الشهداء ومفهوم الاستشهاد فى المسيحية



الشهداء ومفهوم الاستشهاد فى المسيحية
=========================

قامت الديانة المسيحية على الحب، الحب الباذل، الحب الذى يستهين بكل شئ ويتخطى كل الصعاب ويصبر على الضيقات "هكذا أحب الله العالم حتى بذلك ابنه الوحيد" (يو 16:3).

وإذا كانت المسيحية هى ديانة الحب.. فهى أيضاً ديانة الآلم "وهب لكم لأجل المسيح لا أن نؤمنوا به فقط بل أن تتألموا أيضاً" (فى 29:1).

أولاً: من هو الشهيد ؟


كلمة شهيد استخدمت للتعبير عن إنسان لديه معلومات عن أحداث سابقة عن طريق الإشتراك فيها، لكنه لا يحتفظ بهذه المعلومات لنفسه، بل يشهد بها.. وقد أطلقت أولاً على الرسل كشهود لحياة السيد المسيح وقيامته (أع 8:1)، ومع إتساع دائرة الإضطهاد استخدمت للتعبير عن أولئك الذين احتملوا شدائد من أجل الإيمان (المعترفين)، وأخيراً خصصت فقط للذين قبلوا الموت لأجل الإيمان، وفى اللغة العربية كلمة استشهد تعنى إنساناً قتل فى سبيل الله.

ثانياً: أسباب الإضطهاد والدولة المسيحية :


1- الديانة المسيحية جاءت بمفاهيم جديدة لم تكن موجودة من قبل: أى أنها غيرت شكل العبادة وجوهرها من حيث الملبس
والمأكل - لم يعد الأجنبى يدنس المعبد أو يدنس القربان لمجرد حضوره - لم يعد الكهنوت وراثياً - لم تعد العبادة سراً محفوظاً - ولم تعد شعائر الصلوات مخبأة - لم تأمر بالبغضاء وخاصة نحو الأجنبى.
2- المسيحية جاءت كديانة مسكونية: أما بقية الديانات الأخرى فقد كانت ديانات محلية، أى أن كل مدينة كان لها الآلهة الخاصة بها.
3- الديانة المسيحية نادت بأنها هى الديانة الوحيدة الحقة.
4- المسيحية علمت بفصل الدين عن الدولة "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله".
5- النشاط الحماسى الشديد للروحانية بالمقارنة بالنشاط الإجتماعى.
6- إتهام المسيحيون بالإلحاد.
7- المنتفعون (مثل ديمتريوس الصائغ فى أفسس).

ثالثاً: المسيحى فى الدولة وعصور الإضطهاد :


1- خطورة وضعه : لقد كان وضع المسيحى فى الدولة الرومانية سواء كان حراً أم عبداً محفوفاً بالخطر دائماً، وكان من الصعب عليه أن يفلت من أعدائه. فقد كان حذره يجلب عليه الإضطهاد كما إمتناعه عن بعض ممارسات الحياة الوثنية كفيلاً بكشف أمره.
2- حياته اليومية تكشفه وتعرضه للخطر : توقف المسيحى عن ممارساته الوثنية السابقة لإيمانه كانت تؤدى إلى كشف أمره.
- الحديث العادى بين الناس كان يقترن بالصيغ والآثار الوثنية، وكان ذلك يؤدى إلى كشف المسيحى، ويعتبر تحدياً مستفزاً وأثاره للوثنين.
3- مشكلات الزواج المختلط : والزواج المختلط يعنى زوجة مسيحية لزوج وثنى، وقد كانت المرأة المسيحية تحتمل الكثير من زوجها إذا كان ما يزال وثنياً.
- توقف المرأة عن الذهاب لإجتماعات العبادات الوثنية كان يؤدى إلى كشف أمرها، بالإضافة إلى أنها لم تكن تستطيع إكرام الضيوف من أخوتها فى الإيمان أو زيارة أسر الشهداء، حتى لا تعرض نفسها للخطر، أو إذا حاولت الزوجة استمالة زوجها للإيمان ولكنه رفض وطلبت منه الإنفصال، فإنه يقوم بالإبلاغ عنها على أنها مسيحية.
4- إمتناعه عن بعض الحرف : مثل صناعة التماثيل الوثنية وبيع الضحايا والقرابين (وقد كانت تدر ربحاً وفيراً).
5- خطورة المناصب العامة (حاكم أو ضابط فى الجيش) : فقد كان أصحاب المناصب العامة يقسمون أقساماً وثنية معينة - يحرقون البخور لصورة الإمبراطور.
- يمارسون الطقوس الوثنية فى الحروب، أو قبل وأثناء الحرب.
- يحكى عن القديس مارينوس أنه عند ترقيته إلى رتبة أعلى، طعن فيه زميله بأنه مسيحى فكان تصيبه الموت.
6- عبادة الإمبراطور.
7- المسيحية أبشع الجرائم.

رابعاً: حلقات الإضطهاد : نيرون - دقلديانوس وأعوانه


: ويمكن تقسيم حلقات الإضطهاد التى مرت بها المسيحية إلى أربعة أقسام:
أولاً : موجات من الإضطهاد :
1- نيرون (54-68م) : بدأ هذا الإضطهاد سنة 64م بعد حريق روما فى 18/7/64م، وأهمية هذا الإضطهاد أنه كان بمثابة تعبئه لشعور جماهير الوثنيين ضد المسيحية.
- كان الشرارة الأولى التى أضرمت سلسلة حروب طويلة ضد المسيحية.
- من شهود هذه المرحلة القديسين العظميين بطرس وبولس سنة 68م.
2- دوميتان (81 - 96م) : كان يدعو نفسه إلهاً، اعتبر المسيحية جريمة ضد الدولة - حكم على الكثيرين من المسيحيين بالموت، ومن بينهم أقرب أقربائه القنصل فلافيوس كلمنضس، وهو الذى أمر بإلقاء القديس يوحنا الحبيب فى الزيت المغلى، ثم عاد نفاه فى جزيرة بطمس.
- أثار إضطهاداً شديداً على أسيا الصغرى. فى عهده استشهد انسيموس وديوتسيوس الآريوباغى وقد قتل هذا الإمبراطور فى قصره على يد أعدائه، ومحى اسمه من التاريخ.
3- تراجسيسان (98-117م) : أول امبراطور يعلن أن المسيحية ديانة محرمة، أحيا التشريعات السابقة ضد جميع الهيئات والجماعات السرية. وقد اعتبرت المسيحية من هذا النوع. فى عهده استشهد القديس مارأغناطيوس أسقف أنطاكية سنة 107م وسمعان أسقف أورشليم.
4- مرقس أوريليوس (161-180م) : كان كفيلسوف على عرش الدولة الرومانية - كان مثقفاً جداً وكان ينظر إلى المسيحية على أنها خرافة سخيفة. أحدث اضطهاد شديداً فى جنوب فرنسا ومن الشهداء فى عهده يوستينوس المدافع والفيلسوف.
ثانياً : الإضطهاد المنظم :
5- سيتيموس ساويرس (193-211م) فى عام 202 أصدر مرسوماً يقضى بمنع المسيحيين من تبشير غيرهم وضم متنصرين جدد. وبسبب هذا المنشور حلت أشد الإضطهادات بالمؤمنين فى مصر وشمال أفريقيا، ومن هؤلاء الشهداء (ليويتوس والد العلامة أوريجانوس - بوطامينا العذراء العفيفة).
- أقفلت مدرسة الإسكندرية اللاهوتية.
- نفى البابا ديمتريوس الكرام إلى أوسيم، وعذب أغلب رؤساء الكنائس.
6- مكسيموس التزافى (235-238م) : وضع صورة السيد المسيح مع الآلهة الوثنية - أضطهد المسيحيين منذ بداية عهده وذلك معارضة لسياسة سلفه اسكندر ساويرس الذى كان متسامحاً مع المسيحيين ، وفى عهده حدثت زلازل فأعتبر أن المسيحيين هم السبب وأنزل عليهم إضطهادأً وآمراً بربرياً قاسياً.
ثالثاً : الإضطهاد الشامل :
7- ديسيوس (249-251م): أصدر مرسوماً سنة 250م، ووجهه إلى حكام الأقاليم يحتم عليهم ضرورة إعادة الديانة الوثنية مهما كلفهم الأمر، وكان هذا المرسوم نذيراً بالاضطهاد الكبير العام الذى فاق فى وحشيته كل ما سبقه ومن الشهداء (مرقريوس أبى سيفين - فابيانوس الرومانى - كبريانوس أسقف قرطاجنة).
8- فالريان (253-265م) : بدأ حكمة متسامحاً ولكنه عاد واستخدم سلاحاً جديداً وهو مصادرة الأملاك وتحريم الإجتماعات الدينية.
أرسل إلى مجلس الشيوخ الرومانى أمراً يقضى بأن رجال الاكليروس الأساقفة والقساوسة والشمامسة ينبغى أن يعرفوا فوراً، ويجرد المسيحيون البارزون من ألقابهم وممتلكاتهم، فإذا أصروا على المسيحية تقطع رؤوسهم أما النساء المتزوجات فيجردون من ممتلكاتهن وينفين. وأما صغار المؤمنين من يعترفون
بمسيحيتهم فمصيرهم أن يقيدوا بالسلاسل ويرسلوا للعمل فى جناح الإمبراطور، وقد دفع هذا الإمبراطور أسيراً فى يد الفرس ومات فى الأسر.
9- اوريليان (270-275م) : أصدر مراسيم جديدة يقتل المسيحيين - انتشرت فى عهده حرائق مروعة فى أماكن كثيرة.
رابعاً : الإضطهاد الأعظم :
10 - دقلديانوس وأعوانه (284 -305م) : جميع الإضطهادات التى حدثت تتضاءل أمام سلسلة الإضطهادات التى أحدثها دقلديانوس وأعوانه. ويسبب شراسة هذا الإضطهاد أعتبر أن سنة 284م وهى بداية حكم دقلديانوس هى بداية تاريخ الشهداء (التقويم القبطى).
 دقلديانوس كان هن اكفأ الأباطرة الذين حكموا الإمبراطورية (سياسياً وإدارياً).
 أختار مكسيمانوس القائد المحنك ليعاونه فى الحرب وأصبح دقلديانوس إمبراطوراً على الشرق، ثم عاد وعين مساعداً له فى الشرق (جالريوس زوج ابنته) ومساعداً لمسكيمانوس فى الغرب وهو قسطيطيوس والد قسطنطين الكبير.
 كان دقلديانوس يدعو نفسه رب وسيد العالم، ولم يكن يسمح لأحد بالإقتراب منه إلا وهو راكع ولامس جبهته بالأرض.
 بدأ عهده مسالماً للمسيحيين وظل هكذا لمدة عشرين سنة، وكان معظم خدامه وخصيانه من المسيحيين قيل أن زوجته بريسكا وابنته فالريا كانتا مسيحيتين.
أسباب التحول :
 ذهب مرة للمعبد واصطحب معه رجال بلاطه فإنتهز الكاهن الوثنى الفرصة وقال للإمبراطور - أن الآلهة لا تتكلم فى
حضرة أعدائها فقام دقلديانوس بطرد كل من لا يبخر للأوثان من رجال البلاط والحاشية هذا رأى وهناك رأى آخر يقول
أن دقلديانوس غير رأيه لتعصب جالريوس زوج ابنته الذى كان وحشاً مفترساً، بالإضافة إلى ذلك فقد حدث حريق مرتين
فى أسبوع واحد فى قصر دقلديانوس وأعتبر أن المسيحيين هم السبب.
 أصدر عدة مراسيم للقبض على المسيحيين لتقديم الضحايا للآلهة الوثنية، وهدم جميع الكنائس وتسويتها بالأرض وإعدام كل من يشارك فى إجتماعات دينية، ومصادرة كل أملاك الكنائس والمسيحيين، مع الحرماٽ8

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010