الدفاع عن الأيمان




الدفاع عن الايمان
=================

من كتاب سنوات مع أسئلة الناس ـ الجزء السادس ـ لقداسة البابا شنوده الثالث


أجد أمامي أخطاء ضد الإيمان والعقيدة من خدام الكنيسة، فهل لو أظهرتها للناس، وشرحت لهم ما فيها من خطأ، أكون قد وقعت في خطية إدانة؟ وهل اصمت
لكي تمر الأمور في هدوء؟
يقول قداسة البابا شنوده الثالث أطال الله حياته:
ينبغي أن نفرق بين الحكم على الخطايا الشخصية والحكم على الأخطاء العقيدية، أو الإيمانية.
وليس من حقنا أن نخوض في حياة الإنسان الشخصية، ونلوث سيرته بأفواهنا. مثل إدانة الفريسيين للمرأة الخاطئة التي بللت قدمي المسيح بدموعها (يو7: 39)،
أو طلب رجم المرأة المضبوطة في ذات الفعل (يو8: 4)، أو انتقاد الفريسيين لتلاميذ المسيح، لتناولهم الطعام بأيد غير مغسولة (مت15: 2).
خطية الإدانة تتناول التصرفات الشخصية والحياة الأدبية ..
وهي التي تتعلق بها وصية الرب "لا تدينوا لكي لا تدانوا .. لأنه بالكيل الذي به تكيلون يكال لكم" (مت7: 2) .. لأن كل إنسان له خطاياه الشخصية.
وعن هذه الخطايا، قال السيد المسيح في قصة المرأة المضبوطة في ذات الفعل "من كان منكم بلا خطية، فليرمها بأول حجر"
(يو8: 7).
وعن التصرفات الشخصية، قال القديس بولس الرسول "من أنت الذي تدين عبد غيرك؟ هو لمولاه، يثبت أو يسقط. ولكنه سيثبت، لأن الله قادر أن يثبته" (رو14: 4).
أما أمور الإيمان، فلا تدخل في خطية الإدانة. بل بالعكس الدفاع عن الإيمان واجب مقدس.
هوذا القديس يوحنا الحبيب، الذي هو من أكثر الناس حديثاً عن المحبة، يقول من جهة الأمور الإيمانية: "إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت
ولا تقولوا له سلام لأن من يسلم عليه، يشترك في أعماله الشريرة" (2يو10) ... هل يقع من يرفض السلام على مثل هذا الإنسان في خطية الإدانة؟! حاشا.
بل لو أنه قبل هذا المنحرف، يقع في خطية .. وهكذا يقول القديس بولس الرسول:
الرجل المبتدع ـ بعد الإنذار مرة ومرتين ـ اعرض عنه. عالماً أن مثل هذا قد انحرف وهو يخطئ، محكوما عليه من نفسه" (تي3: 10، 11). ويقول أيضاً "انذروا الذين بلا ترتيب"
(1تس5: 4). وأيضاً: "نوصيكم أيها الأخوة باسم ربنا يسوع المسيح: أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب، وليس حسب التعليم الذي أخذه منا" (2تس3: 6).
هنا تعليم الرسل لا يكفي بمجرد الإدانة، بل يتطور أكثر إلى إنذار الشخص المنحرف، والإعراض عنه، وعدم قبوله في البيت، وعدم السلام عليه ..
المبتدع، والمنحرف إيمانياً أو عقيدياً يجب إدانته. وعدم إدانته خطية.
لأن عدم إدانة المنحرف، تجعل تعليمه المنحرف ينتشر، ويأخذ دائرة أوسع، ويؤثر على مجموعة أكبر من الناس. ونكون نحن مقصرين من جهة الإيمان الذي قال
عنه الرسول "اكتب إليكم واعظاً أن تجتهدوا لأجل الإيمان المُسَلَّم مرة للقديسين" (يه3).
وهنا يبدو فرق جوهري بين الخطايا الشخصية والانحرافات العقيدية.
الخطايا الشخصية تنحصر كل منها في شخص معين بالذات، وخطرها واقع عليه، وربما يمتد إلى دائرة ضيقة جداً. أما خطايا الفكر والعقيدة فإنها تنتشر بسرعة
وسط مجموعات كثيرة، وربما تؤثر على الكنيسة كلها، إلى جوار أنها تمس الإيمان. فيجب مقاومتها ومحاربتها.
كل الكنيسة اكليروساً وشعباً أدانت أريوس ونسطور وأوطاخي وأمثالهم.
ولم تكن خطية إدانة. إنما هي إدانة شرعية واجبة. هي أولاً وقبل كل شيء إدانة للفكر، وللعقيدة الخاطئة ... إدانة لكل تفسير منحرف للكتاب المقدس.
والذين تزعموا إدانة المنحرفين في العقيدة، اعتبرتهم الكنيسة من أبطال الإيمان، أمثال القديس أثناسيوس، والقديس كيرلس الكبير، والقديس باسيليوس،
والقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات ... وكذلك الشعب الصامد المتمسك بإيمانه، الذي رفض تلك البدع.
هل نقصر إذن في الدفاع عن الإيمان بحجة الإدانة؟! حاشا.
هناك فرق بين الإدانة الواجبة، وخطية الإدانة.
أترانا لا ندافع عن الإيمان ضد بدع شهود يهوه والسبتيين وأمثالهم، خوفاً من خطية الإدانة؟! وإذا وقع أحد داخل الكنيسة في خطأ إيماني أو عقيدي،
هل نجامله على حساب الإيمان؟! وهل نتخوف من الوقوع في الإدانة؟ كلا، فإدانته فضيلة. وعدم إدانته تقصير في حق الإيمان.
إن الحديث عن الإدانة هنا حديث عن أمر في عكس موضعه.









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010