جينا نجيب الريحانى: هذا هو سر ظهوري المفاجئ
القاهرة: عندما ظهرت تلك السيدة الفرنسية المدعوة "جينا" في غفلة من الزمن، معلنة أنها الإبنة الوحيدة لنجم المسرح والسينما في الثلاثينات، والأربعينات من القرن الماضى، أحدث هذا الخبر دويًا هائلا في الأوساط الصحافية والفنية، ليس في مصر وحدها، بل وفي المنطقة العربية وامتد ليشمل العاصمة الفرنسية "باريس"، محل ميلاد هذه الإبنة المجهولة، حيث أُقيم الشهر الماضي أسبوعًا ثقافيًا فنيًا، ضم معرضًا للصور النادرة كما عرضت الأفلام السبعة التي تشكل الرصيد المتبقي من تراث الريحاني الذي يُعَّد بحق عملاق المسرح، وسيد كوميديا المأساة. بعد أن أقامت جينا معرضًا في المركز الثقافي المصري في باريس ضم "34" صورة، مقاس كبير 40 ×30، كما تم عرض ستة أفلام، بواقع فيلمين كل أسبوع، ولاقت الاحتفالية نجاحًا من خلال إقبال المصريين والعرب على حضور المعرض. تبحث حاليًا عن دول عربية أخرى تستضيف المعرض. كما أنشأت مسرحًا فى مدرسته "الفرير" في الخرنفش أحد أحياء القاهرة الشعبية. وجدير ذكره أن هذه الأيام تصادف الذكرى الستين لرحيل هذا العملاق الراسخ في ذاكرة محبيه ومعجبيه. وفي الآتي نص الحوار: *أين كنت طوال ستين عامًا من غياب الريحاني؟ -مع الأسف، لقد كانت لي ظروف خاصة، فقد كنت متزوجة من مصري، غيور من أصول صعيدية، وهو رجل شهم، ولكنه كان يغار عليَّ بشدة وقد منعني من الظهور العام طوال السنين الماضية. *وما خطتك لإحياء ذكرى الريحاني؟ -أبذل قصارى جهدي، ولكن للأسف، لقد أتيت بعد أن "راح" كل شيء، لقد كانت له شقة في عمارة الإيموبيليا الشهيرة في وسط البلد "شارع شريف"، ولكن وجدت الشركة المالكة، قد باعتها لآخرين، لأنها إيجار وليست تمليكا، ولكنني استطعت أن أقنع الملاك الجدد، بوضع صور الريحاني في أرجاء الشقة، التي أصبحت مكتبًا، وبالفعل استجابوا لي مشكورين. وأحاول مع دار الأوبرا المصرية، جمع مقتنياته، كما نجحت في استعادة قصره في حدائق القبة، الذي باع من أجله كل ممتلكاته، ليعيش فيه آخر أيامه، والقصر يرمم الآن بمعرفة نجيب ساويرس أحد رجال الأعمال المحبين للفن. وأيضًا كونت جمعية في مدينة الإسكندرية لمحبي فنه. *ما الملامح الإنسانية لنجيب الريحاني الأب؟ - ما أذكره عن "بابا" قليل، لأني عاصرته حوالى 3 سنوات فقط، قضيتها معه بين القاهرة حي غاردن سيتي، وباريس، حيث كان إذا شعر ببعض ارتفاع فى درجة حرارة الجو، جاء فورًا إلى باريس! ولكنى أستطيع أن أقول لك: بابا كان "بيفسحني كتير"، لم يعل صوته أبدًا في البيت، هادئ جدًا جدًا، كان يشجعني على قول الحقيقة مهما كانت العواقب، كان سخيًا تجاه الفقراء، لو جلس بمفرده، فإنه يكون "سرحان" دائمًا على طول، قبل نومي في السابعة مساء لابد أن يحكي لي قصة من الأدب الفرنسي، فقد كان واسع الاطلاع على الأدب العالمي. *هل تألمت بسبب كونك إبنة سرية للريحاني؟ - حرمني ذلك من الذهاب إلى مسرحه، والدخول إلى كواليسه، بسبب أن زواجه من أمي كان سريًا، وعندما ذهبت مع والدتي إلى مسرحه "مسرح الريحاني بعماد الدين"، ذهبنا مع الجمهور العادي، ولم ينظر إلينا طوال العرض، ولم ندخل إليه في الكواليس، ورغم أنني وأمي، لم نكن نجيد اللغة العربية وقتها، إلا أننا كنا سعداء بالضحكات الكثيرة التي كان يفجِّرها بين الجمهور. *هل تحتفظين بصور فوتوغرافية لك معه؟ - مع الأسف.. ما عنديش صور معاه.. أقولك إيه، أيام الحرب العالمية الثانية، كنا نعيش وقتها في ألمانيا، نزلت قنبلة على بيتنا، أضاعت وحرقت شنطة الصور.. اغتالت ذكرياتي. *ومتى حدث الانفصال بين الريحاني وبين والدتك؟ - أبي لم يطلق أمي حتى رحيله، ولكن حدث شرخ في العلاقة بينهما، بسبب أننا جئنا إليه في اجازة الكريسماس، وأمضينا ثلاثة أسابيع في شقته في غاردن سيتي.. تصور أنه خلال كل هذه المدة لم يأت "بابا" لزيارتنا ولو مرة واحدة.. قالوا لنا "الباشا بابا مش فاضي علشان يقعد معانا"، أما الحقيقة، فإنه كان هناك سببان لعدم مجيئه، الأول ألا تشعر زوجته الأخرى الراقصة بديعه مصابني، بعلاقته بأمي، السبب الثاني أن بابا كان يعيش قصة إعجاب جديدة مع بطلة شابة في مسرحه! *إذًا.. ذهبت قصة حبه مع والدتك "لوسي دي فرناي"؟ - بابا كان بيعجب بالجميلات.. لكنه لم يكن ينسى لوسي! *دعينا نبدأ الحكاية من أولها.. كيف تعرف إلى والدتك "لوسي"؟ - أمي حضرت إلى القاهرة عام 1917، كراقصة مع فرقتها، وعندما رآها الريحاني، اتجنن عليها، وكان يحتاج إلى راقصة في رواياته، عرض عليها العمل معه والبقاء في القاهرة، وافقت أمام وقوعها فريسة لسحر القاهرة، لكنها تعرضت لغيرة بقية الراقصات، حاولت الرجوع إلى باريس، ولكنه إستأجر لها شقة في مصر الجديدة، أيام لافتة شقة للإيجار، كانت تحبه جدًا، ولكنها كانت تحاول أن تضع حدًا لإنفاقه الزائد، ولكنها تحملت، حتى جاءها من يخبرها بأن الريحاني واقع في الغرام، ويغازل إحدى بطلات مسرحه.. و تكهربت العلاقة بينهما إلى أن قررت الرحيل العام 1921، وبعد عودتها أخذ يطاردها بخطابات الاعتذار، ولكن من دون رد من جانب لوسي، حتى يئس وتزوج من بديعة 1924. ثم لعبت الصدفة دورها، حيث التقى نجيب مع لوسي، في باريس مرة أخرى في "أوبرا كوميك" عام 1931، حيث كانت تعمل كمصممة لأزياء الفرقة، ومكث معها فترة طويلة، حتى أنه عندما إحتاج لنقود، بعد أن نفدت نقوده، صور فيلم "ياقوت" في مدينة نيس الجميلة "على ساحل الكوت دازور" وصوره في ستة أيام فقط، لمجرد أن يجمع مالاً يعود به إلى مصر. *هل سمعت شائعة تحول الريحاني الى الاسلام؟ ـ نعم سمعتها وهذا ليس صحيحًا، فقد مات على المسيحية. في الثامن من يونيو من عام 1949 رحل نجيب الريحاني في غرفة في المستشفى اليوناني وسط القاهرة |
__._,_.___
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.