الشباب والعاطفه

مقدمة



هناك خلط واضح في مفهوم العاطفة والحب ...

وفي اللغة اليونانية تترجم كلمة "الحب" بثلاث كلمات :

1- "ايروس" Eros ... أي الحب الجسداني الشهواني.

2- "فيلي" Phily ... أي الحب الإنساني العادي.

3- "أجابي" Agapi ... أي الحب الروحاني المقدس.



والعاطفة هي طاقة الحب ، التي تتشكل بنوع من هذه الأنواع ، حينما يقودها الإنسان إلي الوجهة التي يريدها ... فهو يمكن أن يتدني بها إلي مستوي الحسيات والخطيئة ، أو يكتفي بمحبة إنسانية نشاهدها كل يوم في الحياة العملية أو يتسامي بها – بنعمة المسيح وعمل روح الله القدوس – لتصير محبة روحانية مقدسة ، من خلالها يتعامل مع كل الناس في الأسرة والكنيسة والمجمع والصداقة والزواج.



1- ما هي العاطفة



العاطفة –حسب علماء النفس – هي إنفعال متكرر نحو شخص أو شئ أو قيمة ... ومن كثرة تكراره يثبت ويصير عاطفة.

فمثلا يتعرف الإنسان بشخص ما لأول مرة ... فيشعر نحوه بالقبول والإرتياح ... ويتكرر هذا الإنفعال عدة مرات كلما ألتقي مع هذا الشخص ... فيصير هذا الإنفعال عاطفة حب لهذا الشخص .



ويمكن أن يحدث العكس ... حينما يشعر الإنسان بإنقباض أو عدم إرتياح نحو شخص أخر ... ويتكرر هذا الإنفعال فيتحول إلي عاطفة سلبية هي الكراهية ( نتحدث هنا نفسيا لا روحيا بالطبع).



كذلك حينما ينفعل الإنسان بإرتياح نحو شئ ما (كالصلاة والألحان أو التسبحة أو الخدمة) ... فيحبها وتتحول عنده إلي عاطفة مستقرة ... وبالعكس إذا إنفعل بعدم إرتياح نحو شئ أخر ( كالمال أو الأفلام الرديئة ) فلا يحبها ، بل بالحري يرفضها.



ونفس الأمر في مجال القيم ... فيحب الإنسان الطهارة والشجاعة والوداعة ... ويكره النجاسة والتهور والعنف ... الخ



وهكذا تصير العاطفة ( سلبا وإيجابا ) نتيجة لإنفعال متكرر ، نحو شخص ، أو أي شئ ، أو قيمة ... يثبت فيتحول إلي عاطفة.



2- موقع العاطفة في الكيان الإنساني



العاطفة جزء من الجهاز النفسي للإنسان ، فإذا ما قلنا أن الإنسان يتكون من:



1- روح ... تتصل بالله وبالإيمانيات والسماويات.

2- وعقل ... يفكر ويدرس ويحلل ويستنتج.

3- ونفس ... تحس وتشعر وتحب وتكره.

4- وجسد ... يسعي ويتحرك علي هذه الأرض.



تقع العاطفة في نطاق النفس ... فالجهاز النفسي في الإنسان فيه خمسة مكونات أساسية هي :

1- الغرائز (أو الدوافع) ... كالجوع والهطش والجنس وحب الإستطلاع والأبوة والأمومة وحب الإقتناء وحب الحياة ... الخ

2- الحاجات النفسية ... كالحاجة إلي الأمن ، والحب ، التقدير ، الإنتماء ، التفرد ، المرجعية.

3- العواطف ... أي المشاعر التي نكتسبها نحو أشخاص أو أشياء أو قيم.

4- العادات ... التي تتكون عندنا بفعل التكرار ، سواء العادات الإيجابية أو السلبية.

5- الإتجاهات ... أي الخطوط الرئيسية التي يتبناها الإنسان في حياته وتكون سائدة علي تصرفاته ... فواحد يحب الله والكنيسة والخدمة وأخر –للأسف- يحب المال والمقتنيات ... الخ



العاطفة إذن هي جزء من الجهاز النفسي للإنسان ، وهي لا تصلح –وحدها- لقيادة الإنسان ، بل الإنسان الحكيم ، وبخاصة الإنسان الروحي ، هو من "روحه تقود جسده ، والروح القدس يقود روحه" كما يعلمنا قداسة البابا شنودة الثالث .



إذن كيف أقود عواطفي؟



3- كيف أقود عواطفي



الإنسان الروحي عنده ضوابط ثلاثة غاية في الأهمية ، من خلالها يقود عواطفه ، لتسير في الخط السليم الروحي البناء ، فكثيرا ما قادت العاطفة الإنسان في طريق هادم ومدمر ، حينما سلم قيادته للمشاعر ، وربما للأمور الحسية ، كما يحدث في علاقات الشباب مثلا ، التي تقودهم أحيانا إلي الخطية ، وربما إلي ترك المسيح ... أو في محبة المال والعالم ... حتي أن ديماس ترك المسيح وبولس ، لأنه أحب العالم الحاضر .



والضوابط الثلاثة للعاطفة هي :



1- العقل : أعطاه الله للإنسان لكي يدرس الأمور ، ويوازن فيما بينها ، ليختار الأصلح وكمثال : هل يوافق العقل أن يرتبط الإنسان بعاطفة مع أخر خارج الحظيرة ، أو إنسان غير روحي يمكن أن يدمر روحياته؟! ومثال أخر : هل من السليم حدوث إرتباط عاطفي بين شاب وشابة في سن مبكر وهما بعد في "المرحلة الجنسية الشاملة" قبل أن يدخلا إلي "المرحلة الجنسية الأحادية" والتي فيها يمكن للإنسان أن يكون في إستقرار نفسي جيد ، يسمح له بإختيار شريك الحياة؟ ومثال ثالث : عند إختيار شريك الحياة ، هل هنالك توافق روحي وإجتماعي وتربوي ، أم هناك مجرد عاطفة؟ وهكذا ...

2- الروح : بمعني أن من يشعر بعاطفة معينة نحو شخص أو شئ أو قيمة ، عليه –مع الدراسة العقلية- ان يصلي ويسترشد برأي أبيه الروحي ، هل هو يسير في الطريق السليم أم لا؟ إن الزوجة الصالحة هي من عند الرب ، لذلك فالشاب المسيحي الروحاني عليه أن يصلي كثيرا ، ومن أعماق قلبه لكي يعطيه الرب الإستنارة الجيدة ليعرف مشيئة الله في كل أمر ،مستعينا بذلك بأمرين : الصلاة الحارة وإرشاد أب الإعتراف.

3- الروح القدس وقد ذكرنا ذلك أخيرا لأنه الضمان النهائي ، بل الضمان اللانهائي في حياة الإنسان وقراراته . إن عقل الإنسان محدود ومن الممكن أن يخطئ وهو لا يستطيع أن يعرف الأعماق ولا المستقبل ... لذلك يمكن أن تكون قراراته خاطئة . وروح الإنسان محدودة ويمكن أن تتلوث أو تتوه أو تخطئ ... لذلك فالضمان الأكيد والفريد هو عمل روح الله ، وقيادته المضمونة ... والإنسان الذي يريد أن يقود عواطفه حسنا عليه أن يرجع إلي الله في الكتاب المقدس وفي الصلاة وفي الإرشاد الروحي وفي المثابرة علي الإستنارة المسيحية من خلال الإجتماعات والقراءات ... وبعد كل ذلك يجب أن يسلم قيادة نفسه وعواطفه وأفكاره للسيد المسيح ، طالبا منه أن يكون القائد الوحيد لسفينة حياته. وهكذا يسلم الإنسان إرادته بإرادته لله ، فتتحد إرادة الإنسان بإرادة الله ، ويضمن الإنسان سلامة مسيرته ... "سلمنا فصرنا نحمل" (أع 27: 15 ).



إن الإنسان الذي يسلم عاطفته لله ، سوف يجعلها الله عاطفة سليمة منطقيا وروحيا ، مقدسة وطاهرة ، تتوزع علي الناس والخدمة والألحان والقراءة والفنون والآداب ، في نقاوة كاملة ، بنعمة الله طبعا.



والمطلوب من الشباب إذن هو :



1- أن يصلي ... في تسليم.

2- أن يفكر ... في نضج.

3- أن يسترشد ... في طاعة. `17`

الانبا موسى .
لان الرب له كل المجد هو اصل المحبة نصلى طالبين منه ان يعطينا محبة بلا رياء بلا دنس بلا غش محبة روحية طاهرة مقدسة .................... امين
`17` `17`
`17` `17` `17`

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010