كن ناضجاً !!!!!



كن ناضجاً !!!
==============


عند قراءتنا لما قاله الرسول في أفسس 14:4 " كي لا نكون في ما بعد أطفالاً مضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم بحيلة الناس بمكرٍ إلى مكيدة الضلال"

نجد أن

(1)الناضج ليس طفلاً:
يقول الرسول بولس: "لكي لا نكون فيما بعد أطفالاً".. وهذه الفكرة تُعني أن هناك نمو يحدث للإنسان خلال معرفته لله والرب يسوع نمو من الطفولية نحو النضج.


إذاً هي عملية تحتاج تدرج، وتمر بمراحل.. والرسول بولس في رسائل أخرى يتحدث عن الكورنثوسيين والعبرانيين على أنهم أطفال يحتاجون اللبن العقلي. (1كو 1:3-2، عب 12:5-14).

(2) الناضج شخص متزن:
فالرسول بولس يقول: "كي لا نكون فيما بعد أطفالاً" "مضطربين" والاضطراب ليس هو القلق ولكن هو التشويش.. وربما عدم الاتزان الناتج عن عدم تحكم الإنسان في انفعالاته.. حيث أن الطفل لا يتحكم في نفسه بل يُقاد بالآخرين.

(3) الناضج مستقل وصاحب قرار:
الشخص الناضج شخصٌ له رأيٌ مستقل، ويعرف لماذا وكيف كوّن هذا الرأي.. فإذا كان يؤمن بالرب يسوع، هو يعرف لماذا يؤمن به.. أما الطفل غير الناضج هو شخص تابع تتقاذفه الريح والأمواج، يذهب حيث يجذبه الآخرون لأنه بلا رأي خاص، ولا يعرف بماذا أو لماذا يؤمن وبما يؤمن..

فيقول الرسول بولس، إن الأشخاص غير الناضجين والذين شبههم بالأطفال أنهم "مضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم".. والشيء الذي تتقاذفه الريح شيء ضعيف، ليس له وزن، وليس له أصل ثابت.. هذا هو الشخص غير الناضج..

استمع إلى الرسول بولس الذي يقول: "لأنني عالمٌ بمن آمنت" (2 تيمو 12:1). فهو حينما اتبع الرب يسوع لم يتبعه فقط لأن الرب قابله في الطريق إلى دمشق، ولكن أيضاً لأنه ذهب ليدرس من جديد، ويفحص الكتب، ويتعلم ثلاث سنوات في الصحراء العربية.

هو أيضاً يتكلم عن تيموثاوس الذي يعرف الكتب منذ الطفولية والتي تعطيه الحكمة في اتخاذ قراراته (2 تيمو 14:3-17).

(4) الناضج يفكّر ويفحص ويمتحن كل الأفكار:
· الشخص الناضج، إنسانٌ له عقل يستخدمه في التفكير، وفي فهم الأمور. فهو وإن كان له رأي فقد بنى هذا الرأي عن فكر ورؤية واقناع.. لأنه قرأ وعرف ودرس وقارن.

· الشخص الناضج، ليس مجرد شخص روحي يحضر الصلوات والاجتماعات.

· الشخص الناضج، ليس مجرد شخص مثالي طيب لا يشتم ولا يحلف ولا يكذب.. وإن كان كل هذا مطلوب.. ولكن السلوك الجيد وحده لن يحمي الإنسان من ضغوط الأفكار المضادة.


إن العالم الذي نعيشه والذي نسميه العالم المفتوح، أو عالم العولمة وانفتاح العالم كله وسقوط كل الحواجز، أصبح فيه الإنسان الطيب في خطر.. هذا الخطر هو الغزو الفكري ومحاولة إقناع الإنسان بأفكار ونظريات عكس كل ما يعيشه ويتعلّمه.. ولم يعد في مقدور أحد أن يمنع هذا الانفتاح.

فاستخدام شبكة الإنترنت أصبح متاحاً ومجاناً أمام الجميع، وبضغطة بسيطة على الكمبيوتر أصبح في مقدورك أن ترى وتسمع وتقرأ وتناقش وتتكلّم مع آخرين في بلاد أخرى تبعد آلاف الأميال عنك.

هنا تفسير كلمات بولس الرسول عن الإنسان الناضج الذي يعرف ويفكر ولا يؤخذ بالحيلة في الكلام أو بمكر ومعسول التعاليم الأخرى.

لقد حاول الشيطان أن يزعزع الكنيسة في الماضي، عن طريق الاضطهاد والموت، ولم ينجح. فالعذاب والدم أنتجا شهداء وقديسين.

ولكن اليوم المواجهة صعبة من خلال العقل ومعسول الكلام ومكيدة الضلال. فلابد لنا ككنيسة أن نواجه هذا العصر ليس بالانغلاق الخائف أو صلوات المرتعدين؛ بل بالتعليم السليم وبناء العقل وقيادة الإنسان نحو الكمال والنضج الإنساني في المسيح يسوع.

فإنسان بولس الرسول ليس مجرد إنسان مفكر أو عقلاني، أو إنسان ناضج على المستوى النفسي.. بل هو ناضج في المسيح يسوع من خلال الكتاب المقدس والثبات في الله.

وهذه هي الدعوة التي دعانا بها الله: أن نثبت فيه، وأن نتعلّم منه الحكمة والفهم (تواضع توزنه الحكمة) "كونوا ودعاء كالحمام حكماء كالحيات".

وقد وبّخ الرب يسوع مستمعيه على أن أبناء هذا الدهر أحكم من أبناء الله.. من هنا كان تعليمنا المبني على الإيمان بالله ومعرفة الرب يسوع..

هذا التعليم لابد أن يقود إلى نمو الإنسان وتكامله ونضجه.. إنسان ثابت في إيمانه – يعرف إيمانه – له رأي – يمكن أن يُحاجج ويُناقش – منفتح على العالم.. ولكنه لا ينساق وراء كل شيء بل يفكر – يحقق – يقارن – يختار – يقرر – ومعياره هو إيمانه بالله ومعرفته بالرب يسوع من خلال الكتاب المقدس القادر أن يحكمه.
إنه تعليم يهدف لتكوين الإنسان.. إنسان الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010