إنه مملوء عطفاً




يجب ألا يغرب عن بالنا أن الأوقات التي نعيش فيها ليست الأوقات التي يبسط الرب فيها سلطان ملكه ، ولكنها الأوقات التي فيها قد رُفع الستار عن قلب الرب ورأينا حبه العميق ، ولمسنا عطفه وإشفاقه .

إننا حين نجتاز في التجارب والآلام ، تكون قلوبنا معرضة أن تتساءل " لماذا لا يتداخل الرب بقوته ؟ ولماذا لا ينتهر الألم فيتبدد ؟ ولماذا لا يمد يده فينقذنا من التجارب سريعاً ؟ ولماذا … ولماذا ؟ " والجواب على هذه الأسئلة هو أننا لسنا في وقت سلطان الرب وملكه ، ولكننا في وقت حبه وعطفه .

إنه يقدر أن يبدد الآلام مهما زادت واشتدت ، وأن ينقذ من التجربة مهما عظمت ، وأن يذلل كل صعوبة مهما قويت يستطيع أن يعمل هذا وأكثر من هذا لخاصته الذين يحبهم ويهتم بهم . ولكنه يسمح لهم أن يجتازوا ظروفاً صعبة ، وبدلاً من أن ينقذهم بقدرته الإلهية ، يعزيهم بحنانه العميق ويكشف لهم عن قلبه الممتلئ حباً وعطفاً ، ويشترك معهم في ضيقهم ، ويشعرهم بقربه الكامل منهم ، وحينئذ تنحصر قلوبهم في شخصه المبارك ويحسون بأنهم مستندون حقاً على صدره ، ولا ريب أن هذا يقودهم لأن ينظروا إلى التجربة كأنها الطريق الوحيد إلى قلب الرب ، والوسيلة التي بها يعرفون حنانه ، ويلمسون محبته وعطفه ، ويحسون قربه ، ويشعرون أنهم محمولون على ذراعيه الأبديتين .

هذا ما يعمله الرب في هذه الأوقات ، ولكن سيأتي الوقت الذي فيه ينشر الرب سلطانه وملكه فيخرج من فمه سيف ماض لكي يضرب به الأمم وهو سيرعاهم بعصا من حديد ( رؤيا 15:19). أفلا ينبغي أن نفرح بهذا الحب ؟ أو ليس عطف الرب كافياً لإشباع قلوبنا وعواطفنا في وقت الشدة والألم ؟

أن إرادتنا الخاصة وقلقنا يدفعاننا أن نطلب الهروب من الآلام ، والابتعاد عن الضيقات والصعوبات ولكن جميع مجهوداتنا في هذا ستذهب هباء . فكم يجب إذن أن نتعلم من الألم دروساً . وأن نأخذ منه لأنفسنا اختبارات روحية سامية ، تجعلنا نحلق في جو عال من الشركة الروحية ، فيه نستطيع أن نختبر قرب الرب منا ، ووجوده معنا ، فنرى نور وجهه ، ونلمس حنان قلبه . ونحس بذراعيه تسنداننا في أشد التجارب وقعاً على النفس وأكثرها إيلاماً لها ، وحين نحصل على هذه الاختبارات نحتمل الآلام لا بقلق وتذمر ، ولكن بشكر وفرح ، متمتعين بمنظر الرب في قربه منا وعطفه علينا .

هوذا طوبى لرجل يؤدبه الرب فلا ترفض تأديب القدير لأنه هو يجرح ويعصب يسحق ويداه تشفيان في ست شدائد ينجيك وفي سبع لا يمسك سوء

( أيوب 17:5-19 )

ها نحن نطوب الصابرين ، قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب . لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف

( يعقوب 11:5 )

ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جدا

( تكوين 31:1 )

God saw all that he had made, and it was very good. ( Genesis 1:31 )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010