تأملات فى بعض آيات من مزمور 1 ، 2

تأملات فى بعض آيات من مزمور 1 ، 2
المراجع :

- الكتاب المقدس

- تأملات قداسة البابا شنودة الثالث .

- تأملات فى المزامير [ للقمص / بيشوى كامل ]

- تفسير وتأملات الآباء الأولين [ للقمص / تادرس يعقوب ملطى ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المزمور الأول
الإنسان المطوب



يبدأ معلمنا داود النبى مزاميره

1 – بكلمة طوبى ... وهى نفس الكلمة التى بدأ بها السيد المسيح رسالته على الأرض :

" طوبى للمساكين بالروح ...الخ " مت 5 : 3 .

وهنا ينكشف لنا تشجيع الله ، فهو يطوبنا عندما نبتعد عن الشر – كما طوب السيد المسيح بطرس الرسول عند اعترافه بألوهيته " طوباك يا سمعان بن يونا ... " مع أن اعتراف بطرس لم يكن من ذاته لكن من الله الآب الذى فى السماء .

قداسة البابا شنودة الثالث يعرف كلمة " طوبى " بأنها تعنى أمرين هما : " السعادة والبركة " .

2 – ويكمل " طوبى للرجل .... " فهو يتحدث بلغة المفرد " لأنه ليس بار ولا واحد .... الجميع زاغوا وفسدوا معا ... " رو 3 : 12 ، ولكن يوجد رجل واحد – ابن الإنسان الذى قال " من منكم يبكتنى على خطية " . فكأن النبى يرى الكمال فى المسيح وحده الذى هو جسد الكنيسة ، ونحن فى عهد النعمة نأخذ منه لأننا أعضاء فى جسمه ، لذلك فى العهد الجديد قال كلمة " طوبى " بأسلوب الجمع " طوبى للمساكين بالروح ... " فكأن داود النبى قد افتتح مزاميره بالحديث عن الرب يسوع رجاء العالم كله وكمال الأنبياء والرسل والشهداء ... رئيس الإيمان ومكمله " عب 12 : 2

" طوبى للرجل الذى لم يسلك فى مشورة المنافقين ،

وفى طريق الخطاة لم يقف ،

وفى مجلس المستهزئين لم يجلس " [ 1 ]

يرى بعض المفسرين أن المشى فى مشورة المنافقين يشير إلى التفكير فى الشر ، أما الوقوف فى الطريق فمعناه الدخول إلى العمل ، وأخيرا الجلوس فى مجلس المستهزئين فيشير إلى الأندفاع نحو إغراء الآخرين وتعليمهم الشر ، وكأن مراحل الشر الثلاث هى : التفكير ثم العمل وأخيرا التعليم .

" وفى ناموس الرب يلهج نهارا وليلا "

تفهم ( هذه العبارة ) أى بلا انقطاع .. ربما يقصد بالنهار : " فى الفرح " وبالليل : " فى الضيقات " ... فقد قيل : " أبوكم إبراهيم تهلل بأن رأى يومى فرأى وفرح " يو 8 : 56....

" وكل ما يصنعه ينجح فيه "

بمعنى أنه لا ينجح فقط فى حياته الروحية بل وفى كل جوانب الحياة ، لأن النجاح هو سمة الحياة المطوبة .

" لا يقوم المنافقون فى الدينونة ، ولا الخطاة فى مجلس الأبرار " [ 5 ]

لا يقدر الأشرار أن يقوموا للدفاع عن أنفسهم فى دار الشريعة ، عندما يحل وقت القضاء ، فى الدينونة يرون الرب مهوبا ، عينيه كلهيب نار ، أما أولاد الله فيرونه عريسا سماويا يضمهم إلى مجده !

" يعرف الرب طريق الأبرار ، أما طريق المنافقين فتباد " [ 6 ]

معرفة الرب ليست إدراكا ذهنيا مجردا بل شركة فعالة ( عاموس 3 : 2 ) .

بطريقة أخرى : المسيح هو الطريق والحياة والحق ( يو 14 : 6 ) ، لنسير فى المسيح فيعرف الله الآب طريقنا .

من تأملات قداسة البابا شنودة الثالث :

هذا المزمور له طابع وعظى أو إرشادى .

هناك مزامير او صلوات يغلب عليها طابع الطلب ، وأخرى لها طابع الشكر ، وثالثة يغلب عليها افنسحاق والأعتراف بالخطية ، ورابعة عبارة عن كلام تسبيح وتمجيد ؛ أما هذا المزمور فهو عظة ، أو إرشاد تقدمه الكنيسة لك ، تتلوه فى باكر كل يوم لكى تتذكر كيف تسلك فى هذا اليوم بغير عثرة ، واضعا وصايا الله أمام عينيك .

والكنيسة تقدم لك أيضا فى بدء صلاة باكر قطعة وعظية أخرى ، عبارة عن فصل من الرسالة إلى أفسس " الإصحاح الرابع " يقول فيها القديس بولس الرسول : " أسألكم أنا الأسير فى الرب أن تسلكوا كما يليق بالدعوة التى دعيتم إليها ، بكل تواضع القلب والوداعة وطول الأناة ، محتملين بعضكم بعضا بالمحبة ، .. الخ "

هذا الفصل من أفسس ، وهذا المزمور ، إرشاد لازم فى بدء اليوم .

المسألة إذن ليست مجرد صلاة ، إنما هى أيضا سلوك .

+ + +

المزمور الثانى

عش ملكــــا

يقدم لنا المزمور الأول طريق الأبرار الملوكى ، طريق الأتحاد مع كلمة الله نهارا وليلا ، للتمتع بالحياة المطوبة الداخلية ، وتحاشى طريق الأشرار المهلك .

الآن فى هذا المزمور الملوكى يقدم لنا المرتل المسيا " الملك العام " بكونه الطريق الضيق المجيد ، فيه ندخل إلى معركة الصليب الروحية فنصير ملوكا ، إذ قيل : " جعلنا ملوكا وكهنة " رؤ 1 : 6 .

1 – مسيح الرب :

" قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معا ،

على الرب وعلى مسيحه " [ 2 ]

اهتمت كثير من المزامير الملوكية بالكشف عن قدسية عمل الملك ، خاصة فى هذا المزمور ، حيث ذكر أنه مختار من الله .

لقد مسح ( الإبن المتجسد ) لينوب عنى فى المعركة الروحية ، واهبا إياى نصرته ( 1 يو 2 : 13 ) . فيه نصير نحن أيضا مسحاء الرب خلال مسحة الميرون ، أعضاء جسده المقدس ، أبناء الله ، وذبائح حب من أجل الآخرين .

يقصد المرتل بالملوك والرؤساء القادة الأشرار الذين مع تباين مصالحهم اتحدوا معا عند لحظات الصليب ضد السيد المسيح . اتحد ليس فقط الأقوياء بل وأيضا الرعاع ، إذ صرخ الشعب : " اصلبه ! أصلبه ! " وكما يقول ربنا : " ابغضونى أنا وأبى " يو 15 : 24 . ابغضوه هو وأباه ، قائلين : " لنقطع أغلالهما ولنطرح عنا نيرهما " [ 3 ] .



2 – السماوى المتوج [ 2 ، 4 ]

" الساكن فى السموات يضحك بهم " [ 4 ]

إنه فى السماء بعيدا عن متناول تهديداتهم ومحاولاتهم العاجزة . هناك يعد عرشه للدينونة ، لذا يسهل جدا الأستهزاء بمحاولات الأعداء .



3 – الإبن الوحيد الجنس [ 7 ]

" أنت ابنى وأنا اليوم ولدتك " ، ولم يقل : " أنا خلقتك " .

لا يدعو الإبن الله خالقه فى ولادته الأزلية الإلهية ، بل أباه .

" هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت " مت 3 : 17 . لهذا يخدمه الملائكة بكونه فوقهم ، يسجدون له بكونه أعظم منهم فى المجد ، وفوق كل المخلوقات .. وهو وحده ابنه الحقيقى جوهريا .

المسيح القائم من الأموات :

يسبح بهذا المزمور فى صلاة باكر بكونه مزمور القيامة ...

يختم المزمور بالقول : " طوبى لجميع المتكلين عليه " [ 12 ]

الثقة فيه هى أمر أعظم من الإيمان ، فإنه إذ يؤمن إنسان أن ابن الله هو معلمنا يثق أن تعاليمه هى حق .
سلام ونعمة ليكم:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010