الموت ... ما هو؟!

فكر يدور فى رأسى منذ فترة ...
ماذا لو مت الآن؟! أين سيكون مصيرى؟! هل فى الجحيم أم الفردوس؟! لا أعرف الاجابة... و ما دمت لا أعرف فالاجابة معروفة.

المهم إنى قد قررت أن أكتب فى موضوع يخشى الناس التحدث فيه، و إذا فكرت فيه وجدت من يقول لى معنفاً: بعيد الشر عليك .. إن شاء الله يكرهك .. بلاش هبل و كلام عبيط .. إلخ. و لكن حقيقة لقد قررت أن أكتب عن الموت، أنواعه، ما بعد الموت، لماذا نخاف من الموت.

ربنا يعطنى نعمة عند إنفتاح الفم و الفكر حتى يكون هذا الموضوع سبب بركة لىّ و كل من يقرأه و يضيف عليه كلمة منفعة.
أولاً: أنواع الموت
==========

هناك عدة أنواع من الموت:
1- الموت الجسدى: و فيه تنفصل الروح عن الجسد حيث تذهب الروح إلى مكان إنتظار قبل دينونة القيامة الأخيرة. فان كانت روح أحد الأبرار فمكان إنتظارها هو الفردوس، و إن كانت روح أحد غير المؤمنين و الأشرار فمكان إنتظارها فى الجحيم. أما الجسد فيعود إلى تراب مرة أخرى منتظراً هو أيضاً يوم القيامة لكى يقوم بطبيعة أخرى غير قابلة للفناء. و تتم دينونة كلا من الجسد و الروح معاً. فليس من العدل الإلهى أن تكافأ الروح ولا يكافأ الجسد "لان هذا الفاسد لا بد ان يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت" (1 كو 15 : 53) . فكما أن الروح كان لها عمل كذلك الجسد. فهو الذى يصوم، و هو الذى يصلى فيما هو متعباً، و هو الذى يذهب إلى الكنيسة، و هو الذى تعذب، و فى أحيان كثيرة تعرض للقتل. لذلك يستوجب الجسد التنعم فى الأبدية فى الحضرة الإلهية فى ملكوت السموات كما الروح تماماً. و كذلك أيضاً جسد الأشرار يستوجب العذاب الأبدى و ليس الروح فقط. فخطايا الزنا، السرقة، السكر، القتل، و مثلها كثير قد إرتبكها الجسد. لذلك فالعدل الالهى يوجب عقوبة الجسد أيضاً فى نار لا تنطفئ و دود لا يموت فى جهنم.

2- الموت الروحى: و هو موت يحدث كنتيجة طبيعية للخطية و كما يقول بولس الرسول "حتى كما ملكت الخطية في الموت هكذا تملك النعمة بالبر" (رو 5 : 21). و ليس هناك حل وسط فإما نحن أحياء بالنعمة أو أمواتاً بالخطية كما يقول الوحى الإلهى "اما للخطية للموت او للطاعة للبر" (رو 6 : 16). و الموت الروحى هو الموت الذى حكم به على آدم و ذريته من بعده إذ كان كلام الله لآدم هكذا "واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها . لانك يوم تأكل منها موتا تموت" (تك 2 : 17). و بالفعل فلقد مات آدم روحياً بسبب خطيته، و فقد نقاوته، و صار عارفاً - و عاملاً - للخير و الشر، و نحن من بعده. "من اجل ذلك كأنما بانسان واحد دخلت الخطية الى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس اذ اخطأ الجميع" (رو 5 : 12). لذلك فالخطية كما أن أجرتها موت (رو 6 : 23)، كذلك فهى فى حد ذاتها موت. لأن الخطية تفصلنا عن الله، و هى خصومة مع الله. ما دام الله هو مصدر كل حياة، إذاً فمن البديهى و المنطقى أن يكون الانفصال عنه هو موت. لذلك يقول بولس الرسول أن الخطاة "أموات بالخطايا" (أف 2 : 5). و موت الروح ليس كموت الجسد. فموت الجسد نهائى إذ لا فرصة أخرى بعد الموت للحياة. أما الروح فممكن إقامتها بالتوبة و الاعتراف و ممارسة وسائط النعمة. و يبدو هذا جلياً واضحاً فى كلام الأب فى مثل الإبن الضال إذ وصف حالة إبنه بإنه "كان ميتاً فعاش" (لو 15 : 24). و ما دام هناك فرصة للحياة بالجسد، فهناك فرصة للتوبة و الحياة مرة أخرى روحياً. و الرب يعطى كل واحد مننا فرصة للتوبة كما يقول فى سفر الرؤيا عن الزانية "واعطيتها زمانا لكي تتوب عن زناها" (رؤ 2 : 21). و الروح القدس فى داخلنا ينخسنا، و يوبخنا، و يرشدنا، و يعلمنا. لذلك قال الكتاب "لا تطفئوا الروح" (1 تس 5 : 19).
ثانياً: ما بعد الموت
==========

كلنا يخشى الموت لأننا نخشى المجهول. و الانسان بطبيعته يخشى التغيير. و المثل البلدى يقول "اللى تعرفه أحسن من اللى ما تعرفوش". فنحن نعرف ما هى الحياة، و لكننا نجهل الموت. فلو عرفنا ماذا بعد الموت ما كنا خفنا منه إلى هذه الدرجة. و لعلنا نخاف لأننا خطاة و لم نتب. فالخوف هنا هو من دينونة ما بعد الموت. لكن ليست الدينونة بعد، فبعد الموت تكون فترة إنتظار تليها الدينونة.

ماذا لو نرجع قليلاً بالذاكرة إلى الوراء حيث أيام المدرسة. و لنتخيل أن إمتحان آخر العام قد غيروا نظامه فأصبح إمتحان مفاجئ. الذى سيحدث أن المعلم سيقول أن إمتحان آخر العام إمتحان مفاجئ فى أى لحظة. لذلك علينا بالاستذكار كل حين بلا كلل و لا ملل. علينا أن نكون مستعدين دائماً لهذا الامتحان. و فى وقت لا نتوقعه يعلن المدرس عن أن هذه اللحظة سيتم فيها إمتحاننا. ماذا سيكون شعور كل واحد منا؟!! هناك ثلاثة أنواع من المشاعر:
(1) تلميذ سيفرح بالامتحان لأنه يذاكر يومياً و قد حفظ المناهج عن ظهر قلب، و تمرن كثيراً، و حل أسئلة كثيرة و نماذج إمتحانات. لذلك فقد تعب و آن الأوان أن يأخذ مكافأته على هذا المجهود. فهو فى إشتياق إلى هذه اللحظة حتى يترك هذه السنة الدراسية و يذهب إلى مستوى أعلى. لذلك فهو كان يحيا و يتمنى هذه اللحظة كل يوم.

(2) تلميذ يرتعب و يبكى و يصرخ لأنه لم يستذكر جيداً، و بعض هؤلاء التلاميذ إستذكروا و لكن فى مواد أخرى غير التى سيمتحن فيها. فالاثنين ضمنا الرسوب و يعلمون مصيرهم المحتوم. لذلك فالامتحان بالنسبة لهم هو مصدر رعب. و كل يوم كان يمر عليهم كانوا يمنون أنفسهم بأن المدرس سينسى ولن يقوم بامتحانهم، أو أن المدرس طيب القلب و سينجح الجميع، أو أنه لا يوجد إمتحان و تلك خرافة فقط إبتدعها التلاميذ الذين يستذكرون حتى يجدوا سبب لما يفعلونه. لذلك فمجرد ذكر الامتحان لهم كان يقابل بالسخرية. أما فى ساعة الامتحان فهم فى رعب رهيب و بكاء و صرير أسنان.

(3) تلميذ لا يعلم إذا ما كان ما إستذكره يكفى لنجاحه أم لا. و لكنه بعد الامتحان و طبقاً لما أجابه فى ورقة الاجابة يعلم تماماً إذا ما كان سينجح أم لا.

و جميعهم ينتظر بعد الموت النتيجة. التلميذ الذى كان ينتظر الامتحان بشغف، و كذلك من إستطاع أن يحل الامتحان ينتظرون النتيجة بشغف لأنهم يعلمون عدل المصحح و إنهم سينجحون. لذلك ففترة إنتظارهم هى فترة جميلة رائعة و ينتظرون بفارغ الصبر إعلان النتيجة ليتم تصعيدهم إلى سنة دراسية أعلى. أما من لم يستذكر، أو من إستذكر فى مادة أخرى، أو من إستذكر و لكن ليس بالقدر الكافى فهؤلاء سيكون إنتظارهم فترة من الجحيم لأنهم يعلمون ما ينتظرهم من رسوب.

تفسير المثل الذى سبق:
+ المصحح و المدرس هو الله.
+ المنهج الدراسى هى وصايا الله.
+ الاستذكار هو الجهاد الروحى.
+ الامتحان المفاجئ هو الموت.
+ التلاميذ هم نحن.
+ التلميذ الذى ينتظر الامتحان بشغف هم الصديقون و الأبرار و الشهداء و المعترفين و القديسين.
+ التلميذ الذى لم يستذكر هم كل من عاش فى الخطية.
+ التلميذ الذى إستذكر فى مادة أخرى هم غير المؤمنين برب المجد يسوع المسيح إذ كان لهم إيمان بإله آخر، أو دين آخر، أو فكر آخر.
+ فترة الانتظار بين الامتحان و النتيجة هى فترة الحياة فى الفردوس للأبرار، أو الجحيم للأشرار.
+ يوم إعلان النتيجة هو يوم القيامة الأخيرة.

لعلكم الآن عرفتم ما هو معنى الموت، و ما بعد الموت، و لماذا المشاعر المتفاوتة فى إنتظار الموت. ربنا يعطنا أن نكون مستعدين ساهرين كل حين.
سيتم إضافة أجزاء أخرى حين الانتهاء من تحضيرها.
كما أرجو من حضراتكم إضافة أقوال الآباء و تأملاتكم الشخصية عن هذا الموضوع.
و ما دمنا قد تكلمنا عن الموت، إذاً يجب علينا أن نتكلم عن المجئ الثانى. و هذه هى المرحلة التى تلى فترة الانتظار فى الفردوس للأبرار أو الجحيم للأشرار. و سوف نناقش فى هذا الجزء النقاط التالية:

1- حتمية المجئ الثانى:
==========

المجئ الثانى موضوع يشغل بال كثيرين و يتساءل الناس: "متى يكون مجئ الرب؟!". بل أن البعض بدأ يعين أزمنة معينة مثل 4/4/1984، و خريف 2001، و سنة 2016. و لجأ البعض لتفسير الرموز و الأرقام التى ذكرت فى سفر دانيال على أنها علامات و رموز مخفية قد تكشف لنا سر المجئ الثانى للرب. و محاولة معرفة متى يكون المجئ الثانى ليست نوع من الخطية لأنه حينما سأل التلاميذ رب المجد عن موعد المجئ الثانى لم يبخل عليهم بالاجابة، بل بالعكس كانت إجابته واضحة، و مستفيضة، و وافية. و لقد وبخ رب المجد الكتبة و الفريسيين لأنهم لم يفهموا و لم يعرفوا أن يميزوا الآزمنة حتى يعرفوا موعد مجئ المخلص قائلاً لهم: " يا مراؤون! تعرفون أن تميزوا وجه السماء. و أما علامة الأزمنة فلا تستطيعون؟!" ( مت 16 : 3 ).

و المجئ الثانى حتمى و لا مفر منه، فلا يوجد إمتحان بلا نتيجة. و لو تخيلنا أن الطلبة قد عرفوا إنه لا يوجد نتيجة للإمتحان فكيف يكون رد فعلهم؟! بالتأكيد لا مبالاة. فليمرحوا و يلعبوا و ليذهب الامتحان إلى الجحيم. و يكون الطالب الذى إستذكر و حبس نفسه فى بيته بعيداً عن كل صنوف اللهو قد أضاع وقته هباء. ليس هكذا عدل الله! فطالما نؤمن بعدل الله، يجب أن نؤمن بالمجئ الثانى.

فلو لم يحدث المجئ الثانى لانتفى عدل الله لأنه بذلك سيتساوى البار و الشرير، الظالم و المظلوم، القديس و الخاطئ، الغنى و لعازر، الشهداء و من قتلوهم، الخروف و الجداء. و لو يحدث المجئ الثانى فما كان له لزوم المجئ الأول، و كذلك قصة الفداء كلها تكون باطلة إذ لا لزوم لها طالما الجميع سيتساوى عند الله. و هذا يقودنا إلى نقطة أخرى و هى الفرق بين المجئ الأول و المجئ الثانى.

2- الفرق بين المجئ الأول و المجئ الثانى:
=========================

1- المجئ الأول كان للفداء و الخلاص، و أما المجئ الثانى فهو للدينونة و القصاص.
2- فى المجئ الأول جاء السيد المسيح - له المجد - كإبن الإنسان مولوداً فى مزود بقر بوداعة و تواضع. أما فى المجئ الثانى سيأتى فى مجده على السحاب كإبن الله.
3- فى المجئ الأول جاء رب المجد ليكرز بقبول توبة الخطاة، أما فى المجئ الثانى سيأتى للحصاد و إنهاء فرص التوبة.
4- فى المجئ الأول عاش السيد المسيح فى الجسد مدة محدودة، أما فى المجئ الثانى سيأخذنا معه لنتمتع بالأبدية، و يلقى بالأشرار ليتعذبوا إلى الأبد أيضاً.
5- فى المجئ الأول نزل إلى الجحيم من قبل الصليب ليصعد بأرواح الأبرار و الصديقين من الجحيم إلى الفردوس. أما فى المجئ الثانى سيأتى السيد المسيح تحف به الملائكة ليأخذ الأرواح من الفردوس ليلبسهم أجساد نورانية ليصعدوا معه إلى الملكوت ليتنعموا، و يلقى بالخطاة و غير المؤمنين فى جهنم مع إبليس و ملائكته حيث نار لا تنطفئ و دود لا يموت.
6- فى المجئ الأول قدم المحبة و الغفران للجميع حتى للخطاة و الزناة. أما فى المجئ الثانى سيقدم المحبة للذين أحبوه و عملوا بوصاياه، بينما سيقدم البغضة للذين رفضوه.

و أخيراً أود أن أقول أن السعى وراء معرفة علامات الأزمنة و تخمين قرب المجئ الثانى هى كمن يجرى وراء سراب. و المجئ الثانى يتم بموت الانسان حيث ستنتهى حياته على الأرض و لن يكون له فرصة أخرى. فما عمل قد عمل، و إن كان قد قدم توبة فقد قبلت، و إن لم يكن فقد لصقت به خطيته للأبد. و يوم تنفصل روح الانسان عن جسده فلا شفاعة تنفعه لا من ملائكة ولا رئيس ملائكة و لا أبرار و لا شهداء و لا قديسين و لا السيدة العذراء أم النور الطاهرة مريم نفسها تقبل شفاعتها. فقد إنتهى الزمان و لم يعد سوى الدينونة.

"مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حيّ بقيامة يسوع المسيح من الاموات" ( 1 بط 1 : 3 )
بجد فى منهى الروعه انا حسيت انى مش بعرف اكتب
انا عندى تسبه مش عارف ممكن يكون صح او خطا
فترة وجودنا فى الارض هى فترة الخطوبة
وفترة وجودة فى السماء هى الزيجة والشركة مع الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010