التعريف بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية
+++++++++++++++++++++++
(2)
معتقداتها الإيمانية
===========
"في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر”
(أشعياء 19: 18)
الباب الأول: مفاهيم أساسية:
-----------------------------
1ـ مفهوم "الكنيسة".
2ـ مفهوم "القبطية".
3ـ مفهوم "الأرثوذكسية".
الباب الثاني: تأسيس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:
---------------------------------------------------
1ـ من أسسها؟
2ـ متى تأسست؟
3ـ أين تأسست؟
4ـ كيف انتشرت في العالم؟
وهذا الجزء الثاني الذي بين يديك هو مكمل للجزء الأول، ويبدأ من
الباب الثالث: معتقدات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:
-----------------------------------------------------
1ـ إيمانها في الله وجوده وثالوثه 4ـ إيمانها في الأسرار
2ـ إيمانها في الوحي 5ـ إيمانها في الملائكة والقديسين
3ـ إيمانها في خلاص الإنسان 6ـ إيمانها في الصور والأيقونات
7ـ إيمانها في التقليد
أرجو أن يستخدمه الرب للفائدة والبركة بصلوات حبر أحبارنا الجليل البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث. آمين.
الباب الثالث
-----------------
المعتقدات الإيمانية للكنيسة القبطية
--------------------------------------
1ـ إيمانها في الله وجوده وثالوثه
2ـ إيمانها في الوحي الإلهي.
3ـ إيمانها في خلاص الإنسان
4ـ إيمانها في الأسرار الكنسية
5ـ إيمانها في الملائكة والقديسين
6ـ إيمانها في الصور والأيقونات
7ـ إيمانها في التقليد الرسولي
الفصل الأول
-------------------------
إيمان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
في الله وجوده وثالوثه
---------------------------------
أولاً: الإيمان بوجود الله
==============
نحن نؤمن أن الله موجود، وذلك بحسب قول الكتاب المقدس: "يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن أنه موجود". (رسالة العبرانيين 6:11)
1ـ هل الله موجود؟
كثير من الناس ينكرون وجود الله، ويريدون أن يروه ليؤمنوا به. وهذا الإدعاء قديم الزمن، فقديما قال أبيقور الفيلسوف اليوناني: "أين هو الله؟ إن كان يوجد إله، فدعوه ينزل لي هنا حتى أؤمن به؟"
الواقع أن نفس السؤال قائم إلى اليوم، وإن اختلف الأسلوب، فالكثيرون يقولون: "أين هو الله؟" ويطالبون بتطبيق المنهج العلمي للاستدلال على وجوده. ووسائل المنهج العلمي معروفة التي هي: التجربة، والمشاهدة، والاستنتاج، للخروج بحقائق يقينية.
2ـ هل يمكن تطبيق المنهج العلمي على إدراك الله؟
الواقع إن أردنا أن نطبق المنهج العلمي للتيقن من وجود الله بعقولنا، فلابد أن نضعه تحت مستوى البحث لكي نفهمه. فكلمة "يفهم" باللغة الإنجليزية هي "understand" وهذه الكلمة تتكون من مقطعين همــا: “under” + “stand” فيكون معنى الكلمة: أن أضع الله تحت مستوي إدراكي لكي أفهمه، تماما مثل أي شيء مادي آخر. فلكي نرى الأشياء الدقيقة، نقوم بوضعها تحت الميكروسكوب لكي نراها. وعلماء الفلك يستعملون التلسكوب لكي يروا الكواكب البعيدة وهكذا ... فالمنهج العلمي يضع الأمور تحت إمكانياته لكي يستطيع أن يفهمها.
لكن الله لا يمكن وضعهunder our stand لأنه هو في الواقع above our stand أي فوق مستوى العقل والإدراك البشري المحدود، فلا نحتاج لميكروسكوب لكي نفحصه ولا تلسكوب لكي نقربه بل نحتاج إلى "إيمانوسكوب". حيث أن "سكوب" تعني "رؤية"، وبالتالي "إيمانوسكوب" تعني "الرؤية الإيمانية"، فبدون الإيمان لا نستطيع أن نفهم الله، كما هو مكتوب "لا بد أن الذي يأتي إلى الله يؤمن أن الله موجود" (عب11: 6).
3ـ كيف يمكن للإنسان أن يؤمن بالله؟
يمكن للإنسان أن يؤمن بالله بالبحث عنه في المرجع المتخصص في هذا العلم، أعني علم معرفة الله. فكل علم له مراجعه المتخصصة، فإن أردت أن تدرس الطب فادرسه في كتب الطب، وإن أردت أن تدرس القانون فلترجع إلى كتب القانون .... وهكذا مع كل التخصصات.
والواقع أنك لا تستطيع أن تدرس القانون في كتب الطب مثلا. فهكذا الحال عندما تريد أن تدرس شيئا عن الله فادرسه في المرجع المتخصص في ذلك وهو الكتاب المقدس، ففيه كل ما يريد الإنسان أن يعرف عن الله والإيمان به والحياة معه في هذا العالم وفي الحياة بعد الموت.
ثانياُ: الإيمان بأن الله روح وليس مادة
-------------------------------------
كان الوثنيون يؤمنون أن الله صنم، ويمثلوه بأشكال مختلفة مثل ثعبان أوجعران أوثور أوخلافه. ولكن الله الحقيقي غير ذلك تماما، إذ يقول الكتاب المقدس [المرجع الكتخصص في علم الله]: "الله روح والذين يسجدوا له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" يو (24:4).
فهذا هو إيمان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بل والمسيحية عموما في الله أن روح لا مادة. فهو لا يرى بالعين المجردة.
ثالثاً: الإيمان أن الله واحد في ثالوث
نحن نؤمن أن الله واحد في ثالوث، والثالوث هو الآب والابن والروح القدس. هذا ما يتضح من قول السيد المسيح لتلاميذه: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متى28: 19)
قد يرى البعض صعوبة في فهم الثالوث في الوحدانية. ولكن إذا نظرنا إلى الإنسان الذي خلق على صورت الله، نرى أن الإنسان رغم أ،ه كيان واحد إلا أن فيه ثالوث واضح يتكون من: قلب وعقل وروح. فالروح هو عنصر الحياة، والعقل هو عنصر الحكمة، والقلب هو عنصر المحبة. وهؤلاء الثلاثة هم في الإنسان الواحد.
رابعا: الإيمان بصفات الله
------------------------------
من أهم صفات الله التي نؤمن بها هي أنه محب. وهذا ما وضحه يوحنا الرسول بقوله: "... الله محبة" (1يو4: 8)
وفي محبته خلقنا على صورته ومثاله كما يقول الكتاب المقدس: "فخلق الله الإنسان على صورته ..." (1تي6: 17)
وبدافع من محبته جاء إلينا عندما سقطنا في الخطية لكي يفدينا ويردنا إلى إحضانه الأبوية مرة ثانية، كقول الكتاب "هكذا أحب الله الع الم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16).
الفصل الثاني
=========
إيمان الكنيسة القبطية بالوحي الإلهي
(أي الكتاب المقدس)
---------------------------------------
تؤمن الكنيسة القبطية أن الكتاب المقدس كله هو موحى به من الله. إذ يقول معلمنا بولس الرسول "كل الكتاب موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر" (2تي 16:3)
ونؤمن أن الكتاب المقدس يتكون من عهدين، العهد قديم والعهد جديد.
أولا: العهد القديم
يتكون العهد القديم من الأسفار القانونية الأولى والأسفار القانونية الثانية.
(1) الأسفار القانونية الأولى: وتشمل:
1ـ كتب الشريعة الخمسة: وهي
سفر التكوين، والخروج، اللاويين، العدد، والتثنية.
2ـ الأسفار التاريخية: وهي:
سفر يشوع، وقضاة، وراعوث، وصموئيل الأول، وصموئيل الثاني، والملوك الأول، والملوك الثاني، وأخبار الأيام الأول، وأخبار الأيام الثاني، وعزرا، ونحميا واستير.
3ـ الأسفار الشعرية: وهي:
سفر أيوب، وسفر المزامير، وسفر الأمثال، وسفر الجامعة، وسفر نشيد الأناشيد.
4ـ أسفار الأنبياء الكبار: وهي:
سفر اشعياء، وارميا، ومراثي أرميا، وحزقيال، ودانيال.
5ـ الأنبياء الصغار: وهي:
سفر هوشع، ويوئيل، وعاموس، وعوبيديا، ويونان، وميخا، وناحوم، وحبقوق، وصفنيا، وحجي، وزكريا، وملاخي.
(2) الأسفار القانونية الثانية: وهي:
سفر طوبيا، ويهوديت، ، وتتمة سفر استير، وحكمة سليمان، ويشوع بن سيراخ، وباروخ، وتتمة سفر دانيال، ومكابيين أول، ومكابيين ثاني.
هذه الأسفار القانونية الثانية لا يؤمن بها البروتستانت، وحجتهم في ذلك أن بعض اليهود لم يكونوا يؤمنون بها، والسبب هو أنها اكتشفت بعد عزرا ونحميا.
والواقع أنه بعد موت عزرا ونحميا وجدت هذه الأسفار في حفريات الهيكل. فانقسم اليهود بإزائها بين مؤيد ورافض لمصداقيتها.
وتجدد هذا الخلاف حينما جاءت المسيحية ودخلها يهود ممن لا يؤمنون بهذه الأسفار الأخيرة، فصار نقاش حول قانونيتها حتى قرر مجمع هيبو سنة 393م قانونيتها.
ثانيا: العهد الجديد ويشمل:
===============
(1) الأناجيل الأربعة: وهي: إنجيل متى، ومرقس، ولوقا، ويوحنا.
وتتكلم البشائر الأربعة عن حياة السيد المسيح وأعماله ومعجزاته وكلامه الذي نطق به في عظات أو تعليقات على مواقف متعددة. ثم آلامه وصلبه ودفنه وقيامته من الأموات.
(2) سفر أعمال الرسل: وتكلم عن الكنيسة الأولى في عهد الرسل وامتدادها في في بقاع كصيرة.
(3) الرسائل: وهي رسائل بولس الرسول، ويعقوب الرسول، وبطرس الرسول، ويوحنا الرسول، ويهوذا الرسول. وكلها رسائل تعليمية عن الحياة المسيحية.
(4) سفر الرؤيا: وهو السفر النبوي الذي يتحدث عن الأمور التي ستحدث في المستقبل حتى المجئ الثاني للمسيح.
ونحن نعتبر الكتاب المقدس هو مصدر كل تعليم، وكل عقيدة، وكل سلوك روحي، فمعلمنا بولس الرسول يقول "إن كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" (2تي2: 16و17).
كيفية الاستفادة من الكتاب المقدس
===================
الواقع أن هناك طرق كثيرة لدراسة الكتاب المقدس ولكننا هنا سوف نوضح أحداها فقط، وهي الراسة التطبيقية، أي قراءة الآيات وتطبيقها على حياتنا الشخصية ببساطة، لنرى ماذا نستفيد منها.
أول: اختر سفرا معينا من الكتاب المقدس، ابدأ مثلا بإنجيل معلمنا يوحنا البشير
ثانيا: اقرأ بانتظام يوميا جزءا واحدا من الإصحاح [حوالي خمسة آيات].
ثالثا: بعد قراءة هذا الجزء مرة ومرتين محاولا أن تفهم معناه، اسأل نفسك: ماذا يقول الرب لي من خلال هذا الجزء؟ فقد يتكلم الرب إليك عن واحدة مما يأتي:
1ـ خطية معينة في حياتك تذكرتها وأ،ت تقرأ هذا الجزء، عندئذ ارفع صلاة للتوبة طالبا مغفرة من الرب لحين أن تعترف بها أمام الكاهن.
2ـ عطية معينة اكتشفت من هذا الجزء الذي قرأته أن الرب قد منحها لأبنائه، فاشكر الرب عليها.
3ـ وصية معينة وجدتها في هذا الجزء، فاطلب من الرب نعمة لكي تنفذها في حياتك.
4ـ وعد معين يريد الرب أن يعطيه لك، فاطلبه منه بالصلاة وبإيمان.
5ـ مثل أعلى يريدك الرب أن تتشبه به، فاطلب معونة الرب لكي تستطيع أن تفعل ذلك.
6ـ صفة من صفات الرب الرائعة، سبح ومجده وامدحه الرب عليها.
الفصل الثالث
------------------
إيمان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
في خلاص الإنسان
الخلاص هو قصة الحب الإلهي معلنة على الصليب، وتكتمل فصولها على طول الزمان.
وفي بساطة نستطيع أن نقول إن الخلاص معناه (الإنقاذ) فمثلا قولنا: "الخلاص من الغرق" نعني بذلك: "الإنقاذ من الغرق".
ولتوضيح إيمان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في الخلاص نناقش المواضيع التالية:
1ـ جوانب الخلاص.
2ـ النعمة والجهاد في قضية الخلاص.
3ـ الإيمان والأعمال في قضية الخلاص.
أولا: جوانب الخلاص
تشتمل جوانب الخلاص على:
1ـ إنقاذ من عقوبة الخطية.
2ـ إنقاذ من سلطان الخطية.
3ـ إنقاذ من جسد الخطيـة.
دعنا أيها القارئ العزيز نستوضح معاني هذا الكلام باختصار شديد.
الجانب الأول : إنقاذ من عقوبة الخطية
إذا ارتكب أحدنا خطية معينة من الخطايا فإنه يتبكت ويتألم لأنه يرى شدة غضب الل بسبب هذه الخطيةه، ويحس بأنه يستحق الموت، لأنه فعل الشر في عيني الرب إلهه …
هذا شعور سليم لأن الكتاب المقدس يقول: "أجرة الخطية هي موت"(رو23:6).
فان كان هذا هو شعورنا فإننا نستطيع أن نفهم معنى الخلاص. فالخلاص هو إنقاذنا من عقوبة الخطية ودينونتها. وبالتالي فهو إنقاذ من عقدة الشعور بالذنب التي نشعر بها بسبب الخطية. فالكتاب المقدس يعلنها صريحة أنه "لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح".(رو1:8).
فالرب يسوع المسيح بموته على الصليب قد فدانا من عقوبة الخطية، واحتمل في جسده عقوبة خطايانا ليطلقنا مبررين. يقول الكتاب المقدس: "والرب قد وضع عليه إثم جميعنا" (اش6:53).
هل تثق يا أخي وتؤمن في كفاية دم المسيح المسفوك عنك ليرفع عنك العقوبة التي تستحقها؟ فالكتاب المقدس يقول: "ونحن متبررين الآن بدمه نخلص به من الغضب".(رو9:5).
أم أنك تعيش حزينا مرتجفا من العقاب الأبدي غير واثق في تبرير الرب لك بدمه. الواقع إنك إن لم تثق في ذلك، فانك تنقص من قيمة دم المسيح وعمله الكفاري على الصليب!!.
أليس على هذا الأساس الإيماني المتين صار قبولنا لسر المعمودية المقدسة وممارستنا لسر التوبة والاعتراف حتى نحصل على الخلاص من عقوبة خطايانا؟!
فالمعمودية هي موت ودفن وقيامة مع المسيح لحياة جديدة تختلف تماما عن حياة أهل العالم الذين يعيشون لأنفسهم ولذواتهم. فالحياة الجديدة هي حياة محصورة في المسيح ولأجله ولتمجيد اسمه.
أما سر التوبة فهو الندامة على السلوك الخاطئ، والأعمال التي يسقط فيها الإنسان عن ضعف أو جهل أو كسل، ثم يقوم ليواصل مسيرته الروحية بعد التخلص من دنس الخطية. فالكتاب المقدس يقول: "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1يو1: 9)
ولكن هل معنى هذا أننا نتمادى في خطايانا وشرورنا على حساب دم المسيح؟ كلا..
أريدك أن تلاحظ جيداً أن الكتاب عندما قال: "إذاً لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع" أكمل قائلا: "السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح"(رو1:8).
والسيد المسيح نفسه قال لمريض بيت حسدا بعد أن شفاه من مرض الجسد ومرض الخطية "ها أنت قد برئت فلا تخطئ أيضاً لئلا يكون لك أشر".(يو14:5).
وبولس الرسول يؤكد هذا القول بقوله: "فماذا نقول. أنبقى في الخطية لكي تكثر النعمة. حاشا. نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها".(رو1:6،2).
فالخلاص من عقوبة الخطية قد تم فعلا بدم المسيح وموته الكفاري على الصليب، وينتقل إلينا عن طريق أسرار الكنيسة. وعن هذا قال قداسة البابا شنودة الثالث:
[حقا إن الخلاص قد تم على الصليب بالفداء بدم المسيح، ولكن نقل هذا الخلاص إلى الناس تقوم به الكنيسة عن طريق الكهنوت والأسرار المقدسة]
كان هذا عن الجانب الأول من الخلاص، أما الجانب الثاني للخلاص فهو:
الجانب الثاني: إنقاذ من سلطان الخطية
هذا هو المعنى الثاني للخلاص أو النوع الثاني للخلاص. فالإنقاذ من سلطان الخطية ومحبتها لا يقل أهمية وقيمة عن الإنقاذ من قصاص الخطية وعقوبتها.
وربما يتواجه التائب مع ضعفه عن أن يتخلص من سلطان الخطية وقوتها، وقد يصل به الأمر إلى حد اليأس!!!
ولكن شكراً لله بيسوع المسيح ربنا الذي قيل عنه "فمن ثم يقدر أن يخلص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله .. إذ هو حيٌّ في كل حين ليشفع فيهم".(عب25:7).
والخلاص أو التحرير من سلطان الخطية له شقان:
(1) الشق الإلهي:
من المؤكد أن الرب يسوع لم يسدد الدين الذي علينا فحسب بل قد وهبنا روحه الذي يحررنا من سلطان الخطية ومحبتها والعبودية لها. هوذا معلمنا بولس الرسول يتكلم عن اختباره في هذا الأمر، فبعد أن كان يصرخ متأوِّها: "أرى ناموساً آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي .. ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت".(رو23:7،24)، نراه بعد ذلك يقول "إن ناموس روح الحياة في المسيح قد أعتقني من ناموس الخطية والموت" (رو2:8)، وقال أيضا "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (في4: 13).
السر في هزيمتك المتوالية يا أخي هو أنك لم تدع الروح القدس يملأ كيانك كله ليحررك من عبودية الخطية، فداوم الصلاة بثقة ورغبة كاملة كما علمتنا الكنيسة أن نقول: "أيها الملك السمائي المعزي روح الحق الكائن في كل مكان والمالئ الكل كنز الصالحات ومعطي الحياة هلم تفضل وحل فينا وطهرنا من كل دنس أيها الصالح وخلص نفوسنا" (الأجبية).
ومع هذا فإن قوة المسيح تسري فينا أساساً من خلال سر الميرون [أو سر التثبيت] وسر التناول [أيضا لنثبت في الرب ويثبت هو فينا]، فعندما نثبت فيه نستطيع أن نقوم بجانبنا البشري.
(2) الجانب البشري:
والجانب البشري يشمل ضرورة الجهاد ضد العالم والشيطان وضد الإنسان العتيق الفاسد.
1ـ الجهاد ضد العالم: معلمنا يوحنا الحبيب يدعونا إلى محاربة محبة العالم إذ يقول: "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الله. لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة …" (1يو2: 15ـ 17) ولهذا ينبغي على المؤمن أن يكون في حرب دائما ليرفض عروض العالم وأفكاره التي تفصله عن الشركة مع فاديه ومخلصه الرب يسوع المسيح.
2ـ الجهاد ضد الشيطان: يقول معلمنا بطرس الرسول "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو، فقاوموه راسخين في الإيمان …" (1بط5: 18و19) لذلك ينبغي أن نقاوم الشيطان في جهاد مقدس كل أيام حياتنا.
3ـ الجهاد ضد الإنسان العتيق: يقول معلمنا بولس الرسول "عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب معه ليُبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد أيضا للخطية … إذن لا تملكن الخطية في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته" (رومية 6: 6و12)
يلاحظ من هذا الكلام حقيقتان:
+ الحقيقة الأولى: هي أن إنساننا العتيق قد صلب مع المسيح بالمعمودية.
+ والحقيقة الثانية: هي أن هذا الجسد المائت لازالت له شهوات ينبغي أن لا نطيعها.
فكيف يكون ذلك؟ كيف يكون للجسد المائت شهوات؟
ولحل هذه المشكلة العويصة أعطيك مثالا يفسر لنا هذا الأمر ويحل الإشكال: فإن المجرم المحكوم عليه بالإعدام لا ينفذ فيه حكم الإعدام في قاعة المحكمة عقب صدور الحكم مباشرة، ولكنه يعاد إلى السجن لينتظر موعد تنفيذ الحكم. ففي هذه الفترة من لحظة صدور الحكم حتى تنفيذه، هل يعتبر هذا المجرم ميتاً أم لا؟
الواقع أنه ميت وفي نفس الوقت غير ميت، ميت قانونا وحي فعلا.
هكذا الإنسان العتيق الفاسد يعتبر ميتا قانونا منذ المعمودية، التي قبل فيها المعمد حكم الموت على جسده العتيق، ولكنه في الواقع لا يزال حيا حتى ينفذ فيه حكم الموت يوم المجيء الثاني للرب يسوع المسيح. ولهذا وجب الجهاد ضد شهوات هذا الجسد، وهذا هو مفهوم الجهاد الروحي ضد الإنسان العتيق الفاسد.
بقي أن نوضح الجانب الثالث للخلاص وهو:
الجانب الثالث: إنقاذ من جسد الخطية
هذا هو الجانب الثالث من مفهوم الخلاص. فالمؤمن يظل طيلة أيام حياته في حرب طاحنة ضد الشيطان والجسد والعالم، لذلك فهو ينتظر مجيء الرب يسوع من السماء ليخلصه من جسد الخطية. لهذا فكمال خلاصنا هو بتغيير أجسادنا الترابية إلى أجسام روحانية في ظهور ربنا بمجده فمعلمنا بولس الرسول يقول "هوذا سر أقوله لكم لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير .. فانه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير".(1كو51:15،52). ولهذا فلسان حال المؤمن هو: "آمين تعال أيها الرب يسوع ".(رؤ20:22).
وقد وضح القديس أوغسطينوس مفهوم الخلاص هذا بكل جلاء إذ قال: "إذا سألني أحد عما إذا كنا قد خلصنا بالمعمودية؟ فأنا لا أستطيع أن أنكر ذلك إذ يقول الرسول "خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس ".(تى5:3). ولكن إن سألني عما إذا كنا قد خلصنا تماما من كل ناحية بواسطة المعمودية؟ أجيب بأن الأمر ليس كذلك. فقد قال نفس الرسول "لأننا بالرجاء خلصنا ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء لأن ما ينظره أحد كيف يرجوه أيضاً. ولكن إن كنا نرجو ما لسنا ننظره فإننا نتوقعه بالصبر".(رو24:8،25).
ثم يعود القديس أوغسطينوس موضحاً فيقول: "لأن المعمودية تمحي كل الخطايا عامة.. ولكنها لا تنزع الضعف البشري الذي يظل يقاومه المتجدد في جهاده الحسن". ويكمل قائلا "ولكن هذا الضعف الذي نقاومه بين سقطة وقيام حتى الموت..سينتهي بتجديد آخر قال عنه الرب: "في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم على اثني عشر كرسياً"(مت28:19). فيسمى الرب القيامة الأخيرة تجديداً وقد سماها بولس الرسول (تبني وفداء) إذ قال "نحن الذين لنا باكورة الروح نحن أنفسنا أيضاً نئن في أنفسنا متوقعين التبني والفداء أجسادنا".(رو3:8).
ثم يتساءل القديس أوغسطينوس قائلا: "ألم نتجدد؟ ألم نحصل على التبني والفداء بالمعمودية المقدسة؟ نعم ولكن يوجد أيضاً تجديد وتبني وفداء يجب أن نتوقعه بالصبر".
(Nicene & Post Nicene Fathers First Series Volume 5 Page 404)
ختاما أرجو لك يا أخي القارئ كل نعمة في جهادك الروحي لتنعم بالحياة الأبدية التي إليها دعيت. كن معافى.
ثانيا: النعمة والجهاد في
قضية الخلاص
يحتدم النقاش حول قضية الخلاص بالنعمة أم بالجهاد. والواقع أن سر الخلاف هو التطرف، أي تمسك كل فريق بأحد النقيضين. ففريق يري الخلاص بالنعمة فقط مستندين علي قول معلمنا بولس الرسول "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله" (أفسس 2: 8). وعلي النقيض من ذلك نري قوماً آخرين يتمسكون بأن الخلاص هو بالجهاد فقط مثل أصحاب بدعة (البيلاجية) أتباع بيلاجيوس في القرن الرابع الميلادي. أما النظرة الأرثوذكسية فهي نظرة متوازنة وحكيمة, ومن منطلق الفكر الأرثوذكسي الأصيل سوف نناقش
النعمة: في مفهومها، وأعمالها، وكيفية الحصول عليها، وبعض التوصيات بخصوصها.
الجهاد: في مفهومه، وحتميته، وجوانبه، وأسلوبه.
التوافق بين النعمة والجهاد.
النعمـة الإلهيــة
سوف نوضح مفهوم النعمة، ومفاعيلها، وكيفية الحصول عليها، ثم توصيات بخصوصها:
مفهوم النعمة:
النعمة هي عطية مجانية من الله للإنسان، وهذا ما قصد معلمنا بولس الرسول إيضاحه بقوله "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله" (أفسس 2: 8). وهذا عين ما أفصح عنه سليمان الحكيم بقوله "يعطي نعمة للمتواضعين" (أم 3: 34 ).
مفاعيل النعمة:
تقوم النعمة بأعمال عديدة في حياة الإنسان نذكر منها:
1ـ الرحمة والمعونة: يقول معلمنا بولس الرسول "فلنتقدم بثقة إلي عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه" (عب 4: 16).
2ـ الخلاص: وهذا ما وضحه معلمنا بولس الرسول بقوله "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله" (أف 2: 8).
3ـ التبرير: قال معلمنا بولس الرسول "متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رو 3: 24).
4ـ الثبات: هذا ما ذكره معلمنا بولس الرسول أيضاً بقوله "...حسن أن يثبت القلب بالنعمة" (عب 13: 9).
5ـ القوة: يتضح ذلك من قول معلمنا بولس الرسول "فتقو أنت يا أبني بالنعمة التي في المسيح يسوع" (2 تي 2: 1)
الحصول علي النعمة:
توجد عدة وسائل للحصول علي النعمة منها:
1ـ أسرار الكنيسة: التي تعتبر قنوات نعمة من خلالها يحصل المؤمن علي نعم الله المتعددة.
2ـ الإتضاع: يقول معلمنا بطرس الرسول "لأن الله يقاوم المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (1 بط 5: ).
3ـ الإيمان: الواقع أن الإيمان هو اليد التي تمتد لتحصل علي النعمة كما وضح معلمنا بولس الرسول بقوله" لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله" (أف 2: 8).
توصيات بخصوص النعمة:
هناك عدة توصيات بخصوص النعمة نذكر منها:
1ـ النمو في النعمة: يقول معلمنا بطرس الرسول" ولكن أنموا في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح" (2بط 3: 13). وهذا ما أكده معلمنا بولس الرسول بقوله "... ليتكم تزدادون في هذه النعمة أيضاً" (2 كو 8: 7).
2ـ عدم الإزدراء بروح النعمة: أي عدم تحقير النعمة، يقول معلمنا بولس الرسول "فكم عقاباً أشر تظنون أنه يحسب مستحقاً من داس ابن الله .... وأزدري بروح النعمة" (عب 10: 29).
3ـ الحذر من السقوط من النعمة: يوبخ معلمنا بولس الرسول أهل غلاطية لارتدادهم عن النعمة بقوله "قد تبطلتم عن المسيح .... سقطتم من النعمة..." ( غل5: 4).
كان هذا عن النعمة من زوايا متعددة، وسوف نلقي الأضواء علي الجهاد.
الجهـاد الروحي
في حديثنا عن الجهاد سوف نتكلم عن: مفهومه، حتميته، مجالاته، وأسلوبه.
1- مفهوم الجهاد: الجهاد الروحي هو بذل الجهد والعمل من جانب الإنسان تجاوباً مع عمل النعمة لأجل خلاص النفس.
2ـ حتمية الجهاد: يوضح لنا الكتاب المقدس بآيات عديدة ضرورة الجهاد وحتميته في الحياة الروحية نذكر منها:
أ ـ (1 تي 6: 12) يقول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "جاهد جهاد الإيمان الحسن وأمسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت".
ب ـ (2 تي 4: 7) يتكلم الرسول عن جهاده الشخصي فيقول "قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الأيمان أخيراً قد وضع لي أكليل البر...".
ج- (عب 12: 1و 2) يحض الرسول المؤمنين علي الجهاد بقوله "... ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلي رئيس الإيمان ومكمله يسوع..."
د- (عب 12" 4) ثم يستحثهم الرسول بالجهاد حتى الموت" لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية"
هـ-(1 كو9: 25) يوضح الرسول حتمية الجهاد بضبط النفس فيقول "كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء".
و- (2تي 2: 5) يوضح الرسول حتمية الجهاد القانوني بقوله "إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا"
3ـ مجالات الجهاد:
للجهاد الروحي ميادين متعددة منها:
ضد الخطية: يوضح هذا المجال معلمنا بولس الرسول بقوله "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عب 12: 4).
ضد الشيطان: يقول معلمنا بطرس الرسول "أصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو، فقاوموه راسخين في الإيمان" (1بط 5: 8و 9).
ج- ضبط النفس: يتضح ذلك من قول معلمنا بولس الرسول "كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء" (1كو 9: 25).
د- قمع الجسد: يقول معلمنا بولس الرسول عن جهاده الشخصي "أقمع جسدي وأستعبده حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضاً" (رو 15: 30).
هـ الصلاة: ينبغي أن يجاهد المؤمن في مجال الصلاة كقول الرسول "فأطلب إليكم أيها الأخوة بربنا يسوع المسيح ومحبة الروح أن تجاهدوا معي في الصلوات..." (رو 15: 3).
و- النمو الروحي: يوضح ذلك معلمنا بولس الرسول بقوله "ليس إني قد نلت أو صرت كاملاً ولكني أسعى لعلي أدرك الذي لأجله ادركني أيضاً المسيح يسوع". يكمل قائلاً: أيها الأخوة أنا لست أحسب نفسي أني قد أدركت. ولكني أفعل شيئاً واحداً. إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلي ما هو قدام، أسعى نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع" (في 3: 12 ، 14).
4ـ أسلوب الجهاد:
ينبغي أن يراعي المؤمن أن يكون جهاده:
أ- جهاد الإيمان: بمعنى أن لا يكون من منطلق الشك أو اليأس بل بثقة أكيدة في محبة الله ومعونته لذلك يقول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "جاهد جهاد الإيمان الحسن وأمسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت" (1 تي 6: 12).
ب ـ جهاد قانوني: أي أن يكون في دائرة النعمة ليس خارجها، لذلك يقول الرسول "إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا" (2 تي 2: 5).
ج- في مثابرة: أي باستمرارية حتى النهاية لذلك وبخ معلمنا بولس الرسول العبرانيين لعدم مثابرتهم بقوله "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عب 12: 4).
د- في صبر: إذ يعرف الرسول صعوبة الجهاد فيوضح ضرورة الصبر بقوله "ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا..." (عب 12: 1و 2).
وبهذا نكون قد استوضحنا أيضا الجهاد الروحي من حيث مفهومه، حتميته، ومجالاته، وأسلوبه. بقى أن نستعرض التوافق بين النعمة والجهاد.
التوافق بين النعمة والجهاد
الواقع أن النعمة والجهاد نسيج واحد، فالنعمة هي السدة والجهاد هو اللحمة في نسيج الحياة الروحية.
النعمة والجهاد ليسا عدوين ولكنهما توأم يعملان في توافق تام لخلاص النفس. ولتوضيح ذلك نضع أمامك الأمثلة التالية من الكتاب المقدس:
1ـ الإنتصار علي عماليق: لكي ينتصر شعب الله في حرب عماليق المذكورة في سفر الخروج 17: 8 – 13 كان لابد من التوافق بين دور موسى النبي الذي يمثل عمل النعمة، ودور يشوع الذي يمثل الجهاد.
دور موسى النبي: الوقوف علي رأس التلة رافعاً يديه للصلاة وممسكاً بعصا الله التي هي مواعيد الرب. حتى يعطي الرب الغلبة.
دور يشوع: الدخول في الحرب ومواجهة العدو بالسلاح وهذا يمثل جهاد الإنسان في مواجهة الشيطان والخطية.
والعجيب أننا نقرأ في الكتاب أنه "وكان إذا رفع موسى يده أن إسرائيل يغلب وإذاخفض يده أن عماليق يغلب" (خر 17: 1). لابد إذن من اتحاد النعمة والجهاد للانتصار.
2ـ الإنتصار علي جليات: واضح أيضاً من قصة داود النبي وانتصاره علي جليات، التحام عمل النعمة مع الجهاد:
النعمة : تتضح النعمة من قول داود النبي "أنت تأتي إلي بسيف وبرمح وبترس وأنا آتي إليك باسم رب الجنود.... هذا اليوم يحبسك الرب في يدي فأقتلك .... وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف وبرمح يخلص الرب لأن الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا" (1 صم 17: 45- 47)
واضح جداً عمل الله في كلام داود النبي أنه يحبس جليات ويدفع الفلسطينيين لأيدي شعب الله.
الجهــاد: يتضح دور جهاد الإنسان في هذه الواقعة إذ يقول الكتاب " ومد داود يده إلي الكنف (الكيس) وأخذ منه حجراً ورماه بالمقلاع وضرع الفلسطيني في جبهته..." (1 صم 17: 49) فأخذ الحجر ورميه بالمقلاع وضربه للفلسطيني كلها أعمال قام بها داود تشير إلي جهاد الإنسان في الانتصار علي الشيطان.
3ـ إقامة لعازر: في معجزة إقامة لعازر (يوحنا 11) نرى أيضاً توافق عمل النعمة مع الجهاد:
أرفعوا الحجر: يشير إلي الجهاد لأنه عمل بشري.
هلم خارجاً: هذا هو عمل الله أي نعمة الله. فلابد إذن من التحام عمل النعمة مع عمل الإنسان في جهاد حتى يكمل العمل الروحي في خلاص الإنسان وانتصاره علي الشيطان وعلي الموت
بعض أقوال الأباء
عن إلتحام عمل النعمة والجهاد
1ـ القديس مقاريوس الكبير:
"يحرث الفلاح الأرض ثم ينتظر الندى والأمطار من فوق فإذا لم يأتي الماء من فوق يصير الكرم بلا ثمرة ويصبح الكرام بلا مكسب من فلاحته" ويكمل ويقول "هكذا أيضاً في الروحيات يجب أن يعمل ويجاهد كل إنسان بإرادة وعزيمة لأن الله يطالب كل إنسان بكده واجتهاده وعمل يديه ولكن إذا لم تدركه نعمة الله من فوق ويشرف عليه سحاب جوده وتحننه يبقى بلا ثمرة من جهاده".
2ـ القديس مار اسحق السرياني:
"بقدر ما يشقى الإنسان ويجاهد ويغصب نفسه من أجل الله هكذا معونة إلهية تأتي إليه وتحيط به وتسهل عليه جهاده وتصلح الطريق قدامه".
وهناك أقوال كثيرة للآباء القديسين ولكن لضيق المجال نكتفي بهذا القدر وكل من يريد اكثر فليقرأ في أقوال الآباء وبستان الرهبان وسير القديسين فيجد الكثير والكثير جداً.
أختم هذا الحديث ببعض مما قاله قداسة البابا المعظم الآنبا شنوده الثالث عن النعمة والجهاد أيضاً في كتابه الشهير (الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي) يقول قداسة البابا:
1- "إن عمل النعمة داخلنا لا يعني أن ننام ونتكاسل عن واجباتنا"
2- "إن وجود خاطي واحد في هذا العالم لم يتب إنما هو اكبر دليل للتأكيد علي أن النعمة وحدها لا تفعل كل شيء بمفردها"
3- "إن النعمة تعرض مساعدتها عليك وأنت لك الخيار فلك أن تقبل عملها أو أن ترفضه"
4- "إن النعمة سلاح مقدم لك تستطيع أن تحارب به وتنتصر إن أردت وتستطيع أيضاً أن تهمله وتواجه الشيطان بنفسك وأنت غير مسلح وفي هذه الحالة سوف تهزم. وفي كلتا الحالتين أنت حر في أن تحمل سلاحك بإرادتك وهذا لفائدتك إن استخدمت هذا السلاح المقدم لك من أجل خلاصك الشخصي".
بهذا قد حاولت أن أقدم توضيحاً لمفهوم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عن النعمة والجهاد والتوافق بينهما في هذه النظرة المتوازنة غير المتطرقة يميناً أو شمالاً.
الله يعطينا نعمة حتى نجاهد جهاد الإيمان الحسن في مجال النعمة لننال خلاصاً لأنفسنا. آمين.
ثالثا:الإيمان والأعمال في
قضية الخلاص
ولكي نناقش دور كل من "الإيمان والأعمال" في خطة الخلاص نتكلم عن:
1ـ الإيمان في خطة الخلاص.
2ـ الأعمال في خطة الخلاص.
3ـ الرد علي الاعتراضات المختلفة.
الفصل الأول
==========
الإيمان
======
الحديث عن دور الإيمان في خطة الخلاص يشمل: إيضاح مفهومه، وحتميته، ومجالاته، وثماره.
أولا: مفهوم الإيمان:
الواقع أن للإيمان معنيين:
1- المعنى العقيدي: وهو التصديق اليقيني الواثق في وجود الله وصدق كلامه ومحبته ووعوده وفي استجابته لكل ما يرجوه الإنسان لخيره وفيما يتفق ومشيئة الله. وعن هذا يقول معلمنا بولس الرسول "أما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى". (عب 11: 1).
2- المعنى الروحي: وهو قبول السيد المسيح في القلب "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه" (يو 1: 12).
ثانيا: حتمية الإيمان:
==============
هل الإيمان أمر هام وحتمي للإنسان؟
نعم الإيمان أمر هام وحتمي، فقد أمرنا الرب يسوع المسيح أن يكون لنا إيمان بالله في قوله "ليكن لكم إيمان بالله" (مر 11: 22). ويقول أيضاً معلمنا بولس الرسول "بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه" (عب 11: 6). وهناك آيات عديدة يضيق المجال بذكرها.
ثالثا: مجالات الإيمان:
للإيمان مجالات كثيرة منها:
(1) الإيمان بالله وبابنه يسوع المسيح: يقول الرب يسوع "لا تضطرب قلوبكم، أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي" (يو 14: 1).
(2) الإيمان بالكتاب المقدس : جاء في بشارة معلمنا مرقس البشير "توبوا وآمنوا بالإنجيل" (مر1: 15).
(3) الإيمان بمواعيد الله: قال معلمنا بولس الرسول عن أبينا إبراهيم "وتيقن أن ما وعد به الله هو قادر أن يفعله أيضاً" (رو4: 21).
(4) الإيمان في الفداء الذي صنعه الرب بسفك دمه: إذ يقول معلمنا بولس الرسول "متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه..." (رو 3: 24و 25).
(5) الإيمان بهبة الحياة الأبدية: كما يقول معلمنا بولس الرسول "أما هبة الله فهي حياة أبدية" (رو 6: 23).
رابعا: ثمار الإيمان:
ما أروع وما أعظم ثمار الإيمان، سأذكر منها البركات التالية:
(1) الغفران: يقول معلمنا بطرس الرسول "له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا". (أع 10: 43).
(2) التبرير: يقول معلمنا بولس الرسول "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح" (رو5: 1).
(3) الخلاص: يقول معلمنا بولس الرسول "بالنعمة أنتم مخلصون بالإيمان" (أف 2: 5و 8).
(4) التبني: قال معلمنا بولس الرسول "لأنكم جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع" (غل 3: 2).
(5) الفرح: قيل عن سجان فيلبي أنه "تهلل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله" (أع 16: 34)
(6) السلام: يصلي معلمنا بولس الرسول لمؤمن رومية قائلاً "وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان" (رو 15: 13).
(7) الغلبــة: يقول معلمنا يوحنا الرسول "لأن كل من ولد من الله يغلب العالم وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم إيماننا" (1 بو5: 4و 5).
(8) الحياة الأبدية: يقول معلمنا يوحنا البشير "لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16).
(9) الكرازة بجرأة: يقول معلمنا بولس الرسول "فإذ لنا روح الإيمان عينه حسب المكتوب آمنت لذلك تكلمت. نحن أيضاً نؤمن ولذلك نتكلم أيضاً" (2كو4 : 13)
كان هذا باختصار عن الإيمان بأبعاده وثماره. وننتقل الآن إلي مناقشة دور الأعمال في خطة الخلاص.
الفصل الثاني
============
الأعمال
لفهم دور الأعمال في قضية الخلاص يلزمنا أن نعرف: مفهوم الأعمال، وحتميتها، وأنواعها، وغايتها. حتى نستطيع أن ندرك أهميتها ودورها وارتباطها بالإيمان كنسيج واحد في ثوب الخلاص المجيد.
أولا: مفهوم الأعمال:
الأعمال هي كل ما يقوم به الإنسان من جانبه مع عمل النعمة فيه. وسوف نرى كيف أن الأعمال ليست ثمنا للخلاص، ولكنها في ذات الوقت وسيلة لا يمكن تجاهلها لنوال الخلاص، بل هي أيضا ثمرة حتمية لنعمة الخلاص.
ثانيا: حتمية الأعمال:
تتضح أهمية الأعمال في خطة الخلاص من خلال الآيات التالية:
(1) قول الرب يسوع المسيح الفائق "فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات" (مت 5: 16).
(2) وأيضاً في قول معلمنا يعقوب "هكذا الإيمان أيضاً إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته" (يع 2: 17)
(3) وكذلك قوله "ولكن هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل أن الإيمان بدون أعمال ميت" (يع 2: 20)
(4) وأيضاً قوله "لأنه كما أن الجسد بدون روح ميت هكذا الإيمان أيضاً بدون أعمال ميت" (يع 2: 26).
ثالثا: أنواع الأعمال:
الواقع أن للأعمال أنواع مختلفة منها:
(1) أعمال كوسيلة للخلاص مثل:
أ) التوبة: هي عمل إنساني لازم للخلاص، إذ يقول الرب يسوع "توبوا وآمنوا بالإنجيل" (مر 1: 1).
ب) الطلبة: والطلبة أيضاً عمل يقوم به الإنسان لازم أيضاً للخلاص "اللهم ارحمني أنا الخاطي" (لو 18: 13).
ج) التصديق (الإيمان): وهذا أيضاً عمل بشري لابد منه لأن "من لا يصدق الله فقد جعله كاذباً" (1يو 5: 10)، "آمن بالرب يسوع فتخلص..." (أع 16: 31).
د) المعمودية: فالسيد المسيح يقول "من آمن واعتمد خلص" (مر 16: 16).
هذا عن الأعمال كوسيلة للخلاص وأيضا هناك:
(2) أعمال يقوم بها الإنسان لإتمام خلاصه مثل:
أ) الجهاد: إذ يقول معلمنا بولس الرسول "ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلي رئيس الإيمان ومكمله" (عب 12: 1و 2)
ب) الحرب الروحية: يقول معلمنا بولس الرسول "ألبسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس" (أف 6: 11).
ج) المثابرة: يقول الرسول "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عب 12: 4).
د) عدم اليأس: يقول ميخا النبي "لا تشمتي بي يا عدوتي. إذا سقطت أقوم. إذا جلست في الظلمة فالرب نور لي " (ميخا 7: 8).
هذا عن الأعمال التي يقوم بها الإنسان لإتمام خلاصه، بقي أيضا:
(3) أعمال كثمر للخلاص مثل:
أ) الأعمال التي تليق بالتوبة: اصنعوا أثماراً تليق بالتوبة" (مت 3: 8).
ب) أعمال المحبة: لأن الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي أظهرتموها نحو اسمه" (عب 6: 10).
ج) الأعمال أساس الدينونة: "ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم لأني جعت فأطعمتموني. عطشت فسقيتموني. كنت غريبا فآويتموني. عريانا فكسوتموني. مريضا فزرتموني. محبوسا فأتيتم إلي... بما أنكم فعلتموه بأحد اخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" (مت 25: 34- 40)
رابعاً: غاية الأعمال:
إن الغاية العظمى من الأعمال الحسنة التي يعملها المؤمن هي تمجيد اسم الله القدوس. يتضح ذلك مما يلي:
(1) قول الرب يسوع المسيح "فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات" (مت 5: 16)
(2) قول معلمنا بطرس الرسول "وأن تكون سيرتكم بين الأمم حسنة لكي يكونوا فيما يفترون عليكم كفاعلي شر يمجدون الله في يوم الافتقاد من أجل أعمالكم الحسنة التي يلاحظونها" (1بط 2: 1).
الفصل الرابع
============
اعتراضات والرد عليها
(1) الاعتراض الأول:
---------------------------
يعترض البعض علي أهمية الأعمال بقولهم: إن التبرير ليس بالأعمال: ويسوقون لذلك قول معلمنا بولس الرسول "لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمامه. لآن بالناموس معرفة الخطية" (رو 3: 20). ويؤيدون كلامهم بما قاله أيضاً معلمنا بولس الرسول "إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس بل بإيمان يسوع المسيح آمنا نحن أيضاً بيسوع المسيح لنتبرر بإيمان يسوع لا بأعمال الناموس. لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما. (غل 2: 16).
وللرد علي ذلك نقول:
إن كلام معلمنا بولس الرسول في كلتا الآيتين هو واحد إذ أنه يقاوم حركة التهود التي ظهرت من اليهود الذين دخلوا المسيحية وأرادوا أن يرتدوا إلي العبادة اليهودية ومؤداها أنهم كانوا ينادون بحتمية التمسك بناموس العهد القديم بما فيه من ذبائح دموية، ولهذا قال لهم معلمنا بولس الرسول أن أعمال الناموس هذه لا يتبرر بها أحد لأن ذبيحة المسيح هي الذبيحة الوحيدة للفداء والتبرير ويلزم لذلك الإيمان بالمسيح يسوع لا بأعمال الناموس.
(2) اعتراض آخر:
--------------------------
يقولون أن الخلاص ليس بالأعمال بل بالإيمان ويتمسكون بقول معلمنا بولس الرسول "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله. ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد" (أف 2: 8و 9). ويؤيدون وجهة نظرهم بما قاله معلمنا بولس الرسول أيضاً "الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية" (2تي 1: 9) وآيات أخرى من هذا القبيل:
وللرد علي ذلك نقول:
أن معلمنا بولس الرسول يريد أن يؤكد حقيقة هامة وهي أن الأعمال ليست ثمناً للخلاص، فالخلاص في حد ذاته هو نعمة من الله، ولا نستطيع أن نشتري هذه النعمة بأي ثمن. ولكن هذا الأمر لا يلغي أهمية الأعمال كوسيلة حتمية لنوال الخلاص كما سبق أن أوضحنا في هذا المقال.
مما تقدم نستطيع أن ندرك أن "الإيمان والأعمال" هما مثل "النعمة والجهاد" نسيج واحد في ثوب الخلاص، وان كانت النعمة هي الجوهر والأساس ولكن بدون إيمان وجهاد وأعمال لا ننال هذه النعمة ولا تظهر ثمارها في حياتنا.
الرب القدير يجعلنا مستحقين أن نؤمن ونعمل لمجد اسمه القدوس. آمين
.
الخاتمة
نأتي الآن إلى ختام هذا الكتاب وهو الجزء الثاني من موسوعة "التعريف بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية".
وقد صدر من قبل الجزء الأول الذي تكلمنا فيه عن البابين الأولين:
وهما: 1ـ مفاهيم أساسية بخصوص: مفهوم "الكنيسة" ومفهوم "القبطية" ومفهوم "الأرثوذكسية".
2ـ تأسيس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بخصوص: من أسسها؟ ومتى تأسست؟ وأين تأسست؟ وكيف انتشرت في العالم؟
وفي هذا الجزء الثاني تكلمنا عن:
معتقدات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من حيث:
1ـ إيمانها في الله وجوده وثالوثه
2ـ إيمانها في الوحي
3ـ إيمانها في خلاص الإنسان
وسوف نوالي نشر الجزء الثالث قريبا بمشيئة الرب وسوف نواصل الحديث عن معتقدات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أيضا من حيث:
1ـ إيمانها في الأسرار
2ـ إيمانها في الملائكة والقديسين
3ـ إيمانها في الصور والأيقونات
4ـ إيمانها في التقليد
من الرب نسأل أن يستخدمه بركة لمن يقرأه بصلوات حضرة صاحب القداسة البابا شنودة الثالث .
أحدث الموضوعات
From Coptic Books
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010
المشاركات الشائعة
- اكلات صيامى بمناسبة بدء الصوم كل سنة وانتم طيبين
- مسابقة فى صورة اسئلة مسيحية
- افكار تنفع مدارس الاحد { وسائل الايضاح }
- الحان اسبوع الالام mp3
- صور تويتى للتلوين
- دراسة كتاب مقدس ... لابونا داوود لمعى
- صور يسوع المسيح ( مصلوب )
- صلوات الاجبية بالصوت mp3
- حصرياً : اعلان نتيجة مهرجان الكرازة & شعار مهرجان الكرازة 2010 Mp3 ومنهج الألحان
- أرشيف الترانيم والمدائح أون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.