البابا كيرلس السادس جندي صالح للمسيح
للمتنيح الأنبا غريغوريوس
الأصحاح الثاني من الرسالة الثانية إلي تيموثيئوس، يبدأ بهذا التعبير "فاشترك أنت في احتمال المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح
ليس أحد وهو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي من جنده، وأيضا إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا. يجب أن الحراث الذي يتعب يشترك هو أولا في الأثمار، افهم ما أقول فليعطك الرب فهما في كل شئ
للمتنيح الأنبا غريغوريوس
الأصحاح الثاني من الرسالة الثانية إلي تيموثيئوس، يبدأ بهذا التعبير "فاشترك أنت في احتمال المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح
ليس أحد وهو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي من جنده، وأيضا إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا. يجب أن الحراث الذي يتعب يشترك هو أولا في الأثمار، افهم ما أقول فليعطك الرب فهما في كل شئ
وأنا أقرأ هذه الكلمات شرد ذهني إلي أبينا البابا كيرلس السادس. رأيته في سنة 1937 عندما كنت طالبا في الإكليريكية في السنة الأولي وذهبنا مجموعة من الشباب في ذلك الوقت إلي جبل المقطم لنزوره وقد كان وقتها يسكن طاحونة هواء
ولما كان عددنا كبيرا لم يسمح لهذا العدد أن يدخل هذه الطاحونة الضيقة فخرج معنا إلي الجبل وجلس وجلسنا من حوله وأذكر ولا أنسي وهذا لأول مرة في حياتي وأنا في هذه السن الصغيرة رأيته بالمنطقة من حول وسطه لكنها لم تكن بصورة المنطقة التي يلبسها الرهبان اليوم. كان يلبسها بطريقة العسكر كعسكري، كجندي. استوقفني منظره وإلي اليوم لا أنساه
حقيقة أن هذا الرجل كان جنديا، بدأ بالجندية وحتي بعد أن أصبح رئيس الجنود عندما رسم بابا، لكن رئيس الجنود جندي ورئيس العسكر عسكري. فبهذه الصفة عاش الرجل جنديا وكان يفهم نفسه أنه جندي بكل ما في هذه الكلمة من معني. غير أنه جندي أولا لسيده الذي أعطاه حياته، ولم يبق من حياته شيئا لذاته
نحن لا نمدح الرجل وإنما نقرر الواقع، وهو الآن في العالم الآخر، إنه كان ذلك الجندي المخلص لا يسمع إلا صوت سيده، وكأنه إيليا الذي كان دائما يعبر بهذا التعبير 'حي الرب الذي أنا واقف أمامه'
كان يفهم أنه خادم لسيده، وليس له إلا سيد واحد كل الآخرين ممن يرتفعون عنه مكانة أو سنا لهم إحترامهم لكنه عبد خاص لسيد واحد، واقف علي بابه يعنيه أولا أن يسمع صوت سيده، ليس له عمل وليست له خدمة، لا صوت له وقع عنده إلا صوت سيده "حي الرب الذي أنا واقف أمامه" واقف أمامه في عبادتي له، واقف أمامه في خدمته، منتظر الكلمة التي يقولها لي لأجري كما يأمرني أذهب، ليس هناك لي صوت آخر يهز نفسي ويستثيرني للعمل إلا صوته
أنا جندي ولست أكثر من جندي وهذا شرفي، شرفي أنني جندي، جندي لهذا السيد واقف علي خدمته مطيع لصوته وخدمتي له خدمة الملائكة. وما هي خدمة الملائكة؟ هم وقوف أمامه يسمعون صوته وينتظرون كلمته ويعملون بكلمته، لهم خدمة للناس ولكن من خلال خدمتهم لسيدهم، هم لا يخدمون الناس ابتداء، لئلا يتحول في نظر الناس إلي سادة، ويغطي وجودهم كرامة سيدهم، لا...
أنا جندي أخدم سيدي أولا، وإذا خدمت الناس فباسم سيدي أخدمهم، لأن سيدي أعطاني هذه الأمانة، إنما أنا لا أخدمهم لأتحول في نظرهم إلي زعيم
أنا جندي مأمور مربوط بهذه المنطقة، لأنني في خدمة هذا السيد الواحد، فإذا أرسلني فهو الذي أرسلني ولا فضل لي في هذا، المجد مجده، الكرامة كرامته، وأنا كخادم لا كرامة لي. لقد اندمجت في سيدي، لقد اتحدت إرادتي بإرادته، بل لقد أسقطت إرادتي في إرادة سيدي، ولم يعد لي شئ أنوي عليه أو أهتم به حتي لو نلت من جراء خدمتي لسيدي متاعب، هذه لا تعنيني لأن سيدي قال لي إن كانوا قد اضطهدوني فسيضهدونكم
ولما كان عددنا كبيرا لم يسمح لهذا العدد أن يدخل هذه الطاحونة الضيقة فخرج معنا إلي الجبل وجلس وجلسنا من حوله وأذكر ولا أنسي وهذا لأول مرة في حياتي وأنا في هذه السن الصغيرة رأيته بالمنطقة من حول وسطه لكنها لم تكن بصورة المنطقة التي يلبسها الرهبان اليوم. كان يلبسها بطريقة العسكر كعسكري، كجندي. استوقفني منظره وإلي اليوم لا أنساه
حقيقة أن هذا الرجل كان جنديا، بدأ بالجندية وحتي بعد أن أصبح رئيس الجنود عندما رسم بابا، لكن رئيس الجنود جندي ورئيس العسكر عسكري. فبهذه الصفة عاش الرجل جنديا وكان يفهم نفسه أنه جندي بكل ما في هذه الكلمة من معني. غير أنه جندي أولا لسيده الذي أعطاه حياته، ولم يبق من حياته شيئا لذاته
نحن لا نمدح الرجل وإنما نقرر الواقع، وهو الآن في العالم الآخر، إنه كان ذلك الجندي المخلص لا يسمع إلا صوت سيده، وكأنه إيليا الذي كان دائما يعبر بهذا التعبير 'حي الرب الذي أنا واقف أمامه'
كان يفهم أنه خادم لسيده، وليس له إلا سيد واحد كل الآخرين ممن يرتفعون عنه مكانة أو سنا لهم إحترامهم لكنه عبد خاص لسيد واحد، واقف علي بابه يعنيه أولا أن يسمع صوت سيده، ليس له عمل وليست له خدمة، لا صوت له وقع عنده إلا صوت سيده "حي الرب الذي أنا واقف أمامه" واقف أمامه في عبادتي له، واقف أمامه في خدمته، منتظر الكلمة التي يقولها لي لأجري كما يأمرني أذهب، ليس هناك لي صوت آخر يهز نفسي ويستثيرني للعمل إلا صوته
أنا جندي ولست أكثر من جندي وهذا شرفي، شرفي أنني جندي، جندي لهذا السيد واقف علي خدمته مطيع لصوته وخدمتي له خدمة الملائكة. وما هي خدمة الملائكة؟ هم وقوف أمامه يسمعون صوته وينتظرون كلمته ويعملون بكلمته، لهم خدمة للناس ولكن من خلال خدمتهم لسيدهم، هم لا يخدمون الناس ابتداء، لئلا يتحول في نظر الناس إلي سادة، ويغطي وجودهم كرامة سيدهم، لا...
أنا جندي أخدم سيدي أولا، وإذا خدمت الناس فباسم سيدي أخدمهم، لأن سيدي أعطاني هذه الأمانة، إنما أنا لا أخدمهم لأتحول في نظرهم إلي زعيم
أنا جندي مأمور مربوط بهذه المنطقة، لأنني في خدمة هذا السيد الواحد، فإذا أرسلني فهو الذي أرسلني ولا فضل لي في هذا، المجد مجده، الكرامة كرامته، وأنا كخادم لا كرامة لي. لقد اندمجت في سيدي، لقد اتحدت إرادتي بإرادته، بل لقد أسقطت إرادتي في إرادة سيدي، ولم يعد لي شئ أنوي عليه أو أهتم به حتي لو نلت من جراء خدمتي لسيدي متاعب، هذه لا تعنيني لأن سيدي قال لي إن كانوا قد اضطهدوني فسيضهدونكم
هذا الرجل الذي نحتفل بذكراه وهو سعيد في عالمه، وهو هناك في ذلك العالم ما زال ذلك الجندي، ما زال ذلك الجندي في درجة رئيس كهنة، نعم لكنه جندي لسيده يخدم هناك في العالم الواسع ويخدم هنا بأسلوب منظور أحيانا وبأسلوب غير منظور أحيانا أخري. اتسع مجال خدمته لكنه في كل هذا الاتساع خادم لسيد واحد، جندي يعمل كل شئ لحساب سيده لا لحسابه هو شكرا لله، في هذا اليوم خطر لبالي. عندما كان البابا كيرلس حيا في الأرض، كان يخدم، كان يصلي، كان يتعبد، كان يبارك، كان يخدم الناس الذين خلقهم الله علي صورته ومثاله. كثيرون انتفعوا بصلواته وببركاته، كثيرون انتفعوا بكلمته، كثيرون أرشدهم إلي أمور مستقبلية في حياتهم، ومع ذلك فإن الذين عرفوه بعد حياته علي الأرض ماذا أقول... أكثر من الذين عرفوه وهو في حياته علي الأرض
إنها ظاهرة جميلة وعجيبة تبرهن علي صدق الرسالة المسيحية، تبرهن علي حقيقة الرسالة الرهبانية، هذا هو أسلوب النجاح الإلهي. الإنسان الذي قد يجد في حياته قبولا من جهة وعدم قبول من جهة، وقد يجد المتاعب في حياته والضيقات في حياته. لكن جميع ضيقاته انقلبت إلي خير للكنيسة ولمجد الله. وإن كان قد ذهب هو ضحية هذه الآلام فكما يقول المسيح 'من أهلك نفسه من أجلي يجدها' ربما كانت حياته قصيرة وأنهتها بعض الآلام التي ضيقت عليه لكنها جلبت خيرا كبيرا للكنيسة من جهة، وأيضا أثمرت لأنها قوضت في مملكة الشيطان ما قوضت
واليوم نجد أن خدمته في حياته القصيرة أثمرت والثمر كل يوم يتزايد، ما معني هذا؟ معناه أن الرجل لم يحيا لنفسه بل كان حيا لسيده، ولكن كانت حياته ومتاعبه سبب بركة للكنيسة كلها ولمصر بأكملها
سمعتها من ثلاثة وزراء أن جمال عبد الناصر الرئيس الراحل كان يقول: لم يخدمني أحد كما خدمني البابا كيرلس علي الرغم من أنه في السنوات الأولي كانت هناك ضيقة وكانت أزمة لكن الرجل لأنه جندي لسيده لم يفعل أكثر من أنه كان يعتكف للصلاة قداسات مستمرة، بخور مرتفع دائم بلا توقف، اعتكاف في قلايته في البطريركية وفي دير مارمينا بمريوط
هذا الاعتكاف الصامت أثمر كثيرا ليس فقط أنه رد اعتبار الرجل ولكنه أنجب خيرا للكنيسة.. الضيقة التي أصابت كنيسة في بلدة صغيرة اسمها المواساة تابعة لمركز السباعية التابعة لإدفو هذه الضيقة أثمرت الكاتدرائية الكبري
حقيقة لسنا نحن الذين طلبنا هذه الكاتدرائية طلبها الرئيس عبد الناصر هو الذي اقترح هذا الاقتراح هو الذي شعر بأن البابا كيرلس أكبر رئيس لأقدم كنيسة في الشرق فلماذا لايكون البابا كيرلس بابا الشرق أيضا ولماذا لاتكون هناك كنيسة عظيمة تكون مركزا دينيا لبابا الشرق في مقابل الفاتيكان في روما، لسنا نحن الذين اقترحنا هذا الاقتراح
الله هو الذي تكلم، الله الذي في قدرته أن يحول الشر إلي خير بصورة لايتوقعها الإنسان ولا يحلم بها. ليس هذا فقط بل كان طريقا لرد اعتبار الرجل، بل يوم أن تنيح البابا كيرلس كل الدولة نعته بحزن حقيقي، كان هذا النعي يقفز بالمشاعر العظيمة التي تركها في نفوس المصريين جميعا، بل أقول في الشرق وفي الغرب أيضا
هذا الجندي عندما جاء البطريرك أثيناغوراس بطريرك القسطنطينية، ويعد في مكانته المقدم بين جميع البطاركة في جميع الكنائس البيزنطية واستقبلناه في القاعة المرقسية في دير الأنبا رويس. لا أنسي الكلمات التي قالها الرجل في غيبة الأنبا كيرلس ولم يكن البابا كيرلس موجودا، إنما قال: إن البابا كيرلس وصل شذي عطر حياته الروحية فاستثار ذكرياتنا عن الأنبا أنطونيوس والأنبا مكاريوس والأنبا بولا والآباء الروحانيين. استعاد إلي أذهان الناس جميعا في الشرق والغرب، سيرة الآباء العظام في الروحانية والتقوي والأمانة لسيدهم
وعندما ذهبنا إلي روما لنستحضر رفات مارمرقس الرسول في سنة 1968 في يونية، لم يذهب البابا كيرلس وإنما أناب عنه المطارنة لكن أقول لكم، كم كان الرجل وهو علي بعد المسافات موضع تحية وتكريم وإجلال وإكبار وكان البابا بولس السادس في خطابه يشير إلي مكانة الرجل الروحية التي مثلت عظم التاريخ لكنيسة الإسكندرية، تاريخ الرهبنة النقية الخالصة لوجه الله
إن ما جري بعد حياة البابا كيرلس كان أعظم مما جري في حياته وهذا هو برهان الروحانية الصادقة وبرهان العمل الإلهي، لأنه ليس كما يرسم الإنسان يرسم الله
إنها ظاهرة جميلة وعجيبة تبرهن علي صدق الرسالة المسيحية، تبرهن علي حقيقة الرسالة الرهبانية، هذا هو أسلوب النجاح الإلهي. الإنسان الذي قد يجد في حياته قبولا من جهة وعدم قبول من جهة، وقد يجد المتاعب في حياته والضيقات في حياته. لكن جميع ضيقاته انقلبت إلي خير للكنيسة ولمجد الله. وإن كان قد ذهب هو ضحية هذه الآلام فكما يقول المسيح 'من أهلك نفسه من أجلي يجدها' ربما كانت حياته قصيرة وأنهتها بعض الآلام التي ضيقت عليه لكنها جلبت خيرا كبيرا للكنيسة من جهة، وأيضا أثمرت لأنها قوضت في مملكة الشيطان ما قوضت
واليوم نجد أن خدمته في حياته القصيرة أثمرت والثمر كل يوم يتزايد، ما معني هذا؟ معناه أن الرجل لم يحيا لنفسه بل كان حيا لسيده، ولكن كانت حياته ومتاعبه سبب بركة للكنيسة كلها ولمصر بأكملها
سمعتها من ثلاثة وزراء أن جمال عبد الناصر الرئيس الراحل كان يقول: لم يخدمني أحد كما خدمني البابا كيرلس علي الرغم من أنه في السنوات الأولي كانت هناك ضيقة وكانت أزمة لكن الرجل لأنه جندي لسيده لم يفعل أكثر من أنه كان يعتكف للصلاة قداسات مستمرة، بخور مرتفع دائم بلا توقف، اعتكاف في قلايته في البطريركية وفي دير مارمينا بمريوط
هذا الاعتكاف الصامت أثمر كثيرا ليس فقط أنه رد اعتبار الرجل ولكنه أنجب خيرا للكنيسة.. الضيقة التي أصابت كنيسة في بلدة صغيرة اسمها المواساة تابعة لمركز السباعية التابعة لإدفو هذه الضيقة أثمرت الكاتدرائية الكبري
حقيقة لسنا نحن الذين طلبنا هذه الكاتدرائية طلبها الرئيس عبد الناصر هو الذي اقترح هذا الاقتراح هو الذي شعر بأن البابا كيرلس أكبر رئيس لأقدم كنيسة في الشرق فلماذا لايكون البابا كيرلس بابا الشرق أيضا ولماذا لاتكون هناك كنيسة عظيمة تكون مركزا دينيا لبابا الشرق في مقابل الفاتيكان في روما، لسنا نحن الذين اقترحنا هذا الاقتراح
الله هو الذي تكلم، الله الذي في قدرته أن يحول الشر إلي خير بصورة لايتوقعها الإنسان ولا يحلم بها. ليس هذا فقط بل كان طريقا لرد اعتبار الرجل، بل يوم أن تنيح البابا كيرلس كل الدولة نعته بحزن حقيقي، كان هذا النعي يقفز بالمشاعر العظيمة التي تركها في نفوس المصريين جميعا، بل أقول في الشرق وفي الغرب أيضا
هذا الجندي عندما جاء البطريرك أثيناغوراس بطريرك القسطنطينية، ويعد في مكانته المقدم بين جميع البطاركة في جميع الكنائس البيزنطية واستقبلناه في القاعة المرقسية في دير الأنبا رويس. لا أنسي الكلمات التي قالها الرجل في غيبة الأنبا كيرلس ولم يكن البابا كيرلس موجودا، إنما قال: إن البابا كيرلس وصل شذي عطر حياته الروحية فاستثار ذكرياتنا عن الأنبا أنطونيوس والأنبا مكاريوس والأنبا بولا والآباء الروحانيين. استعاد إلي أذهان الناس جميعا في الشرق والغرب، سيرة الآباء العظام في الروحانية والتقوي والأمانة لسيدهم
وعندما ذهبنا إلي روما لنستحضر رفات مارمرقس الرسول في سنة 1968 في يونية، لم يذهب البابا كيرلس وإنما أناب عنه المطارنة لكن أقول لكم، كم كان الرجل وهو علي بعد المسافات موضع تحية وتكريم وإجلال وإكبار وكان البابا بولس السادس في خطابه يشير إلي مكانة الرجل الروحية التي مثلت عظم التاريخ لكنيسة الإسكندرية، تاريخ الرهبنة النقية الخالصة لوجه الله
إن ما جري بعد حياة البابا كيرلس كان أعظم مما جري في حياته وهذا هو برهان الروحانية الصادقة وبرهان العمل الإلهي، لأنه ليس كما يرسم الإنسان يرسم الله
الإنسان قد ينجح لفهمه وذكائه وتخطيطه، وقد يري نتائج سريعة، إنما النجاح الإلهي شيء آخر أسلوب الله في الطبيعة ليس كأسلوب الناس، بذرة ترمي في الأرض وتختفي وتموت ولايراها أحد ولكن بعد قليل تنمو قليلا قليلا ثم تظهر وتأخذ وقتا طويلا إلي أن تتحول إلي شجرة
هذا هو الأسلوب الإلهي الذي ينجح أخيرا، وخصوصا بعد حياته، هذا برهان علي أنه صار في الطريق الإلهي، وما يراه من مقاومات كانت هي حروب الشيطان، ولكنها تنتهي وتنتهي إلي خير ليس له فقط، حياته لا تهمه وشخصه لا يعنيه لأنه مات عنها، مات عن نفسه، ويوم أن صلوا عليه صلاة الموتي، علي وجه حقيقي قد مات، ماتت كرامته الشخصية، مات وجوده المادي البدني، ولكن عاش بعد ذلك وهذا هو مقام البقاء بعد الفناء
أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في، أنا أموت في سيدي، سيدي يحيا وأنا فيه أحيا، أنا لا أموت. سوف لا أموت لأني موعود بالحياة الأبدية، إنما إذا مت عن آنيتي وعن ذاتيتي وعن شخصيتي وعن كرامتي، إذا مت عن حساسيتي لذاتي، مت في سيدي، سيدي يحيا وأنا فيه أموت، ذبت في سيدي، ذاب البابا كيرلس في سيده، فصارت الحياة للمسيح، هي حياة المسيح لكنه هو أيضا لم يمت بل بالعكس عاش، بل عاش في سيده وعاش ويعيش وسوف يعيش إلي الأبد. وأيضا يخدم لكن لا باسمه ولا لاسمه، إنما لسيده
إننا نجتمع كل سنة لنتذاكر حياة الرجل، إنما إذا كنتم تحبونه حقا، لا تظنوا أنه يفرح بمديحكم له، هذه أمور قد داسها بقدميه. ولم تعد لها مكانة عنده ولا جاذبية. إنما إن كنتم تحبونه خذوا من حياته نموذجا، خذوا من حياته مثالا، عيشوا، عيشوا عيشوا كجنود للمسيح
نحن المسيحيين لنا انتماء لشيئين: انتماء لمملكة السماء ولكن أيضا لنا انتماء لمملكة الأرض
فالمسيحي يعيش مخلصا لبلده، مخلصا لأهله، ولكنه لكي يعيش مخلصا لوطنه ينبغي أولا أن يكون مخلصا لخالقه. ولا يمكن أن تتصوروا إنسانا خان سيده الذي خلقه يمكن أن يكون مواطنا صالحا.. إنما العكس إذا كان الإنسان عبدا لسيده وشاخصا فيه ومتجها إليه سيخدم المواطنين وسيخدم أهله وسيخدم بلده وسيخدم الآخرين من دينه ومن غير دينه، لأنه يشعر أنه جندي في مملكة سيده، وسيده يشرق بشمسه علي الأبرار والأشرار وينزل المطر علي الجميع بلا تمييز، لا يتحيز ولا يتعصب...لا...أنا جندي في مملكة السماء ولي رسالة علي الأرض، رسالتي علي الأرض أن أخدم سيدي، أن أنشر الخير والحق والجمال بكل صوره، لا لأحد لأنه تربطني به رابطة القرابة اللحمية، إنما للكل لأن الجميع خليقة الله. وكل نفس مهما كان حكمك المبدئي عليها قد خلقت علي صورة الله ومثاله، محبة للجميع، محبة متسعة
هذا القلب الذي حجمه كقبضة اليد كيف يمكن أن يتسع للناس جميعا ويحتمل الناس جميعا، إلا إذا كانت الروحانية أشرقت علي هذا القلب فحولته من قلب ضيق إلي قلب متسع يحتمل الجميع ويحب الجميع ويؤمن أن ما يراه من شر هو مؤقت ولكن بنعمة الله يتحول الشر إلي خير
أيها الإخوة والأبناء تعالوا إلي الكنيسة وتعالوا إلي خدمة الملائكة وخدمة الملائكة هي العبادة، العبادة أولا وبروح العبادة يخدم الإنسان الآخرين، لا تبدأوا بخدمة الآخرين، بل ابدأوا بخدمة الملائكة أولا، وخدمة الملائكة تؤهلكم لأن تخدموا الآخرين لحساب سيدكم. لئلا تتحولوا إلي زعماء علي حساب مجد سيدكم. تعالوا وتعبدوا وصلوا "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه".
وبولس الرسول يقول "أقمع جسدي وأستعبده حتي بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضا".
كنيستنا كنيسة تعبدية، إذا حضرت القداس بروح الورع والتقوي انسحق، انسحق عن هذا العالم وليسرح فكرك في المعاني العظيمة التي تنطق بها كل كلمة في القداس الإلهي، إنما ضع في قلبك أولا أن خدمتك لله رقم واحد هي العبادة الصادقة، العبادة الروحانية، العبادة العقلية، العبادة بالقلب وبالإخلاص، لا بخبث ولا بمكر ولا لهدف من أي نوع من أنواع الأهداف. لكن بإخلاص وببساطة القلب، البساطة، البساطة، البساطة
ونعمة الرب تشمل حياتنا جميعا ونتخذ من هذا البابا سراجا، سيرة القديسين نور، إن هؤلاء القديسين منا، من طبيعتنا، من طينتنا، لا من عالم آخر، من عالمنا وحينما نري أمثال هذه المنائر العالية، إنها شهب شهب ترشدنا "التفتوا إليه واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض".
والقديسون ليسوا هم النور، النور هو الله، هو المسيح، "أنا نور العالم" المسيح هو النور ولكن القديسين موعودون أن يصيروا أنوارا كلما حملقوا في النور. يشحنوا بالنور فيتحولوا إلي نور ويضئ الأبرار كالكواكب في ملكوت أبيهم
نعمة ربنا يسوع المسيح تشملنا جميعا له الإكرام والمجد إلي الأبد آمين
مقال للمتنيح الأنبا غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 52 العدد 2515 - ﺇصدار ثان: السنة 9 العدد 481 – يوم الأحد الموافق 7 مارس (آذار) 2010 ميلادية، 28 أمشير 1726 شهداء (قبطية)، 21 ربيع الأول 1431 هجرية (للهجرة) – الصفحة الثانية (2)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg
ذكري نياحه القديس العظيم في البطاركه البابا كيرلس السادس - 9 مارس/آذار – 30 أمشير
هذا هو الأسلوب الإلهي الذي ينجح أخيرا، وخصوصا بعد حياته، هذا برهان علي أنه صار في الطريق الإلهي، وما يراه من مقاومات كانت هي حروب الشيطان، ولكنها تنتهي وتنتهي إلي خير ليس له فقط، حياته لا تهمه وشخصه لا يعنيه لأنه مات عنها، مات عن نفسه، ويوم أن صلوا عليه صلاة الموتي، علي وجه حقيقي قد مات، ماتت كرامته الشخصية، مات وجوده المادي البدني، ولكن عاش بعد ذلك وهذا هو مقام البقاء بعد الفناء
أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في، أنا أموت في سيدي، سيدي يحيا وأنا فيه أحيا، أنا لا أموت. سوف لا أموت لأني موعود بالحياة الأبدية، إنما إذا مت عن آنيتي وعن ذاتيتي وعن شخصيتي وعن كرامتي، إذا مت عن حساسيتي لذاتي، مت في سيدي، سيدي يحيا وأنا فيه أموت، ذبت في سيدي، ذاب البابا كيرلس في سيده، فصارت الحياة للمسيح، هي حياة المسيح لكنه هو أيضا لم يمت بل بالعكس عاش، بل عاش في سيده وعاش ويعيش وسوف يعيش إلي الأبد. وأيضا يخدم لكن لا باسمه ولا لاسمه، إنما لسيده
إننا نجتمع كل سنة لنتذاكر حياة الرجل، إنما إذا كنتم تحبونه حقا، لا تظنوا أنه يفرح بمديحكم له، هذه أمور قد داسها بقدميه. ولم تعد لها مكانة عنده ولا جاذبية. إنما إن كنتم تحبونه خذوا من حياته نموذجا، خذوا من حياته مثالا، عيشوا، عيشوا عيشوا كجنود للمسيح
نحن المسيحيين لنا انتماء لشيئين: انتماء لمملكة السماء ولكن أيضا لنا انتماء لمملكة الأرض
فالمسيحي يعيش مخلصا لبلده، مخلصا لأهله، ولكنه لكي يعيش مخلصا لوطنه ينبغي أولا أن يكون مخلصا لخالقه. ولا يمكن أن تتصوروا إنسانا خان سيده الذي خلقه يمكن أن يكون مواطنا صالحا.. إنما العكس إذا كان الإنسان عبدا لسيده وشاخصا فيه ومتجها إليه سيخدم المواطنين وسيخدم أهله وسيخدم بلده وسيخدم الآخرين من دينه ومن غير دينه، لأنه يشعر أنه جندي في مملكة سيده، وسيده يشرق بشمسه علي الأبرار والأشرار وينزل المطر علي الجميع بلا تمييز، لا يتحيز ولا يتعصب...لا...أنا جندي في مملكة السماء ولي رسالة علي الأرض، رسالتي علي الأرض أن أخدم سيدي، أن أنشر الخير والحق والجمال بكل صوره، لا لأحد لأنه تربطني به رابطة القرابة اللحمية، إنما للكل لأن الجميع خليقة الله. وكل نفس مهما كان حكمك المبدئي عليها قد خلقت علي صورة الله ومثاله، محبة للجميع، محبة متسعة
هذا القلب الذي حجمه كقبضة اليد كيف يمكن أن يتسع للناس جميعا ويحتمل الناس جميعا، إلا إذا كانت الروحانية أشرقت علي هذا القلب فحولته من قلب ضيق إلي قلب متسع يحتمل الجميع ويحب الجميع ويؤمن أن ما يراه من شر هو مؤقت ولكن بنعمة الله يتحول الشر إلي خير
أيها الإخوة والأبناء تعالوا إلي الكنيسة وتعالوا إلي خدمة الملائكة وخدمة الملائكة هي العبادة، العبادة أولا وبروح العبادة يخدم الإنسان الآخرين، لا تبدأوا بخدمة الآخرين، بل ابدأوا بخدمة الملائكة أولا، وخدمة الملائكة تؤهلكم لأن تخدموا الآخرين لحساب سيدكم. لئلا تتحولوا إلي زعماء علي حساب مجد سيدكم. تعالوا وتعبدوا وصلوا "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه".
وبولس الرسول يقول "أقمع جسدي وأستعبده حتي بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضا".
كنيستنا كنيسة تعبدية، إذا حضرت القداس بروح الورع والتقوي انسحق، انسحق عن هذا العالم وليسرح فكرك في المعاني العظيمة التي تنطق بها كل كلمة في القداس الإلهي، إنما ضع في قلبك أولا أن خدمتك لله رقم واحد هي العبادة الصادقة، العبادة الروحانية، العبادة العقلية، العبادة بالقلب وبالإخلاص، لا بخبث ولا بمكر ولا لهدف من أي نوع من أنواع الأهداف. لكن بإخلاص وببساطة القلب، البساطة، البساطة، البساطة
ونعمة الرب تشمل حياتنا جميعا ونتخذ من هذا البابا سراجا، سيرة القديسين نور، إن هؤلاء القديسين منا، من طبيعتنا، من طينتنا، لا من عالم آخر، من عالمنا وحينما نري أمثال هذه المنائر العالية، إنها شهب شهب ترشدنا "التفتوا إليه واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض".
والقديسون ليسوا هم النور، النور هو الله، هو المسيح، "أنا نور العالم" المسيح هو النور ولكن القديسين موعودون أن يصيروا أنوارا كلما حملقوا في النور. يشحنوا بالنور فيتحولوا إلي نور ويضئ الأبرار كالكواكب في ملكوت أبيهم
نعمة ربنا يسوع المسيح تشملنا جميعا له الإكرام والمجد إلي الأبد آمين
مقال للمتنيح الأنبا غريغوريوس – أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي – في جريدة وطنى - ﺇصدار أول: السنة 52 العدد 2515 - ﺇصدار ثان: السنة 9 العدد 481 – يوم الأحد الموافق 7 مارس (آذار) 2010 ميلادية، 28 أمشير 1726 شهداء (قبطية)، 21 ربيع الأول 1431 هجرية (للهجرة) – الصفحة الثانية (2)، مقالات دينية
http://www.watani.com.eg
ذكري نياحه القديس العظيم في البطاركه البابا كيرلس السادس - 9 مارس/آذار – 30 أمشير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.