يسعدون بالعمل عنده,يطمعون في ماله ولكنهم لا يفهمون سعة قلبه ورحمته وكرمه نحوهم,ولذلك فأنهم يعملون بلا شعور بالانتماء أو بالفرح أو بالشكر.وشيئا فشيئا يمتلأ قلبهم بالحسد والغضب تجاه السيد الذي يمنح الكثيرين فرصة للعمل وأجرا يفوق توقعهم.
يتحدث صاحب الكرم إليهم كصديق ولكنهم يفضلون أن يبقوا عبيدا,يعتبرهم شركاء في كرمه ولكنهم يفضلون أن يظلوا غرباء,يذكرهم بعهده معهم ولكنهم يقعون فريسة لحسدهم,يدعوهم للفرح ولكنهم يميلون إلي الحزن.وبدلا من أن يفرحوا بوجودهم مع صاحب الكرم,يتذمرون عليه لأنه كريم,وبدلا من أن يملأ قلبهم النور,باتوا لا يحبون صاحب الكرم ولا زملاءهم.
عندما ننسي فضل صاحب الكرم علينا,ولا نعود نتذكر كم منحنا فرحا وسعادة بالدخول في بيته,ولا كيف اكتشفنا معني لحياتنا وقيمتها الحقيقية بوجودنا معه,نتحول إلي ناقمين عليه وعلي الناس وعلي أنفسنا,ويملأ قلبنا الحسد ونغرق في الحزن والغضب والانغلاق علي الذات.ولكن حين نتعلم الكرم من السيد ونفتح أعيننا علي الحياة الفياضة التي يعطيها لنا وللآخرين,نفهم أنه في الحقيقة آب كريم بلا حدود وأنه يحولنا يوما بعد يوم إلي أبناء له وإخوة لبعضنا البعض.
من يدخل في منطق صاحب الكرم يصبح أولا حتي وإن جاء أخيرا,لأن أمامه الكل هم أبناؤه الأحباء والجميع هم أولون,ولكن من يبقي غريبا عن الحب والسخاء,يأخذ بنفسه المكان الأخير.
الأب نادر ميشيل
اليسوعي
التسميات:
اقوال الاباء
أحدث الموضوعات
From Coptic Books
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010
المشاركات الشائعة
- اكلات صيامى بمناسبة بدء الصوم كل سنة وانتم طيبين
- مسابقة فى صورة اسئلة مسيحية
- افكار تنفع مدارس الاحد { وسائل الايضاح }
- الحان اسبوع الالام mp3
- صور تويتى للتلوين
- دراسة كتاب مقدس ... لابونا داوود لمعى
- صور يسوع المسيح ( مصلوب )
- صلوات الاجبية بالصوت mp3
- حصرياً : اعلان نتيجة مهرجان الكرازة & شعار مهرجان الكرازة 2010 Mp3 ومنهج الألحان
- أرشيف الترانيم والمدائح أون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.