عقيدة المسيحيين فى المسيح




عقيدة المسيحيين فى المسيح
------------------------------------

اعتراضات على التجسد و الإجابه عليها :
----------------------------------------------


أ- كيف يستطيع الله غير المحدود أن يسكن فى الإنسان المحدود ؟

حقيقة أن الله غير محدود ، لكنه يمكنه أن يحل فى كل البشر ، و يظل هو الله غير المحدود . فمثلا الهواء يغلف الكرة الأرضية كلها ... هذا الهواء نفسه موجود فى رئات البشر و عن طريقه يتنفسون سواء فى اليقظه أو النوم . لكن وجود الهواء فى رئات البشر . لا يمنع أن يكون هو مالئاً لكل الغلاف الجوى للأرض .. و كمثال ثان نقول إذا وضعت أوانى كثيره فى مياه بحر أو محيط . إنها جميعها تمتلئ بالماء . لكن ذلك لا يمنع أن يظل الماء مالئاً للبحر أو المحيط و محيطاً بتلك الأوانى .. هكذا يمكن الله أن يسكن فينا و فى نفس الوقت يكون مالئاً لكل مكان لأنه غير محدود .

ب- كيف يتحد الله القدوس الفائق السمو بالإنسان الدنئ الخاطئ ؟

يسخر البعض من اتحاد الله بالطبيعه الإنسانية الدنيئة , فضلا ً عن القول إن طبيعة الله نفسه تختلف عن طبيعة الإنسان .. و نحن نقول إنه ليس من ينكر أن طبيعة الله مختلفه عن طبيعة الإنسان . لكن التجسد لا يعنى أن الله تحول الى إنسان , بل ان الله تنازل و اتحد بكل مكونات الإنسان , و فى نفس الوقت يظل هو الإله القادر على كل شئ ... يقولون إن الإنسان يأكل و يشرب و يمارس عمليات ( التبول و التبرز ) .. الخ , كيف يتحد الله بمثل هذه الطبيعه الإنسانيه . إنها إهانه لله و طبيعته !! و نحن نقول إن ممارسه الإنسان للأكل و الشرب و عمليات أخراج البول و البراز ليست دليلاً على دناءة الإنسان , و بالتالى لا تعتبر خطية .. اليس جسد الإنسان هو من صنع الله ؟ فهل يخلق الله شيئاً حقيراً و دنيئاً ؟! الله الكامل خلق كل شئ كاملاً طاهراً و مقدساً . و بعدما أكمل الله خلقة الإنسان فى اليوم السادس , يذكر الكتاب المقدس هذه العبارة " و رأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جداً " ( تك 1: 31 ) .. ومن جهة أخرى كيف يغفل المعترضون ما فى الإنسان من أجهزة غاية فى الدقة و السمو و التعقيد كالمخ و الجهاز العصبى و الدورى و التنفسى و البولى , ليذكروا فقط عمليات الأخراج ؟ !! و نود أن نشير مجرد إشارة إلى أ، العظمة الحقيقية فى المسيحية هى عظمة المحبة و الاتضاع , و ليست عظمة التعالى و الترفع و الاستهانة بالإنسان .

ج- كيف يستطيع البشر أن يروا الله الذى لا يرى ؟!

حقيقة إن الكتاب المقدس يقول عن الله " الذى لم يره أقال الله لموسى قديماً "لأن الانسان لا يرانى و يعيحد من الناس و لا يقدر أن يراه " (1 تى 16:6) و ش " ( خر 20:33 ) 0 فكيف بعد هذا أن يقال ان المسيح هو الله ورآه كل الناس ؟‍‍‍.. ونحن نقول ان الكلام فى الايتين السابقين عن رؤية اللاهوت مجردا . وهذا بطبيعة الحال امر مستحيل . لذا حينما اراد اللة ان ينزل الى البشر ليتمم عملية الفداء و يصبح عمانوئيل ( اللة معنا ) كان لابد ان يأخذ جسدا يخفى بة هذا الاهوت ...

ثم لماذا يحتجب اللة عن البشر ويحدثهم من خلال الانبياء فقط ... لقد كان اختيار اللة للوحى للتعريف عنه سواء بواسطة الانبياء او الكتب المقدسة ،انما هو بمثابة تمهيد للاعلان الاكبر والاكمل عندما يحل بيننا ويصير كواحد من البشر ويصبح عمانئيل الذى تفسيره اللة معنا ...

وحسنا يشبة بعض الاباء الوحى بالخطوبة والتجسد بالزواج لان المحبة والالفة تنتهى باتحاد بعلاقة اقوى ولذلك ختم الله اعلانة عن نفسه بالتجسد .

د- يدعون ان عقيدة التجسد مستوحاة من الوثينة ...

وللاجابة على ذلك نقول انه ليس هناك اى سند من نصوص وثنية تثبت ذلك وليس ثمة اية مقارنات بين نصوص وثينية ونصوص الانجيل لتوكد الاقتباس .فلقدظهرت المسيحية فىبلاد فلسطين وفى مهد يهودى بجوه الروحى واللاهوتى ولو كانت المسيحية ظهرت فى بابل او بلاد فارس لكان لنا ان نشك فى اصلها الوثنى ...ثم اننا نلاحظ ان كل اسفار العهد الجديد تشير دائما الى نبؤات انبياء العهد القديم وهم انبياء اسرائيل ولاتشير هذة الاسفار الى مصادر وثنية .بل ان كلا من اسفار العهد القديم والجديد تحارب الوثنية بكل عنف , فكيف تقتبس ؟

3 – قدم للبشرية مثلا للكمال الانسانى :

وهذة تعتبر نقطة ثانوية بالقياس الى النقطتين الاولى والثانية ...اتى السيد المسيح لكى يقدم للبشرية مثلا للكمال الانسانى .ولكى ما يعرفهم ويسلمهم تسليما ان هذا الكمال الانسانى _الذى يسمى الكمال النسبى لكمال اللة المطلق – انما هو شىء ممكن ... كانت الكمالات وكمال اللفضيلة الانسانى منذ القديم معروفة للانسان معرفة نظرية عنطريق الكتب المقدسة .لكن امكن للالانسان فى العهد الجديد ,وفى شخص المسيح ان يعرف صفات الله وكمالاته معرفة مباشرة فى المسيح ، الذى هو صورة اللة غير المنظور (كو 15:1)... "اللة لم يرة أحد قط . الأبن الوحيد الجنس الذى هو فى حضن الآب هو خبّر" (يو 18:1).

لقد علّم السيد المسيح الفضيلة بشخصه وليس بكلامه كما فعل كل المعلمين الذين سبقوه .عاش كاملاً بالجسد حياة الكمال الأنسانى ،لكى ما يثبت للانسان أن هذا الكمال النسبي أو الكمال الانسانى فى استطاعته أن يحياه .وقدم ذاته كاملاً في كل سيرة متحدياً مقاومته ...هؤلاء المقاومون الذىن حاولوا فى كل مناسبة أن يصطادو ه ولو بكلمة (لو54:11)...لقد تحدًي هؤلاء المغرضين الأشرار أن يثبتوا عليه خطية "من منكم يبكتنى على خطية" (يو 46:8).وهكذا ترك لنا المسيح مثلاً لكى نتبع خطوات ( 1 بط 2: 21 ) .. كل ذلك دعا القديس أغسطينوس لأن يقول :

{ مباركة هى خطية آدم التى جلبت للإنسان كل هذا الخير } !! و معنى هذا أنه لولا هذه الخطية و ما ترتب عليها , و ما نتج عنها , لما أتى المسيح إلينا , و لبس جسدنا الترابى و عاش بين البشر كواحد منهم .

من يكون المسيح

ما هى عقيدة المسيحيين فى المسيح ؟

1 – يؤمن المسيحيون منذ أن قامت المسيحية و حتى اليوم , أن المسيح هو " ابن الله الحى " استناداً إلى اعتراف بطرس الرسول الذى طوبه المسيح و كشف أن لحماً و دما لم يعلن له هذا الإيمان و لكن الآب الذى فى السموات و اردف المسيح أ، على صخرة الإيمان هذه يبنى كنيسته , و أبواب الجحيم لن تقوى عليها ( مت 16: 13-18 ) .

تعليق المسيح هذا على اجابة بطرس تعنى أن حقيقة لاهوت المسيح يخفيها ناسوته .. و الناظر إلى المسيح لا يرى فيه إلا إنساناً . أما كونه "أبن الله الحى " فهذا أمر جاء نتيجة أعلان الآب السماوى و انه ليس صادراً عن بطرس ذاته .. أما الصخرة التى يشير إليها المسيح انه يبنى عليها كنيسته فهو المسيح ذاته كما كشف ذلك بولس الرسول ( 1 كو 10: 40 ) . و فى ذلك يقول داود النبى : " لأن من هو إله غير الرب . و من هو صخرة سوى إلهنا " ( مز 18: 3 ) . معنى هذا الكلام أن المسيح و الإيمان بلاهوته , و الاعتراف بأنه " أبن الله الحى " هو الصخرة التى بنى المسيح كنيسته عليها .. و الحق أن هذه هى الحقيقة الأولى فى الإيمان المسيحى و بدونها لا يحسب الإنسان مسيحياً ..

2_ و يؤمن المسيحيون انه إلى جانب كون المسيح " ابن الله الحى " فهو الله الظاهر فى الجسد . هو الله الذى لم يكن منظوراً فى العهد القديم , و صار منظوراً فى العهد الجديد فى المسيح .. بمعنى انه هو الله غير المنظور , و قد صار منظوراً فى المسيح .

أ- فالمسيح هو " كلمة الله " أو " الله الكلمة " أى " اللوغوس " .. يقول يوحنا فى فاتحة إنجيله : " فى البدء كان الكلمة " و ليس المقصود بلفظ "الكلمة " هنا ، الكلمة التى تخرج من الشفاه ، و إلا لقيل " فى البدء كانت الكلمة " لأن لفظ الكلمة فى اللغة العربية مؤنث .. إنما الكلمة هنا تعبير عن ابن الله الأقنوم الثانى فى الثالوث القدوس .. و فى النص الأصلى اليونانى الذى كتب به العهد الجديد نقرأ " فى البدء كان اللوغوس " .. فما هو اللوغوس ؟ .. اللوغوس كلمة يونانية استخدمت فى الفلسفة اليونانية للتعبير عن العقل الكونى .. فهى إذن تعنى العقل الإلهى الكائن فى الذات الإلهية منذ الأزل . و حينما يقول يوحنا : " فى البدء كان الكلمة " فإنما يعنى الأزل . و لم تمر لحظة من الزمان كانت الذات الإلهية بدون عقل فالعقل فى الله ليس جزء منه , لأن الله لا يتجزأ .. فالله عقل و لا مادة فيه .. المسيح إذن هو " الله الكلمة " . و المقصود الكلمة الفاعلة أى الخالقة " فإن فيه خلق الكل ما فى السموات و ما على الأرض ما يرى و ما لا يرى , سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين . الكل به و له قد خلق " ( كو 1: 16 ) .. المسيح هو الذى " به كان كل شئ , و بغيره لم يكن شئ مما كان .. كان فى العالم , و العالم به كون " ( يو 1: 3- 10 ) . و هو الله الكلمة الذى تكلم على افواه الأنبياء القديسين جميعاً . و هو الله الكلمة لأن الله غير المنظور كلمنا فى المسيح المنظور " الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع و طرق كثيرة , كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة فى إبنه الذى جعله وارثاً لكل شئ . الذى به أيضاً عمل العالمين " ( عب 1: 1- 2 ) .

3 _ و يؤمن المسيحيون أيضاً أن المسيح ليس نبياً أو رئيس أنبياء , على الرغم من أنه تكلم عن ذاته كنبى فى بعض المواقف . فمثلاً عندما رفضه أهل الناصرة قال : " ليس نبى مقبولاً فى وطنه" ( لو 4: 24 ) . و عندما حذره الفريسيون من غضب هيرودس الملك قال : " ينبغى أن اسير اليوم و غداً و ما يليه , لأنه لا يمكن أن يهلك نبى خارجاً من أورشليم " ( لو 13: 33 ) . كما أنه اشير إليه على لسان موسى أنه " النبى " معروف بأل التعريف ( تث 18: 15- 19 ) . فى هذه النبوة يدعو موسى المسيح " نبياً مثلى " .. و قد كانت هذه النبوة معروفة لدى اليهود معرفة كاملة , حتى أنهم سألوا يوحنا المعمدان حينما ظهر " من أنت " , و هل هو المسيح . لكن يوحنا اعترف و اقر انه ليس فسألوه : " إذا ماذا . إيليا أنت . فقال لست أنا . النبى أنت . فاجاب لا .. فسألوه و قالوا له فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح و لا إيليا و لا النبى " ( يو1: 19- 25 ) . و إلى هذه النبوة و فهم اليهود أنها تشير إلى المسيح أشار استفانوس شهيد المسيحية الأول ( أع 7: 37 ) . و جدير بالذكر أن كلام موسى المشار إليه سابقاً لم يكن عن مجرد نبى عادى . لأنه فى نفس الموضع يقول الرب " و يكون ان الإنسان الذى لا يسمع لكلامى الذى يتكلم به باسمى انا اطالبه " .. نعود و نقول ان المسيح رغم انه حال كونه فى الجسد , أخذ وظيفة نبى , فليس معنى ذلك أنه نظير بقية الأنبياء الذين عرفتهم البشرية .. و السؤال الأن لماذا دعا المسيح نفسه فى بعض المواقف نبياً . و الإجابة على ذلك تتطلب أن نتوقف قليلاً لنعرف ماذا يقصد بكلمة نبى فى الكتب المقدسة ؟

النبى هو من يتكلم نيابة عن آخر .. و كمثال لذلك موسى النبى و أخوه هارون . قال الرب لموسى حينما أستعفى أن يبلغ رسالته إلى فرعون مصر محتجاً بأنه ثقيل الفم و اللسان " تكلمه ( اى تكلم هارون ) و تضع الكلمات فى فمه .. و هو يكلم الشعب عنك . و هو يكون لك فماً . و أنت تكون له إلهاً " ( خر 4: 15- 16 ) .. و عبارة "تكون له إلهاً " صعبة , حين نصطدم بها لا يمكن فهمها ما لم نفهم معنى النبوة فى الكتاب المقدس ما هو قصد الله أن موسى يكون مصدر التبليغ , الأمر الذى يعبر عنه بعبارة " تكون له إلها ً " , و هارون يكون نبياً ( يكون فماً ) .. هذا الوصف يوضح نسبة النبى إلى الله . نفس المعنى يوضحه قول الرب لارميا النبى " مثل فمى تكون " ( أر 15: 19 ) و قوله لموسى عن النبى المزمع أن يرسله فى ملء الزمان " و أجعل كلامى فى فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به " ( تث 18: 18 ) .. لذا من ؟أجل أن الأنبياء هم مجرد مبلغين لكلام الله و لإرادته , حرص أنبياء العهد القديم على تعبير كثيراً ما نقرأه فى كتاباتهم " هكذا قال الرب " .

هنا نتساءل كيف كان المسيح نبياً بالمفهوم السابق ؟ ... كان المسيح نبياً من حيث أنه أبلغ البشر أفكار الله و ارادته ..و يتضح ذلك من قوله " الكلام الذى تسمعونه ليس لى بل للآب الذى أرسلنى " ( يو14: 24 ) .. " تعليمى ليس لى بل للذى أرسلنى " ( يو 7: 16 ) .." و لست أفعل شيئاً من نفسى " , بل أتكلم بهذا كما علمنى أبى " ( يو 8: 28 ) .. هذا فضلاً عن أن المسيح دعى نبياً لأنه أخبرنا بأمور ما كان ممكناً للبشر أن يعرفونها بدونه " الله لم يره أحد قط , الأبن الوحيد الجنس الذى فى حضن الآب هو خبر " ( يو 1: 18 ) " هو خبر " أى أنه هو الذى قال لنا عن الله كما أخبرنا بأمور مستقبله عتيدة أن تحدث كخراب أورشليم و هيكلها و نهاية العالم و ما يسبقها من علامات و أحداث .

بكل هذه المعانى دعى المسيح نبياً . و كان هو خاتم السلسلة النبوية للعهد القديم و به و فيه انتهت الوظيفة النبوية .

4- و يؤمن المسيحيون أن المسيح ليس هو عبد الله بمفهوم هذا التعبير و إن كان فى تجسده أخذ صورة عبد حجب بها لاهوته ... يقول القديس بولس الرسول عن المسيح : " الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله ( لم يحسب مساواته لله أختلاساً . أى انه لم يأخذ شيئاً ليس له ) , لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس " ( فى 2: 6- 7 ) . و لابد لنا هنا من وقفة طويلة عند تعبير " صورة الله " الذى يستخدمه بولس عن المسيح فى هذه الآية , لئلا يظن أحد أن المسيح مجرد صورة و ليس الأصل ‍.. لقد كتبت أسفار العهد الجديد بالغة اليونانية .. و فى اللغة اليونانية كلمتان مختلفتان تترجمان فى اللغة العربية إلى كلمة " صورة " .. الكلمة الأولى هى مورفى morfH و الكلمة الثانية هى إيكون ikon ومنها كلمة أيقونة بالغة العربية , و تعنى المماثلة , أو أنها نموذج مطابق للأصل

و الكلمة التى يستخدمها بولس فى الآية السابقة هى morfH و ليس ikon و كلمة مورفى morfH المستخدمة هنا لا تعنى الشكل الجسدى , بل كانت تعبيراً يونانياً فلسفياً فى ذلك الوقت يعبر به عن الكائن الذى يحمل فى ذاته الطبيعة و الصفة المميزتين للكائن الذى ينسب إليه .. كان ربنا يسوع المسيح فى صورة الله بهذا المعنى .. أضف إلأى هذا أن لفظ الله فى هذه الآيه ورد فى النص اليونانى بدون أداة تعريف . و لذا فهو يشير إلى الجوهر الإلهى . و على ذلك فإن المعنى المقصود بتعبير " صورة الله " فى هذه الآية التى أوردها الرسول بولس , أن تعبير الرب يسوع الخارجى لأعمق أعماقه الداخلية بالنسبة لطبيعته , إنما هو تعبير عن جوهر اللاهوت إلهى . و حيث أن ذلك التعبير الخارجى الذى يدل عليه لفظ morfH أى صورة نابعة من الكيان الداخلى و يصوره تصويراً حقيقياً , فيتبع ذلك , أن ربنا يسوع المسيح من جهة طبيعته يملك جوهر اللاهوت الإلهى ,و يشترك مع الله الآب و الله الروح القدس فى نفس جوهر اللاهوت . و ثمة ملاحظة فى نفس الآية السابقة .. فعبارة " الذى إذ كان " فى أصلها اليونانى لا تشير إلى الزمن الماضى الذى تم و انقضى , بل هى مكتوبة فى صيغة تعبر عن حالة فى الماضى تمتد إلى الحاضر .. و على ذلك فإن معنى الآية السابقة يصحح كالآتى : إن الرب يسوع – من جهة حوزته لجوهر اللاهوت – لم يتوقف عن ذلك حينما أخلى ذاته بالتجسد . و بعبارة أخرى : ان الرب يسوع كان بجوهر اللاهوت – ليس فقط قبل تجسده – بل بعد هذا التجسد أيضاً . و يوضح و يؤكد هذا المعنى قول السيد المسيح لنيقوديموس " ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء , ابن الإنسان الذى هو فى السماء " ( يو 3: 13 ) .. أى أن ابن الإنسان صعد و نزل و هو الذى يكلمك .

5- و يؤمن المسيحيون أن المسيح ليس رسولاً بمفهوم الرسل الآخرين المعروفين . و إن كان المسيح قد قال فى بعض المواضع إن الآب أرسله " لا يقدر أحد أن يقبل إلى إن لم يجتذبه الآب الذى أرسلنى ... كما أرسلنى الآب الحى , و أنا حى بالآب , فمن يأكلنى فهو يحيا بى " ( يو 6: 44- 57 ) .. فما ذلك إلا لأن المسيح هو صاحب رسالة أتى من السماء ليبلغها و يتممها ... على أنه هناك فارق كبير جداً بين ارسالية المسيح بالمعنى الذى قصده , و الإرسالية بالنسبة للأنبياء و الرسل من البشر . ارسالية المسيح من الآب . إرسالية باطنية فى داخل وحدة الثالوث القدوس . أما إرسالية الأنبياء و الرسل فهى إرسالية خارجة من الله إلى البشر .

6- إيمان المسيحيين بالمسيح اليوم هو بعينه الإيمان الرسولى الذى عاشه المسيحيون الأوائل . و لا حجة مطلقاً للأدعاء الذى يشيعه بعض أعداء المسيحية من أن الأيمان الأصلى للمسيحيين حتى أوائل القرن الرابع المسيحى كان هو إيمان آريوس الهرطوقى المبتدع الذى علم بأن المسيح ليس واحداً مع الآب فى الجوهر ( ليس مساوياً للآب فى الجوهر ) , و ان البابا الاسكندرى اثناسيوس هو الذى فرض فكرة الإيمان بألوهية السيد المسيح بالقوة . هذا الكلام محض إفتراء . لكن المسيح هو الذى تكلم عن نفسه معلناً عن لاهوته , و شهد لألوهته بأعماله " الأعمال التى أنا أعملها باسم أبى هى تشهد لى " ( يو 10: 25 ) . و سنتناول هذه النقطة بالتفصيل فيما بعد .

7-جميع المسيحيين أمس و اليوم و منذ بدء المسيحية , مجمعون على الاعتقاد بلاهوت المسيح . فعلى الرغم من الاختلافات العقائدية بين الكنائس و المذاهب المختلفة فى نطاق المسيحية , فالمسيحيون على إتفاق تام فيما يختص بلاهوت المسيح . لا فرق فى ذلك بين أرثوذكس و كاثوليك و بروتستانت . و أية طائفة تنتسب إلى المسيحية و لا تعترف بلاهوت المسيح هى ليست مسيحية على الاطلاق , و من أمثلتهم من يسمون أنفسهم " شهود يهوه " ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010