النعمة

النعمة

النعمة هى معونة إلهية ، هى عطية مجانية يهبها الله للإنسان ، يسند بها إرادته الضيعفة وطبيعته المائلة ، واحتياجه الدائم


النعمة عملت لأجل البشرية قبل وجودهم ، بالنعمة خلقهم الله ، لأنه أنعم على غير الموجود بنعمة الوجود


النعمة لا تترك أحداً فى الوجود دون أن تعمل فيه ، غير أن الأمر يتوقف على مدى استجابة الإنسان


النعمة على الرغم من عملها فى الإنسان ، تتركه لحريته إنها تشجعه ولكن لا ترغمه ، نعمة المعونة لا تلغى نعمة الحرية


النعمة إذن تشغل قلبك بمحبة الخير ، وتقوى إرادتك على فعله ، وتحثك عليه ، لكنها لا ترغمك


النعمة تساعد إرادة الإنسان ، دون أن تلغى إرادته


النعمة إن لم تصل إلى الإنسان بصلاته ، فقد تأتيه بصلاة القديسين ، أو بصلوات الكنيسة


أنت لست وحدك فى جهادك ، إنما هناك قديسون كثيرون يصلون من أجلك ، سواء من القديسين الأحياء أو الذين رحلوا عن عالمنا الفانى


إن الله لا يهمه نوعية العمل الذى تعمله ، بقدر ما يهمه نوعية القلب الذى يعمل ، وأسلوبه فى العمل وعمقه


إن الدعوة
نعمة من الله ، هناك من يسعى إليها ، وهناك من تأتيه النعمة دون سعى منه ، فيقبلها ، وهناك من تأتيه فيرفضها ، وهناك أشخاص يعقدون الأمور ، وكلما تأتيهم النعمة يشكون ، ويتساءلون أحقا هذه دعوة ؟! ولا يميزون صوت الله


النعمة قوة خفية تعطى للإنسان
تحرك فيه محبة الله ، تحرك فيه الرغبة فى التوبة ، تعطيه مشاعر مقدسة ، وتعطيه قوة على السير فى طريق الله ، وقوة على الصمود أمام حروب العدو واغراءاته



يارب ، أنا لا آخذ إلا منك أنت
لن أطلب من العالم ، ولا من الناس ولا من قدراتى وذكائى ! سأطلب منك أنت ، وسوف آخذ لأنك أنت القائل : اسألوا تعططوا ، اطلبوا تجدوا ، اقرعوا يفتح لكم " ( مت 7 : 7 )


لماذا تاهت عنى هذه الوعود الإلهية ولم أختبرها ؟! لماذا لم أجرب الصلاة التى آخذ بها من عطايا
النعمة الإلهية ما أريده ؟!


هوذا الرب يقول لنا ما سبق أن قاله لتلاميذه " إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمى ، اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً ( يو 16 : 24 )


أبدأ بأية بداية ، مهما كانت ضعيفة أو ناقصة أو ضئيلة ، وثق أن
النعمة ستفتقدك وتقويك وتعمل معك،

ولا تقل : سأنتظر لا أبدأ إلى أن تأتى
النعمة وتعمل ، إن بدايتك هى إشارة إلى النعمة أن تأتى ..


كل عمل صالح ، نعمله ، إنما مصدره عمل
النعمة فينا ، أو على الأقل اشتراكنا مع عمل النعمة


إن اتحدت إرادة الإنسان مع عمل
النعمة فيه ، تكون نتيجتها الخير فيما يعمل ، أما إذا أنحرفت إرادته وانفصلت عن قصد النعمة فيه ، فما أسهل أن يضيع ويهلك


لو كان كل شئ
بالنعمة ، ما أخطأ أحد ، وما هلك أحد ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى يكون الإنسان مسلوب الإرادة تسيره النعمة كما تشاء !! وهذا خلاف الواقع ، وخلاف الإرادة الإلهية التى تركت للإنسان الحرية فيما يعمل ..


لو كانت
النعمة تعمل كل شئ ، ما كان هناك لزوم ليوم الدينونة
وإنما المحاسبة تدل على حرية الإختيار ، وعلى أن
النعمة لم ترغم أحداً على سلوك معين ، ربما تدفعه إلى الخير ، ومع ذلك تبقى إرادته حرة ،


النعمة إذن تعمل ، ولكن يتوقف عملها على مدى استجابة الإنسان أو رفضه لها


الله يريد أن الجميع يخلصون ، ولكن بإرادتهم ، بقبولهم ورضاهم ، ولا يرغمون على الخلاص إرغاماً ..!


إن الله لم يأخذ من الخطاة موقفاً سلبياً ، وإنما هم الذين أخذوا من
نعمته موقفاً سلبياً


إن
النعمة تعمل فى الساقطين لكى يتوبوا ، إن استجابوا ..
أما إن رفضوا ، فسوف يستمرون فى سقوطهم ، لا بسبب رفض
النعمة لهم ، إنما بسبب قساوة قلوبهم التى ترفض عمل الله فيهم ..


النعمة تعمل فى العقل لكى تقوده إلى الإستنارة والمعرفة ، وتنقذه من خطايا الجهل ، وتعمل فى الإرادة والعزيمة ، فتقويها وتبعد عنها التردد والضعف .


حقاً إن الله هو الذى يبنى البيت ، ولكن واجبك أنت أن تكون حجراً حياً فى يد الله يبنى به ( 1بط 2 : 5 ) وأن تشترك مع الله فى البناء


أنت بلا عذر أيها الإنسان ،
فالنعمة تأتيك ،
ولكن الأمر يتوقف عليك ، تدرك مجيئها أو لا تدرك ، تقبلها أو لا تقبل ، تفتح لها قلبك أو لا تفتح أو لا تعمل ، إن أمرك فى يدك ، لك الحق أن ترفض ،ولكنك قد تندم ، وتقول " حبيبى تحول وعبر ، نفسى خرجت عندما أدبر "


النعمة إذن تتخلى جزئياً ، للفائدة وليس للإهاك ، تتخلى بسبب الكبرياء أو بسبب التدريب ، أما إن هلك إنسان : فإن ذلك يكون بسبب رفضه هو النعمة ، وليس بسبب رفض النعمة له .


وقد تتخلى
النعمة حيناً عن المتراخين فى روحياتهم بإهمال ولا مبالاة ، حتى إذا سقطوا بسبب تهاونهم ، ويصرخون إلى الله ويطلبونه بكل قلوبهم . فتعود إليهم حرارتهم ، وتعود إليهم النعمة .


المشكلة هى أن الإنسان لا يعمل الخطية ، خوفاً من الوصية ولكن الخطية فى أعماقه يحبها ، حتى أنه إن لم تكن هناك وصية ، لغرق فى الخطية إلى أعماقه .


إن الذى يقيم نقاشاً حول بعض الأطعمة ، وهل تعتبر إفطاراً أم صياماً ، وهو لا يزال فى الناموس . لم يدخل
بالنعمة فى روح الصوم ، ولا فى الحب الإلهى ، تسيره أوامر ، وقوانين ومخاوف .


الإنسان الذى يحيا فى
النعمة ، يعيش فى محبة الخير . الخير الذى صار له طبيعة أو طبعاً ، يعملاه بلا صراع ، بلا حرب داخلية ، بلا مجهود .


لا تعيشوا عبيداً للنواميس والممارسات ، وإنما اطلبوا من الرب أن يحرر قلوبكم
بنعمته ، وإن تحررتم ستسلكون فى جدة الحياة ، وفى حرية مجد أولاد الله
وثقوا أنه إذا تحرر الإنسان الداخلى ، سيسلك الإنسان فى عمق الروح ، بلا تعب


إن كان قلبك لم يصل بعد إلى الله ، فأنت مازالت تعيش فى الناموس وليس فى
النعمة ، وكل طاعتك للوصايا ، تسمى حينئذ ( بر الناموس )


عش في
النعمة ، في محبة الله ، و ليس في بحر واسع من الأوامر و النواهي ، و ليس في ميدان من الصراعات بين الخير و الشر ..

Emad Goerge

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

أحدث الموضوعات

From Coptic Books

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة من 10/2010