فى العلية أعلنت حقيقة القيامة



 
By
yassoa atti


http://oursaviourchurch.org/uploads/2008/03/Donut_Diva_446652687_313f784715_o.jpg


القــيـــــــامــــــــــة : فى العليــــة اعلنــت حقيقــة القيــــامة !!
" ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف فى الوسط وقال لهم سلام لكم ولما قال هذا  أراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب ........ " ( يوحنا 20 : 19 ) .
++ ففى داخل العلية حيث كانت الأبواب مغلقة كما يذكر معلمنا القديس يوحنا وهو أيضا واحد من الذين شاهدوا أحداث العلية كلها قبل القيامة وبعدها ، يكتب لنا بالروح القدس بكل تفصيل عن ظهورات الرب يسوع لتلاميذه فى داخل العلية بعد قيامته ،  مرة لم يكن توما معهم ومرة أخرى توما كان معهم ولا شك أن الرب ظهر لهم فى العلية أكثر من مرة كما يكتب لنا القديس لوقا فى سفر الأعمال . 
والقديس بولس يؤكد حقيقة القيامة فى( رسالته الأولى إلى كورنثوس :  15 ) إذ يقول : " فإننى سلمت إليكم فى الأول ما قبلته أنا أيضا أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب وأنه دفن وأنه قام فى اليوم الثالث حسب الكتب وأنه ظهر لصفا ، ثم للأثنى عشر وبعد ذلك ظهر دفعة وأحدة لأكثر من خمسمائة أخ أكثرهم باق إلى الآن ولكن بعضهم قد رقدوا ، وبعد ذلك ليعقوب ، ثم للرسل أجمعين وآخر الكل كأنه للسقط ظهر لى أنا " .
من خلال هذه الاعلانات الإلهية على أفواه أبائنا القديسين يوحنا الحبيب اللاهوتى والقديس لوقا الأنجيلى والقديس بولس الرسول الكارز فيوضح لنا أن حقيقة قيامة ربنا يسوع حقيقة أكيدة لا تقبل الشك ولا الريب فيها فهى حقيقة ساطعة كحقيقة الشمس فى رائعة النهار ومن ينكر حقيقة القيامة كأنه ينكر ظهور وشروق الشمس بذاتها .
فرح القيامة مع السمائيين :
إن بركة الصليب ستبقى إلى الأبد سبب تأمل ودهش لكل مؤمن فى كل عصور الكنيسة إذ مازال هناك فى السماء هذا المنظر الرائع الذى رآه أبينا القديس يوحنا الحبيب عندما كان فى الروح فى يوم الرب رأى خروفا قائما كأنه مذبوح والكنيسة ملتفة حوله تسبحه وتشكره لأنه اشتراها بدمه وأعطاها ميراثا لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل وكان هذا المنظر الرائع منظر الخروف القائم وكأنه مذبوح فرصة وجدها السمائيون للتسبيح كما رأى الرائى ( رؤ 5 ، 6 )  .
صارت القيامة بهجة وفرح للسمائيين منهم الملائكة بكل طغماتها وأشكالها ورتبها وأيضا الذين ماتوا على رجاء كل هؤلاء رآهم أبينا القديس يوحنا الحبيب فى فرح عجيب مبارك لا يعبر عنه رآهم أنهم لا يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد ولا تقع عليهم الشمس ولا شىء من الحر لأن الخروف ( أى الرب يسوع المصلوب الذى قام )  يرعهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية ويمسح الله كل دمعة من عيونهم .
رآهم يسبحون ويرتلون وينشدون البركة والمجد والحكمة والكرامة والقدرة والقوة لإلهنا إلى أبد الآبدين .
الصليب والقيامة ... والقيامة والصليب .... !!
لو أسدل ستار حياة ربنا يسوع المسيح عند موته على الصليب أو دفنه فى القبر لأنتهت رسالة يسوع بالفشل ولأصبحت حياة يسوع على الأرض مجرد قصة إنسانية يسجلها التاريخ ، يحب الإنسان أن ينصت إليها مرة أو مرتين كباقى قصص الأبطال والعظماء ولكن إلى حين .. حتى يأتى وقت تمل سماعها
ويكون الصليب عارا وخزيا يحاول التلاميذ أن يخفوا معالمه وملامحه ، ............
ولكن الحق وإن كانت القيامة تلت الصليب من جهة الحدوث الزمنى ، ولكن الصليب كان يرافقه القيامة ، فالقيامة والصليب آمران متلازمان غير منفصلين عن بعضهما ففى وقت الصلب لم تفارق الرب قوة القيامة .
لذلك وهو على الصليب بينما يقول أنا عطشان يقول للص اليمين اليوم تكون معى فى الفردوس معلنا وهو على الصليب أنه رب الفردوس وصاحب الفردوس ، فالقيامة كانت حاضرة فيه حتى فى لحظات الصلب والموت .
لذا دعاه الملاك بعد قيامته بالمصلوب .. مع أنه قام بقوله للمريمات من تطلبين يسوع المصلوب ليس هو ها هنا لكنه قام .
الصليب أنار لنا طريق الموت :
" .... إن سرت فى وادى ظلال الموت لا أخاف شيئا .. لأنك معى .... " ، بعد أن كان الموت يؤدى بالنفس البشرية إلى الهاوية ، وكان جميع الناس ( قبل الصليب ) يخافون ويرهبون الموت ، أصبح الآن مشتهى المؤمنين السالكين حسب وصايا الله أن ينطلقوا من هذا العالم إلى الأبدية السعيدة ليكونوا فى حضرة السيد المسيح ، لأن ذلك أفضل جدا
                                                                           +  +  +

السيــدة العــذراء والصــليب
من الصعب جدا أن نتكلم عن سيدة عظيمة بهذا المقدار ، هل نتحدث عن دورها البطولى والآمها النفسية والجسدية منذ أن بشرها الملاك بحلول الروح القدس عليها ، لتحبل بالسيد المسيح .... ، لتجوز تجربة صعبة ومريرة أمام خطيبها البار يوسف النجار ، أم نتحدث عن ولادتها للطفل يسوع ومعاناتها لتجد مكانا للولادة ، أم نتحدث عن الرحلة الشاقة لها وللقديس يوسف النجار على ظهر حمار إلى أرض مصر ، هربا من هيرودس ...... .
ثم أخيرا نراها واقفة أمام الصليب لتنظر أبنها وحبيبها يسوع المسيح ، الغصن الرطب وهو ينفذ فيه الأعدام بين أثنين من عتاولة اللصوص .... !! فى وقت هرب فيه التلاميذ الرجال !!! .
كيف استطاعت هذه الأم العظيمة ، أن تظل واقفة لساعات على رجليها لترى أبنها مخلص البشرية وهو يتعذب دقيقة بدقيقة ، حتى أسلم الروح فى يدى الآب ؟
كيف تحملت تعييرات هؤلاء الأفاقين لأبنها الذى قدم الخير لكل الناس ، ولابد أن أستهزاء هؤلاء ليسوع قد نالت منه أيضا العذراء ومن هم حول يسوع من المريمات ؟ ! .....
إن تنفيذ حكم الأعدام حاليا فى أى شخص مجرم ، لا يتم علنا حرصا على مشاعر الناس الغريبة ، ولو تم علنا سنجد أن الكثيرين لا يجرؤن على مشاهدته .
إن الكتاب المقدس لم يقدم لنا وصفا كاملا للموقف الصعب للعذراء والمريمات ، ولكن يستشف أن العذراء قد تحطمت أعصابها تحت ضغط الحوادث منذ لحظة القبض على يسوع المسيح له المجد فى بستان جثسيمانى ، وحتى أتمام تنفيذ الحكم .
من الطبيعى ألا تقوى على الوقوف صاحبة ذلك القلب المعذب التى ذاقت مرارة الكأس الرهيبة وهى تشهد متوجعة الآم ابنها وهو ينازع الموت على الصليب ، ولا شك أن تنهار قواها الجسمانية ويدركها الأعياء بعد أن وقفت ساعات عند قدمى المصلوب تشاهد ابنها المعذب المائت ، فيأخذها يوحنا الحبيب الذى أستلمها من مخلصنا لتكون فى رعايته وعنايته مسندا إياها وسط الجموع الخشنة الفظة إلى الدار التى اتخذها مقاما مؤقتا فى أورشليم .
إن الآم العذراء .. هذه الأم الحنون .. لم تقتصر لرؤيتها لإبنها وهو فى هذه المحنة .. إنما امتدت لتتألم من أجل الآم اللصين المصلوبين أيضا .. برغم تعييرهما للمخلص فى بادىء الأمر .. ومازالت تتألم حتى الآن بسبب خطايا البشر التى تصلب إبنها الحبيب يسوع  المسيح كل يوم .. وتسمره على الصليب من جديد !! ..  إنها تدعو الجميع للتوبة ، وتدعو العالم لأن يشارك نيقوديموس ويوسف الرامى فى نزع المسامير من جسد إلهنا ومخلصنا .. .. ..

+ دور المريمات :
يدون لنا البشير مرقس الرسول " وكانت أيضا نساء ينظرن من بعيد بينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب الصغير ويوسى وسالومة ...." ( مر 15 : 40 ) .
وعندما وضع يسوع فى القبر كانت هناك " مريم المجدلية ومريم أم يوسى ..تنظران أين وضع "
وحذف اسم سالومة من مشهد الدفن لم يكن عرضا ، لابد أن سالومة كانت قد مضت فى مهمة عاجلة .
 كانت سالومة نفسها هى أم يوحنا الحبيب ، وكانت هى ومريم أم يعقوب بنات خؤولة – وكانتا تعملان فى هذه المحنة باتفاق وتعاون مع مريم المجدلية .
ولا شك أن هؤلاء النسوة الأمينات المتفانيات فى الخدمة كان شغلهن وقت الصليب أمران :
 الأول : الجزع على زعيمهن الروحى وهو يعانى سكرات الموت فى عذاب أليم وخانق .
والثانى : القلق على أم يسوع العذراء القديسة مريم ... وبعد أن أسلم يسوع له المجد روحه الطاهرة ، كان هم النسوة هو التهوين على العذراء مريم ، ولسنا نعرف مبلغ الجهود العقيمة التى بذلت فى ذلك اليوم لإبعاد مريم أم يسوع عن مشهد الصلب ، فهى لم تكن يومئذ شابة فى عنفوان الحياة ، ولم يكن هينا على من كان فى سنها أن تقف أمام هذا المشهد الدموى ، مشهد صلبان ثلاثة علق على أحدها ولدها وفلذة كبدها . كان ألمها على أبنها شيئا قاسيا ، ولابد أنها تألمت أيضا من أجل اللصين لأنهما بشر ، ولأن مشاعر العذراء مريم رقيقة وحنونة على البشرية جمعاء .
من يستطيع أن يبعد أما عن ابنها فى هذا المشهد المضنى القاسى ؟ ومن ذا الذى ينكر على الأم هذا الحق إذا هى أصرت وألحت ؟
إن غريزة الأمومة قوية جبارة تغالب الضعف والوهن وتستعذب الألم والضنى !!وما أخال الأم التى اقتادها يوحنا بعد أن أسلم المصلوب روحه إلا أما خائرة القوى ، محطمة القلب ، فاقدة الوعى ، لا تلبث طويلا حتى تهوى وتنهار تحت هذا العبء الذى لا يقوى عليه قلب الأم .
 لقد كانت السيدة العذراء : ولا أعظم شهيد ....... فى يوم الحب الفريد !!
كانت النسوة الثلاث يراقبن يوحنا الحبيب المتألم وهو يقود الأم المحطمة القلب وسط الجموع الواقفة ، ثم إلى داخل المدينة وهو يسندها بذراعه فى بطء وألم . وعندئذ يتشاور ثلاثتهن ، ويقررن أن تذهب إحداهن لتكون إلى جانب الأم الثكلى ، وتبقى الأخريات على مقربة من جسد يسوع الميت -  الحى للأبد.... وتتطوع سالومة لهذه المهمة لأن ولدها يوحنا هو الذى تولى رعاية الأم الحزينة ومرافقتها إلى داره .
أما مريم المجدلية ، ومريم أم يوسى فكانتا تنتظران حتى تكفين جسد الرب يسوع ، ولتنظرا أين سيوضع .. !
تأملوا محبة السيدة العذراء .. ومقدار تسامحها : لم توجه كلمة عتاب واحدة للتلاميذ الذين تخلوا عن إبنها فى يوم الصليب .. والآمه العظيمة .. بل كانت تواظب معهم على الصلاة والتسبحة .. فى منزل واحد .. فى العلية .. إنها رسالة لكل إنسان أن يتعلم كيف تكون المحبة .. وكيف يكون التسامح ؟ ...

+   +   +


مــــــــريم المجـــــــدليـــــــة .. وأحداث القيامة

مريم المجدلية تتحدث عن نفسها :   
من من القراء لم يسمع أو لم يقرأ عن اسم المجدلية ، أجل هذا هو لقبى – أما اسمى فهو مريم الذى دعيت فى كل وقت " بمريم المجدلية " .
كلمة مجدلية Magdalene هى مؤنث لكلمة مجدلة Magdala  . فتعـبـيـر مجدلية يعنى " مريم التى من مجدلة " .
لا شك أنى مجدلية لأنى نشأت فى مدينة مجدل – ولا بأس من الأفتراض أنى مجدلية لأنى صاحبة الخصل المجدولة من الشعر – لكن لى على المجتهدين – افتراض الصلة بينى وبين آخرين من الشخصيات الكتابية وليس لهم من دليل كتابى على ذلك سوى الأستنباط من الحوادث المرتبة فى الكتاب .
فذهب بعضهم إلى أنى أنا شخصيا هى المرأة الخاطئة فى المدينة التى جاء ذكرها فى انجيل البشير لوقا الطبيب فى الجزء الأخير من الأصحاح السابع وكانت حجتهم فى ذلك هو الأستهلال الوارد فى الأصحاح الثامن من انجيل لوقا القائل – وبعض النساء كن قد شفين من أرواح شريرة وأمراض ؛ مريم المجدلية التى خرج منها سبعة شياطين ويونا امرأة خوزى وكيل هيرودس وسوسنة وأخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن .
انى اعترف بفضل مخلصى على أنى كنت صريعة شياطين سبعة – والشفاء الذى نلته على يديد ربطنى به كخادمة – سعيدة فى خدمة صاحب الفضل الذى لا ينسى مثلى مثل بقية النساء اللائى شفين على يديه المباركتين .. ولكن الربط بينى وبين المرأة التى نالت شفاء من خطية الدنس فى بيت سمعان الفريسى لا أعلم له سببا ....
قبل أن يبرئنى من الشياطين السبعة – كنت فى قاع الهوان – ويستوى أن ينسب إلى هذا أو ذاك – لكن بعد أن شفانى وحررنى من رباطات الظلمة " سبانى نوره البهى فصرت له كالظل – أخدمه متشرفة بخدمته " هذا الذى تتمنى الناس أن تلمس طرف ثيابه .... إننى بموقعى من سيدى وخدمته فخورة وقنوعة ، لست أطمع فى أكثر مما أسبغ على من نعمة وعطاء سخيا فى عطائه فأنا وإن كنت لم أرتفع بنفسى إلى مقام أكبر من الأمة التى تخدم سيدها " لكننى ظللت كل الأيام ، مدهوشة منجذبة .... فمن هو معلمى الصالح .. وما هو ؟ .... "
هل هو انسان ؟ ... " لا شك فى ذلك لأنه كانت به طبائع البشر فى أسمى تطبيقها – وهل هو أعظم من إنسان ؟ لا شك أيضا – فقد اجتمع له من السلطان – ما هو أعظم من سلطان كافة البشر مجتمعين ... إذا هل هو الإله ؟ .. ولماذا لا ؟ ... لأنه لا يؤتى هذه القوة والسلطة ، مع الوداعة المطلقة ... واللطف المتناهى ... إلا من كان الإله "
هذه اسئلة ظلت معلقة ، تفرض نفسها ، ولكل سؤال جوابه ، لكن كيف الجمع بين هذه الأجابات ، وبين شخصية السيد الرب الفذة . ولا يضع حدا لهذا التساؤل المتصل إلا الجواب أنه – الله الذى ظهر فى الجسد – وعند هذا الجواب يرتجف الفرد منا ... فهل هذا يعنى أن نزداد منه قربا وحبا ، أو نزداد بعدا وتخوفا ، والواقع أننا ازددنا منه التصاقا : " أيها المفكرون هل عشتم اللغز الذى عشناه ؟ " :
من جهة السيد المسيح :
هو شخصيا كان أرفع وأمنع من الأحاطة البشرية !
يسوع المسيح ؛ ما أجمله .. ما أروعه ... ما أعجبه ، إنه اللغز الذى لم تتكشف حقائقه بالنسبة لعارفيه ، كل أيام حياته بيننا ، كبشرى كامل مثلنا .
+  +  +
لست هنا أروى قصة سمعتها ، لكننى من الصليب كنت واحدة من النساء الواقفات من بعيد ، ينظرن ما يحدث ، بقلب يعتصر ألما ...
هل هذه مكافأة يسوع - من كان يجول يصنع خيرا ؟
كيف استطاع القوم أن ينالوا منه ، حتى يرفعوه على صليب العار وهم أنفسهم الذين كانوا يعملون ألف حساب ، إذا ما أرادوا اللقاء به أو الحديث معه ؟
+ الموت لفظ لعازر حيا وإلى خارج القبر لأن الرب ناداه !!
+ الطبيعة ألجمت بلجام فهدأ الموج المتلاطم ، والريح العاصف لأن الرب أمر ، وأمثلة أكثر من أن تعد ..... فما باله الآن لا ينطق بكلمة من كلمات سلطانه ؟
أظنك أيها القارىء لا تستغرب على أنى عشت ساعات الصليب نهبا لمثل هذه الأسئلة ، ومما كان يزيدنى أسى أنى لا أجد جوابا ، على سؤال واحد منها !
لم أستطع فراق المكان ، وظللت معاينة لكل حوادث الصليب المفجعة ، إلى أن انزلوه ... وقام يوسف الرامى ونيقوديموس بلف الجسد المقدس بأطياب وحنوط ، ووضعاه فى قبر جديد ... ثم يدحرجان الحجر ، وانصرفت وأنصرفان .
كنت آخر من ترك القبر المقدس – يوم الجمعة العظيمة – قبل غروب الشمس – وكنت أيضا أول من جاء القبر – بعد منتصف ليلة الأحد – والظلام باق .....
واترك لك ولخيالك أن تتصور الحالة التى كنت فيها وعشتها طوال هذه الساعات : " والحيرة التى لا يمكن وصفها – التى سيطرت على " .... فكل ما حدث لم يكن يدر بخلد إنسان : " هل يموت الحى المحيى ؟ " .. لذلك صدق يوسف الرامى ونيقوديموس وهما يحنطان الجسد المقدس أن يرددا مع ملائكة السماء القول :
" قدوس الله .. قدوس القوى .. قدوس الحى الذى لا يموت ..... "
 هذا رغم أنهما يضعان الجسد المقدس فى القبر !!
ساعات سوداء قاتمة – أنتم الآن تستضيئون بظلال شجرتها الوارفة – أما نحن – فقد انغرست أشواكها فى أعماقنا : " هكذا كان نصيبنا ، ونحن لسنا منه فى ضجر أو ندم ، " بل إننـــا فخورون " ، أننا صرنا شهودا للأحداث العظام أو أعظم الأحداث قاطبة . إنها الأحداث التى مست حاجة كل قلب ...
انها الأحداث – التى لا تكرار لها – " لكفايتها وكمالها ، وانفراد الشخص الذى تحملها ، : " فلم يطأ أرضنا إلا يسوع واحد ، ولم يتألم عنا غير يسوع واحد ، وأيضا لم يخذل سلطان الموت والهاوية إلا يسوع واحد ونحن شهود لذلك " .

أنظروا ما تتضمنته كتابات يوحنا الحبيب عنى فى إنجيله المقدس : 
" وفى أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرا ، والظلام باق ، فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر "
  يو 20 : 1
لم نجاوز منتصف ليلة الأحد إلا قليلا ، وتركنا منزل القديس يوحنا الحبيب ، حيث كانت أمنا جميعا ، العذراء دائمة البتولية ، القديسة مريم ....
أورد القديس يوحنا مواقف كثيرة لنساء لهن دورهن القوى ، ففى بدء الآيات تظهر القديسة مريم أم يسوع شفيعة عن الحاضرين فى عرس قانا الجليل ، وفى الأصحاح الرابع يلتقى السيد المسيح مع المرأة السامرية التى جذبت مدينة سوخار بأكملها لتتمتع بشخص السيد المسيح بعد أن أعلن السيد لها عن نفسه ، وفى حادثة إقامة لعازر ( ص 11 ) كان حضور الشقيقتين مريم ومرثا بارزا ، ويستطرد الأباء القول :
" والآن تظهر مريم المجدلية بأمانتها الداخلية العجيبة ، جاءت إلى القبر والليل باق ، مدفوعة بحبها الشديد لذاك الذى كان فى ذلك الحين غائبا عنها ، السبب العميق لحضور مريم المجدلية هنا يبدو أنه حزنها الشخصى المفرط ، وإحساسها بالغياب النهائى الذى يعنيه القبر على الدوام ، إنها أول من رأى الحجر مرفوعا عن القبر ، لقد أراد الرب أن تشهد بأن رافع خطية العالم ( يو 1 : 29 ) قد قام ، وأن الحجاب الأخير قد رفع .
كانت المجدلية متحمسة جدا لزيارة القبر ، فقد تمتعت بمحبة السيد ، ألتصقت به فى حياته وخدمته من مالها ( لو 8 : 2 – 3 ) واستمعت إلى عظاته ، كانت محبتها قوية كالموت ، إذ وقفت بجوار السيد المسيح حتى موته على الصليب ، وجاءت إلى القبر دون أية اعتبارات لما تواجهه من مصاعب ، فحبها للسيد المسيح نزع عنها كل خوف من الموت أو من القبر ، جاءت إلى القبر لتبكيه بمرارة ، وتسكب طيبا وحنوطا على جسمه ، مريم المجدلية التى ألتصقت بالسيد المسيح حتى آخر لحظات الدفن تمتعت بأول أخبار القيامة المفرحة المجيدة : القبر الفارغ !
انطلقت مريم المجدلية إلى قبر السيد لتتمتع بشركة قيامته ، يبدأ الأنجيلى هنا باليوم الأول من الأسبوع الجديد ، فيفتح أمامنا زمنا آخر كليا ، يعلن فيه عن حياة جديدة مقامة وعالم جديد ، منذ ذلك الوقت أتخذ المسيحيون يوم الأحد يوم راحة تذكارا لقيامة السيد المسيح ، وسمى :  " يــــوم  الــــرب "    ( رؤيا 1 : 10 )
جاءت إلى القبر باكرا ، فالحب يدفع المؤمن للقاء مع القائم من الأموات فى أول فرصة ممكنة ، باكرا دون تراخ أو تأجيل ، جاءت والظلام باق حيث أمكن لنور شمس البر أن يشرق فى داخلها ، وينير لها طريق القبر الفارغ الشاهد لمجد قيامة المسيح ، كان الظلام لا يزال باقيا ، لكن الحب أضاء لها الطريق " .
أعود فأقول : وأنا فى الطريق – زلزلت الأرض بزلزال – وارتعشت له البسيطة تحت أقدامنا ، الأمر الذى ذكرنى بساعات الظلمة حين أظلمت الشمس وتزلزلت الأرض وتشققت القبور وقت ساعات الصليب الحرجة  ... من خلال الحيرة لم نعلم أننا نسعى نطلب " الحى بين الأموات " .
رأيت الحجر مرفوعا فظنت أن السيد قد أخذ من القبر !
يذكر الأنجيل حسب ما كتب يوحنا البشير :
" فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس ، وإلى التلميذ الآخر الذى كان يسوع يحبه ، وقالت لهما : أخذوا السيد من القبر ، ولسنا نعلم أين وضعوه "    يو 20 : 2
قال الآباء عنى :
إذ ركض التلميذان نحو القبر لم يكن ممكنا لمريم المجدلية أن تلحق بهما ، فجاءت إلى القبر غالبا وهما هناك ، وربما بعد رحيلهما ، هناك وقفت تبكى حيث تمتعت برؤية الملاكين لتعزيتها .
ويستمر الوحى فى سرد الأحداث :
" أما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجا تبكى ، وفيما هى تبكى انحنت إلى القبر ،  فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين ، واحدا عند الرأس ، والآخر عند الرجلين ، حيث كان جسد يسوع موضوعا "  يو 20 : 11 ، 12
كنت أبكى الفرصة الوحيدة الباقية للوفاء : " بأن أقدم الحنوط " فلا أجد الجسد المقدس المستحق لهذا الحنوط ، فى الحقيقة أنى كنت أبكى نفسى ، فقد دارت بى الأيام ، إلى الفناء والعدم بعد أن استعذبت الحياة والوجود : بحياته .. ووجوده  ، فأين أنا الآن وأين ما كنته : " اللهم رحمتك وحنانك " .
" لا يستشعر صدق اليد الحانية ؛ إلا الذين يعيشون البؤس "
لا يستشعر الصدر الحنون إلا المحروم من نعمة الحنان ؛ ... الذى قست عليه الحياة قسوة تجردت من الرحمة والرأفة .
بينما انطلق التلميذان إلى اخوتهما التلاميذ بقيت أنا عند القبر أبكى ، لم يكن ممكنا لى أن أفارق القبر حتى أرى جسد السيد المسيح ....
قدم لى القبر اعلانا آخر ، إذ رأيت ملاكين بثياب بيض جالسين ، واحدا عند الرأس والآخر عند الرجلين ، استجاب الرب للحب والدموع ، ففتح عينى  لأرى  ملاكين يشهدان للقيامة ، للملائكة منظرهم الجذاب : " خصوصا فى محنتى لا أتصور أفضل من الملائكة بعد الذين التقيت بهم قادر بأن ينتشلنى من هذه المحنة مثلهم ، ..  تشير الثياب البيض إلى النقاوة .
يشير الملاكان إلى الشاروبيم اللذين كانا على غطاء تابوت العهد حيث عرش الرحمة وحضرة الله وسط شعبه ( خر 25 : 18 ) ، لم يحملا سيفا كما حمل الشاروب عند باب جنة عدن ليمنع الأنسان من الدخول ، وإنما كانا جالسين ( رمز الطمأنينة ) عند الرأس والرجلين ، يرحبان بنا ، ويقودان كل مؤمن للتمتع بالشركة مع المسيح المصلوب القائم من الأموات ، لنتمتع بالحياة الأبدية خلال الصليب ، شجرة الحياة .

يستطرد الوحى كما كتب يوحنا البشير :
" فقالا لها : يا امرأة لماذا تبكين ؟ قالت لهما : أنهم أخذوا سيدى ، ولست أعلم أين وضعوه "   يو 20 : 13

والآن اورد عن الآباء ماذكروا عن تلك الأحداث :   
" أظهر الملاكان حنوا نحو مريم المجدلية الباكية ، فقد دهشا لبكائهما ، إذ كانا ينتظران أنها تفرح بقيامته ، حقا وسط آلامنا يشاركنا السمائيون الحب ، ويندهشون لحزننا ، إذ أدركوا ما يعده القائم من الأموات من أمجاد لمؤمنيه .
سألها الملاكان : لماذا تبكين ؟ .... إنه وقت الفرح ! لقد قام السيد المسيح من بين الأموات " 
" ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء ، فنظرت يسوع واقفا ، ولم تعلم أنه يسوع " .   يو 20 : 14
التفتت إلى الوراء ربما لأنها شاهدت الملاكين قاما بعمل غير عادى كالسجود متجهين نحوه ، أو أن أنظارهما قد تحولت عنها إليه بوقار شديد ، رأته إنسانا عاديا فلم تتعرف على شخصه ، لم تكن نفسية المجدلية أو فكرها مهيأ للقاء مع القائم من الأموات .
جاءت الأجابة من السيد المسيح نفسه الذى وقف وراءها ، ليتحدث معها ويجيب على سؤالها ، كان شهوة قلب المجدلية أن ترى جسد المسيح الميت ، لكنه وهبها ما هو أعظم ، إذ ظهر لها :
 " القائم من الأموات "
إنه يعطينا أكثر مما نسأل وفوق ما نطلب .
ربما بسبب حزنها الشديد لم تستطع أن تتعرف على شخص ربنا يسوع ، حقا كانت تبحث عنه بدموع بقلب منكسر ، ولم تدرك أنه قريب من منسحقى القلوب ( مز 34 : 18 ) ، أقرب مما يظنوا . هو فى داخلنا يود أن يعلن ذاته لنا .

" قال لها يسوع : يا امرأة لماذا تبكين ؟ من تطلبين ؟ فظنت تلك أنه البستانى ، فقالت له : يا سيد إن كنت أنت قد حملته ، فقل لى أين وضعته ، وأنا آخذه "   يو 20 : 15
لقد سبق فرمز لهذا التصرف بيوسف الصديق الذى تظاهر أمام أخوته كغريب قبل أن يكشف لهم عن شخصه ( تك 44 ، 45 ) ، إنه يعاتبها : " لماذا تبكين ؟ أنا قمت ! من تطلبين ؟ ها أنا أمامك ! قيامتى فيها الأجابة على كل أسئلتك ، وفيها شبع لكل احتياجاتك .

" قال لها يسوع : يا مريم ، فالتفتت تلك ، وقالت له : ربونى ، الذى تفسيره يا معلم ، قال لها يسوع : لا تلمسينى ، لأنى لم أصعد بعد إلى أبى ، ولكن اذهبى إلى اخوتى ، وقولى لهم : إنى أصعد إلى أبى وأبيكم ، وإلهى وإلهكم "    يو 20 : 16 – 17
إذ بحثت عنه بغيرة متقدة ومحبة تأهلت أن تسبق غيرها فى التمتع بصوته المفرح ، لقد سر السيد المسيح أن يهبها فرح قيامته ، لكى تشهد وتكرز بإنجيل القيامة .
سمعت اسمها على فمه فعرفت شخصه ، وكما قال السيد عن خرافه :  أنها تعرف صوته ( يو 10 : 4 ) ، كان يكفيها كلمة واحدة ، أن يناديها السيد بأسمها . وكما تقول الكنيسة :
" صوت حبيبى ، هوذا آت طافرا على الجبال ، قافزا على التلال " ( نش 2 : 8 ) .  
فعلت مريم حسبما أمرت ، ذهبت إلى التلاميذ وأبلغتهم الرسالة : " قد رأيت الرب " لقد أكدت لهم خبرتها مع المسيح القائم من الأموات .
لتأكيد قيامته سمح لتلاميذه أن يلمسوا آثار المسامير والجراحات ، كما سمح للنسوة أن يمسكن قدميه ويسجدن إليه ( مت 28 : 9 ) ، أما بالنسبة للمجدلية فربما لأنها ظنت أنه قام كما سبق فأقام لعازر ليعيش معهم على الأرض ، لذلك طلب منها ألا تلمسه بيديها بل بقلبها ، لتكرز بقيامته وصعوده إلى السماء ، إنه لم يقم ليؤسس له مملكة أرضية ، بل ليصعد ، ويقيم مملكته فى القلوب ، لقد سبق فهيأ أذهانهم قبل صلبه أنه يصعد إلى السماء ، لذا لم يرد أن تتحول بهجة قيامته إلى شوق نحو بقائه معهم على الأرض .
" فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب ، وأنه قال لها هذا ، ....

 ففـــــــرح التلاميـــــــــذ إذ رأوا الـــــــرب "        يو 20 : 18 : 20
الإنســـــان لا يجد الفرح الحقيقى إلا فى يســــــــوع المسيح ، الذى قال : " تعالوا إلى يا جميع المتعبين وثقيلى الأحمال ؛ وأنا أريحكم " ،،،،،،
هناك فرق بين الفرح الحقيقى الذى يهبه يسوع للذين يحبونه  ، وبين متع ولذات العالم ، الفرح الأول باق ودائم وحقيقى ، أما الثانى فهو زائل ونهايته الدينونة الرهيبة ، إنه كماء البحر من يشرب منه يعطش ثانيا
+     +    +  
الأحداث المرتبطة بيوم قيامة السيد المسيح   ،  ودور مريم المجدلية  :   
السبت     + قبل الساعة 6 م ذهبت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب إلى القبر
 ( مت 28 : 1 )
    + مؤخرا قامت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومى بإعداد الحنوط
 ( مر 1 : 16)
الأحد     + باكرا تمت القيامة ، وبعد ذلك الزلزلة ، ومجىء ملاك وفتح القبر  ( مت 28 : 2 – 4 )
    + جاءت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومى وربما معهن نسوة أخريات إلى القبر فى الفجر ، ذهبت مريم المجدلية رأسا إلى القبر ، ورجعت مع بطرس ويوحنا ( يو 20 : 1   الخ )
    + النسوة الأخريات بلغن إلى القبر مع شروق الشمس ( مر 16 : 2 ) ، رأين ملاكا ، وتسلمن رسالة للتلاميذ ( مت 28 : 5 ؛ مر 16 : 5 )
    + نسوة أخريات من بينهن يؤانا جئن متأخرات ، وكان لا زال الوقت صباحا باكـــرا ( لو 24 : 1- الخ ) ، وقد ظهر لهن ملاكان على شــــكل شــــابين  ( لو 24 : 4 – الخ
    + جاء بطرس ويوحنا إلى القبر ( يو 20 : 3 – 10 ) ، رأت مــريم المجدلية مــلاكين( يو 20 : 11 – 13 ) ، نساء أخريات أخبرن التلاميذ بالأمر ( لو 24 : 10 الخ )
    + ظهر الرب لمريم المجدلية ( يو 20 : 14 – 18 ؛ مر 9 : 16 )
    + ظهر الرب لنسوة أخريات كن عائدات إلى القبر ( مت 28 : 9 الخ )
    + ظهر الرب لتلميذين فى الطريق إلى عمواس ( لو 13 : 24  الخ )
    + ظهر الرب لبطرس مؤخرا بعد الظهر ( لو 24 : 34 ؛ 1 كو 15 : 5 ) . 
    + ظهر الرب للأحدى عشر مع آخرين ( لو 24 : 36  الخ ؛ يو 20 : 19 )

++ حقا لقد كانت مريم المجلية أول خادمة فى صدر المسيحية ..
بل يمكن أن تلقب – حسب المصطلحات الحالية -  بأنها خادمة بدرجة أول :
 أمين للخدمــة فى الكنيســة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010