الفصـــــــــح الاول



المقدمة

يُخْبِرُنا الكِتَابُ المُقَدَّسُ كَيْفَ أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ يَسُوعَ لِيُطْلِعَنا عَلى أَسْرارِ اللهِ ، وَيُرْشِدَنا إلى سَبِيْلِ الانْضمَامِ إلى مَلَكُوتِهِ .

وَهذِهِ قِصّةَ مَعَ حَدَثٍ ، بَعْدَ أَنْ كَانَ كَهَنَةُ اليَهُودِ ، في القُدْسِ ، قَدْ قَتَلُوا يَسُوعَ .

وَبِوِسْعِكَ العُثُورُ على هذِهِ القِصَّةِ فِي كِتابِكَ المُقَدَّسِ ، في نِهَايَةِ كُلٍّ مِنَ الأَنَاجِيْلِ الأَرْبَعَةِ : أَناجِيْلِ مَتَّى ، وَمَرْقُسَ ، ولُوْقا ، وَيُوحَنَّا .

بَعْدَ أَنْ صُلِبَ يَسُوعُ ، قَامَ اثْنَانِ مِنء أَصْدِقائِهِ ، يُوسُفُ وَنِيْقُودِيْمُوسُ ، بِتَكْفِينِ جَسَدِهِ ، وَدَفَنَاهُ في قَبْرٍ مَحْفُورٍ فِي بًسْتَانٍ ، وَدَحْرَجُوا حَجَراً كَبيراً عَلَى بَابِ القَبْرِ فَأَغْلًقُوهُ بِهِ .

وَقَامَ بَعْضُ الجُنُودِ بِالحِرَاسَةِ لِمَنْعِ مَا قَدْ يَحْدُثُ مِنْ شَغَبٍ .

وَرَجَعَ التَلامِيْذُ ، وَبَعْضُ الآخَرِيْنَ الَّذِينَ أَحَبُّوا يَسُوعَ ، إِلَى المَكَانِ الَّذِي كانُوا قَدْ تَنَاوَلَوا فِيْهِ عَشَاءَ الفِصْحِ ، وَقَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ رُعْبٌ شَدِيْدٌ ، وَحُزْنٌ كَبِيرٌ .

وَلكِنْ ، فَجْرَ يَوْمِ الأَحَدِ ، أَخَذَتْ بَعْضُ النِّسْوَةِ زُيُوتاً وَطُيُوباً ، لِيَدْهُنَّ بِهَا جَسَدَ يَسُوعَ ، وَمَضَيْنَ فِي الأَزِقَّةِ المُعْتِمَةِ الصَامِتَةِ . كُنَّ يَعْلَمْنَ أَنَّ جَسَدَ يَسُوعَ قَد أُوْدِعَ قَبْراً ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَسنَّى لَهُ الْوَقْتُ الكَافِي لِيَحْظَى بِالْعِنَايَةِ اللائِقَةِ .

وَدَخَلْنَ البُسْتانَ عَلَى مَهْلٍ ، وَهُنَّ يَتَسَاءَلْنَ ، فِي حَيْرَةٍ ، كَيْفَ يَسْتَطِعْنَ الدُّخُولَ إِلَى القَبْرِ . وَلكِنْ عِنْدَما دَنَوْنَ مِنَ المَكَانِ ، شَهَقْنَ مِنَ المُفَاجَأَةِ ، فَقَدْ كَانَ الحَجَرُ الضَّخْمُ قَدْ دُحْرِجَ بَعِيْداً عَنْ بَابِ القَبْرِ ، وَقَدْ تَوَارَى الحُرَّاسُ .

وَاقْتَرَبْنَ وَتَطَلَّعْنَ دَاخِلَ القَبْرِ ، فَوَجَدْنَهُ خَالِياً . فَمَا عَسَى قَدْ حَدَثَ ؟ لَقَدْ أَخَذَ القَلَقُ يُسَيْطِرُ عَلَيْهِنَّ .

وَفِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ ، شَاهَدْنَ رَجُلَيْنِ يَرْتَدِيَانِ ثِيَاباً مُضِيئَةً ، بَرَّاقَةً ، واقِفَيْنِ إِلى جانِبِ الْقَبْرِ ، فَكِدْنَ يُكَذِّبْنَ عُيُونَهُنَّ .

وَسَأَلَهُنَّ المَلاكانِ : " لِمَاذا تَبْحَثْنَ عَنْ يَسُوعَ ههُنا ؟ إِنَّهُ حَيٌّ ! أَلا تَذْكُرْنَ أَنَّهُ كانَ قَدْ أَنْبَأَ بِأَنَّهُ سَيُقْتَلُ ، وَلكِنَّهُ سَيَحْيَا مِنْ جَدِيدٍ ؟ أَسْرِعْنَ فَأَعْلِمْنَ التَلامِيْذَ بِذلِكَ " .

وَرَكَضَتِ النِّسْوَةُ ، فِي شَوَارِعِ المَدْينَةِ ، بِأَسْرَعِ مَا اسْتَطَعْنَ ، وَهُنَّ يُرَدِّدْنَ لاهِثَاتٍ : " إِنَّ يَسُوعَ حَيٌّ . وَقَدْ كَلَّمَنا مَلائِكَةُ اللهِ " .

وَلَمَّا وَصَلْنَ إِلى المَكَانِ الَّذِي الْتَأَمَ فِيْهِ سَائِرُ الرِّفَاقِ ،

أَخَذْنَ يَدْقُقْنَ البَابَ بِأَعْنَفِ مَا اسْتَطَعْنَ ، وَخَاطَبْنَ التَّلامِيْذَ هَاتِفَاتٍ :

" هَيَّا . افْتَحُوا البَابَ ، فَنَحْنُ نَحْمِلُ لَكُمْ أَجْمَلَ مَا سَمْعْتُمُوهُ ، يَوْماً ، مِنْ أَنْبَاءٍ . إِنَّ يَسُوعَ حَيٌّ!"

وَفي ذلِكَ الْيَوْمَ عَيْنِهِ ، كَانَ اثْنَانِ مِنْ أَصْدِقَاءِ يَسُوعَ عَائِدَيْنَ إِلَى مَوْطِنِهمَا فِي عِمّاوُسَ ، وَهُمَا يَجْهَلانِ أَنَّ يَسُوعَ حَيٌّ . وَقَدْ قَالا فِي نَفْسَيْهِمَا :

" لَمْ يَعُدْ مُبَرِّرٌ لِبَقائِنَا فِي أُورَشَلِيْمَ ، بَعْدَ أَنْ مَاتَ يَسُوعُ . فَلْنَعُدْ إِلَى مَنَازِلِنَا " .

وَفِيْمَا كَانَا يَسِيْرَانِ فِي الطَّرِيقِ ، انْضَمَّ إِلَيْهِمَا رَجُلٌ

آخَرُ ، وَلَمْ يَبْدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَعْلَمُ شَيْئاً عَمّا جَرَى ، فَحَدَّثَاهُ بِمَوْتِ يَسُوعَ . وَدَهِشَا عِنْدَمَا أَخَذَ الرَّجُلُ يَشْرَحُ لَهُمَا لِمَاذَا كَانَ عَلَى يَسُوعَ أَنْ يَمُوتَ . وَعِنْدَمَا انْتَهَوْا إِلَى المَنْزِلِ قَالا لَهُ : " هَلُمَّ ، فَتَعَشَّى مَعَنا " .

وَعَلَى مَائِدَةِ العَشَاءِ ، تَنَاوَلَ الضَيْفُ الخُبْزَ ، فَشَكَرَ الرَّبَّ ، وَقَسَمَهُ عَلَيْهِمْ . وَحِيْنَئِذٍ أَدْرَكَا أَخِيْراً أَنَّ الَّذِي رَافَقَهُما ، كُلَّ ذلِكَ الوَقْتِ ، إِنَّمَا كَانَ يَسُوعَ نَفْسَهُ .

وَلكِنْ حَالَمَا تَعرَّفَاهُ ، تَوَارَى عَنْهُمَا .

فَقَالا : " يَنْبَغِي أَنْ نَعُودَ ، فِي الَحالِ ، إِلى أُوْرَشَلِيْمَ وَنُبْلِغَ الآخَرِيْنَ " .

وَمَعَ أَنَّ الْوَقْتَ كَانَ لَيْلاً ، إِلاَّ أنَّهُما أَسْرَعَا مُهَرْوِلَيْنِ إِلَى أُوْرَشَلِيْمَ .

وَعِنْدَمَا وَصَلا ، عَلِمَا بِمَا حَدَثَ مِنْ أَمْرِ النِّسْوَةِ اللواتِي مَضَيْنَ إِلَى القَبْرِ ، وَقَدْ أَضَافَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ : " نَحْنُ لَمْ نُصَدِّقْهُنّ . وَلكِنْ عِنْدَمَا وَصَلْنا إِلى البُسْتَانِ بِأَنْفُسِنَا ، تَأَكَّدْنَا صِحَّةَ الأَمْرِ ، وَأَنَّ يَسُوعَ حَيٌّ ، حَقّاً " .

وَفِيمَا كَانَ التَلامِيْذُ يَتَحَدَّثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، أَتَى يَسُوعُ بِنَفْسِهِ إِلَى المَكَانِ الَّذِي كَانُوا مُجتَمِعيْنَ فِيْهِ ، فَشَهَقُوا جَمِيْعُهُمْ

مِنَ المُفَاجَأَةِ ، وَارْتَدُّوا إِلَى الوَرَاء ، فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ :

" لا تَخَافُوا ! أَنَا لَسْتُ شَبَحاً ، وَبِوِدِّي أَنْ آكُلَ بَعْضَ طَعَامٍ " .

وَرَاحَ التَلامِيْذُ يَتَأَمَّلُونَه وَهُوَ يَتَنَاوَلُ عَشَاءً . وَكَمْ كَانَتْ رَائِعَةً رُؤْيَةُ يَسُوعَ مِنْ جَدِيدٍ !

وَلكِنَّ تُوما ، أَحَدَ التَّلامِيْذِ ، كَانَ غَائِباً ، وَلَمْ يُشَاهِدْ يَسُوع . وَعِنْدَمَا أَخْبَرُوهُ بِأَنَّ يَسُوعَ مَا زَالَ حَيّاً ، قَالَ : " لَنْ أُصَدِّقَ ذلِكَ ، حَتَّى أَشْهَدَ بِعَيْنَيَّ ، وَأَجُسَّ بِيَدِي مَكَانَ المَسامِيْرِ " .

وَيَوْمَ الأَحَدِ التَالِي ، فِيمَا كَانُوا كُلُّهُمْ مُجْتَمِعِيْنَ ، وَتُومَا مَعَهُمْ ، جَاءَ يَسُوعُ مِنْ جَدِيْدٍ ، وَقَالَ بِرِقَّةٍ :

" هَا أَنَذا ، يَا تُومَا ، تَعَالَ وَالمُسْني . فَهَلْ تُؤْمِنُ الآنَ أَنَّنِي حَيٌّ ؟ "

فَقَال تُومَا : " إِنَّنِي مُؤْمِنٌ أَنَّكَ رَبِّيْ وَإِلهِيْ " .

وَبَعْدَ ذلِكَ ، رَجَعَ تَلامِيذُ يَسُوعَ إلى مُوْطِنِهمْ ، عِنْدَ بُحَيْرَةِ الجَلِيلِ . وَذَاتَ صَبَاحٍ ، مَضَوْا بِسَفِينَتِهِمْ يَصْطَادُونَ ، وَقَضَوا اللَيْلَ كُلَّهُ يَجْهَدُونَ ، وَلكِنَّ شِبَاكَهُمْ ظَلَّتْ فَارِغَةً .

وَفَجْأَةً ، نَادَاهُمْ ، مِنَ الشَّاطِئِ ، رَجُلٌ قَائِلاً : " أَلْقُوا شِبَاكَكُمْ فِي الجَانِبِ الآخَرِ مِنَ السَّفِينَةِ " .

فَقَالُوا فِيْمَا بَيْنَهُم : " أَوَ يَظُنُّ أَنَّنا نَجْهَلُ الصَّيْدَ ؟ " إِلاَّ أَنَّهُم عَمِلُوا بِقَوْلِهِ ، وَامْتَلأَتِ السَّفِينَةُ سَرِيْعاً بِأَسْمَاكٍ كَبِيْرَةٍ جدّاً .

فَصَاحُوا بِصَوتٍ وَاحِدٍ : " إِنّه يَسُوعُ " .

وَفِي ذلِكَ الصَّباحِ ، تَنَاوَلُوا الإِفْطَارَ مَعَهُ . وَقَدْ كَلَّمَ يَسُوعُ بُطْرُسَ بِرِقَّةٍ ، فَغَفَرَ لَهُ إِنْكَارَهُ إِيَّاهُ ، فِي ذلِكَ الصَّبَاحِ المَشْؤُومِ ، وَأَنْبَأهُ بِمُهِمَّةٍ خَاصَّةٍ سَيُوكِلُهَا إِلَيْهِ .

وَانْقَضَتْ سِتَّةُ أَسَابِيْعَ ، أَخَذَ يَسُوعُ ، بَعْدَهَا ، تَلامِيْذَهُ ، وَسَارَ بِهِمْ مُصَعِّداً هَضَبَةً خَارِجَ أُوْرَشَلِيْمَ ، وَقَالَ لَهُمْ :

" لَقَدْ رَأَيْتُمْ كَيْفَ وَهَبَنِي اللهُ قُدْرَةً عَلَى شِفَاءِ المَرْضَى ، وَإِحْيَاءِ الأَمْوَاتِ ، وَسَمْعْتُمْ كُلَّ شَيْءٍ عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ .

" وَهَا قَدْ حَانَ مَوْعِدُ عَوْدَتِي إِلَى أَبِي ، فَأُرِيْدُ أَنْ تُخْبِرُوا الجَمِيعَ بِأَمْرِيْ .

" أُمْضُوا إِلَى أُوْرَشَلِيْمَ ، وَانْتَظِرُوا هُنَاكَ ، إِذْ إِنَّ اللهَ سَيَهَبُكُمْ مَا وَهَبَنِي مِنْ سُلْطَانٍ " .

ثُمَّ هَبَطَتْ غَمَامَةٌ ، وَعِنْدَمَا انْجَلَتْ ، كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَوَارَى .

وَعَادَ التَّلامِيذُ إِلَى أُوْرَشَلِيْمَ وَانْتَظَرُوا . وَصَلَّوْا إِلى اللهِ ، عَلَى نَحْوِ مَا عَلَّمَهُمْ يَسُوعُ . وَأَخْبَرُوا بِجَمِيعِ الأُمُورْ المُدْهِشَةِ الَّتِي شَاهَدُوهَا ، وَسَمِعُوا بِهَا ، عِنْدَمَا كَانُوا مَعَ يَسُوعَ .

وَلَمْ يَكُونُوا ، بَعْدُ ، يَعْلَمُونَ أَنَّ حَياةً جَدِيْدَةً مُثِيْرَةً كَانَتْ عَلَى وَشَكِ الانْبِثَاقِ .





خاتمة

" من الكتاب المقدّس " سلسلة قصصيّة من 52 رواية للأطفال . كلّ قصّة قائمة بذاتها ويؤلّف مجموعها الكتاب المقدّس ، أي قصّة حبّ الله للبشر ، في كلّ زمان ومكان .

إن الأعداد ( من 31 إلى 52 ) مقتبسة من العهد الجديد وتخبرنا عن حياة يسوع ابن الله وعن تعليمه . وإن هذه القصص تحدّثنا عمّا فعل يسوع وقال ، وعن الشعب الذي لاقاه . إن كلّ ما نعرفه عن حياة يسوع مدوَّن في الأناجيل الأربعة التي كتبها كلٌّ من متى ومرقس ولوقا ويوحنّا . وكلمة " الإنجيل " تعني البُشرى السعيدة .

وختامُ السلسلةِ أربعُ قصصٍ تحدّثنا عن المسيحيّينَ الأوّلينَ الذينَ نشروا بُشرى السعادة هذه بينَ الناسِ ، كما أمرهُم يسوعُ . وما زالَ أحفادُهم يلهجونَ بها حتى أيّامنا الحاضرة .

قصَّة " الفصح الأول " واردة في كل من الأناجيل الأربعة : في الفصل 28 من إنجيل متى ، والفصل 16 من إنجيل مرقس ، والفصل 24 من إنجيل لوقا ، والفصل 20 من إنجيل يوحنا . أمّا صعود يسوع إلى السماء فذكره وارد في الفصل الأول من أعمال الرسل .

لقد بدا موت يسوع للتلاميذ ، وكأنّه نهاية العالم . ففي حين كانوا يتطلعون الى تحقيق ملكوت الله ، إذا بالملك يموت . وفقد كل شيء معناه .

وصباح يوم الأحد ، رأت النسوة الحجر وقد دحرج عن القبر ، والجثمان توارى . لكن في مساء ذلك اليوم عينه شاهد التلاميذ يسوع فأيقنوا أنه ما زال حيّاً ، وأنه قهر الموت وكفر عن خطيئة الإنسان .

القصة التالية (49 ) ، في السلسلة عينها ، عنوانها " بشرى لكل الناس " ، وتخبرنا كيف بدأت هذه المشاركة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010